Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تقرير أممي يتهم الدولة اللبنانية بالفشل في حماية المتظاهرين

مصادر دبلوماسية قالت لـ"اندبندنت عربية" إن دولاً أوروبية تفرض حظراً على تسلم القوى الأمنية أي عتاد يمكن استخدامه ضد المنتفضين

فرضت الأعياد في لبنان فترة سماح للمعنيين في تأليف الحكومة فلم تكن التظاهرات والاحتجاجات بالزخم الذي انطلقت فيه منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول). في الأيام الأخيرة اقتصر المشهد على بعض التحركات المحددة، كالاحتجاجات اليومية الخجولة أمام منزل الرئيس المكلف حسان دياب، أو الاعتصامات أمام مصرف لبنان، وكأن الثورة تراجعت أو انتهت.

هل انتهت الانتفاضة؟

يرفض العميد المتقاعد خليل حلو الناشط في ساحة الشهداء، القول أن الانتفاضة قد انتهت مؤكداً أنها لا تزال موجودة، وإن كانت غائبة عن الساحات لكنها باقية ومستمرة، بالنسبة إليه الأسباب التي أدت إلى تراجع الاحتجاجات تعود إلى الطقس العاصف الذي حال دون النزول إلى الطرقات، إضافة إلى زمن الأعياد والالتزامات العائلية في هذه الفترة من العام، وانشغال الطلاب والتلاميذ بامتحاناتهم، وهم كانوا يملأون الساحات بعد الدوام المدرسي أو الجامعي، وإلى كل ذلك يضاف الوضع المالي المتردي بحيث لم يعد يملك المتظاهرون المال للتنقل لا سيما من المناطق البعيدة. ويؤكد العميد حلو لـ"اندبندنت عربية" أن المشكلة التي تعانيها انتفاضة "17 تشرين" افتقادها التنظيم الذي تحتاجه في مرحلتها الثانية، بعد أولى تمثلت بإسقاط الحكومة. ويكشف الحلو أن مجموعات الثورة تعمل حالياً على إعادة ترتيب مسار الانتفاضة وتنظيمه، لا سيما أن اللبنانيين الذين لا يزالون يؤمنون بالتغيير باتوا يعتبرون أن عناوين الانتفاضة يجب أن تنتقل في المرحلة الحالية من مطلبية إلى سياسية، فالبرنامج السياسي لانتفاضة "17 تشرين" بات أمراً ضرورياً وإلا فستنطفئ الثورة.

يرفض الحلو القول أن السلطة ربحت، في ظل مشهد انكفاء المتظاهرين عن الساحات، ويقول لم يعد بإمكان هذه السلطة أن تستمر كما هي، وليس باستطاعتها أن تتصرف كما في السابق، فلا المسؤول يمكنه بعد اليوم عقد الصفقات المشبوهة، ولا القاضي يمكن أن يتلقى اتصالاً من سياسي لإخفاء ملف أو لتبرئة مرتكب. نتائج الانتفاضات يقول حلو لا تظهر إلا بعد مرور خمس أو عشر سنوات على انطلاقها مستشهداً بثورة فرنسا عام 1968 والتي أدت إلى تغيير العقلية الحاكمة وتحررها وتغيير النظام التعليمي وغيره من إنجازات تحققت بفضل الثورة.

عائدة وبقوة

يستعد إذاً المتظاهرون إلى تحركات ستفرضها الأوضاع في لبنان، لغياب المعالجة الفورية المطلوبة للوضع النقدي.

فالرئيس المكلف أمام احتمالين لا ثالث لهما. إما لن يستطيع تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين قادرة على العمل سريعاً، أو سيذهب إلى تشكيلة ترضي القوى السياسية الحاكمة التي سمته لكنها لا تستعيد ثقة المجتمع الدولي، وفي الحالين سيعود الناس إلى الطرقات وقد لا يغادرونها هذه المرة.

ولكن ماذا عن محاولات تخويف المتظاهرين عبر استحداث شارع مقابل شارع وسط شعور بعدم قدرة القوى الأمنية على حمايتهم، لا بل مساهمتها في قمعهم؟

7 خبراء معنيين بحقوق الانسان

لفت في هذا السياق تقرير صادر في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) عن 7 خبراء دوليين معنيين بحقوق الإنسان إلى الأمم المتحدة عبر مركز جنيف، يتهم القوى الأمنية اللبنانية باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين على الرغم من الطبيعة السلمية للتظاهرات، ويتهمها بالفشل في توفير الحماية الكافية للمتظاهرين من الهجمات العنيفة التي يرتكبها آخرون.

"إن الدولة مسؤولة بموجب القانون الدولي عن حماية المتظاهرين المسالمين وضمان بيئة آمنة وممكنة للناس لممارسة حريتهم في حرية التعبير والتجمع السلمي"، قال الخبراء. "حتى في حالة استخدام حواجز الطرق كوسيلة للاحتجاج، الأمر الذي قد يستدعي في حالات نادرة تشتت المتظاهرين، يجب استخدام الحد الأدنى فقط من القوة اللازمة، وفقط إذا فشلت الوسائل الأقل تدخلاً وتمييزية لإدارة الموقف".
ورأى الخبراء أنه على الرغم من أن الاستجابة العامة من جانب قوات الأمن تبدو متناسبة ومسؤولة إلى حد كبير، فإن الإجراءات التي اتخذتها السلطات تثير العديد من مجالات القلق.
انتقد الخبراء الدوليون العاملون في مجال حقوق الإنسان في تقريرهم استخدام  قوات الأمن الداخلي اللبنانية والقوات المسلحة اللبنانية، الذخيرة الحية والرصاص المطاطي وكميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، وتحدثوا عن التعرض للمتظاهرين بالهراوات وبالضرب أثناء الاعتقالات. كما تعرض بعض المحتجين لسوء المعاملة أثناء نقلهم إلى مراكز الجيش اللبناني، وقد بدت علامات سوء المعاملة على أجسادهم عند إطلاق سراح بعضهم.

اعتداءات المتعاطفين مع الجماعات السياسية

يتحدث التقرير عن مهاجمة المتظاهرين بمناسبات عدة من قبل من سماهم الخبراء الدوليون بالمتعاطفين مع الجماعات السياسية، ودمروا مخيماتهم وهاجموهم والصحافيين بالحجارة والقضبان المعدنية والهراوات والعصي. وبحسب ما ورد في التقرير تقاعست قوات الأمن عن التدخل لحماية المتظاهرين السلميين أو اعتقال الجناة في ست مناسبات على الأقل في بيروت وبنت جبيل والنبطية وصور. وقال الخبراء إنهم حاولوا أيضاً منع المتظاهرين والصحافيين من تصوير أعمالهم، بما في ذلك استخدام القوة أو الاعتقال أو مصادرة المعدات.
 بحسب الصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني، تمت معالجة 1790 شخصاً من الإصابات المرتبطة بالاحتجاج، بما في ذلك ستة على الأقل من أفراد قوات الأمن، وذلك في الفترة الممتدة بين 17 إلى 30 أكتوبر.

حظر الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع

يختم خبراء الأمم المتحدة تقريرهم بالقول "بعد عقود من الإهمال، يتعين على الحكومة أن تأخذ على محمل الجد المظالم الاجتماعية والاقتصادية للمتظاهرين". "لا يتعلق الأمر فقط بالإصلاحات القانونية والمؤسساتية مثل مشروع قانون استقلال القضاة والمحامين، إلى جانب التدابير الرامية إلى كبح الفساد والاختلاس والإثراء غير المشروع، ولكن أيضاً الاعتراف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية وتحقيقها".
هذا التقرير أرسل إلى السلطات اللبنانية السياسية منها والعسكرية، وطلبت الأمم المتحدة توضيحاً لكل ما ذكر فيه، إضافة إلى تحديد التدابير التي اتخذتها السلطة السياسية لمعالجة الأسباب الجذرية للاحتجاجات والمظالم الاجتماعية والاقتصادية الطويلة الأمد.

بانتظار جواب السلطات اللبنانية المعنية، تكشف مصادر دبلوماسية لـ"اندبندنت عربية" أن القوى الأمنية لن تتسلم أي من العتاد الذي يمكن استخدامه ضد المتظاهرين، من قبل الدول الأوروبية التي اعتادت على مساعدتها في هذا الاطار، لا سيما الرصاص المطاطي أو قنابل الغاز المسيلة للدموع، وقد أبلغت القوى الأمنية بهذا القرار في الأسابيع الماضية.

المزيد من العالم العربي