Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوكرانيا قادرة على الانتصار إذا تعامل الحلفاء بجدية مع حاجات الدفاع

خلال 18 شهراً سينهار الاقتصاد الروسي ولكي تصمد كييف طوال هذه المدة على "تحالف الراغبين" أن يزيد إسهامه من السلاح والتكنولوجيا والتدريب

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من بلدة كوبيانسك على خطوط المواجهة الأمامية (أ ب)

ملخص

رغم الإنهاك والخسائر، لا تزال أوكرانيا قادرة على الصمود إذا كثف الحلفاء دعمهم بالسلاح والتكنولوجيا والتدريب. موسكو تراهن على النصر خلال 18 شهراً، لكن استمرار الحرب قد يدمر اقتصادها. أوروبا مطالبة بالتحرك سريعاً لتفادي انهيار كييف أمام الهجمات الروسية المتصاعدة.

يخيم شبح الحرب على أوروبا، كما شرح وزير القوات المسلحة البريطانية آل كارنز، الجندي المخضرم السابق في سلاح البحرية الملكية الذي تقلد عدداً كبيراً من الأوسمة، باستخدام استعارات متضاربة ومبالغ فيها أمام حشد من مراسلي شؤون الدفاع. كان الوزير يفتتح مركزاً جديداً للاستخبارات العسكرية في قاعدة وايتون الجوية. وأكد خبراء من سبعة فروع مختلفة للقوات أن العمليات السيبرانية والمعلوماتية العدوانية التي تقوم بها روسيا ضد مصالح المملكة المتحدة قد ازدادت بنسبة 50 في المئة خلال العام الماضي وحده.

وأعاد قائد "الناتو" المدني، الأمين العام مارك روته، رجل الدولة الهولندي المتمرس في السياسة، تأكيد هذه الرسالة، إذ قال إن على أوروبا و"الناتو" الاستعداد للحرب مع روسيا "بحجم تلك التي عايشها أجدادنا وأجداد أجدادنا".

وتكرر القيادة الروسية أنها لا ترغب "في خوض حرب مع أوروبا لكنها مستعدة لها" في حال تعرضت للاستفزاز. هذا كلام شبيه على نحو مخيف بما قاله الكرملين في شتاء عام 2021 حول عدم وجود نية لديه لغزو أوكرانيا ما لم تتغير الظروف. وأثار الشبه في اللغة المستخدمة واستراتيجيات بث المعلومات قلق أجهزة الاستخبارات الدفاعية والوكالات الشقيقة في المملكة المتحدة.

إن السؤال المطروح حول أمن أوروبا في الوقت الحالي وخلال أشهر الشتاء المقبلة يتعلق بقدرة أوكرانيا على الصمود والدفاع عن أراضيها بعد أن استبعدت روسيا وأميركا فرصها في النجاة على ما يبدو. وصرّح ترمب بأن أوكرانيا لن تتمكن من الانتصار وعليها التفاوض مع روسيا، مما يوحي بأن شروط الاتفاق ستكون غير مواتية للأوكرانيين. ومن الواضح أن موسكو تراهن على تغيير النظام في كييف وإعادة ضم أوكرانيا إلى مجال نفوذها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هل تستطيع أوكرانيا الصمود في وجه العدوان الروسي المتجدد، في ظل عدم اكتراث أميركا وسياستها المتناقضة، وضرورة تعزيز الدعم العسكري من أوروبا؟ تحقق روسيا مكاسب مستمرة في الميدان، على رغم الخسائر الفادحة التي تمنى بها قواتها. أما القوات الأوكرانية فمنهكة، فيما تتعرض مدنها والمدنيون فيها للقصف الجوي ليلياً. وخطوط القتال ممتدة بصورة واسعة للغاية في دونيتسك وزابوروجيا وخيرسون. وتضاعفت كمية الهجمات بالقنابل الانزلاقية ومن خلال المسيّرات التي تزداد تطوراً. وتواجه أوكرانيا صعوبة في تجنيد عناصر جدد وتناوب القوات في الميدان؛ وقد سجل ارتفاع ملحوظ في حالات الفرار من الخدمة العسكرية.

لكن في الميدان، لم تحسم بعد خسارة أوكرانيا، فحتى بعد نحو 18 شهراً من القتال، لا تزال مدينة بوكروفسك، وهي مركز لوجستي استراتيجي، غير خاضعة للسيطرة الروسية الكاملة. ولا يزال المثلث الحصين في شمال منطقة دونيتسك في أيادٍ أوكرانية. ربما تحرز روسيا بعض التقدم على الأرض، لكنها تدفع مقابله بين ألف وألفي ضحية يومياً ومع ذلك لا تتقدم بصورة كافية.

ويتعين على أوكرانيا وحلفائها الآن تحديد أولويات لدعم مجالات أساسية: الحرب البرية على الخطوط الأمامية، الدفاعات الجوية، الهجمات العميقة على مناطق الدعم الروسية ومنشآتها، إضافة إلى المجال البحري في البحر الأسود، والأنشطة غير القانونية والتخريبية في منطقة البلطيق.

وأكثر النقاط إلحاحاً هي ضرورة تعزيز الدفاع الجوي في المدن باستخدام الصواريخ والمسيّرات. ففي ميدان المعركة، تشكل تقنيات الحرب الإلكترونية والمسيّرات الروسية المعززة تحدياً كبيراً لأوكرانيا وجيوش "الناتو". وتطور ألمانيا وبولندا والمملكة المتحدة أسلحة رخيصة الثمن بكميات كبيرة من أجل الدفاع والهجوم. ويكلف كل من صواريخ "باتريوت" للدفاع الجوي وصواريخ "كروز" البريطانية من طراز "ستورم شادو" التي تطلق من الجو ما يفوق المليون جنيه استرليني للصاروخ الواحد. لذلك يعمل الحلفاء مع أوكرانيا على تطوير صواريخ أرض-أرض بكلفة بضع مئات الآلاف الجنيهات، قادرة على ضرب أهداف تصل إلى 1300 كيلومتر داخل روسيا.

ويجب مد أوكرانيا بهذه الأسلحة في أسرع وقت ممكن في غضون أسابيع وليس أشهر. فيبدو أن حملة الضربات العميقة التي تشنها أوكرانيا على مراكز السكك الحديد ومصافي النفط ومحطات التحويل الكهربائي تحقق تأثيراً فعلياً. وعلى مدى الأشهر الستة الماضية، انخفضت عمليات تأجير الشاحنات وعربات الشحن في السكك الحديد [الروسية] بنسبة 60 في المئة، فيما تواجه شركة السكك الحديد الحكومية أزمة، إذ خسرت أكثر من 10 في المئة من حركة النقل الإجمالية على مدى العام.

ولحق الضرر الأكبر بشحن النفط والغاز الخاضع للعقوبات عبر "أسطول الظل" من الناقلات غير المؤمنة. فقد تمكنت أوكرانيا تقريباً من إغلاق الميناءين الرئيسين لتصدير النفط الروسي في البحر الأسود، إلى درجة أن كازاخستان أوقفت نقل نفطها إلى محطة نوفوروسيسك. وكانت المسيّرات البحرية مثل "سي بيبي" Sea Baby التي أسهمت بريطانيا في تصميمها، فاعلة بصورة خاصة. وروسيا تتوعد بالانتقام: من المتوقع أن تتعرض الموانئ الأوكرانية الرئيسة في البحر الأسود وأحواض بناء السفن في أوديسا وميكولايف لقصف جوي روسي مكثف خلال الأسابيع المقبلة.

ومن المتوقع أن تتصاعد حدة النشاط الروسي المعادي عبر بحر البلطيق وشمال الأطلسي. وأصبحت كاليننغراد، الجيب الروسي المحصور بين بولندا وليتوانيا، الميناء الروسي الوحيد الذي لا تتجمد مياهه على مدى العام. وارتفع معدل توغل الغواصات الروسية في المياه الإقليمية للمملكة المتحدة. وهذه مؤشرات خفية إنما واضحة على الضغط الذي يتعرض له القطاع البحري الروسي بسبب العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.

لا داعي للتذكير بالطبع بأن موسكو اعتقدت بأن العملية [الأوكرانية] لن تستغرق أكثر من 10 أيام. والآن تزعم موسكو أنها قادرة على شق طريق النصر وإرغام كييف على الاستسلام خلال عام ونصف عام إضافيين. وإذا تواصلت الحرب كل تلك المدة، سوف ينهار الاقتصاد الروسي وحتى الصين لن ترغب كثيراً في لملمة شظاياه.

لكن الوقت الباقي أمام أوكرانيا أقصر. فمن الضروري أن تصمد خلال الأشهر المقبلة، وعلى الأوروبيين تكثيف جهودهم في تسليم الأسلحة والتكنولوجيا وتقديم التدريب، كما يطالب مارك روته وآل كارنز. إن أوكرانيا قادرة على الصمود والنجاة، على رغم كل المشكلات والمآسي التي تعانيها، وليس في البلاد ميل نحو الاستسلام، كما قال الجنرال روبرت سميث بعد زيارته الشهر الماضي. ومن الأرجح أنها سوف تصمد أيضاً.

© The Independent

المزيد من آراء