Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قبائل ليبية تطالب الجيش بإنهاء الأزمة عسكريا

غسان سلامة يصر على المسار التفاوضي

أكدت القبائل تمسكها بدعم القوات المسلحة الليبية لتحرير الوطن (غيتي)

أثارت قبائل ليبية جدلاً واسعاً بإعلانها، في ختام اجتماع طارئ لها بمدينة ترهونة، لبحث تطورات الأزمة في البلاد، أن المصالحة الوطنية الشاملة أساس الحل، مؤكدة في الوقت ذاته رفضها كل المنظمات والتشكيلات المتطرفة، ومطالبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بسحب الاعتراف بـ"حكومة الوفاق".

في المقابل، أكدت القبائل عبر بيان لها، تمسكها بدعم القوات المسلحة الليبية لتحرير الوطن، معتبرة أن بيانها هذا "بمثابة تفويض قبلي للجيش بسرعة حسم المعركة والقضاء على الميليشيات الإرهابية".

ترحيب مفهوم ورفض متوقع

وكما كان متوقعاً رحبت القيادة العامة للجيش بمقررات اجتماع أعيان البلاد وحكمائها والنخب الوطنية في مدينة ترهونة، وشدّدت في بيان لها على أنها "قدمت تضحياتٍ من أجل الحفاظ على هذه الثوابت وتحقيق تطلعات وآمال الشعب"، مؤكدة "رفضها القاطع لأي معارضة أو مصادرة للإرادة الوطنية، أو نكران حق الشعب الليبي في دولة ديمقراطية آمنة ومستقرة ذات سيادة" .

في سياق متصل، اعتبر عضو مجلس النواب حمد العبيدي أن "تحرك القبائل جاء بعد أن أغلقت حقول النفط، وبات موقفها مؤثراً في المشهد بشكل قوي"، مشيراً إلى أن "تطورات الوضع الميداني دفعت القبائل إلى التحرك، خصوصاً بعد تواجد مرتزقة أجانب على الأرض وهو أمر مرفوض بشكل قاطع"، ورأى أن "اجتماعات القبائل لها تأثيرها القوي على المسارين السياسي والعسكري، لدورها الكبير في المجتمع".

من جانبها، عبّرت أطرافٌ عِدة مُقربة من حكومة الوفاق والمجلس الرئاسي، عن استيائها من البيان الختامي لمؤتمر القبائل الليبية، رافضة كل التوصيات الصادرة عنه، وهو الموقف ذاته الذي اتخذته أطراف تقف على الحياد بين الطرفين، وترفض الخيار العسكري.

وقال الصحافي الليبي محمود المغربي "إن ملتقى القبائل، كان يجب نقله على الهواء مباشرة للتعرف إلى المشاركين فيه"، مؤكداً عبر موقع "تويتر" أنه تمنى نقل النقاشات التي دارت في ملتقى ترهونة على الهواء، حتى يطلع المواطنون على القرارات التي اتُخذت وكيف جرى الوصول إليها.

وتابع "نقل اللقاء كان سيمكننا من التعرف على شخوصه ومداخلاتهم، لأن هناك بعض اللقطات المنشورة على صفحات التواصل الاجتماعي، تعطي انطباعاً مغايراً لما يُروّج له من عقل وحكمة ووحدة ولحمة وطنية".

توقيت حرج

ويرى مراقبون أن توقيت الاجتماع والنتائج التي خلص إليها، تمثل تصعيداً جديداً يرفع منسوب الشك حول نجاح الحوارات العسكرية والسياسية التي دارت عجلتها مجدداً بعد تعثر قصير، على خلفية أحداث ميناء طرابلس نهاية الأسبوع الماضي.

وقال رئيس مجموعة العمل الوطني، خالد الترجمان لـ"اندبندنت عربية" إن "ما خرج به اجتماع القبائل يضع المجتمع الدولي في حرج شديد"، موضحاً أن "جميع القبائل حتى تلك التي تسيطر على مناطقها الميليشيات جاء منها مندوبون وقرروا أن لا حلول مع الميليشيات إلا بتصفيتها وإنهائها في العاصمة".

وجاء هذا التصعيد في وقت غير مناسب تماماً بالنسبة إلى المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، بعيد ساعات من نجاحه في إحياء المفاوضات العسكرية وإقناع حكومة الوفاق بالعودة إلى طاولة المفاوضات التي انسحبت منها قبل يومين احتجاجاً على ما وصفته بـ"انتهاكات الجيش للهدنة المتفق عليها".

ويدرك سلامة قوة التأثير الاجتماعي الذي تمتلكه هذه القبائل على طرفي الصراع وتوجيه الرأي العام الليبي، وأنه لا يمكن الاستهانة بما أعلنته من رفض للحوار ودفع للحل العسكري باعتباره سبيلاً وحيداً لإنهاء الأزمة. وقال في تصريح لوكالة "رويترز"، "إن محادثات وقف إطلاق النار في ليبيا تسير في الاتجاه الصحيح"، معلناً في الوقت ذاته أنه "يواجه عقبات تتعلق بانتهاكات حظر الأسلحة والهدنة التي أُعلنت الشهر الماضي".

شروط حفتر تزيد التعقيد

من جانبه، أثار المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، المزيد من الشكوك حول نجاح العملية التفاوضية التي تقودها اللجان العسكرية 5+5 في جنيف برعاية بعثة الأمم المتحدة، بعدما وضع شروطاً للقبول بوقف دائم لإطلاق النار، اعتبرها خصومه تعجيزية، وأعلن "استعداده لوقف إطلاق النار في طرابلس، حال انسحاب القوات التركية والمرتزقة من البلاد وتصفية الجماعات الإرهابية".

وأضاف في تصريحات صحافية أن "الأطراف الأخرى في ليبيا لا تلتزم بوقف الهدنة وتعمل على خرقها بواسطة العصابات المسلحة"، مؤكداً أن "الجيش يقيّم الوضع في طرابلس وجاهز لكل الاحتمالات، ما لم يقم المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه الاحتلال التركي"، على حد قوله.

من جهة ثانية، أيد عضو مجلس النواب علي الصول، الشروط التي تحدث عنها حفتر، واصفاً إياها بأنها "ثوابت أكد عليها البرلمان، بأنه لا حوار في ظل وجود المرتزقة والقوات التركية في ليبيا" .

وفي المقابل، قال محمد معزب، عضو مجلس الدولة، إن "الشروط التي تحدث عنها حفتر تعجيزية"، وأضاف "الاتفاقية الموقعة بين الوفاق وتركيا تتعلق بالدفاع عن العاصمة طرابلس، كما أن الحكومة سترد بالمطالبة بمغادرة أية قوات أجنبية تقاتل مع الطرف الثاني".

وأوضح أن مجلس الدولة سيجتمع اليوم السبت "لمناقشة بعض المعايير والضوابط بشأن اجتماع جنيف المرتقب"، وأنه "اختار أعضاءه للجنة الأربعين، وهم 13 عضواً من أعضاء المجلس".

أردوغان يعترف بجلب المرتزقة

من جهته، أقر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للمرة الأولى، بوجود مرتزقة موالين لأنقرة في ليبيا، إلى جانب عناصر التدريب التركية، وقال للصحافيين في إسطنبول "تركيا موجودة هناك عبر قوة تجري عمليات تدريب، وهناك كذلك أشخاص من الجيش الوطني السوري"، في إشارة إلى مقاتلي المعارضة الذين كان يطلق عليهم سابقاً "الجيش السوري الحر".

وتعليقاً على هذه التطورات قال الباحث والأكاديمي الليبي، أحمد العبود، إن "نجاح العملية التفاوضية يتوقف على نجاح المجتمع الدولي والقوى الإقليمية في إيقاف أردوغان عما يقوم به من انتهاك واضح لاتفاق برلين وحظر توريد السلاح إلى ليبيا".

واعتبر أن الرئيس التركي "أصبح معرقلاً للعملية التفاوضية بالتنسيق مع حكومة الوفاق"، موضحاً أن "الجيش رضخ لرغبة المجتمع الدولي في إيقاف العمليات العسكرية، لكن هذا لن يدوم طويلاً إذا استمر الوضع على ما هو عليه باستمرار تدفق السلاح والمرتزقة إلى طرابلس".

المزيد من العالم العربي