في ما يبدو أن العام الحالي سيشهد نهاية مؤلمة لشركات الخدمات المالية الألمانية "وايركارد"، التي انطلقت عام 1999 في مقاطعة بافاريا الألمانية. حيث قررت الشركة التقدم بطلب لبدء إجراءات الإعسار المالي، بعد اكتشاف فجوة مالية بقيمة 1.9 مليار يورو (2.1 مليار دولار) في حساباتها، ما دفع السهم لتسجيل خسائر تصل إلى 80 في المئة.
وقالت الشركة الألمانية، العاملة في مجال الخدمات المالية خلال بيان منشور على موقعها الإلكتروني، إن مجلس الإدارة الجديد قرر تقديم طلب الإفلاس في محكمة ميونيخ. وأرجعت هذه الخطوة إلى التعثر المالي الوشيك والمديونية المفرطة.
وكان سهم الشركة الألمانية تم تعليق تداوله في بورصة فرانكفورت قبل إعلان هذه الأنباء، قبل أن يتم استئناف التداولات في وقت لاحق.
وأوضحت أنها تقوم بتقييم ما إذا كان سيتم رفع دعوى إعسار مالي للشركات التابعة لها من عدمه. وفقد سهم وايركارد أكثر من 90 في المئة من قيمته منذ رفض المراقبون التوقيع على نتائج أعمال الشركة عن عام 2019 مع وجود أموال مفقودة، مما أدى إلى استقالة الرئيس التنفيذي ماركوس براون.
وقال مكتب المدعي العام في ميونيخ، الذي يحقق بالفعل مع الرئيس التنفيذي المستقل "براون" للاشتباه في عملية احتيال، "سننظر الآن في كافة الجرائم المحتملة".
وشركة "وايركارد"، تأسست بمقاطعة بافاريا الألمانية عام 1999، وتقدم خدمات الدفع الرقمي للعملاء والشركات، ومن ضمن عملائها نادي بايرن ميونيخ وشركتا أورانج وإيكيا.
وكانت الشركة قد تمكنت من إزاحة "كوميرز بنك" والدخول ضمن مؤشر "داكس" الألماني عام 2018، كما تجاوزت قيمتها السوقية في العام نفسه القيمة السوقية لـ"دويتشه بنك" لتصبح أكبر شركة مالية عامة في البلاد، ويبلغ عدد العاملين بها أكثر من 5800 موظف وتوجد في 26 دولة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
متى بدأت الأزمة؟
كانت بداية الأزمة، مع اكتشاف أموال مفقودة بقيمة 1.9 مليار يورو (2.1 مليار دولار) من الميزانية العمومية للشركة في فضيحة محاسبية كبرى أُعلن عنها، الخميس الماضي. وجاء هذا الاكتشاف مع تأجيل الإفصاح عن تقرير نتائج الأعمال السنوية للشركة الألمانية عن عام 2019 أكثر من مرة، بعدما رفض مدقق الحسابات "إيرنست آند يونج" تمريرها في سياق هذه الأرصدة المفقودة.
وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية "دي بي"، ومع زيادة الجدل حول هذه التدفقات النقدية المفقودة، تقدم الرئيس التنفيذي للشركة ماركوس براون باستقالة فورية من منصبه يوم الجمعة الماضي، ليحل محله بشكل مؤقت جيمس فريس.
ويعتقد براون أن "وايركارد" قد تكون ضحية عملية احتيال كبرى، لكنه لا يستبعد أنها أصبحت الطرف المتضرر في هذا الشأن، وهي التعليقات التي سبقت استقالته بساعات.
ويوم الاثنين الماضي، خرجت "وايركارد"، التي تُعد واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا المالية في ألمانيا، لتؤكد أن الأموال المفقودة لم تكن موجودة على الأرجح في حساباتها، الأمر الذي أثار المزيد من الغموض حول الموقف. يأتي ذلك بعد ادعاءات بأن الأموال المفقودة قد تكون اختفت من حسابات الضمان في الفلبين، وهي المزاعم التي نفاها البنك المركزي في الفلبين جملة وتفصيلاً.
وفي عطلة نهاية الأسبوع الماضي، أفاد المركزي الفلبيني، بأن الوثائق المقدمة من قبل شركة "وايركارد" يبدو أنها مزيفة، مع التأكيد على أن هذه الأموال لم تدخل نظامها المالي.
واحتجزت سلطات التحقيق في ألمانيا الرئيس السابق لـ"وايركارد"، يوم الثلاثاء الماضي، على ذمة التحقيق في فضيحة الممارسات المحاسبية التي يشتبه في أن تكون عملية تزوير، قبل أن يتم الإفراج عنه يوم الأربعاء. ويعتقد أن عملية الإفراج عن "براون" تمت بعد دفع كفالة قدرها 5 ملايين يورو (5.66 مليون دولار).
الشركة تفشل في الهروب من طلب الإفلاس
وعلى الرغم من محاولات شركة خدمات المدفوعات الرقمية توفير السيولة لتجنب أزمة تلوح في الأفق عبر إعلان اعتزامها بيع أو إغلاق أجزاء من أعمالها التجارية، فإنها فشلت في تفادي المصير المحتوم بشأن طلب الحماية الرسمية. وبغض النظر عن الإجراءات التي تتخذها الشركة، فإن التحقيقات مستمرة من جانب مكتب المدعي العام في ميونيخ حول الاشتباه في عملية احتيال.
لكن أمس الخميس، خرجت الشركة لتعلن في بيان رسمي مكون من فقرتين قرار مجلس إدارتها الجديد، والمتمثل في التقدم بطلب بدء إجراءات الإعسار المالي في محكمة ميونيخ. وعلى الرغم من أن هذا القرار جاء بفعل الإفلاس الوشيك والمديونية المفرطة، فإن "واير كارد" لم تحدد بعد ما إذا كان سيكون هناك دعوى إعسار مالي للشركات التابعة.
ويمثل الإعسار المالي عدم القدرة على سداد الديون عندما يحين موعد استحقاقها، لكن لحسن الحظ يمكن التعامل مع هذه المعضلة من خلال اقتراض أموال بحيث يمكن سداد هذه الديون أو التفاوض ووضع خطة إعادة هيكلة للديون، ويختلف بشكل ملحوظ عن طلب الإفلاس، الذي يعد البديل النهائي عندما تفشل كل المحاولات للتخلص من المديونية.
ويشمل الدائنون كلاً من "كومرزبنك" الألماني و"إل بي بي دبليو"، بالإضافة إلى المقرضين الهولنديين "إيه بي إن أمرو" وبنك "آي إن جي".
وتشير البيانات والأرقام المتاحة، إلى أن القيمة السوقية للشركة الألمانية قد تجاوزت 24 مليار يورو (26.88 مليار دولار) خلال العام الماضي، لكنها اتخذت منحنى هبوطياً أخيراً، وبشكل أكثر تحديداً في الأسبوع الأخير لتكون أقل من نصف مليار يورو.
وكان سهم وايركارد قد دخل في مؤشر داكس الألماني في بورصة فرانكفورت خلال عام 2018، وهو المؤشر الخاص بأسهم الشركات الكبرى بالبلاد.
وفي سياق تداعيات الأزمة، خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني الشركة إلى تصنيف "الخردة". كما يتوقع محلل في "بنك أوف أميركا" أن يهبط قيمة سهم وايركارد إلى يورو واحد فقط. وبلغت خسائر السهم نحو 96.6 في المئة خلال 6 جلسات تداول فقط.