Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"معجم الثورة"... أبرز المصطلحات الباقية من مظاهرات "25 يناير"

"قلة مندسة" و"الفلول" و"طرف ثالث"... مفردات ذاع صيتها في أعقاب الاحتجاجات

أنتجت 25 يناير 2011 قاموسا جديدا على المصريين نتيجة حالة الاستقطاب الحادة بين مؤيد ومعارض (حسام علي. اندبندنت عربية)

9 سنوات على ثورة 25 يناير، التي كانت حدثا فاجئ جميع المراقبين، صنع على ‏الهواء مباشرة. تمركزت في ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية القاهرة، ثم انتقلت ‏الشعلة لباقي المحافظات.

 دون خطط ضربت المظاهرات بتفسيرات المحللين ‏عرض الحائط، ومثلما كانت البداية العفوية، ومثلما كانت المظاهرات في مستهل ‏انطلاقها غير مرتبة وغير معروف إلى ما ستنتهي إليه من مكاسب وخسائر، أيضا ‏صنعت الثورة معجمها، وقاموسها الخاص، حيث لم يكن الواقع المصري الحديث ‏حينها قد عاصر حدثا مماثلا منذ زمن بعيد، بالتالي جاءت بألفاظها التي تعبر عنها بدقة معها.‏

‏18 يوما غيّرت معجم المصريين

وعلى مدار الأيام الثمانية عشرة لثورة 25 يناير 2011 في مصر، وما تلاها، كان ‏يضاف مصطلح جديد يعبر عن حال الميدان ورفاقه وأعدائه كذلك، وبالتالي ظل ‏القاموس يتوسع وتضاف إليه تعبيرات لم يكن يعرفها الشارع المصري من قبل، ‏حتى لو كانت موجودة في جزء من تاريخه، ولكنها باتت في تلك الفترة تتردد على ‏كل لسان باعتبارها الأقدر والأكثر التصاقا بما يجري على الأرض، لتخرج ألفاظٌ ‏مهجورة كان مكانها الكتب والأرفف المنسية وتصبح من أكثر المصطلحات ‏جماهيرية وشعبية، وبعضها كانت بارزة ولا تزال مسيطرة على الأذهان.‏

تدريجيا أفرزت الثورة مفرداتها، وقد تكون عبارة "قلة مندسة" من أكثر العبارات ‏ترديدا في بداية الحراك، الذي جاء بدعوة لم يعوّل عليها كثيرون وقتها على ‏فيسبوك من قِبل وسائل الإعلام، حيث حملت العبارة انتقادا لبعض التيارات التي ‏حاولت الاستيلاء على مجهود شباب المتظاهرين وتوجيه المطالب لخدمة ‏مصالحها، وبعيدا عن التعريفات اللغوية فقد اكتسبت المفردة قيمتها من المعنى ‏الشعبي والشائع، وهي لا تختلف كثيرا عن مفردة "طرف ثالث"، فبعيدا عن كفة ‏المظاهرات في الشارع وكفة النظام الحاكم حينها، فهناك طرف يلعب في الخفاء ‏لخدمة أهداف لا تخص سواه هو وفئة أو جماعة معينة، ليحقق منفعة بعيدا عن ‏مصلحة الثوار والوطن.‏

حرب المصطلحات بين "الفلول" و"الثورجية"‏

مصطلح "أجندات خارجية" أيضا من المصطلحات التي انتشرت بقوة، وهو يقارب ‏في مفهومه أيضا "قلة مندسة" و"طرف ثالث"، حيث اتهم الإعلام الرسمي حينها ‏المتظاهرون بأنهم نزلوا من بيوتهم بهدف وحيد هو زعزعة الأمن والاستقرار ‏وتنفيذ مخطط خارجي مقابل أموال يتلقونها، وهو أيضا من المصطلحات التي ‏راجت وبات يرددها كثيرون برغم أنه كان فيما قبل يعتبر مصطلحا نخبويا إلى حد ‏ما.‏

أيضا صار تعبير "انفلات أمني" دارجا بشدة، بعد الاتهامات التي وجهت ‏للمتظاهرين بتعطيل عمل الشرطة، وأيضا تعطيل "عجلة الإنتاج". وفي مقابل الانفلات الأمني حاول المواطنون بشكل عام ‏القيام بدور الأمن في ظل توتر الأوضاع من خلال "اللجان الشعبية"، حيث ‏أضيف المصطلح لمعجم الثورة سريعا، ومقصود به، قيام مجموعة من الناس في ‏حي معين بالتجمع، وكل يأخذ دوره لضبط الأمن والحفاظ على الممتلكات، ويعتبر ‏هذا التصرف من أكثر الأمور التي شعرت معها الجماهير بالأمان، حيث بدأت فكرة ‏اللجان الشعبية أولا في ميادين المظاهرات لتأمينها من المعتدين، وانتقلت إلى ‏ميادين الثورة ثم إلى باقي المناطق في الجمهورية وتعددت أهدافها ونوعياتها.‏

