Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هدوء المعركة العسكرية في ليبيا لم ينسحب إلى جبهات السياسة

بدأ الطرفان جولات على عدد من الدول لمناقشة المستجدات الأخيرة وعلى رأسها إعلان القاهرة

قوات موالية لحكومة الوفاق الليبية (أ ف ب)

تحول الهدوء الحذر، في المحاور الجديدة التي فتحت في خضم النزاع الليبي، في سرت والجفرة، إلى جمود تام، بعد تصعيد كبير، هدّد بتفجر الأزمة وحدوث تحولات جذرية في سياقاتها، في الوقت الذي استمرت الجهود الدولية لإعادة الطرفين إلى المفاوضات السياسية، واستغلال بارقة الأمل، التي جاءت من القاهرة، في مبادرة جديدة، لحل النزاع الليبي سلمياً.

التهدئة في ساحات المعارك، فرضتها معطيات عسكرية جديدة، تمثّلت في غارات مكثّفة لطائرات الجيش الوطني الليبي، على كل محاولات التقدم لقوات حكومة الوفاق، من مصراتة نحو سرت والجفرة على مدار الأيام الماضية، وقد تسبّبت في شلّ حركتها تماماً.

هذه المعطيات، أكدت من جديد أهمية السيطرة على المعركة الجوية في النزاع العسكري الليبي، ودورها البارز في تحديد وجهة المعارك البرية، بسبب الطبيعة الجغرافية للمواقع، التي يدور فيها القتال غالباً، ومعظمها صحارى مفتوحة، يسهل فيها رصد وصَيد الأرتال العسكرية، من قبل الطائرات المقاتلة.

تصعيد في التصريحات

الهدوء على الساحة العسكرية لم ينعكس على الساحة السياسية، التي شهدت حرباً كلامية وتهديدات متبادلة بين الطرفين، مثيرةً مخاوف من معاودة التصعيد العسكري، في حال فشل المفاوضات العسكرية "5+5" التي تدور حالياً، أو رفض محتمل من قبل حكومة الوفاق للمبادرة المصرية، المعلن عنها قبل أيام.

في شرق ليبيا، أصدر الجيش الوطني الليبي بياناً أكد فيه عزمه على مواصلة القتال، قائلاً إنه "أعاد تشكيل غرف العمليات العسكرية الرئيسة، وكلّف ضباطاً أكفياء وقادرين على التفاعل مع المعركة ومتغيراتها".

وفي هذا السياق، قال آمر إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي، اللواء خالد المحجوب، لـ"اندبندنت عربية"، إن "الجيش يعيد ترتيب أوراقه في سرت، استعداداً لكل الاحتمالات".

تهديد من حكومة الوفاق

لمّح رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج، مجدداً إلى رغبة قوات حكومته، في السيطرة على موانئ الهلال النفطي، شرق سرت، قائلاً "إننا نبحث عن الحلول السلمية لإنهاء هذا العبث، لكننا لن نصبر كثيراً على الوضع الحالي".

أما وزير داخليته، فتحي باشا آغا، الذي كان من أكثر المتمسكين بالخيار العسكري، في الأيام الأولى للهجوم على سرت، فرحّب في تصريحات جديدة بمبادرات السلام، مشترطاً إبعاد المشير خليفة حفتر من المشهد.

وقال باشا آغا، إن "مبادرات إنهاء الأزمة السياسية وتوحيد مؤسسات الدولة الليبية، مرحبٌ بها متى ضمنت سيادة ليبيا ومدنية السلطة، التي تحتكم لإرادة الشعب وخضوع الجيش للسلطة المدنية، ولا مكان لمجرمي الحرب الطامعين في الاستيلاء على السلطة، بقوة السلاح".

جولات في الخارج

جاء هذا التصعيد في التصريحات، في الوقت الذي انطلق المسؤولون في الطرفين، بجولات مختلفة، على عدد من الدول، ذات العلاقة بالشأن الليبي، لمناقشة المستجدات الأخيرة وعلى رأسها إعلان القاهرة.

وإلى الجزائر، توجه رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، عراب المبادرة السياسية، التي أعلنت في مصر. وقال بعد مباحثات أجراها مع الرئيس عبد المجيد تبون، أمس السبت، إن الأخير "أبلغ الوفد الليبي أنه سيسعى مع الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتونسي قيس سعيد، إلى إيجاد حل سلمي في ليبيا".

وأضاف أن الرئيس تبون "اطلع على المبادرة التي أعلنتها مصر، وأكد أنه سيعمل جاهداً على لمّ شمل الليبيين، وجمعهم على طاولة الحوار، للوصول إلى حلّ، وفقاً لمخرجات مؤتمر برلين".

وكان الرئيس الجزائري، أكد خلال استقباله صالح، "موقف بلاده الثابت من أجل التوصل إلى حلّ سياسي في ليبيا"، مشدداً على أن "هذا الخيار هو السبيل الوحيد الكفيل بضمان سيادة الدولة الليبية ووحدتها الترابية، بعيداً من التدخلات العسكرية الأجنبية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل شدّ رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري الرحال نحو الحليف التركي، ليناقش مع الرئيس رجب الطيب أردوغان التطوّرات المتسارعة. وذكر بيان لمكتبه الإعلامي أن "الطرفين تبادلا النقاش حول آخر التطورات المحلية والإقليمية، وتعزيز التعاون في المجالات كافة".

وأعلنت روسيا وتركيا، اليوم الأحد، تأجيل محادثات وزارية كان من المتوقع أن تركز على ملفي ليبيا وسوريا.

وقالت وزارة الخارجية التركية إن الوزير مولود جاويش أوغلو ونظيره الروسي سيرغي لافروف قررا تأجيل المحادثات خلال مكالمة هاتفية الأحد. وأضافت الوزارة في بيان "نائبا وزيري البلدين سيستمران في التواصل والمحادثات في الفترة المقبلة. المحادثات على المستوى الوزاري ستنعقد في موعد لاحق".

وكان من المقرر أن يزور لافروف ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويجو إسطنبول لعقد تلك المحادثات.

ويعتقد الناشط السياسي الليبي، معتز الفيتوري، في حديث إلى "اندبندنت عربية"، بأن "النقاش سيدور حول عددٍ من الملفات، التي تعقّد الحلّ السياسي في ليبيا، والمرتبطة بتدخّل الطرفين الروسي والتركي، للتوصل إلى تفاهمات تخفض التصعيد، وتدعم خريطة الحل، التي أعلنت عنها القاهرة قبل أيام".

وأشار إلى أن "ملف المقاتلين الأجانب، الذين يرسلون إلى البلاد من الطرفين، قد يكون على رأس هذه النقاط العالقة".

ويرى الإعلامي الليبي محمود المغربي أن "روسيا دولة يمكن التفاهم معها، حول سحب العسكريين التابعين لها، وكذلك تركيا وفرنسا والإمارات، وكل من له خبير أو ضابط أو عنصر استخبارات"، معتبراً أن "الخطر يأتي من المرتزقة، الذي يحاسَبون بأجر يوميّ، فجميعهم مشاريع لبروز تجمعات إرهابية، وتوطينهم خطر على الاستقرار والكيانات الليبية الممزقة".

باريس: التدخلات التركية غير مقبولة

صعّدت باريس موقفها الأحد تجاه التدخلات التركية في ليبيا، واصفة إياها بـ"غير المقبولة" ومؤكدة أنّ "فرنسا لا يمكنها السماح بذلك"، وفق ما صدر عن الإليزيه.

وقالت فرنسا، التي تكثف منذ أشهر انتقاداتها للطموحات الإقليمية التركية، إنّها "سياسة أكثر عدوانية وتصلباً من قبل تركيا مع نشر سبع سفن قبالة ليبيا وانتهاك الحظر المفروض على التسليح".

وأضافت الرئاسة الفرنسية أنّ "الأتراك يتصرفون بطريقة غير مقبولة عبر استغلال حلف شمال الأطلسي، ولا يمكن لفرنسا السماح بذلك".

وأوضحت أنّ الرئيس ايمانويل ماكرون تباحث بهذا الشأن خلال الأسبوع الحالي مع نظيره الأميركي دونالد ترمب "وستجري مباحثات خصوصاً خلال الأسابيع المقبلة مع شركاء حلف شمال الأطلسي المنخرطين ميدانياً".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي