Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سوريا: تعديلات على قانون الأحوال الشخصية لمنح المرأة حقوقاً أكبر

حظيت هذه التعديلات على القانون الصادر في العام 1953 ويحمل الرقم 59، باهتمام بالغ في الوسط السوري، وجاءت بعد مطالبات شعبية وقانونية استمرت عقوداً

يمكّن القانون الجديد المرأة من أن تضع شروطاً في عقد الزواج تضمن حقها في العمل (غيتي)

تزامناً مع انشغال الأطراف الدولية بصياغة دستورٍ سوري جديد، أقرّ مجلس الشعب السوري تعديلات شملت مواد في قانون الأحوال الشخصية في سوريا. وأبرز ما جاء فيها رفع سن الزواج إلى 18 عاماً وتثبيت مبدأ "العقد شريعة المتعاقدين"، ما يمنح المرأة السورية حقوقاً أكثر.

حظيت هذه التعديلات، على القانون الصادر في العام 1953 ويحمل الرقم 59، باهتمام بالغ في الوسط السوري. إذ جاءت بعد مطالبات شعبية وقانونية استمرت عقوداً من أجل حماية المرأة والطفل على حد سواء، وفق حقوقيين سوريين.

على أن هذه التعديلات أقرت بعد زيادة واضحة في نسبة زواج القاصرات، الذي ينتج مشكلات اجتماعية كارثية بالنسبة إلى الأسرة السورية، خصوصاً بعدما دقت المنظمات الحقوقية والإنسانية ناقوس الخطر، مطالبة بوضع تشريعات وسنّ قوانين تحد من تفاقم هذه الظاهرة في سنوات الحرب. إذ توسع نطاقها بنسبة 10 في المئة في المحاكم الشرعية في دمشق في العام 2013، وفق إحصاء لوزارة العدل السورية، وارتفعت نسب الطلاق في المحاكم إلى 31 في المئة، وفق إحصاء لمحاكم القصر العدلي في العام 2017.

"أن تصل متأخراً، خيرٌ لك من ألا تصل". هكذا، علق سوريون على أكثر القوانين أهمية في حياتهم الاجتماعية، على الرغم من الآراء المتناقضة التي قابلت التعديلات، التي رأى بعضهم أنها تحمي المرأة وتصون كرامتها، وتحمل تطوراً في سياق إصلاحات تأمل دمشق إجراءها في مجالات مختلفة، منها القوانين. بينما رآها آخرون هشةً ولا تلبي تطلعات السوريين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعد مضي 66 عاماً على صدور قانون الأحوال الشخصية في سوريا، وافق شرعيو الأوقاف والعدل على تحسين بعض مواده بضغط من منظمات الأمم المتحدة لإلغاء التمييز ضد المرأة وحماية الطفولة، وفق ما يقول نبيل الصالح، عضو مجلس الشعب، كاشفاً عن اجتماع للجنة الدستورية والتشريعية حضره بمشاركة وزير العدل ومندوبين من كلية الشريعة والقاضي الشرعي، استمرت المداولات فيه ست ساعات، إلى أن خرجت التعديلات في شكلها النهائي. وكان رئيس اللجنة قد توصل بالحوار مع مندوبي الأوقاف والعدل إلى أقصى ما تسمح به الشريعة الإسلامية من حقوق للمرأة.

يمكّن القانون الجديد المرأة من أن تضع شروطاً في عقد الزواج، تضمن حقها في العمل، كذلك تمنع زوجها من الاقتران بأخرى، واعتماد البصمة الوراثية (DNA) لإثبات نسب الطفل. إلا أن منتقدي القانون اعتبروه لا يلبي الطموحات، وفق أعضاء شيوعيين في البرلمان. فيما قال ناشطون في منظمات حقوقية إنها تعديلات خجولة، لا ترقى إلى الطموحات التي ينشدونها في ما يخص حقوق المواطنة، مشيرين إلى أن التعديلات كان يجب أن تذهب إلى أبعد من ذلك، وصولاً إلى اعتماد الزواج المدني وغيره من الإصلاحات.

ولم يخفِ الجدل الواضح عشية إصدار هذه التعديلات رغبة يحض عليها المثقفون السوريون وناشطون حقوقيون بالوصول إلى دولة مدنية تكون فيها المواطنة بعيدة من الأديان، وفق أوساط سورية في المجتمع المدني، في حين أن التشريع والفقه الإسلاميين هما الأساس في سن القوانين السورية.

في المقابل، أطلق بعض الحقوقيين حلاً يجمع تشريعات الأحوال الشخصية في قانون واحد، يكرّس مفهوم المواطنة في الدولة مع الحفاظ على خصوصية الديانات والمذاهب، على ما يقول القانوني حسن محمد. وهذا ما يمكن تحقيقه بوضع مواد قانونية عامة لجميع المواطنين ومواد قانونية خاصة بكل ديانة أو مذهب. أما الطقوس الدينية البحتة فيمكن إخراجها من القانون، وترك أمر ممارستها للأفراد بالتعاون مع رجال الدين على اختلاف دياناتهم.

وينتقد ناشطون عدداً من الثغرات التي تجيز تزويج الفتاة في عمر دون الـ 18 عاماً. فتعديلات القانون الأخيرة أجازت زواج الفتاة في سن 17 عاماً، كما خوّلت إحداها القاضي بأن يأذن بزواج فتاة بلغت 15 عاماً، خصوصاً أن الحرب دفعت في شكل كبير إلى زواج القاصرات بسبب عوامل اجتماعية واقتصادية. ووفق دراسة نشرها المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية في أغسطس (آب) 2017، فإن نسبة زواج القاصرات في سوريا تجاوزت الـ 30 في المئة عام 2015، بينما كانت النسبة قبل الحرب تصل إلى حوالي 7 في المئة.

تشمل التعديلات الجديدة للقانون أكثر من 70 مادة، وبات في إمكان كل من الزوج أو الزوجة أن يُقيد عقد الزواج بشروطه الخاصة، التي لا تخالف الشرع والقانون معاً، ومنها ما يخص الزواج الثاني والسفر والعصمة والعمل ورفض الإقامة مع زوجة ثانية، وأن يكون لأبناء الابنة الحق في الوصية الواجبة مثل أبناء الابن.

وأشارت وزارة العدل السورية إلى أن التعديلات أتاحت للزوجين حق طلب التفريق عند وجود العلل المانعة، ولا يستطيع ولي الأمر أن يُزوج ابنته إلا بموافقتها الصريحة، حتى لو كان يملك وكالة منها. كما أصبح حق الحضانة للأم أولاً، ومن بعدها الأب ثم أم الأم، بعدما كانت الحضانة تنتقل مباشرة من الأم إلى أم الأم.

ومن أبرز ما جاء في التعديلات أنه إذا هجر الزوج زوجته تستطيع طلب الطلاق. وأصبحت المخالعة تعتبر فسخاً وليس طلاقاً، على أن تحتسب عدة المرأة ابتداء من تاريخ صدور الحكم بالتفريق. وأصبح المهر المقرر منذ سنوات عدة مراعياً للقوة الشرائية عند استحقاقه أو طلبه. أما النفقة، فـ"تجب نفقة كل مستحق لها على أقاربه الميسورين وفق ترتيب الإرث ولو مع اختلاف الدين".

وكانت سوريا قد اعتمدت قانوناً، في العام 1917 في أواخر الحكم العثماني، سُمي "حقوق العائلة"، تضمن أحكاماً للمسلمين ولغير المسلمين، ويحتوي على 157 مادة توزعت على كتابين. الأول بعنوان "المناكحات"، يبحث في الخطبة والأهلية وعقد الزواج والكفاءة والمهر والنفقة. أما الكتاب الثاني، بعنوان "المفارقات"، فكان يبحث في الطلاق والتفريق والعدة، ويتضمن عدداً من مسائل الأحوال الشخصية بالنسبة إلى أتباع الديانتين المسيحية واليهودية. وقد وحد هذا القانون المرجع القضائي في الأحوال الشخصية بجعل المحاكم الشرعية مختصة في النظر فيها بالنسبة إلى المسلمين وغير المسلمين.

المزيد من العالم العربي