Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تأخر الدعم التركي في الوصول إلى العاصمة الليبية؟

الحكومة استشعرت فشلها في الاستعانة بسلاح أنقرة وتوجهت لاستجداء دول أخرى عقدت معها اتفاقات سابقة

رئيس حكومة الوفاق فايز السراج يعقد اجتماعاً في العاصمة الليبية طرابلس عقب الحصول على دعم عسكري تركي (أ.ف.ب)

للمرة الثانية خلال شهر، أبدت واشنطن انزعاجها من التحالف العسكري بين حكومة طرابلس والأتراك... فبعدما وصفته الخارجية الأميركية مطلع ديسمبر (كانون الأول) بـ"الاستفزازي"، أعربت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس، السبت 21 ديسمبر، عن قلق الولايات المتحدة "إزاء طلب حكومة الوفاق الوطني الحصول على دعم عسكري"، في إشارة لإعلان الحكومة في طرابلس الخميس الماضي، موافقتها على تفعيل الاتفاق الأمني مع تركيا.

رفع يد الخارج

ولم تتوقف تصريحات القادة الأتراك، بمن فيهم الرئيس رجب طيب أردوغان، عن إبداء الرغبة التركية في إرسال قوات وجنود إلى طرابلس، في وقت تطالب واشنطن الجهات الخارجية، بـ"الامتناع عن القيام بأعمال قد تؤجج التوترات في شرق البحر المتوسط، في هذا الوقت الحساس".

وبينما اعتبرت الولايات المتحدة أن التدخل الخارجي "يهدد احتمالات حل النزاع"، أكدت أن الحوار الاقتصادي الليبي الشامل الذي رعته واشنطن في تونس، "أظهر أن التقدم البنّاء ممكن إذا ما أعطت الجهات الفاعلة الخارجية لليبيين الوقت والمجال للتفاعل مع بعضهم بعضاً".

ويندرج الموقف الأميركي الرافض للتدخل العسكري التركي في ليبيا، ضمن مجموعة مواقف دولية رافضة لهذا الاتجاه، فحتى دول الجوار الليبي لم تبدِ أي موقف مرحب بالاتفاق بين الحكومتين في أنقرة وطرابلس.

احتجاز سفينة

ويعكس رد وزارة الخارجية في حكومة "الوفاق"، على تصريحات أورتاغوس، انزعاجاً من انحياز واشنطن إلى الرافضين الدوليين للحلف التركي العسكري مع طرابلس. فقد طالب وزير الخارجية محمد سيالة في خطاب نشره المكتب الإعلامي للوزارة السبت، الولايات المتحدة باتخاذ "موقف واضح مما يحدث في طرابلس".

وفي لهجة تظهر قلقاً من تصاعد الرفض الدولي للاتفاق مع تركيا، قال سيالة إن "نوع الدعم الذي طلبته حكومة الوفاق من تركيا متوقف على التطورات على الأرض".

ميدانياً، وفي انتظار انتهاء الساعات الأخيرة للمهلة التي حددتها القيادة العامة للجيش لمدينة مصراتة الجمعة الماضية، والتي تنتهي ظهر اليوم الأحد، أعلنت أركان القوات البحرية في الجيش احتجاز سفينة على متنها طاقم تركي، أمس السبت، موضحةً أن "السرية البحرية سوسة وأثناء قيامها بدورية في المياه الإقليمية الليبية قبالة ساحل درنة وفي الحدود البحرية، التي جرى ترسيمها بموجب الاتفاقية بين تركيا وحكومة الوفاق، تمكنت من إيقاف سفينة تحمل علم غرينادا ويقودها طاقم تركي". هذا الإجراء أعقبه إعلان القوات البحرية "رفع حالة التأهب القصوى لصد أي تحرك تركي قرب المياه الإقليمية، لاحتمال دفع تركيا بمزيد من الأسلحة والجنود إلى ليبيا".

ساعات محتدمة مقبلة

وأكد مصدر عسكري رفيع مقرب من القيادة العامة للجيش، أن "القيادة العامة أصدرت أوامرها لسلاح الجو والبحرية بإرسال إنذارات لأية قطعة تتحرك بحراً أو جواً في أجواء السيادة الليبية ومياهها"، مشدّداً على أن الساعات المقبلة ستشهد تكثيفاً للضربات الجوية لمواقع عسكرية مهمة في مصراتة وطرابلس".

ورجح المصدر أن تكون لدى القيادة "معلومات غاية في الأهمية عن مراكز تخزين الأسلحة الجديدة التي وصلت إلى قوات الحكومة حديثاً، وتحديداً في مناطق مجاورة لطرابلس ومصراتة"، لافتاً إلى أن أولى خطوات القيادة "ستكون في اتجاه غلق الطريق الساحلي لقطع التواصل بين مصراتة وطرابلس، إضافةً إلى تحرك في محور جديد، غرب العاصمة".

"غير واقعية"

وأعرب الخبير العسكري ناجي حريشه عن اعتقاده بأنّ "المجتمع الدولي لم يتجاوب بشكل صريح مع الرغبة التركية في إرسال قواتها إلى أراضي سيطرة حكومة الوفاق، كونها غير واقعية".

وقال في حديث لـ"اندبندنت عربية"، إن "البنية التحتية للمعسكرات والمواقع والمناطق من مصراتة وحتى طرابلس، أقل من أن توفر إمكانية لقدرات عسكرية متقدمة تمتلكها تركيا"، مضيفاً "تلك الدول الكبرى تعلم جيداً أن دفاعات تمكنت من إسقاط طائرة مسيّرة لقوات الأفريكوم في سماء طرابلس، لن يعجزها منع وصول طائرات تركية أو أسلحة متقدمة".

وتابع "النطاق الجغرافي بات ضيقاً كي تتحرك فيه تركيا بحرية، فالموانئ من مصراتة إلى طرابلس هي أربعة والمطارات ثلاثة، وكلها منافذ وجّه الجيش لها في السابق ضربات سهلة باعتبار أنها تقع تحت نظره".

الرسائل الـ 5

أما منصور سلامة، رئيس الجمعية الليبية لدراسة السياسات، فقرأ الرسائل الخمس التي وجهها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة "الوفاق" فايز السراج، الخميس الماضي إلى أميركا وبريطانيا وإيطاليا والجزائر وتركيا، لتفعيل اتفاقات التعاون الأمني التي وقّعتها الحكومة معها في مناسبات سابقة، كدليل أكيد على فشل تحالفها مع تركيا، قائلاً إن "الحكومة استشعرت فشلها في الاستعانة بالسلاح التركي وتوجهت لاستجداء دول أخرى عقدت معها اتفاقات سابقة".

وأشار في حديث لـ "اندبندنت عربية"، إلى أن تأخر وصول القوات التركية حتى الآن يعني عدم قدرة الطرفين على تنفيذ الاتفاق، متسائلاً "متى يصل السلاح التركي ووحدات الجيش تقرع أبواب منطقة أبوسليم وسط العاصمة، التي لا يفصلها سوى خمسة كلم عن مقر الحكومة في طريق السكة في العاصمة؟".

وانشطن تستنكر التصعيد

وعن التعليق الأميركي الجديد حول الاتفاق التركي مع حكومة طرابلس، قال سلامة "تصريحات واشنطن كانت حول التصعيد في ليبيا بشكل عام، كما تطرقت إلى تهديدات القيادة العامة لمصراتة، لكن واشنطن واضحة في هذا الخصوص، فاستنكارها التصعيد يعني رفضها للتدخل التركي"، معتبراً أن استشهاد أورتاغوس بنجاح الحوار الاقتصادي الذي ترعاه من دون تدخلات خارجية، يعني ميلها إلى حل سياسي في ليبيا بعيد من أي تدخل أيضاً".

ومن جانب آخر، أكد سلامة أن الإدارة الأميركية من دون شك، ترفض سياسة أنقرة، وقد سبق أن أرسلت رسائل تهديد ضمنية لتركيا، شملت أيضاً رفع حظر توريد السلاح عن قبرص. وما يؤخر موقفها من قرار الجيش السيطرة على طرابلس، يتوقف فقط على قلقها من إمكانية وجود دعم روسي لتلك القوات، التي باتت تسيطر على غالبية أجزاء ليبيا باستثناء العاصمة ومصراتة.

المزيد من العالم العربي