Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مايكل غوف رمز التفكير الاقتصادي المزدوج في بريكست

يريد المخاطرة بصحة الناس لإنقاذ الاقتصاد لكنه يضرب الشركات عبر تأييد الخروج من الاتحاد الأوروبي

ثمة من يرى ظلالاً من رواية جورج أورويل "1984" في العلاقة بين مايكل غوف وبوريس جونسون (غيتي)

حين يتعلق الأمر بالتفكير المزدوج، يستطيع مايكل غوف أن يعطي بعض الدروس إلى أوبراين، الخصم الرئيس في رواية جورج أورويل "1984". [في الرواية، يعارض أوبراين الديكتاتور لكنه يواليه أيضاً].

إذ أمضى وزير شؤون مجلس الوزراء، أحد الكهنة الكبار لبريكسيت (الذي سنصل إلى تنفيذه)، عطلة نهاية الأسبوع الماضي منتقداً النصح الحكومي في مجال مواجهة "كوفيد" قائلاً "إننا نريد أن نرى مزيداً من الناس يعملون في المتاجر والمكاتب وكل مكان يستطيعون العمل فيه".

وتتلخص المشكلة في أن المبادئ التوجيهية تنص على أن من يستطيع العمل من المنزل، عليه فعل ذلك، وفق احتياجات الشركة التي يعمل لها.

ومن الواضح أن غوف قلق من الأثر الاقتصادي لتعليق التنقل بين المنازل والمكاتب. إذ تعتمد مؤسسات كثيرة على هذا التنقل، وليس الوزير وحده الذي يشعر بالقلق.

وأكدت الأمر نفسه الأرقام الجديدة التي صدرت عن "الائتلاف البريطاني للبيع بالتجزئة" صباح الاثنين الماضي. إذ أظهرت أن المبيعات بالتجزئة ازدادت 3.4 في المئة في يونيو (حزيران)، لكنها الزيادة الأولى منذ بدء الإغلاق، وتعبر عن انطلاق الطلب بعد فترة من الكبح، كما تلقت دفعة إيجابية من الشراء عبر الإنترنت على رغم إعادة فتح المتاجر غير الأساسية.

في المقابل، خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو، هبطت المبيعات داخل المتاجر للبنود غير الغذائية 46.8 في المئة، أما الإقبال على متاجر البيع بالتجزئة، على رغم تحسنه البطيء، فقد اقترب بالكاد من نصف مستواه قبل سنة.

لذلك تفيد المبررات بأننا ربما يجب أن نقامر، حتى لو خاطرنا بموجة ثانية من العدوى، لأن احتمالات حصول تعافٍ سريع على شكل الحرف "في" V [بمعنى هبوط حاد يليه صعود سريع] تبدو مترنحة بالفعل، وستزداد ترنحاً إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

والشيء الوحيد الذي قد يساعد في استعادة الثقة يتمثّل في الاعتماد أكثر على انتشار الكمامات. ويبدو أن هذا الأمر لم يقنع غوف، إذ أوضح أنه لا يعتقد أن الكمامات يجب أن تكون إلزامية، مفضلاً ترك المسألة لـ"الأخلاق الحسنة الأساسية" لدى الناس. وقد جاء ذلك على رغم أن رئيسه بوريس جونسون يتمتم بشأن تشديد القواعد وجعل الكمامات إلزامية.

ويتمثّل حجر الزاوية في التفكير المزدوج في تبني رأيين متناقضين ظاهرياً في الوقت نفسه. واستطراداً، فإن القلق في شأن الاقتصاد مع معارضة شيء يمكن أن يساعد الاقتصاد، هو أبعد ما يكون عن أسوأ انغماس في التفكير المزدوج لدى "غوف أوبراين" GoveBrien.

وهذا يقودنا إلى الشيء الذي سيحدّد مكانته كأحد الأشرار السياسيين الكبار في التاريخ، [وذلك ليس سوى] بريكست. وعلى الرغم من رعايته العام الماضي حملة "الاستعداد لبريكست" التي كلفت أكثر من 46 مليون جنيه إسترليني (58 مليون دولار)، لم تنجح الحملة، وفق مرجع مهم يتمثّل في "مكتب التدقيق الوطني"ONS، وتستعد الحكومة لحملة أخرى. "البداية الجديدة للمملكة المتحدة — هيا بنا". وتُقارَن الحملة الجديدة بمفهوم أورويلي آخر هو "الكلام الجديد"Orwellian concept: Newspeak. ولمن لم يقرأوا الكتاب، يشير ذلك المفهوم إلى التشويه الوحشي للغة الإنجليزية على يد الحزب الحاكم للقضاء على المعارضة، وإقناع الجمهور بأن 2+2 يمكن أن = 5، وأن الأسود أبيض عندما يريده الحزب كذلك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

إن تلك المقارنات منصفة، لأن "البداية الجديدة" new start المشرقة لبريطانيا تنطوي على قفزة في رسوم التجوال الخاصة بهاتفكم المحمول، والحاجة إلى تأمين شامل للسفر إذا كنتم تخططون لعبور القناة الإنجليزية، وضرورة زيارة طبيب بيطري قبل أربعة أشهر إذا كنتم ترغبون في أخذ حيوانكم الأليف معكم.

وسيكون العبء أسوأ على الأعمال. إذ ستواجه الأعمال التي تعتمد على البضائع المستوردة من أوروبا القارية، تحدي إخراج البضائع من موقف للشاحنات واسع وعديم الفائدة على نحو مذهل، وتُقدَّر التكلفة الإجمالية للعملية بنحو 705 ملايين جنيه إسترليني. وستواجه الأعمال التي تحاول التصدير تحدياً مماثلاً عندما تصل منتجاتها إلى حدود الاتحاد الأوروبي.

وبيّن استطلاع للرأي أجراه "معهد المديرين" Institute of Directors أن ربع قادة الأعمال يفيدون بأن مؤسساتهم مستعدة تماماً للفوضى الكريهة التي يتسبب بها "غوف أوبراين" وأصدقاؤه. وليس أمام الأعمال سوى بضعة أشهر لتغيير الوضع في خضم جائحة أدت ببساطة إلى تركيز الآلاف منها على مفهوم البقاء.

ويحصل ذلك كله حتى مع افتراض السيناريو الأفضل الذي تسحب فيه الحكومة أرنباً من قبعتها، وتؤمن اتفاقاً تجارياً مع الاتحاد الأوروبي. في المقابل، يتزايد فعلياً احتمال حدوث بريكست من دون اتفاق، مع فرض رسوم جمركية مرهقة تحددها "منظمة التجارة العالمية" من شأنها أن تجعل الصادرات البريطانية غير قادرة على المنافسة، وتتسبب أيضاً في ضربة وحشية أخرى لاقتصاد يكافح في مواجهة الرياح المعاكسة لفيروس كورونا التي تهب بقوة الإعصار.

نعم، يقترح "غوف أوبراين" ورفاقه المقامرة والمخاطرة [بفتح الاقتصاد حتى لو أدى إلى] موجة ثانية من الجائحة، لأنهم خائفون من العواقب الاقتصادية في حال عدم فعل ذلك، في حين يستعدون للتسبب في نكسة اقتصادية.

إنهم يعززون سمعة أورويل كرؤيوي، لكن هذا هو الشيء الوحيد الذي لن يُسيؤوا إليه.

© The Independent

المزيد من آراء