Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سوق الزيتون الشعبي في غزة... معلم أثري لا استهلاك فيه

ينتج القطاع قرابة 30 ألف طن ولا حاجة للاستيراد هذا الموسم

موسم قطف ثمار الزيتون (عبد زقوت)

على صوت الأغاني والأهازيج الشعبية القديمة التي تتغنى بثمار الزيتون، هذه الشجرة المباركة والمقاومة في وجه الإسرائيليين، يعرض حجازي محصول أشجاره وسط السوق الشعبي القديم المخصص لبيع الزيتون، علّه يستقطب أحد المشترين المتجولين هناك.

ويشكل سوق الزيتون في غزة لوحة فنية جميلة، ويُعد أقدم معلماً أثرياً لبيع ثمار الموسم، يبلغ عمره حوالى 50 عاماً، ويُفتتح مع بداية جني المحصول، في منتصف سبتمبر (أيلول) وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني). وفي زوايا السوق، تجد أصناف ثمار الزيتون على اختلافها، يعرضها الباعة للمشترين.

"دلال" المنادي

ويفتح السوق أبوابه يومياً منذ ساعات الصباح الباكر، مع بداية شروق الشمس، ويبدأ معه توافد المزارعين حاملين أصنافاً مختلفة من الثمار "المباركة" كما يصفها المزارع حجازي، قائلاً "يومياً أقوم بقطف أشجاري، وأنقلها إلى السوق الشعبي، لأعرضها للبيع، ويبدو أن الحركة الشرائية هذا الموسم ليست الجيدة".

فور وصول حجازي إلى السوق الشعبي القديم، يستقبله رجل عجوز (طاعن في السن) يطلق عليه الناس اسم الدلال (شخص ينادي على السلع التي تباع في المزاد)، يتفقد الثمار لتقييم سعرها الأولي، وبعدها يعلن للناس الثمن التقديري لكمية الزيتون المعروضة.

وبعد ذلك، يبدأ المزارعون في رفع الثمن تدريجاً، وتتكرر هذه العملية مع كل الوافدين من أصحاب الأراضي إلى السوق الشعبي، وبهذه الطريقة يبيع مزارعو غزة محصولهم من الزيتون كل موسم.

تاريخ السوق

وبات السوق الشعبي للزيتون قبلة للفلسطينيين الذين يبحثون عن أصناف مميزة من المحصول الموسمي. ويوضح حجازي أن هذا المكان يحتوي على كل أصناف الزيتون المزروعة في قطاع غزة وأكثرها جودة، مشيراً إلى أن أكثر الأنواع جودة هي الشملاني، والسُري وغيرهما.

وبالعودة إلى تاريخ السوق الشعبي، يشير حجازي (70 سنة) إلى أن بدايته كانت بالمصادفة، قبل حوالى 50 عاماً، حين كان إنتاج الزيتون والزيت وفيراً، ويصعب بيعه. وقتها قرّر أحد المزارعين عرض محصوله في مكان السوق الحالي، وتبعه عدد أخر من المزارعين بعرض ثمارهم في المكان ذاته".

إفلاس المواطن

ومع مرور السنين بات السوق يشهد إقبالاً كبيراً من المزارعين، حتى تحوّل إلى سوقٍ شعبي مركزي وأحد معالم قطاع غزة. ويؤكّد حجازي أن المزارعين يزدادون بشكل سنوي بسبب الشهرة التي يحظى بها السوق والإقبال الكبير عليه من المشترين.

وعلى الرغم من هذه الشهرة، إلا أن السوق يتأثر بالوضع الاقتصادي لسكان القطاع، وهذا الموسم يُعد الأقل في الإقبال من حيث الزبائن، ووفقاً لمراقبين فإن السبب هو إفلاس المواطن في غزة.

وتشير بيانات الإحصاء الفلسطيني إلى أن 80 في المئة من سكان القطاع فقراء، وتحصيل الفرد اليومي منهم لا يتجاوز الدولارين، ما يعني أنّهم لن يتمكنوا من شراء الزيتون لهذا العام وتخزينه.

اكتفاء ذاتي

لكن في الواقع، أسعار الزيتون لهذا الموسم مناسبة للجميع، ويبلغ ثمن الكيلو الواحد ما يقارب الدولارين، وقد يكون أقل من ذلك، بناء على الجودة ونوعية الصنف. أما تكلفة العبوة الواحدة من زيت الزيتون التي تتسع لأكثر من 16 ليتراً فتتراوح ما بين 150 إلى 200 دولار، وفقاً للأسعار المعروضة في السوق الشعبي للزيتون.

أمّا بالنسبة لكميات الزيتون هذا العام في قطاع غزة فقد وصلت إلى قرابة 40 ألف دونم (يعادل ألف متر مربع) مزروع بالزيتون، منهم حوالى 32 دونماً مثمراً، أي في واقع إنتاجي يبلغ 30 ألف طن تقريباً، بحسب وزارة الزراعة في الحكومة الموازية.

محصول وفير

ويقول أدهم البسيوني المتحدث باسم وزارة الزراعة في غزة، إن "المحصول هذا الموسم وفير جداً، والإنتاج المحلي فيه اكتفاء لاستهلاك سكان القطاع، لذلك لن يكون هناك أي استيراد من خارج فلسطين لأي صنف من الزيتون إطلاقاً. وفي ما يتعلق بالتصدير، فإن المتحكم بهذا القرار هو الجانب الإسرائيلي كونه المسيطر على معابر القطاع".

ومن كمية 30 ألف طن من الزيتون، يذهب قرابة ستة آلاف إلى التخزين الأخضر أو ما يسمى التخليل، بحسب سكان قطاع غزة، والبقية (24 ألف طن) يجري عصره وتحويله إلى زيت، ليعطي حوالى أربعة آلاف طن زيت.

أمّا في ما يخص الضفة الغربية، فأوضح البسيوني أنهم في قطاع الزراعة في غزة تعاملوا مع الأسواق هناك، لكن لن يكون هناك تسويق هذا الموسم في أسواق الضفة الغربية، بسبب الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في "شقي الوطن".

المزيد من تحقيقات ومطولات