Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأتراك يقبلون على الروايات بعد اشتداد الرقابة على الصحافة

حركة النشر تتقدم والمبيع الإلكتروني إلى ازدياد... وستيفان زفايغ في المقدمة

مكتبة في اسطنبول (يوتيوب)

يلجأ القراء الأتراك إلى الكتب والروايات خصوصاً، بعدما كادت الرقابة الرسمية أن تقضي على حرية الصحف والمجلات. وعلى الرغم من الظروف المضطربة، سياسياً واقتصادياً ومالياً التي تجتازها البلاد، لا سيما مع فتح الجبهة السورية، يزداد الإقبال على قراءة الكتب والروايات.

وفي إحصاء جديد حول الكتب الأكثر مبيعاً في تركيا الآن، نشرته مجلة "بووكس" الفرنسية في عددها الرقم 104، يبدو واضحاً ازدهار حركة قراءة الكتب لا سيما في أوساط الشباب. ويعزو التقرير هذا الإقبال على قراءة الكتب، إلى الرقابة التي تمارسها السلطات على الصحف والمجلات، ممّا جعل عدد قرّائها يتراجعون، وهذه نتيجة منتظرة، إزاء رقابة رسمية شديدة  توصف بـ"الأردوغانية" تفرض قيوداً على الصحافيين وتفتح أبواب السجون أمام كثيرين منهم. ينصرف هواة القراءة إلى إشباع نهمهم أو جوعهم من خلال الكتب التركية أو المترجمة التي لم يتم منعها، علماً أنّ الصحيفة مستهدفة أكثر من الكتب نفسها، ما دامت هذه الكتب لا تشكّل خرقاً للمعايير الرقابية. وبحسب التقرير، فإنّ دولة يخضع النظام التعليمي فيها إلى التوجيه الديني وتُعاد كتابة التاريخ سياسياً وفي منأى عن بعده الحضاري، تبدو قراءة الروايات حالاً من التعويض الثقافي والنفسي. ولئن كانت أرقام الكتب المنشورة تزداد من عام إلى آخر (11 في المئة بين 2018 و2019)، فإنّ أرقام المبيعات تزداد بدورها (7 في المئة كل عام)، وبدا واضحاً أنّ القراء البالغين يُقبلون أيضاً على شراء الكتب، مثل الشباب. ونظراً إلى أنّ عدد الأتراك يناهز 82 مليوناً، فما يمكن ملاحظته أن عدد المكتبات التي تبيع الكتب هو أقل بكثير من عدد المكتبات في بلدان أوروبا الغربية. ويعاني أصحاب المكتبات مشاكل عدّة من الناحية المالية. وقد عمد بعضها إلى فتح فروع له في الشوارع التي توجد فيها مصارف. ويلحظ التقرير أن الشرائح الكبيرة من القراء تقيم في المناطق المزدهرة وذات الغالبية العلمانية، في النصف الغربي، في إسطنبول وأنقرة وإزمير.

كافكا التركي

 

في بيان الكتب الأكثر مبيعاً لدى مؤسسة "ايدفيكس" وهي واحدة من أهم المكتبات الرقمية التركية التي تبيع عبر الإنترنت، تحتلّ الصدارة رواية عنوانها "دبق في بئر بلا أسفل" للكاتب حسن علي توبتاس الذي يُطلَق عليه لقب "كافكا التركي". هذه الرواية تخوض العالم المديني، السفلي والفقير، وتلقي ضوءاً على مآسي مجهولة أو مغمورة. وبحسب الناشر، تسرد هذه الرواية قصص أناس مسحوقين وحكايات حب مهيضة ووقائع قاسية لا نهاية لها. وقد تناولت جريدة "فرنكفورت ألماني زيتونغ" هذه الرواية في اللغة التركية وتوقفت عند أسلوب كاتبها وعوالمه السرية. ويملك هذا الكاتب شريحة كبيرة من القراء تتابع أعماله.

ومن الكتب الرائجة، رواية جديدة صدرت للكاتب الشعبي أحمد أوميت وعنوانها "حبنا حكاية قديمة"، وهي رواية بوليسية تدور أحداثها ما بين مدينة سان بيترسبورغ الروسية وإسطنبول. هذا الكاتب معروف كثيراً لدى القراء العرب وقد تُرجمت معظم رواياته إلى  نحو عشرين لغة ومنها العربية، وصدرت عن "الدار العربية للعلوم – ناشرون". ومعروف أن أوميت المناضل السياسي هجر السياسة منذ عام 1980 ليتفرغ للكتابة الروائية البوليسة والتاريخية، وقد انتقل بعض أعماله إلى عالم المسلسلات. ومن رواياته: "الليل والضباب"، "رائحة الثلج"، "باتاسنا"، "دمية"، "سوار نيناتا"، "خريطة الروح البشرية"، "مذكرات قاتل"، "صروح إسطنبول"، "اغتيال السلطان" و"وداعاً يا وطني الجميل".

ومن الروايات الرائجة أيضا رواية "أنا التي تراها: فاكهة عصرين" للكاتبة أكيلا أزرا كوهان، وفيها تتناول قضية العبور من عصر الإمبراطورية العثمانية إلى الدولة التركية، مركزةً على حالة الإنفصام الثنائي التي تشهدها تركيا اليوم. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى رواية أخرى هي "العلبة السوداء: ساعة الحقيقة" لسونير يالسين، و"الدم في كل مكان" لأيشي كولين ورواية "الحياة طريقة استعمال" لإيبر أورتايلي و"وجها طائفة منزيل" لسايغي أوزتورك .

واللافت أن الكاتب  النمساوي الكبير ستيفان زفايغ يحتل قائمة أكثر الكتّاب الأجانب مبيعاً في ترجماته التركية بحسب مكتبة "ايدفيكس" الإلكترونية، وهذا يدل على انفتاح القراء الأتراك على كاتب إشكالي، هو من أبرز الكتّاب الأوروبيين في القرن العشرين وعُرف بدراساته المسهبة التي تناولت أدباء كباراً مثل تولستوي وديستوفسكي وبلزاك... وكتبه هذه اعتمد فيها لعبة السرد والتحليل، فيكشف حقيقة هؤلاء الأدباء كما هي ويلقي ضوءاً على حقائق مجهولة لديهم. كتب زفايغ روايات ومسرحيات ودراسات ومقالات كثيرة، وصدرت سيرته الذاتية "عالم الأمس" بعد انتحاره عام 1942 مع زوجته في البرازيل. ومن رواياته: السر الحارق، أربع وعشرون ساعة في حياة امرأة، الشفقة الخطيرة، آموك ورسالة من مجهولة...

ولعل اللافت هنا ان إسمين شهيرين جداً هما أورهان باموق وأليف شفق، لم يحتلا في هذه الفترة مواقع متقدمة قوائم البيع بعدما كانا سابقا في الطليعة. ومفترض أنهما إن أصدرا أعمالاً جديدة فهما سيكونان بين الأكثر مبيعاً.

المزيد من ثقافة