Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القاهرة وأنقرة... هل تقترب خيارات المواجهة عبر الساحة الليبية؟

مراقبون يستبعدون الصدام رغم "حدة التصريحات التركية"... ومسؤول مصري: لدينا بدائل للتعامل مع التدخلات الخارجية

تتعاطى القاهرة مع تطورات الملف الليبي على الأرض وفقا لاعتبارات أمنها القومي (أ.ف.ب.)

بعد حبس للأنفاس على وقع تفاقم التصعيد بين أنقرة والقاهرة عبر تبادل التصريحات "العدائية" وتباين المواقف بشأن الملف الليبي، تنفست "الأوساط المصرية الصعداء"، وفق تعبير مراقبين مصريين، بعد أن حسم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي موقف بلاده مما يجري من تطورات في الأزمة الليبية، قائلا، إنها "تمثل أمنا قوميا مباشرا لمصر، ولن يسمح لأي من القوى الخارجية بالسيطرة عليها"، في إشارة إلى موقف تركيا الأخير في ليبيا، إبان توقيعها لاتفاقية ترسيم للحدود البحرية مع حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج، وإعلان عزمها دعم طرابلس "عسكريا وبرياً وجوياً"، في مواجهة قوات المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي، المدعوم من القاهرة وقوى إقليمية أخرى.

السيسي، وفي يوم واحد (الثلاثاء الماضي)، خلال حضوره منتدى شباب العالم بمنتجع شرم الشيخ السياحي (جنوبي سيناء)، كرر في مناسبتين "ارتباط التطورات الليبية مباشرة بالأمن القومي المصري"، قبل أن يزيد من حدة تصريحاته في هذا الخصوص، مساء اليوم ذاته، خلال لقائه مع ممثلي وسائل إعلام مصرية وأجنبية، كانت بينها "اندبندنت عربية"، حين قال "ليبيا والسودان تعدان أمنا قوميا لمصر، وهناك فارق بين التدخل السلبي، ودعم الجيش الوطني الليبي، الذي لن نتخلى عنه"، وتابع "الدولتان أمن قومي لنا، ولن نسمح لأحد بالتفكير في السيطرة عليهما". وعقبت أنقرة  بالرد على لسان رئيسها رجب طيب أردوغان بالتلويح بإرسال قوات لتعزيز صفوف حكومة الوفاق المناوئة لحفتر، ودعمها بكافة الوسائل العسكرية والمادية. لتدخل البلدين في "اختبار الاختيارات والقدرات"، في ساحة لطالما مثّلت دائرة اهتمام وترقب لعدد من القوى الخارجية والدولية، وفق مراقبين.

 

واتخذت الأزمة الليبية، منحى جديداً منذ الشهر الماضي، بعد أن وقّعت تركيا وحكومة الوفاق (مقرها طرابلس وتعترف بها الأمم المتحدة) اتفاقين، يتعلق الأول بترسيم الحدود البحرية بين الطرفين فيما يتناول الثاني التعاون العسكري والأمني. تبعه إعلان جديد من خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي في الشرق، لـ"ساعة الصفر" للسيطرة على العاصمة طرابلس من حكومة الوفاق.

والاتفاق الموقع مع أنقرة، الذي قللت من "شرعيته وآثاره القانونية" أغلب الدول المشاطئة للمتوسط، يتيح لتركيا توسيع حدودها البحرية في شرق المتوسط حيث اكتشفت حقولا تحوي كميات كبيرة من المحروقات في الأعوام الاخيرة.

القاهرة وخياراتها في ليبيا

بحسب تعبير مسؤول مصري رفيع المستوى، فإن "القاهرة عازمة على المضي قدما في تعهداتها لأبعد حد والحفاظ على أمنها القومي في ليبيا".

وأوضح المسؤول المصري، الذي طلب عدم ذكر اسمه، بشأن تعاطي القاهرة مع تطورات الملف الليبي، أن "تصريحات الرئيس السيسي وتحركات الدولة المصرية بشأن ليبيا في الأيام الأخيرة لا تحمل سوى رسالة واحدة هي أن القاهرة لن تسمح بالعبث في الأراضي الليبية من القوى الخارجية لا سميا التدخلات التي تلقي بظلال سلبية على الملف الليبي"، في إشارة إلى التدخل التركي في الأزمة.

ورغم اللهجة التصعيدية التركية في الملف الليبي، فإن المسؤول المصري، استبعد أن ترسل أنقرة قوات عسكرية لدعم حكومة الوفاق الليبية، مشيرا إلى أن تصعيدها يرتبط بتطورات الغاز في شرق المتوسط، بحثا عن كسر عزلتها المفروضة عليها في هذا الشأن. إلا أنه أكد في الوقت ذاته، أن القاهرة "جاهزة بكافة الخيارات والبدائل".

والفترة الأخيرة، جرى إعلان اكتشاف عدد كبير من حقول الطاقة في شرق المتوسط، ما أثار شهية تركيا، ولكن أيضاً شهية دول أخرى لا تتمتع بعلاقات جيدة مع أنقرة، مثل اليونان ومصر وقبرص وإسرائيل.

وفي مقابل العقوبات الأوروبية عليها بسبب أعمال التنقيب قبالة شواطئ الجزيرة القبرصية التي يحتل الجيش التركي شطرها الشمالي، تسعى أنقرة إلى الاعتماد على اتفاق مع ليبيا لرسم الحدود البحرية معها وكسر عزلتها في شرق المتوسط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والأحد الماضي، وغداة مصادقة البرلمان التركي على مذكرة التفاهم الأمني والعسكري الموقعة بين أنقرة وطرابلس، أعلن الرئيس أردوغان أنّ بلاده ستعمل على زيادة الدعم العسكري لحكومة الوفاق الليبية "إذا تطلب الأمر"، مشيراً إلى الشروع بتقييم كافة "الإمكانات". موضحاً "سنقيّم كافة الإمكانات التي من شأنها تعزيز البعد العسكري للمساعدات (إلى ليبيا) من البر والبحر والجو إذا تطلب الأمر".

ما زاد من تعقيد الأوضاع، أنه وعلى الرغم من المعارضة الدولية الواسعة للاتفاق بين أنقرة والوفاق، فإن أردوغان تعهد بعدم التراجع "عن خطواته" بما يخص الاتفاقين مع حكومة الوفاق الليبية. وفقما نقلت وكالة الأناضول.

ويحذر مراقبون والأمم المتحدة من وقوع تصعيد أو سيناريو شبيه بالسيناريو السوري الذي شهد تدخل عدة قوى إقليمية، في حال تورط دول أجنبية أكثر في ليبيا.

ولا تعترف حكومة الشرق الليبي بحكومة الوفاق، التي يترأسها فايز السراج، الذي يواجه منذ أبريل (نيسان) هجوما يشنه حفتر على العاصمة الليبية. وتتهم القوات الموالية لحفتر تركيا بمد حكومة الوفاق بأسلحة ومستشارين عسكريين. وفي يونيو (حزيران) الماضي، هددت هذه القوات باستهداف مصالح تركيا في ليبيا.

من جانبه، يرى السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن "الأزمة الليبية وكذلك منطقة البحر المتوسط، تشهد استقطاباً متزايداً في الأيام والأسابيع الأخيرة، على وقع الاتفاق التركي مع حكومة الوفاق".

 

ووفق تعبير حجازي، "فإن الموقف التركي من تطورات الأزمة في ليبيا وكذلك شرق المتوسط هو تحرك سلبي، تدينه أغلب الدول الإقليمية وعلى رأسها إيطاليا ومصر واليونان وقبرص. مستبعداً في الوقت ذاته أن ترسل أنقرة جنودا إلى الميدان الليبي كما حصل في الشمال السوري، لا سيما في ظل المعارضة الدولية الواسعة لتحركها في ليبيا".

وتابع  "الجميع يرفض الاتفاق التركي مع حكومة الوفاق، والوضع العسكري على الأرض يتحول تدريجيا لصالح قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر"، مرجحاً "أن تشهد الأيام المقبلة في حال إصرار تركيا على موقفها، تحشيدا سياسيا دوليا ضد أنقرة، حيث تمس سياساتها السلامة الإقليمية لعدد من الدول".

ترقب لسيناريو التصعيد

وفيما عادت مجددا المعارك العسكرية على مشارف العاصمة طرابلس بين قوات المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لحكومة الوفاق، رأى العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن "مصر لديها أوراق كثيرة في ليبيا، وأن كافة السيناريوهات والمعطيات تشير إلى امتلاك مصر القدرة على التحرك لوقف أي شكل من أشكال الأعمال الخارجية المتهورة".

 

وبحسب عكاشة، فإنه "رغم التصعيد التركي غير المحسوب، فإن الأطراف الأخرى في الأزمة لا تزال متريثة وتتسم بقدر كبير من التعقل، لأن الأزمة تتسم بتعدد أبعادها وتعقدها ومن غير الممكن التعاطي معها بهذا الشكل"، معتبرا التصريحات التركية "جزءاً كبيراً منها للاستهلاك الإعلامي ومـُوجّه إلى الداخل التركي".

وذكر "أن مصر تمكنت خلال السنوات الأخيرة من خلال دعمها للدولة الوطنية والإصرار على دعم الجيش الوطني الليبي، في بناء تحالفات استراتيجية دولية، وسع من دائرة بدائلها وعددها في التعاطي مع الأزمة الليبية".

في المقابل، يعتبر عمر سمير، الباحث بالمركز الليبي للبحوث والتنمية، أن "التدخل في ليبيا بدعم أي طرف يجانبه الصواب في أكثر من ناحية وعلى رأسه أنه يغذي صراع الشرعيات الذي كان يفترض باتفاق الصخيرات المدعوم أمميا إنهاؤه".

وأضاف "فإن المسألة الليبية أعقد من سيطرة ظاهرية على بعض المدن حيث تتشابك القبائلية مع المناطقية مع مجموعات مسلحة تقوم بأدوار الجيش والشرطة الغائبين ولديها شرعيات في مدنها وأن دعم أطراف بعينها لن يستطيع الحسم والوصول لاتفاق سياسي مستقر للأزمة"، داعيا الأطراف للابتعاد عن "المكايدات السياسية والعودة لطرف الوسيط الضاغط باتجاه تسوية ما للأزمة الليبية".

وتشهد ليبيا، الغارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، مواجهات عنيفة منذ الرابع من أبريل (نيسان) عندما شنت القوات الموالية للمشير حفتر هجوما للسيطرة على طرابلس مقر حكومة الوفاق الوطني.

وتسعى تركيا إلى التصدي لأطراف إقليميين، على غرار دولة الإمارات ومصر الداعمتين لحفتر والمناهضتين للتيارات الإسلامية القريبة من أنقرة.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط