Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موت على المريخ... وكالة "ناسا" تنعى رسمياً الروبوت "أوبورتشنيتي"

لم يتبقّ سوى السيارة المؤتمتة "كوريوزيتي" لاستكشاف سطح الكوكب الأحمر

وداعاً "أوبورتشنيتي"، سيبقى إرثك العلمي بعدك (موقع وكالة "ناسا")

أعلنت وكالة "ناسا" رسمياً موت السيّارة الروبوتيّة "أوبورتشنيتي"، عقب اختفائها في عاصفة رمليّة على سطح المريخ.

وفي مشهد مشحون عاطفيّاً، وقف طاقم من موظفي "ناسا" أمام نسخة من تلك السيّارة، وأعلنوا أنهم لم يعودوا يتلقون ردوداً من المركبة المريخيّة، ما يعني نهاية مهمتها هناك. ووصف العلماء صعوبة وداع تلك المركبة التي كانوا يدللونها باسم "أوبي"، مشبّهين ذلك بفقد فرد في عائلة.

"أقف هنا محملاً بمشاعر التقدير العميق والعرفان بالجميل" بتلك الكلمات استهل توماس زوبوشِن، وهو مدير مساعد في وكالة "ناسا"، قبل أن يلقي بياناً رسمياً يفيد بأنّ مهمة "أوبورتشنيتي" وصلت إلى خاتمتها.

وأثناء مسحه سطح المريخ، أرسل ذلك الروبوت كميات هائلة من البيانات التي تراكمت أثناء مشيه مسافة 45 كيلومتراً، وهو رقم تفوّق به على المركبات المريخيّة الأخرى. وفي سجّله، أنه اكتشف أن المياه تدّفقت ذات مرّة في ذلك الكوكب، وأشعل اهتمام العالم قول إن المريخ كان قادراً في الماضي على دعم وجود حياة عليه.

لكن، في يونيو (حزيران) 2018- عقب بثّه رسالة إلى "ناسا" تفيد بأنه يقترب من الانطفاء وبطارياته شارفت على النفاد- حلَّ الصمتُ على تلك السيارة- الروبوت. إذ غطّت عاصفة غبار ضخمة الكوكب الأحمر بأسره، ويُعتَقَد بأنها غطّت الألواح الشمسيّة التي تمدّ "أوبورتشنيتي" بالطاقة، ما أدّى إلى توقّفه عن العمل.

أرسلت "ناسا" ما يزيد على ألف رسالة في محاولة لإيقاظ المركبة من سباتها، وإعادتها إلى العمل. ومساء الثلثاء الماضي، أجرت "ناسا" محاولة أخيرة لاستعادة الاتصال بالمركبة، لكنها لم تتلقّ ردّاً، ما دفع الوكالة الفضائية إلى إعلان موت "أوبورتشنيتي".

ووضع ذلك نهاية لخمسة عشر عاماً من العمل على الكوكب الأحمر. إذ وصلت المركبة المؤتمتة "أوبورتشنيتي" في 2004، بصحبة توأمة لها هي السيارة- الروبوت "سبيريت". وكانت مهمتهما تقتصر أصلاً على العمل ثلاثة أشهر وقطع مسافة كيلومتر على السطح المريخي.

تلقّت "ناسا" رسالة أخيرة من "أوبورتشنيتي" في العاشر من يونيو 2018. ومنذها، دأب مراقبو الرحلات الفضائيّة على بثّ رسائل إلى المركبة لمحاولة إيقاظها مجدداً. ولكن، على الرغم من انجلاء العاصفة الرميلة ووجوب أن تكون أشعة الشمس قد عاودت تدفقها على الألواح الشمسية، لم يصل ردٌّ من "أوبورتشنيتي".

وبعثت "ناسا" رسالتها التاريخيّة الأخيرة إلى تلك المركبة من هوائي طوله 70 متراً مثبّت في محطة "مارس ستايشن" التابعة لمجمع استكشافي للوكالة اسمه "غولدستون ديب سبايس كومبليكس"، مقرّه ولاية كاليفورنيا. ورسمت الرسالة خط النهاية لجهود استمرت ثمانية أشهر، بذل خلالها المهندسون كل ما في وسعهم لإيقاظ الروبوت "أوبورتشنيتي" من الغيبوبة.