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حرب المصطلحات اشتدت بين الجبهتين، وفي الوقت الذي اتهم فيه المتظاهرون ‏بأنهم مجرد "قلة مندسة" تنفذ "أجندات خارجية"، خرج مصطلح "الفلول"، وهو ‏اللفظ الذي أطلق على كل المتشبثين بتأييد نظام الرئيس مبارك آنذاك، ‏وكل من يحققون منافع من استمرار الوضع على ما هو عليه ويحاربون أي تجديد ‏في دماء الفئة الحاكمة، ووقتها كان هذا التعبير سيئ السمعة، وأطلق كذلك على هذه ‏الفئة "الثورة المضادة"، حيث كانوا يقودون جهودا مضنية من مظاهرات ‏ومؤتمرات لإجهاض فعاليات الثورة ويرددون أنهم متمسكون بالنظام الحاكم ‏وبالأوضاع المعيشية والسياسية كما هي ويرفضون التغيير، وكان يقابل هذا ‏المصطلح لفظ "ثورجية" في إشارة للمتظاهرين المتحمسين دوما للخروج إلى ‏الشارع ويرفضون التفاوض أو العودة إلى الوضع القديم.‏

حزب الكنبة... الثورة الساخرة تصنع قاموسها الخاص

فيما كان من أكثر المصطلحات انتشارا "حزب الكنبة"، الذي حظي بشعبية كبيرة، ‏وهو يعبر عن صميم الثورة المصرية التي كانت تستخدم النكتة والتهكم في التعبير ‏عن مطالبها، وهو التعبير الذي أطلق على الفئة التي لا تحب المشاركة أو إبداء ‏الرأي سواء على الأرض أو غيره، وتكتفي بمتابعة ما يجري فقط من خلال ‏الجلوس على "الكنبة" بالمنزل ومتابعة ما يحدث من خلال الشاشات.‏

وعلى مدار أشهر، وربما سنوات، كان يظهر مصطلح هنا وهناك منبثق بشكل أو ‏بآخر من أجواء الحراك، ومن التبدلات التي أفرزتها الثورة مثل مصطلح "المخلوع"، ‏في إشار إلى الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بعد تنحيه عن الحكم تحت وطأة ‏استمرار المظاهرات، ثم "محاكمة القرن" بعد خضوع مبارك للمحاكمة وظهوره ‏بين القضبان.‏

واللافت أن كثيرا من تلك المصطلحات لا تزال حاضرة في الأحاديث العادية بين ‏المصريين لتوصيف حالات عدة، ووجدت لها مكانا في المعجم الحديث للمصريين ‏حيث لم يعد شرطا أن يكون المقصود منها وصف حدث أو إجراء سياسي، بل ‏تستخدم في مواقف مجتمعية ساخرة وتنوعت استعمالاتها.‏

كتب ترصد شعارات الثورة

يرى إيهاب الملاح، الكاتب والناقد المصري في ‏حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "أن الثورة المصرية ارتبطت بعدة ظواهر أبرزها ‏الإبداعات وليدة اللحظة، والمتعلقة بالنداءات والشعارات والأوصاف فهي مجموعة ‏من المنتجات الثقافية، والبعض أطلق عليها (القلش) أو النِّكات أو الهتافات الساخرة، ‏وكل ما يندرج في هذا الدائرة كان محل اهتمام الباحثين والمتخصصين والناشرين ‏وباحثي الاجتماع وغيرهم، حيث أدركوا أن هذه المنتوجات في حاجة إلى تسجيل ‏ورصد، وفعلا كانت هناك مجموعة من المؤلفات التي حاولت جمع وتحليل ما ظهر ‏من مصطلحات وشعارات وما يتصل بالثورة من خطابات معبرة عن ظروفها".‏

يواصل الباحث، "كانت هناك محاولات كثيرة لتوثيق شعارات ‏ونداءات وهتافات ومصطلحات الثورة وكل ما له علاقة بالميدان، وأخرجت بعض دور النشر عدة كتيبات في هذا الصدد، حيث كانت المحاولة الأولى ‏للرصد والتسجيل عقب فترة قصيرة جدا من انطلاق الثورة، ثم خلال العامين ‏التاليين نُشرت أعمال عدة لقراءة وتحليل ما جرى خلال تلك الفترة ومن تلك ‏المحاولات كتاب (عبقرية الثورة المصرية)، وفيه قدّم ‏الدكتور محمد المهدي الطبيب النفسي المعروف قراءة لما جرى من منظور ‏نفسي، ثم تلاه إصدارات كثيرة لباحثين متخصصين حللوا ما أنتجته الثورة من ‏خطابات شعبوية وثقافية نظرا لأهمية خطابها ونوعيته".‏

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات