في الوقت الذي ستلغي فيه المملكة المتّحدة عدداً كبيراً من قيود الإغلاق الذي رفع يوم "السبت العظيم" نهاية الأسبوع الماضي، أظهرت إحصاءاتٌ رسمية جديدة أن 36 منطقةً في إنجلترا ما زالت تشهد ارتفاعاً واضحاً في حالات الإصابة بفيروس كورونا.
فقد تمّ تعليق خطوة تخفيف الإغلاق في مدينة ليستر الواقعة شرق مقاطعة ميدلاندز، وبذلك سرعت السلطات المحلّية تحرّكها للحدّ من التزايد في عدد الإصابات التي ناهزت نحو 10 في المئة من مجمل حالات الإصابة الموجبة بالفيروس في عموم إنجلترا خلال الأسبوع الماضي.
وكانت نسبة الإصابة بالعدوى في المدينة التي ناهزت 135 حالة لكلّ 100 ألف شخص في سبعة أيام، أعلى بثلاث مرّات من المدينة التي حلّت بعدها في قائمة المناطق الأكثر تضرّراً في البلاد. لكن الأرقام الواردة من "هيئة الصحّة العامّة في إنجلترا" Public Health England، كشفت أن مناطق أخرى شهدت أيضاً ارتفاعاً في عدد حالات الإصابة، في أسبوعين، (من الثالث عشر إلى التاسع عشر) من يونيو (حزيران)، (ومن العشرين إلى السادس والعشرين) منه.
غير أنّ دونكاستر وهي مدينة صغيرة في جنوب مقاطعة يوركشاير، سجلّت تزايداً في عدد الحالات الإيجابية من 11 إلى 32 خلال الفترة نفسها، في حين ارتفع عدد الإصابات بالعدوى في داربيشير من 23 إلى 25، وفي ميدواي من 10 إلى 17، وفي ساندويل من 8 إلى 10.
اللافت أن أحياء مدينة لندن شهدت بعض الزيادات الأكثر حدّة، بحيث ارتفع الرقم الأسبوعي من 7 إلى 18 في ضاحية "هامرسميث أند فولام"، ومن 9 إلى 15 في هاونزلو، ومن 5 إلى 14 في إيلينغ، ومن 6 إلى 14 في ويستمنستر، ومن 7 إلى 13 في برنت، ومن 8 إلى 12 في "كينسينغتون أند تشيلسي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل، لوحظ أن عدداً من الدوائر البلدية الأخرى التي لم تشهد أي حالات إصابة بفيروس كورونا في الأسبوع الأول، سجّلت حالةً أو حالتين في الأسبوع الثاني، بينما أحصيت زياداتٌ طفيفة في الأعداد في مناطق أخرى، بنحو حالة، أو حالتين، وفق إيقاعٍ منخفض للغاية.
بعض الخبراء أبدى مخاوف من أن تؤدّي المعدّلات المتصاعدة للإصابات في عشرات المناطق، وعلى امتداد جميع أنحاء البلاد، إلى احتمال حدوث مزيدٍ من عمليات الإغلاق المحلية في المرحلة المقبلة.
أحد هؤلاء الخبراء هو البروفيسور دينان بيلاي الاختصاصي في علم الفيروسات في جامعة كاليفورنيا، العضو في "المجموعة الاستشارية العلمية للطوارىء" Sage، وهي هيئة مستقلّة ومؤثّرة في المملكة المتّحدة، قال لصحيفة "ذي غارديان" "أتوقّع أن تكون هناك نقاط ساخنة من حيث عدد الإصابات شبيهة بمدينة ليستر. إن المستوى الأساسي لحالات الإصابة بالعدوى التي تُسجّل في المملكة المتّحدة، لا يزال أعلى بكثير ممّا كان عليه في بلدان أخرى في أوروبا عندما بدأت حكوماتها التخفيف من قيود الإغلاق".
معلومٌ أن الاختبارات الحكومية الخمسة المعتمدة لتخفيف إجراءات الإغلاق، تتضمّن شرط خفض معدّل الإصابات إلى "مستوياتٍ يمكن التحكّم فيها". لكن الاختبار لا يشير إلى أن العدوى يجب أن تتراجع في جميع أنحاء البلاد. وأشارت "هيئة الصحّة العامّة في إنجلترا" في هذا الإطار إلى أنه سيكون من الخطأ استخدام الأرقام لتوقّع البؤر الجديدة التي قد يتعيّن إعادة فرض قيود الإغلاق عليها في المستقبل.
وأوضح متحدّث أن الأرقام المقسّمة بحسب منطقة السلطة المحلية، استُخدِمت "على أنها مؤشّر من بين عددٍ من المؤشرات الأخرى التي يمكن أن تساعدنا والمنظّمات الشريكة، على تحديد اتجاه المرض في المناطق المحلية، وفي اتّخاذ الإجراءات اللازمة بناءً على ذلك".
وقال "إن استخدام هذه البيانات بشكل منفصل من أجل توقّع أيٍّ من المناطق سيشهد زياداتٍ كبيرة في حالات الإصابة، هو أمرٌ غير مناسب، لأن تلك المعلومات لا تقدّم وحدها صورةً شاملة عما يحدث على المستوى المحلّي".
ورأى الدكتور روبرت سوكلينغ مدير الصحّة العامّة في مجلس مدينة دونكاستر، أن ارتفاع عدد الاختبارات الموجبة في البلدة "تزامن مع إجراء اختباراتٍ واسعة النطاق في دور الرعاية، حيث تمكّنا من تحديد عددٍ من حالات الإصابة بالفيروس التي لا تظهر على أصحابها أيّ أعراض للمرض".
وأضاف موضحاً "شاهدنا أيضاً حالات إصابة لدى العاملين في مجال الصحّة والرعاية، وحالات أخرى متفرّقة في المدارس. وعلى الرغم من ذلك، فإن الاختبار الأسبوعي في الأيام السبعة ما بين الثامن، والرابع عشر من يونيو، كشف عن حدوث تراجعٍ كبير".
وقال "نحن لسنا راضين عن أنفسنا، ونشجّع كلّ من لديه أعراض على عزل نفسه، واتّخاذ الترتيبات اللازمة لإجراء الاختبار. إننا نعمل بشكل وثيق مع المركز المحلّي لـهيئة الصحّة العامة في إنجلترا، الذي لم يثر أمامنا أيّ مخاوف".
وفي تصريحٍ لصحيفة "يوركشير بوست"، عزا نيك فليتشر العضو في مجلس العموم البريطاني عن دائرة "دون فالي" الانتخابية، "ارتفاع أرقام الإصابات بفيروس كورونا إلى الزيادة في عدد الاختبارات التي يتم إجراؤها".
وقال أخيراً "ما زلنا نجري هذه المستويات العالية من الاختبارات الآن، وقد تبيّن أن هناك تراجعاً كبيراً في حالات الإصابة بالمرض، لكن لا يمكننا أن نبدي قدراً كبيراً من التساهل، لأن آخر ما نريد أن نراه هو ارتفاع في عدد الإصابات".
© The Independent