Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اليقطين... ثمار البهجة والرعب

لها بعد أسطوري وحضور في القصص الديني والثقافة الشعبية وتأخذ دور البطولة على الموائد شرقاً وغرباً

لها بعد ثقافي ضارب بعمقه في الحكايات المتوارثة وكأنها ذات لمسة ساحرة ومنقذة أيضاً (أ ف ب)

ملخص

كان لثمرة اليقطين الذي يحتفل بيومه العالمي في الـ26 من أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، حضور كبير في التراث الأدبي والديني والشعبي، كذلك فإنها طبق يقدم بعشرات الطرق، إضافة إلى دخولها في مشروبات عدة، إذ تتمتع بفوائد غذائية جمة، كون نحو 80 في المئة من حجمها من المياه، فتبدو بعد قطعها وكأنها وليمة يمكن أن يجهز منها الطاهي أصنافاً وأشكالاً، فيما اختلفت تسميتها في المنطقة العربية، فهي قرع عسلي، ودباء، ويقطين، وكابويا، والقرع الأحمر والكوسا الصفراء، وغيرها.

يتجاوز اليقطين كونه مصدراً للغذاء، إنها ثمرة اللهو المفضلة للصغار، رمز البهجة والرعب والغموض، بدرجاتها اللونية الغنية ومساحات استعمالها التي تجعلها بمثابة كنز يرافق المخيلة، ويمكن لمسه أيضاً والنحت عليه، ومحاولة استكشاف طبقاته، فهي وإن كانت كبيرة مثل البطيخ لكنها أكثر سلاسة وجمالاً وتنوعاً في المظهر، وكذلك على رغم أنها تتميز بالأصفر الشاهق والبرتقالي مثل ثمار كثيرة كالبرتقال والجزر، فإنها أكبر حجماً وسماكتها تجعلها أكثر تحملاً، فهي تصلح كإناء حفظ وفانوس لعب، ومساحة للنحت والرسم والتشكيل، كل هذا بعد تفريغ المحتوى بداخلها.

والمفارقة أنها تتمتع بسمعة طيبة بين عالم الصغار، إذ يقبلون عليها لعباً ولهواً وغذاءً، بينما ينفرون من قرينتها اليقطينية الصيفية أو الكوسا، وهي القرع الذي يتمتع بدرجات لونية خضراء ما بين الفاتح والغامق، وتتميز بالطول، وليست دائرية الشكل ولا مضلعة مثل اليقطينة التي تمثل عالماً من الأحلام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان لثمرة اليقطين الذي يحتفل بيومه العالمي في الـ26 من أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، حضور كبير في التراث الأدبي والديني والشعبي، كذلك فإنها طبق يقدم بعشرات الطرق، إضافة إلى دخولها في مشروبات عدة، إذ تتمتع بفوائد غذائية جمة، كون نحو 80 في المئة من حجمها من المياه، فتبدو بعد قطعها وكأنها وليمة يمكن أن يجهز منها الطاهي أصنافاً وأشكالاً، فيما اختلفت تسميتها في المنطقة العربية، فهي قرع عسلي، ودباء، ويقطين، وكابويا، والقرع الأحمر والكوسا الصفراء، وغيرها.

وعلى رغم أنها لا تعتبر ثمرة شعبية أو موجودة بكثرة في الأسواق التقليدية بالعالم العربي، فإنها تحتفي بها ربات البيوت حينما تظهر لدى الباعة، بينما بات مشروبها الذي يضاف إليه التمر والمكسرات واللبن شائعاً في المقاهي الفاخرة ويلقى إقبالاً. اليقطين ثمرة لها بعد ثقافي ضارب بعمقه في الحكايات المتوارثة، وكأنها ذات لمسة ساحرة ومنقذة أيضاً.

مهرجانات احتفالية

اليقطين الذي ينتمي إلى الفاكهة لا الخضراوات غني بمضادات الأكسدة والمعادن والألياف، يعتبر غذاءً ينصح به الأطباء، إذ يفيد حالات طبية عدة، بينما بذوره أو اللب تقدم محمصة وتتمتع بشعبية بين الكبار والصغار فهو طبق ينتمي إلى عالم التسالي، ولا غنى عنه في تشكيلة المكسرات، لكن اليقطين غني أيضاً بالقصص، حتى على مستوى العالم العربي، فقد ذكر في القرآن الكريم، فهو الشجرة التي أنبتها الله ليستظل بها النبي يونس بعد خروجه من بطن الحوت، لتكون له عوناً على استعادة قوته، فتوسد بها، وأطعمته، وقد عبر عن هذا الشاعر أمية بن أبي الصلت أحد سادة الطائف في إحدى قصائده قائلاً "فأنبت يقطيناً عليه برحمة/ من الله لولا الله ألفي ضاحياً"، كذلك ذكر في المسيحية باسم "قيقايون" بسفر يونان، كشجرة ظليلة.

