وُصفت بريتي باتيل بالـ"غريرة" بعد زعمها أنه يمكن تعويض نقص اليد العاملة الناتج عن خططها القاسية الجديدة في مجال الهجرة من خلال توظيف 8.5 مليون شخص "غير فاعل اقتصادياً" داخل المملكة المتحدة.
وترافق كلام وزيرة الداخلية مع تحذير قطاعات تمتدّ من دور الرعاية إلى التشييد والبناء والزراعة من الصعوبات التي ستواجهها في توظيف حاجتها من العمّال بعد البدء بتطبيق نظام النقاط في نهاية العام الحالي.
لكن الأرقام الرسمية الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية تظهر أنّ هؤلاء الـ 8.5 مليون شخص الذين لا يبحثون عن عمل في الوقت الحالي تتراوح أعمارهم بين 16 و64 عاماً ومن بينهم 2.3 مليون طالب و2.1 مليون مصاب بمرض مزمن بالإضافة إلى أكثر من 1.1 متقاعدٍ و1.9 مليون شخص متفرّغين لرعاية المنزل أو الأسرة. بينما يرغب أقلّ من 1.9 مليون شخص من إجمالي هذا العدد في الحصول على وظيفة.
ووفقاً لحسابات معهد أبحاث السياسة العامة (IPPR)، تقصي خطة الهجرة التي وضعتها السيدة باتيل- بما تتضمّنه من استبدال حرية التنقل بشرط حصول معظم العمّال المهاجرين على عرض عمل قيمته 25.600 جنيه استرليني فما فوق- حوالي 70 بالمئة من العمال الأوروبيين الموجودين حالياً في البلاد في خطوة من شأنها أن تشكّل "صدمة" لقطاعات اقتصادية أساسية.
وأوضح المعهد أنّ من تستثنيهم الخطة يشملون 90 في المئة من المواطنين الأوروبيين العاملين في قطاعات النقل والتخزين و85 في المئة من العاملين في الفنادق والمطاعم و66 في المئة من العاملين في الرعاية الصحية والاجتماعية و59 في المئة من العاملين في قطاع التشييد والبناء.
فيما اعتبر بوريس جونسون أنّ هذه التغييرات سوف تسمح للمملكة المتحدة "باستقبال الأفضل والألمع من حول العالم مع احتفاظنا بكامل السلطة على حدودنا". واحتفى زعيم حزب بريكست نايجل فاراج بدوره بها فعدَّها "خطوة كبيرة جداً في الاتّجاه الصحيح".
وفي المقابل، قالت مساعدة الأمين العام للنقابة العمّالية يونيسون إنّ هذه التغييرات "كارثية" على قطاع الرعاية الذي لم يُعفى من عتبة الحدّ الأدنى للأجور.
وأشار اتّحاد متعهّدي البناء إلى أنّ إغلاق المجال أمام العمّال "من ذوي المهارات المتدنّية" سيحول دون وفاء السيد جونسون بوعوده بشأن وضع استثمارات ضخمة في البنية التحتية وبناء مليون منزل جديد. وقال براين بيري، الرئيس التنفيذي للاتحاد "من غير الواقعي بكل بساطة أن نفترض أنّ اليد العاملة المحلية قادرة على ملء هذا الفراغ خلال الأشهر التسعة المقبلة."
وحذّرت السيدة سارة ثورنتون، مفوضة مكافحة العبوديّة من أنّ حماية الضعفاء والمهمّشين يجب أن "تعطى الأولوية" في النقاش الدائر حول التغييرات نظراً لأنّ المتاجرين بالبشر "سيبحثون عن أي فرصة ممكنة لاستغلال سياسات الهجرة الجديدة" خلال هذه الفترة التي تشهد تغييراً كبيراً في النظام.
وفي هذه الأثناء، وافقت السيدة باتيل على أنّ والديها- الذين افتتحا سلسلة متاجر لبيع الصحف بعد بلوغهما المملكة المتحدة في ستينيات القرن الماضي- لم يكن ليُسمح لهما بدخول المملكة المتحدة بموجب قوانينها الجديدة، لكّنها أشارت إلى أنهما ربما كانا سيُعتبران لاجئَين وفقاً لهذه القوانين بسبب تعرّضهما للاضطهاد في أوغاندا.
وبعد مواجهتها بالمخاوف من أنّ خططها ستخلّف فجوة في القوى العاملة، قالت وزيرة الداخلية لقناة سكاي نيوز "آن الأوان كي تبدأ الشركات بالاستثمار في مواطني هذه البلاد."
"لدينا ما يزيد على 8 مليون شخص- يشكّلون 20 في المئة من القوى العاملة- تتراوح أعمارهم بين 16 و64 عاماً، غير فاعلين اقتصادياً في الوقت الحالي."
"وعلى قطاع الأعمال أن يعمل جيّداً مع الحكومة وينظّم إلينا في الإستثمار بالناس وتطوير أوضاعهم على كافة أراضي المملكة المتحدة كي تزيد الأجور على نطاق البلد بأكمله."
لكن الأمينة العامة لاتحاد النقابات العمّالية فرانسيس أوغريْدي رأت أنه "من غير المعقول" أن يتوقّع الوزراء من ملايين المتقاعدين والطلاب ومقدّمي خدمات الرعاية دخول مجال القوى العاملة.
"ولا يكمن الحلّ في تأشيرات الزيارة المؤقتة المخصصة للشباب والتأشيرات الموسمية. سوف تسهّل خطط الحكومة على أرباب العمل السيئين استغلال العمالة الوافدة وتقليص الأجور وزيادة ظروف العمل سوءاً بالنسبة للجميع."
وقال وزير الصحة في حكومة الظلّ جوناثان آشوورث "من الواضح أنّ بريتي باتيل جاهلة بتفاصيل سوق العمل. وهي لم تكتفِ بطرح سياسة للهجرة من شأنها أن تدمّر قطاع الرعاية الإجتماعية لدينا- ما يؤثر سلباً على بعض أكثر الفئات ضعفاً في مجتمعنا- بل تبرّر فعلها بقولها إنه على مقدمي خدمات الرعاية والمرضى أو المتقاعدين أن يقوموا بهذه الوظائف بأنفسهم."
"ها هم المحافظون يضعون العقيدة قبل احتياجات الاقتصاد مرّة جديدة ليدفع أضعف المواطنين ثمن خيارهم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبرت الناطقة باسم حزب الديمقراطيين الأحرار للشؤون الداخلية كريستين جاردين أنّ تعليقات السيدة باتيل دليل على أنّ حكومة المحافظين "لا تهتم قدر ذرّة بحياة الناس".
وأضافت السيدة جاردين "بدل السماح للناس بالسفر إلى المملكة المتحدة والمساهمة في اقتصادنا من خلال عملهم، تفضّل بريتي باتيل جرّ المواطنين من مقاعد الدراسة ومن التقاعد وأسرّة المستشفيات كي يبدؤوا بالعمل."
وكان تحذير مقدمي خدمات الرعاية الاجتماعية هو الأعلى بين الجميع من الضربة التي سيتلقاها قطاعهم بسبب قوانين الهجرة الجديدة.
تشكّل اليد العاملة الوافدة نحو 17 في المئة من العاملين في مجال الرعاية الإجتماعية للبالغين – و40 في المئة داخل لندن- وفي البلاد حالياً أكثر من 120 ألف وظيفة شاغرة.
وحذّر مركز دراسات الشؤون الصحية "ذا ناتفيلد ترست" من أنّ مقترحات السيدة باتيل قد تدفع بالقطاع "نحو الهاوية" فيما اعتبرت نادرة أحمد من رابطة الرعاية الوطنية أنّ الحكومة "إما تصمّ آذانها أو تعمي بصرها عن ضرورة وضع الرعاية الإجتماعية على قائمة الوظائف التي تعاني من نقص في العاملين".
ورحّب المزارعون بالتغييرات في سبيل زيادة عدد العمّال الموسميين الذين يُسمح بتوظيفهم من خارج دول الإتحاد الأوروبي من 2500 إلى 10 آلاف شخص خلال موسم الحصاد المقبل.
لكن الاتحاد الوطني للمزارعين حثّ الحكومة على الالتزام بخطة شاملة للعام 2021 كي يستطيع المزارعون توظيف 70 ألف عامل هم بحاجة لهم في مزارع الفاكهة والخضار والأزهار.
وقالت رئيسة الاتحاد مينيت باترز إن عدم توفير مدخل لقاطفي الفواكه كما لمسؤولي التعليب وتجهيز اللحوم والأطباء البيطريين "سيضرّ بشكل بالغ" بقدرتهم على تقديم أطعمة عالية الجودة وقليلة الكلفة للمواطنين.
كما لفت مارتين إيميت من نقابة عمّال البستنة إلى ضرورة توفير "زيادة ضخمة" في أعداد العمال الزراعيين الموسميين كي يستطيع القطاع أن يساعد السيد جونسون في الوفاء بالتعهّد الذي قطعه في بيانه بزراعة 75 ألف آكر (فدّان) من الأشجار كل عام ضمن عمل المملكة المتحدة على أجل التصدّي لتغيّر المناخ.
وقال "إن قطاع البستنة لأغراض الزينة بالإضافة إلى غيره من القطاعات، يعتمد على يد عاملة موسمية كي يستطيع إنجاز نشاطاته الرئيسية."
"نحن على استعداد لدعم الأهداف الحكومية بشأن زراعة الأشجار وإيجاد بدائل للاستيراد والأمن البيولوجي والإنتاج البريطاني إنّما على الحكومة أن تدعم القطاع بدورها من أجل ملء النقص في اليد العاملة في العام 2021 وما بعده."
© The Independent