تحدثّ عن تلك المسألة جون كالاس، مدير مشروع لاستكشاف المريخ يسمّى "مارس إكسبلوريشن روفر" يتبع "مختبر الدفع النفّاث" في "باسادينا". وقال: "بذلنا كل جهد منطقي لمحاولة إيقاظ المركبة "أوبورتشنيتي"، وتوصّلنا إلى أنّ احتمال تلقي رسالة منها بات أدنى من أن يبرّر استمرار جهود استعادة تلك المركبة".

وفي شكل دائم، توقّع العلماء أن يؤدي غبار المريخ إلى إنهاء مهمات استكشافه بالمركبات الروبوتيّة، بل ظنّوا أن ذلك يحدث خلال شهور من عملها. وبدلاً من ذلك، اكتشف العلماء أن الريح تكشط الغبار بعد تراكمه، ما يتيح للمركبات العمل وقتاً أطول مما هو مقرّر لها أصلاً.

ويعتقد مهندسو الـ"ناسا" بأن الساعة الداخليّة في تلك السيارة- الروبوت ربما توقّفت بأثر من الانقطاع الطويل للطاقة، ما يعني أنها عادت إلى العمل في أوقات مغلوطة واستنفدت بطارياتها. وفي شكل دائم، توجّب على المركبة "أوبورتشنيتي" أن تغفو كل ليلة كي تضمن بقاء طاقة كافية في بطارياتها، لكن الاضطراب في أوقات النوم واليقظة، ربما أفقد المركبة إحساسها الصحيح بالوقت، ولعلها نسيت ضرورة هجوعها ليلاً.

ويتّجه المريخ حاضراً صوب فترة مديدة من البرد القارس التي من شأنها تدمير مكوّنات الطاقة في "أوبورتشنيتي" إلى الأبد. ويرجح ألا يتمكن العلماء أبداً من معرفة سبب موت "أوبورتشنيتي" و"سبيريت".

ويعني موت "أوبورتشنيتي" أنه لم يعد يعمل على سطح المريخ سوى المركبة- الروبوت "كوريوزيتي". ويتوقّع انضمام مزيد من المركبات إليها، مثل "إكزومارس" الذي يأتي من مشروع دولي للبحث عن إشارات تدل على الحياة في المريخ، إضافة إلى سيّارتين- روبوتيتين يتوقع وصولهما العام المقبل.

ويعرب مهندسون وعلماء عن قناعتهم بأن الروبوتين "أوبورتشنيتي" و"سبيريت" سيستمران حاضرين في الإرث الذي خلّفاه لمركبات استكشاف المريخ التي ستحاول التعمّق في دراسة السطح المعقّد للمريخ الذي أمضت المركبة "أوبورتشنيتي" وقتاً طويلاً في ارتياده.

"عبر عقد من السنين، مثّل الروبوت- السيّارة "أوبورتشنيتي" أيقونة في حقل استكشاف الكواكب السيّارة، وأفادنا بأن المريخ كان في الماضي، رطباً وقابلاً لأن تقطن فيه أشكال من الحياة، كما كشف مشهديّات على سطح الكوكب الأحمر لم تكن معروفة للبشر... ومهما كان الحزن الذي نحسّه الآن، فإنه سيخف مع تذكّر أن المعارف المتراكمة في إرث المركبة "أوبورتشنيتي" سوف تستمر معنا، سواء كان ذلك على سطح المريخ مع المركبة "كوريوزيتي" والسيّارة "إنسايت"، أو في الغرف النظيفة في "مركز الدفع النفّاث" التي يتمّ فيها الاستعداد لمهمّة "المريخ 2020" الفضائيّة"، وفق كلمات في بيان زوبوشِن.

وتستقر المركبة "أوبورتشنيتي" عند حافة وادي "برسرفرانس"، وهو إحدى التلال والفوّهات البركانيّة والملامح الجيولوجيّة التي استكشفتها تلك المركبة أثناء رحلتها القياسية على السطح المريخي.

ولفت مايكل واتكنز، مدير "مركز الدفع النفّاث"، إلى أنه لا يستطيع "التفكير في مكان أكثر ملاءمة من وادي "برسرفرانس" ليكون مستقراً للمركبة "أوبورتشنيتي"... إنّ الاكتشافات والسجّلات والإصرار، لتلك المركبة الباسلة الصغيرة، هي شهادة على الإصرار والإخلاص والبراعة للناس الذين بنوها وقادوا مهمّتها".

© The Independent

المزيد من علوم