 

والعرب حتى اليوم يتفننون في تناول اليقطين في نظامهم الغذائي، ويعتبر من الأطباق المميزة، إذ تعلو قليلاً فوق مرتبة الأطباق الشعبية الشائعة، وهو في بعض المجتمعات صنفاً يصلح للعزائم والمناسبات الاحتفالية سواء كان حلواً أو مالحاً، فطيراً وكعكاً مخبوزاً أو حساءً أو طاجناً أو حتى مشروباً، أو مربى، فقطعه الفاخرة التي تسكن بين ثنايا قشوره الصلبة تعتبر مساحة شاسعة لخيال الطهاة المحترفين والهواة على السواء.

لكن عالمياً يبدو اليقطين الذي تزدهر زراعته في أميركا الشمالية وأوروبا أكثر انتشاراً، على الموائد وفي الأدب، إنها الثمرة التي تعلن قدوم الخريف بلونها الذي يعبر بقوة عن هذا الفصل الذي يهيئ الأرض لدخول الشتاء ببرودته التي يستعين الناس عليها بأطباق شهية من اليقطين كذلك، وتكرمها الثقافة الشعبية باحتفالات الهالوين التي هي مزيج بين تقاليد تراثية ترتبط باعتقادات حول طرد الأرواح الشريرة، تزامناً مع حصاد اليقطين في أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، إذ يتردد أن أصول الهالوين تعود إلى أكثر من 2000 عام مضت، حين كان يحتفل الإيرلنديون بما يسمى مهرجان سامهاين بارتداء أزياء غريبة لاعتقادهم أنها تسهم في طرد أرواح الموتى الذين يعودون في رأيهم في هذا الموسم من كل عام، ثم فيما بعد انضمت إليه طقوس عيد جميع القديسين، وفي النهاية أصبح الهالوين أو احتفالات الرعب تقليداً يعم أنحاء أوروبا ومرتبطاً بأجواء الهلع، إذ يتنكر المحتفلون بأزياء شخصيات مخيفة، ويتفنن الصغار في اللهو، ثم يجوبون المنازل بحثاً عن قطع الحلوى.

بطلة الموائد والأفلام

وظل اليقطين جزءاً من الثقافة الشعبية في تلك الاحتفالات، وديكوراً رئيساً في مناسبات الرعب، فازدهرت فنون تزيين ثمرة اليقطين بعد تفريغها سواء على شكل فوانيس مضيئة أو جماجم، أو وجوه شخصيات مرعبة، وقد انتقلت ثقافة الهالوين لدول كثيرة، وأصبح مظهراً احتفالياً كبيراً من دون النظر كثيراً إلى أصوله الدينية، ويحظى الهالوين في الولايات المتحدة بصورة خاصة باهتمام بالغ نظراً إلى تأثير سينما هوليوود العالمي الذي لا يضاهى، التي أسهمت بدورها في نشر التعريف بتلك المناسبة الشعبية، من خلال ماكينات أفلام الهالوين التي لا تتوقف، فيما تنشط على هامش الهالوين صناعات أخرى صغيرة وكبيرة، معظمها مرتبطة بنبات اليقطين الذي يزين عتبات المنازل في هذه الفترة من العام بفوانيس الرعب الملونة التي تنثر البهجة والخوف في آن، وقد حقق كثير من الفنانين أرباحاً طائلة جراء إبداعاتهم في الرسم على اليقطين، وبينهم السمسار العقاري أليكس وير، الذي ترك مهنته الأساسية على رغم دخلها الكبير، لأنه وجد في الرسم على اليقطين دخلاً يرضيه مع ممارسة هواية يحبها بلا ضغوط، إذ يجني 100 ألف دولار سنوياً مقابل طلبات الرسم على هيكل اليقطينة، وتشمل إبداعات وجوه لشخصيات السينما مثل الجوكر والرجل العنكبوت وهاري بوتر.

 

وفي سلسلة هاري بوتر على وجه التحديد يبدو القرع أو اليقطين مكوناً أساساً في عالم السحرة، فهو شراب احتفالي في التجمعات بمدرسة هوغوورتس للسحر، إضافة إلى أن قشرة اليقطين تغلف رأس بعض الملعونين جراء تعويذات متعددة، إذ يجري تأطير رأس الضحية من الخارج بيقطينة، كذلك في قصة "أسطورة سليبي هولو" لواشنطن إيرفينغ، التي كانت مرجعاً لتنويعات وحكايات كثيرة مرتبطة بالهالوين، ومنها استلهمت هوليوود أفلاماً عدة، إذ تدور حول حكاية أسطورة الفارس بلا رأس، الذي يتجول وفوق رقبته يقطينة كبديل لرأسه، فعلى ما يبدو أن القرع الدائري الضخم أو اليقطين يستفز خيال الأدباء ومبدعي الفنون، إذ يبدو عاملاً رئيساً في أعمال كثيرة أخرى بينها "كابوس عيد الميلاد"، فيما استوحى تشارلز م. شولتز في سلسلة "الفول السوداني"، رمز القرعة الكبرى من شخصية بابا نويل، وتعامل معها البطل، وكأنها منقذة الأطفال التي ستظهر حتماً في حقل القرع، وتجلب الهدايا، إذ إن السلسلة الشهيرة التي حققت نجاحاً على مدى نصف قرن تعتبر من أكثر السلاسل نجاحاً وفكاهية في عالم الأطفال.

في حين تبقى يقطينة سندريلا التي حولتها الجنية الرحيمة إلى عربة فاخرة هي الأشهر في عالم الأدب، إذ ساعدت الجنية المحبة سندريلا للذهاب إلى الحفل في عربة فارهة صنعت من هيكل يقطينة عملاقة، لكنها تعود إلى حالتها كيقطينة في منتصف الليل، في القصة الكلاسيكية الأشهر، بل إن عربة سندريلا التي لا تزال بهيئتها شبه الدائرية المستوحاة من شكل اليقطينة وأسلوب تزيينها يجري استحضارها حتى اليوم في مناسبات عدة رمزاً للدلال والاحتفال المبهر سواء في الأعراس أو مناسبات الأطفال.

مسابقات المزارعين

وفي حين يعتقد البعض أن الهالوين هو المظهر الاحتفالي الوحيد الذي تأخذ فيه ثمرة اليقطين دور البطولة، فإن هناك فعاليات أقل شهرة، لكنها تحظى بتقدير، وتتخذ بعداً فنياً ومهرجانياً أيضاً، ومنها مهرجان اليقطين الذي يقام سنوياً مطلع الخريف بألمانيا، وفيه يبدع النحاتون في تقديم مواهبهم من خلال تماثيل عملاقة ومنحوتات رفيعة المستوى، ويقدر عدد الثمار المستخدمة سنوياً في هذا التقليد إلى مئات الآلاف، بينما قد يصل طول بعض المنحوتات إلى خمسة أمتار.

وتزامناً مع فترة حصاد محصول اليقطين بمهرجان الخريف من كل عام، يتبارى المزارعون وهواة البستنة في تحطيم الأرقام القياسية لأكبر يقطينة في العالم، إذ فاز به هذا العام شقيقان إنجليزيان من خلال يقطينة وزنها 1278 كيلوغراماً سجلت في موسوعة غينيس، بينما سجلت الولايات المتحدة الأميركية هذا العام وزن 1247 كيلوغراماً كأثقل يقطينة على المستوى الوطني خلال مهرجان كاليفورنيا لليقطين، الذي يقام منذ أكثر من نصف قرن، ولأن اليقطين العملاق في الحجم لا يرتبط عادة بمستوى الهيمنة الاقتصادية في هذا المجال.

على رغم أن هذا النبات مرتبط ثقافياً بأوروبا والولايات المتحدة فإن الصين تتربع على عرش مصدريه عالمياً بـ7.5 مليون طن سنوياً مستفيدة من مساحة الأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة لديها، فيما جاءت الولايات المتحدة في المركز الخامس، وذلك وفقاً لموقع الإحصاءات AtlasBig.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات