Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بومبيو يطالب عبد المهدي بمواجهة "هجمات" إيران

العقوبات الأميركية مستمرة وستشمل شخصيات مرموقة في المشهد السياسي الشيعي

أكد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في اتصال هاتفي أجراه مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو اليوم الاثنين على أهمية التهدئة في المنطقة.
أفاد بيان صادر عن مكتب عبد المهدي أن رئيس الوزراء العراقي دان أيضاً الهجمات التي استهدفت السفارة الأمريكية في بغداد وتعهد بتعزيز الحماية العراقية لها.
وشدد عبد المهدي كذلك على أهمية احترام الجميع لسيادة العراق وقراراته وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.
من جهته، طالب بومبيو العراق بـ"الحفاظ" على سيادته بمواجهة "هجمات" إيران. وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أن الوزير مايك بومبيو عبّر خلال الاتصال عن الغضب من استمرار هجمات جماعات مدعومة من إيران على منشآت أميركية بالعراق.
وأشار بومبيو خلال الاتصال إلى الهجوم الصاروخي الذي تعرضت له الأحد السفارة الأميركية في بغداد.
وقالت مورغان أورتاغوس المتحدثة باسم الخارجية الأميركية في بيان "الوزير أكد مجدداً أن هذه الهجمات تظهر تجاهلاً متعمداً للسيادة العراقية وفشلاً في كبح جماح هذه الجماعات المسلحة الخطيرة".

تدخل دولي

ومنذ انطلاق الاحتجاجات العراقية مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لم يتوقف الحديث عن التدخل الأممي لحل الأزمة العراقية، بعد تزايد الانتهاكات التي تمارسها السلطة من خلال عمليات القمع الممنهجة، فضلاً عن عمليات قصف السفارة الأميركية والقواعد العسكرية في البلاد.

وشهدت المحافظات العراقية في اليومين الماضيين حملات قمع كبيرة طاولت عدداً من ساحات الاحتجاج، مخلفة عشرات القتلى والجرحى، فضلاً عن محاولات لفض الاعتصامات بالقوة في محافظتي ذي قار والبصرة.

وبلغ عدد ضحايا الاحتجاجات العراقية نحو 700 قتيل و25 ألف جريح، بحسب منظمات دولية ومحلية.

حالة انسداد

في المشهد السياسي، لا تزال حال الانسداد سيدة الموقف، حيث لم تحسم كل الملفات العالقة بمطالب تشكيل حكومة مستقلين والإسراع بحل البرلمان تمهيداً للانتخابات المبكرة.

ولعل ما يرجح إمكانية التدخل الدولي في العراق، مطالبات المحتجين المستمرة بذلك، من خلال مناشداتهم فضلاً عن رفعهم لأعلام الأمم المتحدة في ساحات الاحتجاج، فضلاً عن أن وضع العراق ضمن إطار التوازنات الدولية والإقليمية في هذه المرحلة لم يعد شأناً داخلياً ولا يمكن للأمم المتحدة النأي بنفسها عنه، بحسب مراقبين.

في سياق متصل، لا يزال قصف السفارة الأميركية مستمراً، ما ينذر باحتمالية تصعيد خطيرة قد تشهدها البلاد، وفيما تتهم أميركا جماعات مسلحة مرتبطة بإيران بالقيام بتلك الهجمات، سارعت القوى السياسية والفصائل المسلحة المرتبطة بإيران إلى نفي صلتها بالهجوم الأخير.

ومنذ عام 2003 لم يشهد العراق حالة استقرار أمني، لكنه لم يصنف كمصدر تهديد للأمن والسلم الدوليين إلا بعد دخول "داعش"، والذي أدى إلى دخول التحالف الدولي للاشتراك مع قوات الأمن العراقية في العمليات العسكرية ضد التنظيم، إلا أن التطورات الأخيرة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والاستهداف المتكررة للمصالح الأميركية وسفارتها في بغداد، فضلاً عن المخاوف من أن تسيطر إيران على الوضع العراقي من خلال جماعات مسلحة موالية لها، غيَّر من المشهد وأعاد احتمالات التدخل الدولي مرة أخرى.

وفيما يستبعد مراقبون أن يقوم المجتمع الدولي بالتدخل المباشر في العراق، يرى آخرون أن الانقلاب على الديمقراطية والدستور العراقي من خلال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، قد يكون مدخلاً للتدخل الدولي لحل الأزمة العراقية، مستغلةً وجود العراق تحت البند السادس لميثاق الأمم المتحدة، مشيرين إلى أن المخاوف من تصاعد التوتر في الشرق الأوسط أحد مرجحات التدخل.

حرب إقليمية وسيناريو سوريا واليمن

من جهة ثانية، يرى الكاتب والصحافي علي رياض أن "تواتر انتهاكات قوانين حقوق الإنسان، واستمرار قتل المحتجين جعلت المجتمع الدولي يتخوف من تكرار كابوس سوريا واليمن في العراق، ما قد يؤدي إلى تصدير دفعة أخرى من اللاجئين ويعبث بأسعار النفط، ويساهم بزعزعة استقرار الشرق الأوسط، الذي أصبح فتيلاً غير مستقر لإشعال حرب إقليمية"، مردفاً "لكل هذه الأسباب سيكون خيار التدخل الدولي متاحاً دائماً".

ويضيف لـ"اندبندنت عربية"، "في الوقت الرهن لا أعتقد أن المجتمع الدولي قد يتجاوز في رده حدود التنديد والاستنكار، لكن الأمر مختلف مع الولايات المتحدة، لأن استهداف سفارتها بشكل متكرر مع عجز تام للحكومة العراقية بملاحقة المنفذين ومحاسبتهم، ستدفعهم لأخذ زمام المبادرة"، مبيناً أن "هذا ما يخشاه المحتجون العراقيون، إذ كان أثر الرد الأميركي خلال الفترة الماضية سلبياً للغاية على حراكهم الاحتجاجي".

الفصل السابع تمهيد للتدخل العسكري

في المقابل، توضح مصادر قانونية أن انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في العراق فضلاّ عن الاستهداف المتكرر للسفارات، قد يعيد البلاد تدريجاً إلى العقوبات الدولية ومن ثم التدخل العسكري، مشيرة إلى أن مجلس الأمن بدأ بتنبيه العراق بأنه يدخل "مأزقاً خطيراً".

وفي سياق متصل، يقول الخبير القانوني علي التميمي إن "انتهاكات حقوق الإنسان تخالف ميثاق العهد الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اللذين أكدا حرية التعبير عن الرأي فضلاً عن الدستور العراقي، ويطلق عليه حق الاجتماع".

ويوضح لـ"اندبندنت عربية" أن "أي انتهاك لهذه الحقوق يعتبر مخالفة لهذه الاتفاقات الدولية الموقع عليها العراق، وقد تعيده إلى تدرجية العقوبات الدولية المنصوص عليها في ميثاق العهد الدولي، لتبدأ بالتنبيه والإنذار ومن ثم اللجان التحقيقية والحصار الاقتصادي، والوصاية الدولية وما يسمى بالفصل السابع، وفي النهاية التدخل العسكري".

وعن استهداف السفارة الأميركية يرى التميمي أن "استهداف السفارات محرم دولياً وفق اتفاقية فيينا لعام 1961 والتي تنص على أن من واجب الدولة المضيفة أن تقوم بحمايتها وعدم الاعتداء عليها لأنها جزء من تراب الدولة التي تنتمي إليها، وتهديدها هو تهديد للسلم والأمن الدوليين"، مردفاً "هذا قد يضاف إلى الخروقات التي تحصل في العراق بما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان".

ويرجح التميمي أن يكون هناك تدخل دولي في الشأن العراقي إذا استمرت هذه الانتهاكات، مشيراً إلى أن "هذا قد يحصل بعد نداءات من قبل قادة عراقيين بالتدخل الدولي ونداءات من المتظاهرين الذين رفعوا أعلام الأمم المتحدة".

أما عن العقوبات التي تترتب على العراق بسبب الاعتداء على السفارات، يوضح أنه "وفق المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة، يحق لها فرض العقوبات على الدولة المخلة بهذه الاتفاقية كما حصل في عام 1979 عندما فرضت عقوبات على إيران وغرامة مالية كبيرة بقرار من محكمة العدل الدولية، على خلفية أحداث السفارة الأميركية في طهران وحجز الموظفين".

مطلب المحتجين

من جانبه، قال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إنه "في ما يبدو بأن التدخل الدولي بات مطلباً على مستوى المتظاهرين وبعض الزعامات السياسية، لأن المتظاهرين لا يجدون من يحميهم، بالتالي يتهمون السلطة بغض النظر عن قمعهم أو إعطاء الضوء الأخضر لذلك".

وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "القوى السياسية أصبحت تدرك أن معادلة السلطة تمضي بعيداً من النظام السياسي والدستور والقانون وآليات التعامل مع الشعب العراقي، وهذا ما حفز المطالبات بالتدخل الدولي".

وأشار إلى أن "الانفلات الأمني وعدم قدرة الدولة على ضبط الأمن والسلاح خارج إطار الدولة فضلاً عن اهتزاز صورة العراق خارجياً، ما قد يدفع إلى قرارات تؤدي لتدخل دولي"، مبيناً أن "مداخل المجتمع الدولي ستكون الانقلاب على الديمقراطية والدستور في العراق".

وتابع أن "العجز في إيجاد حلول والانقلاب على الديمقراطية والدستور قد يمهد إلى طرح ملف العراق للمناقشة من خلال ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة التي وجدت أن إجراءات الحكومة بحماية المتظاهرين ما هي إلا جوفاء"، مرجحاً أن تتم إعادة العراق مرة أخرى إلى طائلة الفصل السابع بعد توافق المجتمع الدولي واللاعبين الكبار فيه".

ولفت إلى أن "المجتمع الدولي على الرغم من نظرته للعراق بحذر وصمت، لكنه في النهاية سيصدر مواقف، والملاحظ اليوم الموقف اللافت لروسيا في قضية استهداف السفارة الأميركية، وهذا يحدث للمرة الأولى وقد يمهد لتفاهمات لطرح ملف العراق في الأمم المتحدة".

نظام بإرادة دولية

في السياق ذاته، استبعد رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي التدخل الدولي في العراق، معللاً ذلك بأن "النظام السياسي بعد عام 2003 جاء بإرادة دولية".

وأوضح أن "التأثيرات ستكون من خلال الأمم المتحدة لأنها طرف مقبول والتقارير التي تقدمها ممثلة الأمين العام فاعلة مؤثرة بشكل كبير، وتحظى بدعم من مرجعية النجف والشارع العراقي".

وعن نفوذ إيران والجماعات المسلحة الموالية لها في العراق، بيَّن الهاشمي أنه "على الرغم من المخاوف الأميركية من سيطرة الجماعات المسلحة الموالية لإيران فإن الولايات المتحدة لن تدخل بحرب مع طهران، لأن العالم يقاد الآن من أقطاب متعددة، لكن قد تتخذ قرارات في مجلس الأمن بخصوص ذلك".

ورجح أن تحاول أميركا الضغط لإقرار قانون الانتخابات وإجراءها بشكل مبكر لتضمن تغييراً كبيراً في البرلمان يمهد لتغيير المشهد السياسي العراقي، مستدركاً بالقول إن "التساؤل المهم هو، هل تستطيع أميركا السيطرة على التزوير والجماعات المسلحة المنفلتة التي بإمكانها إسقاط الدولة بأقل من ساعة؟".

ولفت إلى أن "أميركا على قناعة أن الأرض ليست لها في العراق بل للجماعات المسلحة، وعمليات الاستهداف المستمرة للمصالح والسفارات قد تكون دليلاً على ذلك".

وعن العقوبات الأميركية أوضح أن "تلك العقوبات مستمرة وستشمل شخصيات ذات مستوى عالٍ في المشهد السياسي الشيعي وحتى السني، وستستهدف العقوبات البنوك التي تملكها الأحزاب الشيعية والجماعات المسلحة فضلاً عن حجز أموالهم في الخارج".

واستبعد أن تقوم واشنطن بإصدار عقوبات اقتصادية على الدولة العراقية، مبيناً أنها "لا تريد إحراج أصدقائها في العراق فضلاً عن أن تلك العقوبات قد تكون مفيدة لطهران التي قد تحشد كل الشارع العراقي ضد أميركا بمن فيهم السنة والأكراد".

إدانة

في المقابل، أدان مندوبون من 16 دولة في العراق، بينها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة اليوم الاثنين، استخدام قوات الأمن والجماعات المسلحة للقوة المفرطة وطالبوا بإجراء تحقيق يعتد به في مقتل المئات منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وقال المندوبون في بيان مشترك "رغم تأكيدات الحكومة، تواصل قوات الأمن والجماعات المسلحة استخدام الذخيرة الحية في هذه الأماكن (بغداد والناصرية والبصرة) الأمر الذي يؤدي الى سقوط  قتلى ومصابين مدنيين، بينما يواجه بعض المحتجين الترهيب والخطف".
ودعا المندوبون العراق لاحترام حرية التجمع والحق في الاحتجاج السلمي وناشدوا حكومة بغداد "ضمان إجراء تحقيقات يعتد بها وتطبيق المحاسبة عن مقتل أكثر من 500 وآلاف المصابين من المحتجين منذ أول أكتوبر".

المزيد من العالم العربي