قبل انطلاق عمليَّة "نبع السلام" من قِبل القوات المسلحة التركيَّة والجيش الوطني السوري على الأراضي الواقعة تحت سيطرة وحدات الحمايَّة الكرديَّة شمال شرق سوريا جرى لقاءٌ هاتفيُّ بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأميركي دونالد ترمب.
عقب اللقاء صدر بيانٌ من البيت الأبيض حول العمليَّة العسكريَّة التركيَّة المرتقبة، وكان الجزء الأكثر إثارة للجدل في البيان فيما يتعلق بمقاتلي (داعش)، الذين اُعتقلوا في وقت سابق من وحدات الحمايَّة الكرديَّة.
وقال البيت البيض، "ستكون تركيا مسؤولة عن مقاتلي (داعش) الذين اعتقلتهم الولايات المتحدة الأميركيَّة في المنطقة خلال العامين الماضيين"، الجملة أثارت جدلاً كبيراً في تركيا، وذهبت المزاعم إلى أن الولايات المتحدة الأميركيَّة، في الوقت الذي تستعد فيه لسحب قواتها من سوريا، أحالت قضيَّة "المنضمين الأجانب في صفوف (داعش)" إلى تركيا.
الرد التركي على البيان الأميركي جاء على لسان وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، خلال حديثه إلى إذاعة "دويتشه فيله" DW الألمانيَّة، قائلاً "نستطيع السيطرة عليهم، وضبطهم كما فعلنا ذلك من قبل في منطقة درع الفرات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت تركيا خلال عمليَّة درع الفرات التي أطلقتها عام 2016 مع قوات المعارضة السوريَّة، حررت مناطق واسعة شمال سوريا كجرابلس والباب والراعي من التنظيم، واعتقلت المئات من أفراد التنظيم.
ويقبع هؤلاء العناصر الذين ذكرهم جاويش أوغلو، في حديثه إلى DW، بسجون منطقة درع الفرات، غير أن عناصر (داعش) الذين اُعتقلوا في هذه المناطق لم يحظوا باهتمام عالمي، واقتصرت اهتمامات الصحافة العالميَّة على أؤلئك الذين اُعتقلوا من قِبل وحدات الحمايَّة الكرديَّة.
التجارة النفطيَّة
"اندبندنت تركيَّة" تمكنت من الدخول إلى أحد السجون، الذي يُحتجز فيها عناصر (داعش)، ويقع داخل الحدود السوريَّة بالريف الشمالي لحلب، وبه 160 عنصراً داعشياً، اعتقلوا خلال عمليَّة درع الفرات عام 2016، وتوجد سجون أخرى بها عناصر التنظيم.
بسّام النايف، أحد عناصر (داعش) المحتجزين في السجن، انخرط بصفوف التنظيم مع اشتداد صولته في سوريا، وكان أحد أفراد الفريق المسؤول عن أمن المواقع النفطيَّة في دير الزور الخاضعة آنذاك لسيطرة (داعش).
يقول بسام، في اعترافاته، "استقطب التظيم مهندسي النفط من أرجاء العالم، وأمَّن تدفق النفط، وكنّا بدورنا نوفر أمن المناطق النفطيَّة، وكانت التجارة النفطيَّة مع النظام السوري تسير مع أشخاص يعملون لصالح النظام".
بيع الأزيديات
وأوضح، "تأتي الناقلات إلى المنطقة، ويأخذون النفط الخام، وكان ذلك يشكّل القسم الأكبر من واردات تنظيم الدولة الماليَّة".
وتابع النايف، "(داعش) كان يدفع رواتب المقاتلين عن أنفسهم وزوجاتهم وأولادهم، وكان القادة من دول شتّى، كما أن أكثر القادة الأجانب في منطقتنا كانوا من العراق".
وحول بيع الأزيديات يقول، "توجد وحدة خاصة ضمن (داعش) كانت تهتم بهذا الأمر، وكن ينقلن إلى الرقة ودير الزور للبيع، وأسعارهن تختلف حسب جمالهن، وتصل ثمن الواحدة منهن إلى 20 ألف دولار".
وأضاف، "أُرسلتُ إلى (جبهة الباب) في أثناء عمليَّة درع الفرات، واُعتقلت هناك، ومضى على اعتقالي 3 سنوات".
كتائب الأطفال
مهند ناسي معتقل داعشي آخر، 20 عاماً، انخرط في صفوف التنظيم في الـ15 من عمره، واُعتقل في منطقة أخترين خلال عمليَّة درع الفرات، وكان عمره آنذاك 17 عاماً.
تحدّث مهند عن استغلال (داعش) الأطفال، وخِداعهم بوعود الجنة، وكانوا يدربونهم على العمليات الانتحاريَّة، يقول، "توجد كتائب خاصة للأطفال، وكانوا يتلقون فيها تدريبات حول العمليات الانتحاريَّة، ويُمنح الأطفال الناجحون أرقاماً تسلسليَّة، إذ يقومون بالعمليات حسب هذا التسلسل، ثم أرسلوني إلى جبهة درع الفرات، ولم أدرِ بما حدث لأولئك الأطفال الذين خلفتهم".
المسؤول الإداري عن السجن، الذي لم يرغب في التقاط صورته وكتابة اسمه، قال "من خلال عمليَّة درع الفرات اُعتقل عددٌ كبيرٌ من عناصر تنظيم (داعش) الذي يشكل خطراً كبيراً على العالم".
وأضاف، "نحن لم نقم بالدعايَّة كما فعلت وحدات الحمايَّة الكرديَّة عبر الصحف والقنوات التلفزيونيَّة. لم نترقب شكراً أو جائزة ما. إنها حرب في النتيجة".