ملخص
يشير التوجه المصري في ما يتعلق بالتعاطي مع ملف غزة إلى أن أولويات القاهرة في الوقت الحالي تكمن في الرفض الكامل لأي سيناريو للتهجير تحت أي مسمى أو ذريعة مع العمل على تسريع بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب، لضمان تثبيت وقف إطلاق النار، وعدم عودة العدوان الإسرائيلي على القطاع وتسريع وتيرة إدخال المساعدات الغذائية والطبية، مع أهمية نشر قوة الاستقرار الدولية، وبدء مسار التعافي المبكر وإعادة الإعمار.
يدخل قطاع غزة ومعه اتفاق وقف الحرب "مرحلة حاسمة" مع استمرار المماطلة الإسرائيلية في المضي قدماً نحو استكمال بنود خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن وقف إطلاق النار في القطاع متزرعة بانتظار تسليم جثمان آخر رهينة إسرائيلي، فيما تحاول الدول الضامنة الضغط نحو المضي قدماً لبدء المرحلة الثانية التي تتضمن بصورة رئيسة ترتيبات أمنية وإدارية جديدة، ونزع سلاح حركة "حماس"، وتشكيل حكومة انتقالية لإدارة غزة، فضلاً عن تشكيل ما يعرف بـ"قوة الاستقرار الدولية".
وأمام ذلك المشهد الذي تبدو فيه خطة السلام الأميركية عند "مفترق طرق" مع ارتفاع احتمالات التعثر جراء تباين الأولويات بين الأطراف المعنية وتبادل الاتهامات حول مسؤولية انتهاك الاتفاق، تحاول القاهرة الضغط للدفع باتجاه المضي قدماً نحو بدء المرحلة الثانية إلا أن هذا الجهد يصطدم باتساع هوة التباينات مع تل أبيب بشأن الملفات الرئيسة لا سيما في ما يتعلق بآلية تشغيل معبر رفح ونزع سلاح الفصائل الفلسطينية فضلاً عن الانسحابات الإسرائيلية المرتقبة من القطاع، مع بقاء "ملف التهجير" على الطاولة إسرائيلياً وفق التقديرات المصرية، مما طرح الأسئلة بشأن قدرة القاهرة على حلحلة التعنت الإسرائيلي في بدء المرحلة الثانية.
ولا يزال الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب الموقع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بطيئاً رغم أن إدارة ترمب تريد المضي قدماً في ذلك، إذ يعد الرئيس الأميركي إبرام الاتفاق من أبرز نجاحاته في عامه الأول من ولايته الثانية، وفي الأثناء تتبادل إسرائيل و"حماس" الاتهامات بانتهاك الاتفاق.
صدام في الرؤى والأولويات
يشير التوجه المصري في ما يتعلق بالتعاطي مع ملف غزة إلى أن أولويات القاهرة في الوقت الحالي تكمن في الرفض الكامل لأي سيناريو للتهجير تحت أي مسمى أو ذريعة مع العمل على تسريع بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب، لضمان تثبيت وقف إطلاق النار، وعدم عودة العدوان الإسرائيلي على القطاع وتسريع وتيرة إدخال المساعدات الغذائية والطبية، مع أهمية نشر قوة الاستقرار الدولية، وبدء مسار التعافي المبكر وإعادة الإعمار.
في المقابل تسعى تل أبيب، إلى ضمان نزع سلاح الفصائل الفلسطينية وتفكيك البنى العسكرية أولاً، قبل الشروع في المرحلة الثانية وتنفيذ انسحابات إضافية من القطاع تتجاوز الخط الأصفر الذي أقرته المرحلة الأولي من الاتفاق، وتتشدد في ما يتعلق بتشكيل الكيان الإداري الانتقالي الذي سيتولى إدارة غزة في المرحلة المقبلة، إذ على رغم أن خطة السلام المطروحة تتحدث عن تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية مستقلة، تشير تقديرات إسرائيلية، إلى أن مشاركة ممثلين عن "حماس" أو السلطة الفلسطينية ستكون شبه محتومة، مما يثير مخاوف من استمرار نفوذ "حماس" داخل المؤسسات الجديدة في غزة، أو عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، بطريقة لا ترغب فيها الحكومة الإسرائيلية الحالية، وذلك فضلاً عن التشدد في ما يتعلق بالجدول الزمني والآليات الأمنية المتمثلة في التفاهمات حول خطوط انتشار الجيش الإسرائيلي، وإعادة الإعمار، وترتيبات الرقابة الدولية، وهو ما ينعكس على استمرار إسرائيل لانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار وقف تقديرات كثر.
وأمام ذلك التباين، تحاول القاهرة تكثيف تواصلها مع الأطراف الفاعلة وعلى رأسها الولايات المتحدة لتسريع الشروع في المرحلة الثانية، بحسب ما أوضحته مصادر دبلوماسية مصرية لـ"اندبندنت عربية"، قائلة إن الرؤية المصرية تركز على "ضرورة تنفيذ خطة السلام الأميركية المكونة من 20 نقطة من دون التعاطي بانتقائية معها كما تفعل إسرائيل"، مشيرة إلى أن "تشدد الدولة العبرية في أولوية تنفيذ بعض البنود قبل أخرى يعكس نياتها الساعية للتحايل على الاتفاق وإفشاله".
وبحسب أحد المصادر التي تحدثت إلينا، فإن "واشنطن تتفهم الرؤية المصرية لوضع خطة الرئيس ترمب موضع التنفيذ على الأرض"، معتبراً أن القاهرة في خلال أحاديثها عبر القنوات السياسية والدبلوماسية ترفض أن "يتم تنفيذها بصورة انتقائية أي رفض حصر إسرائيل الحديث عن فكرة نزع السلاح وتفكيك البني العسكرية، مع إغفال مسألة الانسحاب من القطاع والتملص من التزامات إدخال المساعدات وبند إعادة الإعمار".
المصدر ذاته ذكر أن "إسرائيل تستند إلى ذرائع واهية لاستمرارها في انتهاك وقف النار" وهو ما يوضحه الجانب المصري للأطراف الدولية الفاعلة وخصوصاً الولايات المتحدة صاحبة التأثير الأكبر على الدولة العبرية، والقادرة على دفعها نحو الالتزام بالاتفاق.
وفي تصريحات إعلامية أخيراً، شدد وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، على أهمية نشر قوة الاستقرار الدولية في غزة، في ظل الانتهاكات الإسرائيلية اليومية لوقف إطلاق النار. قائلاً إن "الجانب الإسرائيلي يدعي يومياً تعرضه لتهديدات، ويجد من الحجج والذرائع ما يدعي به أن له الحق في انتهاك وقف إطلاق النار"، مشيراً إلى "أهمية النشر السريع لقوة الاستقرار الدولية لمراقبة التزام الطرفين بوقف إطلاق النار، والتثبت من ذلك، وإتمام الانسحابات الإسرائيلية من القطاع".
لكن ما يؤشر إلى صعوبة تقريب الرؤى بين الجانبين المصري والإسرائيلي، هو تجاوز ملفات الخلاف بين البلدين للأوضاع في غزة وتحميل الدولة العبرية مسؤولية المماطلة في الشروع في المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب، إلى ما هو أبعد من ذلك بما يشمل آلية عمل معبر رفح مع وجود رغبة إسرائيلية لأن يكون في اتجاه واحد، والوجود العسكري الإسرائيلي في محور فيلادلفي، فضلاً عن ملف تهجير الفلسطينيين الذي ترى القاهرة أنه لم ينتهِ بعد داخل الحكومة الإسرائيلية.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري التقى المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وصهر الرئيس جاريد كوشنر، من دون حضور إسرائيل، ممثلين لقطر ومصر وتركيا الدول الوسيطة لاتفاق وقف الحرب في غزة، في ميامي، وذلك بعد دعوة قطر ومصر الوسيطتين إلى الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق، التي تشمل خصوصاً انسحاب القوات الإسرائيلية ونشر قوة استقرار دولية.
وبحسب تقارير إسرائيلية فقد أبلغ ويتكوف الوسطاء، في لقاء ميامي بأن المرحلة الثانية ستبدأ في يناير (كانون الثاني) المقبل. ونقلت "القناة 13 الإسرائيلية" عن مسؤول إسرائيلي أن "إسرائيل تخشى من أن يضغط ترمب للانتقال إلى المرحلة الثانية من دون نزع سلاح غزة".
هل تنجح القاهرة في تجاوز عقبات إسرائيل؟
أمام ذلك التعقيد في ما يتعلق بالمرحلة الثانية من اتفاق غزة، والتشدد الإسرائيلي في مواقفها، تتباين رؤى المراقبين حول قدرة القاهرة على الدفع باتجاه تسريع الشروع في تلك المرحلة وذلك رغم العلاقات المتميزة التي تجمعها بالإدارة الأميركية الحالية.
وبينما أوضح مصدر دبلوماسي مصر في حديثها إلينا "تعويل القاهرة على رغبة الإدارة الأميركية والرئيس ترمب شخصياً لدفع إسرائيل على الشروع في المرحلة الثانية"، أكد السفير رخا أحمد حسين مساعد وزير الخارجية المصرية السابق، أنه مع صعوبة تأثير الدور المصري على الموقف الإسرائيلي، فإن دور القاهرة في الوقت الراهن إلى جانب الدول الضامنة هو "الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني مع تأكيد الالتزام بتنفيذ الخطة الأميركية التي أقرها مجلس الأمن في قراره 2803".
وذكر حسين في حديثه معنا أن "الالتزام بجميع بنود خطة السلام الأميركية من دون اجتزاء أو انتقاص هو الدور الأبرز الذي يجب أن تعمل عليه مصر والوسطاء معا"، وذلك رغم "ما يحيط بخطة ترمب من غموض في تفسير بنودها"، على حد وصفه، قائلاً "كافة صياغات بنود الخطة عامة وتحتاج إلى توضيحات أمام ما تحمله من تفسيرات مختلفة من كل طرف". وأكد حسين، أهمية دور الولايات المتحدة بـ"اعتبارها صاحبة الخطة الراعي الأبرز لإسرائيل" في إلزام الدولة العبرية الالتزام بتنفيذ الخطة والانتقال للمرحلة الثانية.
وتابع رخا، أن هناك "تباطؤاً أميركياً في تنفيذ بنود الخطة، إذ إنه حتى الآن لم يتم تشكيل قوة الاستقرار الدولية ومجلس السلام لم يعلن بعد، كما أن مسألة الإعمار واضح أن هناك اختلافاً حول كيف ستكون إعادة الإعمار، هل وفق الخطة العربية الإسلامية أم وفق الخطة الأميركية، هل سيتم المزج بينهما، ومن الذي سيمول، وهل ستطبق في كل قطاع غزة أم ستكون وفق الرغبة الإسرائيلية أن يتم الإعمار فقط في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل لحين تسليم حماس سلاحها؟"، مضيفاً "هناك تباين في ما يتعلق حتى بنزع السلاح، هل سيكون شاملاً للأسلحة الثقيلة فقط وفق الرؤية العربية أما أسلحة الدفاع عن النفس تظل معه؟ إسرائيل لا تريد ذلك بل تريد التسليم حتى قبل أن تنسحب"، متسائلاً "هل دخلنا في متاهات الإطار الذي قدمة الرئيس ترمب، والأخير يعلن أنه الشهر المقبل سيتم تنفيذ الأمور، كل هذه الموضوعات تمثل لب وأساس المرحلة الثانية".
من جانبه يرى رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط سمير غطاس، أنه وعلى رغم الخلافات في التفسيرات للأطراف فإن "سبقي الحكم في الأمر دائماً هو ما تمت الموافقة عليه كل الأطراف بما فيها مصر خطة ترمب الـ20 نقطة وقرار مجلس الأمن 2803 "، مشدداً في حديثه معنا على أن "أي تحريك أو تفعيل للخطوات المقبلة في غزة هو بيد الولايات المتحدة في النهاية".
واعتبر غطاس أنه وعلى رغم التصريحات الإسرائيلية المتواصلة بشأن رؤيتها للمرحلة المقبلة في غزة، التي تتناقض مع بنود خطة السلام الأميركية، فإنها "تبقى للاستهلاك المحلي وتهدف لمخاطبة الداخل الإسرائيلي"، مشيراً إلى أن "الأمر يظل بيد الولايات المتحدة والرئيس ترمب، الذي يرغب بقوة في بدء المرحلة الثانية باعتبار أن اتفاق غزة وإنهاء الحرب الإنجاز الأبرز لعام حكمه الأول، في مقابل تعثر تسوية الحرب الروسية - الأوكرانية".
وعن المسائل الخلافية والتفسيرات المتباينة بين القاهرة وتل أبيب أو حتى "حماس" بشأن عدد من الملفات الرئيسة المرتبطة بالمرحلة الثانية، أوضح غطاس، أنه في ما يتعلق بنزع السلاح فإن خطة الرئيس الأميركي وقرار مجلس الأمن "لا يوجد فيهما تجميد أو استخدام مبطن للسلاح، إذ إن هناك نصاً صريحاً يتحدث عن نزع السلاح وتفكيك البنية العسكرية وعدم عودتها مرة أخرى، فضلاً عن عمل قوات الاستقرار الدولية على تهيئة واستقرار الأمن".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر غطاس قائلاً، "هناك اجتهادات عديدة، لكن القرار واضح في ما يتعلق بنزع السلاح، لأن خطورة بقائه تكمن في أنه يعطي إسرائيل ذرائع، سواء في ما يتعلق بالانسحابات وفقاً لمعايير تطبيق الاتفاق، أو استمرار انتهاك وقف إطلاق النار".
وفي ما يتعلق بمعبر رفح، أضاف غطاس أن "آلية عمله يحكمها البروتوكول الموقع بشأن المعابر عام 2005، الذي يشارك فيه الاتحاد الأوروبي بالإشراف من الجانب الفلسطيني منه"، مشيراً إلى أن إسرائيل "رغم تمسكها بأن تكون آلية العبور حصراً في اتجاه واحد، فإنه في النهاية ستمضي المسألة نحو صيغتها السابقة تلك، لكن المشكلة تبقى في الرقابة الأمنية التي تطالب بها الدولة العبرية، في ما يخص الجانب الفلسطيني من المعبر، الذي سينعكس بدوره على آلية مرور وحركة الأفراد".
بدوره يقول المتخصص في مجال العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب، إن "قدرة مصر على التأثير في مفاعيل الخطوات المقبلة بشأن اتفاق غزة تبقى محددة لا سيما في الملفات الخاصة بالتوفيق بين الفصائل الفلسطينية، وتشكيل قوة الاستقرار الدولية"، مشيراً في حديثه معنا إلى أن "القاهرة لا تستطيع أن يكون لها دور في التأثير في إسرائيل بصورة كبيرة".
ومع تأكيده على التأثير الكبير الذي أحدثته القاهرة، وبخاصة في ما يتعلق بآلية عمل معبر رفح "الدخول والخروج" بعكس الرغبة الإسرائيلية في حصره باتجاه واحد "الخروج"، فضلاً عن التشدد في ملف رفض التهجير تحت أي مسمى أو ذريعة، أوضح الرقب، على رغم الجهد الكبير الذي تبذله القاهرة، فإن الكلمة الفصل تبقى بيد الولايات المتحدة، معتبراً أن "واشنطن هي الأخرى تبذل جهداً لكنه ليس كافياً، فضلاً عن أن سلوكها حتى الآن لا يعكس الرغبة الكافية في الضغط الكبير على إسرائيل للمضي نحو استكمال مراحل اتفاق غزة".
المرحلة الثانية وتعقيدات التنفيذ
على وقع التعقيدات والتشابكات التي تحيط بملفات المرحلة الثانية من اتفاق غزة ما يصعب من الشروع فيها، يبقى التحدي الأبرز في نظر كثر، هو تباين تفسير بنود الخطة بين الأطراف المعنية، الذي انعكس بدوره على الملفات الجوهرية المتمثلة في نزع سلاح الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها "حماس"، والخلافات حول تشكيل قوة الاستقرار الدولية والدول المشاركة فيها، فضلاً عن الانسحابات الإسرائيلية المرتقبة من القطاع.
فإلى جانب جدلية نزع سلاح "حماس" أم حصره وتجميده وجدوله الزمني، يتصاعد التباين بين الأطراف المعنية بشأن قوة الاستقرار الدولية، حيث نقلت "هيئة البث الإسرائيلية" (كان) عن مصدر أمني إسرائيلي قوله، إن "أي دولة لم توافق بعد على الانضمام إلى قوة الاستقرار الدولية المزمع تشكيلها ضمن هذه المرحلة"، مرجحاً أن يكون هذان الملفان على رأس الملفات التي يناقشها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته الجارية إلى الولايات المتحدة ولقاء الرئيس ترمب من أجل تحقيق تقدم به.
من جانبها ووفق ما نقلته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، عن مصادر دبلوماسية، فإن دولاً عدة لا تزال مترددة في إرسال قوات "خشية أن تجد نفسها بين نيران حماس وإسرائيل"، مشيرة إلى أن إشراك تركيا ضمن القوات وعلى رغم أنه يشكل ضمانة لعديد من الدول، فإن الدولة العبرية لا تزال ترفض أي دور لأنقرة في قوة الاستقرار بسبب علاقتها بـ"حماس".
وأدى غموض مهمة قوات الاستقرار الدولية وقواعد الاشتباك إلى تردد الدول التي أبدت استعداداً مبدئياً للمشاركة كأذربيجان وإندونيسيا وباكستان، خشية "عواقب سياسية وخيمة"، وعليه اقترحت تل أبيب تشكيل "شرطة فلسطينية بديلة"، في حال فشل تشكيل القوة الدولية، مكونة من عناصر خدمت سابقاً في فصائل مسلحة.
وعن ملف نزع السلاح، لمحت حركة "حماس" في وقت سابق إلى إمكانية التخلي عن الأسلحة الثقيلة، لكنها لم توافق على التخلي عن أسلحتها النارية بصورة كاملة، معتبرة الاحتفاظ بالسلاح مرتبطاً بقيام دولة فلسطينية، كما ترغب الحركة وبعض الأطراف العربية في أن يقتصر دور قوة الاستقرار الدولية على "كبح العمل العسكري الإسرائيلي"، بينما تريد إسرائيل إشرافاً دولياً على نزع سلاح "حماس".
وأمام ما تعوله بعض الأطراف من أن تفضي زيارة نتنياهو الجارية إلى الولايات المتحدة ولقاء الرئيس ترمب عن تسريع البدء في المرحلة الثانية من الاتفاق، إلا أن تلك الآمال سرعان ما تتراجع مع استمرار تشدد الحكومة اليمينة في إسرائيل في مواقفها. إذ بحسب ما نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم، في افتتاحيتها، فإن "قدرة الرئيس ترمب على تحويل وعوده عن السلام في الشرق الأوسط إلى واقع ستخضع للاختبار بحسب تعامله مع نتنياهو، المعروف بسياسة المماطلة وترك الملفات مفتوحة من دون حسم"، مشيرة إلى أن "اجتماع فلوريدا بين الرجلين يمثل اختباراً لقدرة إضفاء ترمب الجدية على تصريحاته المتفائلة بشأن السلام بالشرق الأوسط". معتبرة أن "إعلان الرئيس الأميركي رفضه ضم الضفة الغربية ودعمه مساراً سياسياً أوسع، لم يثن نتنياهو عن مواصلة اتباع نهج اللاحرب واللاسلم الذي يهدف إلى كسب الوقت وحماية استقرار ائتلافه الحاكم".
وبحسب "هآرتس" فإن نتنياهو يحاول في غزة تحويل المرحلة الموقتة من وقف إطلاق النار إلى وضع دائم، من دون الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تتضمن تسوية سياسية أوسع ودوراً للسلطة الفلسطينية، وهو ما يتعارض مع رؤية ترمب المعلنة. داعية الأخير إلى "أن يفرض على نتنياهو ثمناً واضحاً لأي محاولة تعطيل أو كسب وقت، وأن يجبره على الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، لأن استمرار المماطلة لا يخدم إسرائيل ولا المنطقة، بل نتنياهو وحكومته وحدهما"، على حد وصفها.
وبحسب صحف إسرائيلية، تخشى إسرائيل من أن اجتماع نتنياهو مع الرئيس ترمب قد يشهد ضغوطاً لدفع إسرائيل للانتقال إلى المرحلة الثانية، إذ ترى مصادر صحافية إسرائيلية أن واشنطن تسعى إلى الانتقال إلى هذه المرحلة وإنجاحها، بهدف خلق بيئة ملائمة لتوسيع "اتفاقات أبراهام".
وتشير هذه المصادر إلى أن نتنياهو سيحاول خلال لقائه مع ترمب منع نشر قوات تركية في غزة، وضمان نزع سلاح "حماس" ومنعها من المشاركة في أي إدارة مقبلة للقطاع، وتأمين انتشار الجيش الإسرائيلي في ما يطلق عليه إسرائيلياً المنطقة العازلة بداخل غزة، التي تستهدف زيادة المسافة الفاصلة بين المناطق الفلسطينية بداخل القطاع والبلدات الإسرائيلية المحاذية له.
وأخيراً أعلن الجيش الإسرائيلي أن "الخط الأصفر" قد يصبح "الحدود الجديدة" مع القطاع، مما يعني بقاء سيطرة إسرائيلية على نحو نصف غزة. وزادت المخاوف من احتمالية عودة الاستيطان إلى القطاع مع تلميح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قبل أن يتراجع لاحقاً.