Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رئيسة البنك المركزي الأوروبي: "لا تتوقعوا مني قرارات سريعة"

لاغارد بعد شهر على تعيينها تحدثت أمام البرلمان عن مراجعة شاملة لاستراتيجية السياسة النقدية

تباينت ردود الفعل في الأوساط الاقتصادية والمالية على أول ظهور لرئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، أمام البرلمان الأوروبي، بعد شهر من تعيينها خلفاً لماريو دراغي، لكن الخلاصة بعد الشهادة الافتتاحية لرئيسة البنك أنها لا تريد الإسراع باتخاذ أي إجراءات نقدية تؤثر على اقتصادات دول الاتحاد الستة والعشرين.

ولم يتمكن كثير من المحللين من الخروج بأي ملامح محددة للتغيير في استراتيجية البنك المركزي الأوروبي التي اتبعها دراغي، حتى أن البعض لم ير فارقاً كبيراً فيما قالته كريستين لاغارد في جلسة الاستماع البرلمانية، وما كان يصدر عنها وهي مديرة لصندوق النقد الدولي قبل توليها منصبها الجديد.

وعلى الرغم من حرص لاغارد في شهادتها على ألا يؤخذ من كلامها ما يمكن أن يؤثر في الأسواق، فإن الأثر المتوقع هو تأكيد مقولة "عجز واضعي السياسة النقدية في البنوك المركزية الرئيسة عن مواجهة مشكلات الاقتصاد العالمي المتباطئ والمتجه نحو ركود أو كساد".

وبما أن لاغارد أصلاً محامية، فقد حرصت على ألا يُمسَك عليها في شهادتها أي توقع أو افتراض رقم ما، سواء بالنسبة إلى النمو الاقتصادي أو التضخم أو حتى أدوات البنك المركزي الأوروبي الرئيسة: سعر الفائدة، والتيسير الكمي، وقروض البنك المركزي طويلة الأجل.

شهادة أكاديمية

ربما يكون الوصف الأكثر دقة لشهادة لاغارد الافتتاحية أمام المشرعين الأوروبيين أنه "سرد أكاديمي" يترك الأسواق والمستثمرين والحكومات دون أي استنتاج حول السياسة النقدية الأوروبية الجديدة، وهو ما تأكد بقول لاغارد إن البنك سيجري "مراجعة شاملة" لاستراتيجية السياسة النقدية قبل أن يقرر شيئاً.

عدا ذلك، لم تقدم لاغارد جديداً، حيث قالت إن "النمو في منطقة اليورو ما زال ضعيفاً، وهذا الضعف يرجع بشكل رئيس إلى عوامل عالمية"، وكرَّرت ما هو معروف من أن "آفاق الاقتصاد العالمي تبقى راكدة وغير مؤكدة"، وتابعت "مع هذا، فإن الاستهلاك متماسك بشكل جيد إلى حد كبير، وأوضاع سوق العمل مستمرة في التحسن وهو ما يشجع المستهلكين على الاحتفاظ بالثقة ومواصلة الإنفاق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحتى لا يُفهم أنها قادمة لإحداث تغييرات جذرية في السياسة النقدية الأوروبية، قالت لاغارد إن "قرارات المجلس التنفيذي للمركزي الأوروبي في سبتمبر (أيلول) أظهرت تيقظاً بشأن الآثار الجانبية المحتملة للسياسة النقدية".

لكنها في سياق طلب المزيد من الوقت لتحدد كيف ستدير السياسة النقدية الأوروبية، قالت إن استراتيجية البنك بحاجة إلى مراجعة، تأخذ في الاعتبار المهمة الرئيسة، وهي استقرار الأسعار، بمعنى ضبط التضخم، ودعم نمو الاقتصاد.

صحيح أن الاستراتيجية النقدية الأوروبية التي أقرت في عام 2003 لم يعاد النظر فيها بشكل شامل منذ ذلك الحين، لكنها بالتأكيد تعرضت لتجاوزات وتعديلات جزئية مرحلية خاصة مع الأزمة المالية العالمية في 2008- 2009، وأيضاً في السنوات الأخيرة مع التباطؤ الشديد في النمو الاقتصادي لمنطقة اليورو.

لا توقعات

ينتظر العالم أول اجتماع للبنك المركزي الأوروبي لاتخاذ القرار الدوري بشأن أسعار الفائدة والتضخم في 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ومن شهادة لاغارد أمام البرلمان لا يُتوقع أن يكون القرار مختلفاً عن السياق ذاته الذي كانت عليه قرارات البنك السابقة حتى قبل شهرين.

وما زالت نسبة التضخم في دول اليورو أقل من الحد المستهدف وهو 2%، وحسب ما قالت لاغارد أمام البرلمان فإنه لا اتجاه حالياً لتعديل "مستهدف التضخم"، كما أن كل هذا الضخ النقدي في الاقتصادات الأوروبية وشراء البنك المركزي لسندات الدين بهدف دعم النشاط الاقتصادي لم يؤدِ إلى ارتفاع معدلات التضخم بما يسهل على البنك اللجوء إلى رفع سعر الفائدة السلبية حالياً.

وحرصت لاغارد في شهادتها على ألا يستنتج أحد ما إذا كانت مراجعة استراتيجية البنك المركزي الأوروبي ستعني تغييراً لمستهدف التضخم، بالرفع أو الخفض، كما أن الإقرار بدور للبنك في دعم الاقتصاد بشكل عام هو مجرد تعبير عام أقرب إلى "الكليشيه"، ولا يعني إن كان البنك سيزيد من التيسير الكمي أو يحد منه.

ربما تفاءل البعض في أوساط الإعلام الاقتصادي بإشارة لاغارد إلى التغير المناخي ودور للبنك في دعم "الاقتصاد الأخضر"، لكن ذلك لا يخرج أيضاً عن تصريحات سابقة، وحتى لا يُفهم أن سياسة البنك المركزي بالنسبة إلى شراء السندات ستتغير، قالت لاغارد إنها تتفق مع موقف ينز فايدمان رئيس البونسبنك (المركزي) الألماني في أن المركزي الأوروبي لا يجب أن يتوقف عن شراء سندات الشركات التي تعد ملوثة للبيئة، وإن أشارت إلى أن البنك يمكن أن يلعب دوراً في سياسة مكافحة التغير المناخي رغم ذلك – دون أن تقول: انتظروا مراجعتنا للاستراتيجية بعد شهور.

الأرجح، أنه في سياق ما يمكن للبنك المركزي أن يفعله لجعل السياسة النقدية مؤثرة في دعم النشاط الاقتصادي، سواء بالنسبة إلى الاقتصاد الأخضر أو الاقتصاد الرقمي أو أي قطاعات أخرى تحفز النشاط والنمو، هو حاجة المركزي الأوروبي إلى دعم الحكومات.

وهنا يُتوقع أن تميل لاغارد نحو ألمانيا، التي لم يكن جاريو دراغي على وفاق كبير معها فيما يتعلق بسياسة البنك المركزي الأوروبي، باعتبارها ليست فقط صاحبة أكبر اقتصاد أوروبي، ولكن أيضاً لأن ألمانيا هي الأشد تمسكاً بفرض قواعد البنك بالنسبة إلى مستهدف التضخم وحد أعلى لعجز الميزانيات، بما لا يزيد على 3%، وغيرها من القواعد المالية والنقدية التي تحافظ على استقرار العملة الموحدة، اليورو.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد