Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ستيفن كينغ: كورونا صدمني بلا واقعيته وترمب لا يفكر

رائد أدب الرعب الأميركي أصدر قصصا جديدة ورواية له ترجمت إلى العربية

رائد أدب الرعب ستيفن كينغ (موقع الكاتب)

من الطبيعيّ في أوقات سوداويّة كالتي تمرّ بها البشريّة في يومنا هذا، أن تتوجّه الأنظار إلى الكاتب الأميركيّ ستيفن كينغ المعروف بميله إلى قصص المتخيّل والرعب أو ما يُعرف بأدب الرعب. وهذا النوع من الأدب موجود منذ القدم في تاريخ الأدب العالميّ ويجد جذوره في القصص والأساطير والملاحم، فالخوف والرعب شعوران وُلدا مع الإنسان منذ فجر الأزمنة ورافقاه مع مرور القرون في الآداب والفنون الأخرى. وبلغ خيال الرعب أو أدب الرعب ذروته في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ثمّ عاد ليظهر منتصف القرن العشرين وبخاصّة مع انتقال عدد كبير من روايات الرعب إلى شاشة التلفاز أو الشاشة الكبيرة.

وكاتبٌ على غرار ستيفن كينغ يعرف خبايا النفس البشريّة ومكامن الرعب فيها، يليق به أن يشهد ما نمرّ به اليوم من حجر صحّيّ ورعب عالميّ وهلع بمواجهة وباء كورونا، الذي لا ينفكّ يتهدّد البشريّة بالموت. وكينغ الكاتب الأميركيّ السبعينيّ المعروف بإسهاماته الكثيرة في عالم الأدب والسينما والمسلسلات التلفزيونيّة، عُرف طيلة مسيرته بنصوصه المنتمية إلى أدب الرعب عبر توظيفه عناصر تنتمي إلى عالم الأموات ومصّاصي الدماء والفانتازيا السوداء.

ويعبّر كينغ في مقابلة أجريت معه على صفحات جريدة "نيويورك تايمز" أخيراً أنّه مصدوم بالسرعة التي تدهورت فيها الأمور، وقال إن الناس كانوا، قبل فترة قصيرة ماضين في حيواتهم، يسافرون ويتبضّعون ويمارسون نشاطاتهم اليوميّة بشكل طبيعيّ، وها هم اليوم معزولون ومصابون بالرعب والخوف والقلق ولا يخرجون من دون كمّامات وأقنعة وقفّازات طبّيّة، حتّى إنّ خروجهم نفسه بات نادراً. ويقول كينغ إنّ "ما يحصل غير واقعيّ أبداً" ويذكّره واقعنا اليوم بإحدى روايات روبرت هاريس التي يتناول فيها كارثة تصيب البشريّة في القرن الحادي والعشرين ويكون مكمن القلق والتوتّر فيها انعدام وجود الطعام الكافي للناس.

في عالم السياسة

وبالحديث عن القلق والتوتّر ينتقل كينغ في مقابلته إلى الحديث عن السياسات المعتمدة في الولايات المتّحدة الأميركيّة للتقليل من وطأة هذه الأزمة، ويسلّط الضوء على قلّة قدرة ترمب على السيطرة على الوضع وسوء إدارته للأزمة، ويؤكّد قائلاً إنّه يفضّل أن يواجه أزمة كورونا بإدارة جو بايدن على أن يواجهها تحت رئاسة شخص كترمب الذي لا يُعنى سوى بصورته ومظهره وكيف تصوّره الصحافة المحلّيّة والعالميّة، وهي أمور هامشيّة وسطحيّة مقارنة بعمق الكارثة. ولا بدّ من التذكير أنّ الانتخابات الأميركيّة محدّدة ليوم الثلاثاء 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 وتنحصر المنافسة فيها بين ترمب، الرئيس الحاليّ للولايات المتّحدة، وهو محطّ انتقاد كينغ وعدد كبير من الكتّاب والصحافيّين، وبين جو بايدن الذي بلغ المرحلة النهائيّة في انتخابات حزبه بعد تراجع منافسه بارني ساندرز أوائل  أبريل (نيسان) الماضي عن خوض الانتخابات جرّاء تفشّي وباء كورونا.

ومن المثير للاهتمام ما يضعه كينغ على صفحته على التويتر من انتقاد واضح وصريح ومجرّح في معظم الأحيان لترمب، فهو يعتبر أنّ ترمب يثير أعصابه ويُغضبه بشكل لا مثيل له، وذلك لقلّة قدرته على تدارك الأمور ولعجزه عن حسن إدارة الأزمة. وكينغ الذي بات ناشطاً على تويتر منذ العام 2013، يُعدّ هذا التطبيق أكثر ما يستنزف وقته فهو يضع على صفحته على تويتر ما هو ظريف وطريف من ناحية، وما هو جدّيّ وينتمي إلى الشأن العامّ من ناحية أخرى. ولا يتوانى كينغ عن طرح آرائه السياسيّة على صفحته وبخاصّة تلك المعارضة لنهج ترمب وسياسته وسطحيّته ولامبالاته، وبخاصّة في تعامله مع عدد الوفيّات الناجمة عن وباء كورونا الذي ينهش الولايات المتّحدة مع تخطّي عدد الوفيّات عتبة الستّين ألفاً. وكينغ الذي يدعم جو بايدن منافس ترمب، يقول في إحدى تغريداته: "أنا مواطن أميركيّ وأنا مستاء بشدّة من غباء ترمب على الرغم من أنّني أعلم أنّ لا يد له في ذلك، لكنّه كسول بشكل لا سابق له. يمكنه أن يقوم بالأمور بشكل أفضل، أنا أكيد من ذلك. أنا نفسي يمكنني أن أقوم بالأمور بشكل أفضل. ليس الأمر وكأنّه لم يكن لدينا رؤساء أغبياء في ما سبق، إنّما في حالته هو، فتشعر وكأنّه لا يجيد القراءة. لا أظنّه يجيد القراءة وأنا أكيد من أنّه لا يستطيع الكتابة، وبرأيي مَن لا يقرأ ولا يكتب لا يفكّر".

عالم الرعب

وفي ما خصّ كتابته ووتيرته في التأليف، ينبّه كينغ إلى مخاطر وسائل التواصل الاجتماعيّ والإنترنت وسرعة انتقال المعلومات، فبرأيه بات اليوم من السهل أن يتشتّت انتباه المرء وأن يخسر تركيزه. فهو إن شاء البحث عن معلومة معيّنة لنصّه أمضى ساعتين أو ثلاثاً متنقّلاً من صفحة إلى أخرى من دون أن يشعر بمرور الوقت.  ويؤكّد في المقابلة أنّه لا يحدّد موقفه من مسألة ما إلاّ بعد أن يدوّن أفكاره حولها، أيّ أنّ كتابة أفكاره تساعده على تشكيل رأيه وتفنيده. ويكمل كينغ قائلاً إنّه لا يحكم على نصّه إن كان جيّداً أو رديئاً إلاّ بعد أن يكون قد كتب معظمه، فبرأيه يجب أن يؤمن بنصّه وألاّ يتسرّع في إقصائه، فليست كلّ النصوص مشرّعة أمام كاتبها منذ البداية، وفي أحيان كثيرة يجب أن يراهن على القصّة وإن لم يكن واثقاً من سير عمليّة التأليف، فليست هناك وصفة واحدة أو طريقة تفكير واحدة ولكلّ قصّة مفاتيحها.

وقد صدرت حديثاً مجموعة قصصيّة لستيفن كينغ بعنوان "إن نزف" (If it bleeds) مكوّنة من أربع قصص قصيرة تنتمي إلى أدب الرعب لكون كينغ معروفًا بكتاباته في هذا الأدب ، وعندما سُئل عن سبب اختياره أدب الرعب ليكتب فيه، أجاب ببساطة: "ومَن قال إنّني أنا من اختاره؟".

من الجدير بالذكر أنّ عدداً كبيراً من أعمال كينغ تلك المحوّلة إلى أفلام أو تلك التي ما زالت أدبيّة فقط، ترجم إلى العربيّة، ويجد القارئ هذه الأعمال بالعربيّة بنسختها الورقيّة والإلكترونيّة على حدٍّ سواء. ولا بدّ من الإشارة إلى حسن الترجمة في هذه الأعمال الضخمة عموماً. فمثلاً أحدث رواية صادرة هي رواية "طبيب النوم" (دار العربيّة للعلوم- ناشرون) ترجمة أوليغ عوكي، وهي تكملة لرواية سابقة بعنوان "البريق". وتمتاز هذه الرواية بسلاستها وسهولة لغتها وانسيابيّتها على الرغم من كبر حجمها (611 صفحة)، ويُكمل فيها كينغ نسيجه الروائيّ بسرد أحداث تجري مع بطله دان أو داني الذي أصبح في هذه المرحلة رجلاً بالغاً من دون أن تتركه هواجسه القديمة والمثيرة للرعب.

المزيد من ثقافة