ملخص
إذا قدم لبنان نموذج دولة تعمل، ولو بالحد الأدنى، قد يشتري وقتاً ويحول المهلة إلى مسار. أما إذا بقيت الدولة عاجزة ومنقسمة، فستتعامل القوى الخارجية مع لبنان كمساحة، ضربات، وشروطاً مالية، وترتيبات أمنية فوق رأس الدولة، أي لبنان في غرفة انتظار طويلة مع قابلية انفجار متقطعة.
مع اقتراب نهاية العام، لا يعود استحقاق 31 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، مجرد موعد تقني مرتبط بمهلة أميركية لحسم ملف سلاح "حزب الله"، بل يتحول إلى لحظة سياسية مفصلية تقرأ في سياق أوسع يتجاوز لبنان وحدوده. فالتزامن بين هذا الاستحقاق، ووصول السفير الأميركي الجديد إلى بيروت ميشال عيسى، والتصريحات الصادمة التي أطلقها المبعوث الأميركي توم براك عن "إمكان ضم لبنان إلى سوريا"، ليس تفصيلاً عابراً ولا زلة لسان، بل رسالة سياسية مركبة تعكس تحولاً في طريقة مقاربة واشنطن للملف اللبناني.
عملياً، تدخل الولايات المتحدة إلى لبنان في هذه المرحلة بعقلية مختلفة، أقل صبراً على الصيغ الرمادية، وأكثر ميلاً إلى إعادة تعريف وظيفة الدولة اللبنانية ومكانها في الإقليم. وصول السفير الجديد لا يأتي لإدارة أزمة مزمنة أو تدوير الزوايا، بل لمواكبة مرحلة "حسم الخيارات"، إما دولة ذات سيادة تحتكر السلاح والقرار، وإما كيان عاجز يعاد تصنيفه كجزء من مشكلة إقليمية أكبر، لا كحالة مستقلة تستحق معاملة خاصة.
من هنا، يفهم كلام براك عن سوريا لا كطرح جغرافي حرفي، بل كتحذير سياسي قاس، لبنان الذي يفشل في إنتاج قرار سيادي قد ينزع عنه استثناؤه الدولي، ويعاد وضعه ضمن سلة أزمات المشرق المفتوحة، حيث تدار الملفات من فوق رأس الدول، وترسم الوقائع بالقوة أو بالصفقات الكبرى. بهذا المعنى، يصبح ما بعد 31 ديسمبر اختباراً ليس فقط لسلاح "حزب الله"، بل لوجود لبنان نفسه كدولة قائمة بذاتها، أو كمساحة رخوة قابلة للإلحاق، أو التدويل، أو التفكيك الوظيفي.
ماذا يعني ما بعد 31 ديسمبر؟
ليست المهلة الأميركية المرتبطة بمسار مقترح لنزع سلاح "حزب الله"، على مراحل، تاريخاً سحرياً، تنتهي عنده الأزمة أو تنفجر تلقائياً، بل نقطة قياس، بعدها تتحول السياسة من "إعطاء فرصة" إلى "تحديد أثمان" على لبنان، سياسياً ومالياً وأمنياً، وبحسب مستوى التقدم الفعلي على الأرض، لا الخطاب. وعملياً، ما بعد 31 ديسمبر، يفتح ثلاثة أسئلة قاسية، هل الدولة أي الجيش والأمن والقرار السياسي قادرون على فرض احتكار السلاح؟ وهل إسرائيل ستربط أي انسحاب أو تهدئة بمؤشرات تفكيك قدرات الحزب جنوباً وخارجه؟ علماً، وبحسب تعليق خاص لأحد المقربين من "حزب الله"، "أن الحزب غير ملتزم إلا بجنوب الليطاني". أيضاً هل المجتمع الدولي سيمول إنقاذ لبنان أم سيبقيه تحت "عقوبة الانتظار"؟ وما هي السيناريوهات السياسية؟
تمديد مقنع للمهلة أو تقدم كاف لتجنب الانفجار
هذا السيناريو يقوم على تمرير شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، عبر إعلان نتائج تقنع واشنطن وشركاءها بأن المسار يتحرك، وذلك عبر ضبط أكبر جنوب الليطاني، ومصادرات وتفكيك بعض البنى، وخريطة طريق علنية أو شبه علنية. هنا قد يحصل لبنان على استمرار غطاء دولي للحكومة ومنع انهيار سياسي.
أما السيناريو الثاني، فقد يتم عبر زيادة دعم للأجهزة الرسمية من جيش وقوى أمن، كي تملأ فراغاً وظيفياً تدريجاً. ومنطق هذا السيناريو، أن واشنطن لا تريد فوضى شاملة في لبنان، لكنها تريد تغييراً قابلاً للقياس، فإذا قدمت الدولة حداً أدنى من مؤشرات الالتزام، قد تمنح مهلة تنفيذية، جديدة غير معلنة.
أما السيناريو الثالث فقد يتم عبر حل وسط لبناني داخلي، أي عبر "تنظيم السلاح بدل نزعه"، هنا تحاول السلطة تحويل الاستحقاق إلى تسوية داخلية، أي عبر تخفيض الظهور العسكري جنوباً، وتقليص السلاح الثقيل العلني، وربما إعادة تموضع، مقابل الحفاظ على جوهر القوة العسكرية للحزب ضمن معادلة سياسية. وقد ينجح هذا السيناريو محلياً لتفادي فتنة، لكنه غالباً لن يكون كافياً أميركياً وإسرائيلياً إذا بقيت القدرات الصاروخية والمسيرات والقيادة والسيطرة على حالها. وفي هذه الحالة يتبدل تعامل الخارج من مسار إلى ضغط وعقوبات وتفويض لإسرائيل بالعمل.
وكان السفير الأميركي ميشال عيسى، قد أثار الانتباه، وخلال مناسبة جمعته مع نواب لبنانيين وأثناء نقاشه سلاح "حزب الله"، مكرراً موقف براك المعروف، ومستخدماً مصطلح containment، بمعنى احتواء السلاح إذا لم يكن من الممكن نزع سلاح الحزب بالكامل. هذه الكلمة أثارت جدلاً سياسياً حول الموقف الأميركي الفعلي.
وكان براك قد صرح سابقاً، بأن الأولوية ليست نزع سلاح "حزب الله" بل منع استخدامه، وهو ما يتطابق مع كلام السفير لدى لبنان.
أيضاً وفي رسائل أميركية متضاربة، تضمنت النسخة النهائية من مشروع الموازنة الدفاعية الأميركية، للعام المقبل، بنداً صريحاً يربط دعم الولايات المتحدة الجيش اللبناني بجهوده لنزع سلاح "حزب الله"، تحت طائلة تعليق المساعدات الأميركية "إذا تبين أن الجيش غير مستعد لاتخاذ إجراءات لنزع السلاح".
سياسة الضغط أثمرت
في السياق قال الكاتب والمحلل السياسي حسن الدر "مما لا شك فيه أن هناك حديثاً عن مهلة آخر العام لحصر السلاح بيد الدولة، وهذه المهلة يحكى عنها بشكل علني وفي اللقاءات السياسية، لكن السؤال هل بعد انتهاء المهلة سنذهب حكماً إلى الحرب؟ أم إنها مهلة للضغط ولكسب مزيد من التنازلات من الدولة، بخاصة أن سياسة الضغط أثمرت بعد تعيين السفير سيمون كرم رئيساً للميكانيزم؟ هنا كل الاحتمالات واردة، ولكن هناك قراءة تقول إنه من مصلحة أميركا ألا تكون هناك حرب، لأنه من قام بكل هذه الضغط لإيقاف الحرب في غزة، فكيف سيوافق على حرب على لبنان؟ والعالم كله تعب من هذه الحرب الكبيرة في المنطقة، عدا عن صورة إسرائيل نتيجة حربها في غزة. لكن هناك قراءات أخرى تقول إن المشروع كبير جداً ويستحق تضحيات بالنسبة إلى الأميركيين والإسرائيليين، وأن يأخذوا مخاطرة إضافية ويذهبوا نحو حرب. أما كيف؟ وما هي السيناريوهات؟ فهناك من يتحدث عن ضربة جوية كبيرة، وإذا رد الحزب، نذهب نحو حرب. وهناك من يتحدث عن إنزالات وتقدم من جهة البقاع (شرق) أو من جهة الجنوب، فكلها سيناريوهات محتملة، لكن لا أحد يستطيع أن يحسم أو يجزم بهذا الشأن. الرئيس نبيه بري (رئيس مجلس النواب) كان كلامه واضحاً بأننا ملزمون بحصر السلاح جنوب الليطاني، وهذه الرسالة، بهذا الإطار، موجهة للجميع في الداخل والخارج، أي إن خطة الجيش لحصر السلاح، هي في جنوب الليطاني، أما شمال الليطاني فنعود إلى خطاب القسم الذي كان قد تحدث عن أن حصرية السلاح ستكون من خلال استراتيجية الأمن الوطني".
صدام سياسي ودستوري
عند هذه النقطة، إذا دخل هذا الملف في بازار داخلي سياسي حاد أي انسحابات، وتعطيل، وشلل تشريعي وحكومي، فسقوط الحكومة، سيدخل لبنان بمرحلة الشلل الكامل، ويصبح أمام حكومة تصريف أعمال طويلة أو فراغات متناسلة. هذا السيناريو يسقط ورقة الدولة كـطرف منفذ، ويتحول الضغط الخارجي إلى تجاوز القنوات اللبنانية لمصلحة ترتيبات أمنية ومراقبة وتمويل مشروط مباشرة بمؤسسات محددة، من هنا ارتفع في الفترة الأخيرة الحديث عن ترتيبات دولية بديلة على الحدود.
السيناريوهات العسكرية والأمنية
أما السيناريوهات العسكرية الأكثر احتمالاً فهي استمرار نموذج ضربات إسرائيلية مركزة ضد البنى التحتية ومواقع التدريب والتصنيع والتهريب والمخازن، مع محاولة الحزب تجنب حرب شاملة، لأن الحرب الشاملة الآن تعني استنزافاً داخلياً وفتح باب انهيار بيئته اقتصادياً وأمنياً. وهذا ما نراه بالفعل أي استمرار الضربات تحت عنوان منع إعادة البناء.
في هذا الصدد، قال المتخصص العسكري والاستراتيجي العميد يعرب صخر، "لقد فرط لبنان، بنفس، بكثير من الوقت، وفي ظنه أنه يشتري الوقت أو يتحايل أو يماطل لعله تحدث تغيرات أخرى في مسعى منه لعدم نزع سلاح حزب الله أو الالتفاف على عملية نزع السلاح وإطالة أمدها سعياً إلى تغيرات محتملة، هذا هو لبنان الرسمي الذي يتلكأ في عمله، وبعد مرور سنة تقريباً حتى الآن، لم يفعل شيئاً، وإذا فعل شيئاً يأتي متأخراً، وإذا قرر شيئاً يأتي تحت الضغط الدولي والإقليمي، ولولا هذا الضغط لما صدر قرار الخامس من أغسطس (آب) الماضي، وهذا بعد التجربة ومراقبة المجتمع الدولي للالتزام اللبناني الرسمي. ثم أتى قرار الخامس من سبتمبر (أيلول) الذي حاول الالتفاف على قرار الخامس من أغسطس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان مجلس الوزراء اللبناني قد أقر "حصر السلاح" بما فيه سلاح "حزب الله" بيد الدولة، وتكليف الجيش بوضع خطة لإتمام ذلك، وتنفيذها قبل نهاية عام 2025 وذلك في الخامس من أغسطس، ومن ثم، وفي الخامس من سبتمبر أقرت الحكومة خطة الجيش لحصر السلاح، ولم تتضمن مهلة زمنية كون المهلة حددت في القرار السابق.
في هذا الشأن، تابع العميد صخر أنه "ما بين قرار وقرار آخر، وما بين مسعى من السلطة اللبنانية أو خوفها أو تهيبها من عملية نزع السلاح، التي هي الممر الإلزامي لكل الانفتاح الدولي على لبنان، بما في ذلك تقديم المساعدات والإعمار، وكبح جماح إسرائيل. لكن السلطة اللبنانية لا تزال حتى هذه اللحظة مترددة، بل تحاول الدخول في عملية إلهاء بالمرحلة الأولى من المراحل الخمس في عملية حصر السلاح. واليوم وقد وصلنا إلى نهاية السنة والمهلة الأميركية تنتهي آخر ديسمبر، وكانت المهلة الإسرائيلية تحدثت عن مهلة تنتهي آخر نوفمبر (تشرين الثاني)، لكن الضغط والاستمهال الأميركي أجلا المهلة الإسرائيلية".
لبنان يأتي متأخراً دائماً
وأشار العميد صخر إلى "أن الخطوات اللبنانية دائماً ما تأتي متأخرة، وعليه تم تعيين شخصية مدنية دبلوماسية مخضرمة على رأس الوفد اللبناني المفاوض في الناقورة، لكن علينا دائماً أن نفصل ما بين الميدان والمفاوضات، تظن السلطة اللبنانية أنها في هذه الخطوة تحاول شراء الوقت، لكن هناك المراحل اللاحقة، التي هي على المحك، وكيف يمكن للبنان أن يظهر جديته، لكن بدأ يتكون جو من عدم اليقين وانعدام الثقة عند المجتمع الدولي تجاه السلطة السياسية في لبنان"، وتابع "بلغنا حافة الهاوية، ولكن إذا بدأ الجيش اللبناني بنزع السلاح شمال الليطاني أي في صور والنبطية، فسيكون هذا عاملاً مساعداً، ويمكن أن يظهر جدية ويمنع إسرائيل من متابعة غاراتها في الداخل اللبناني. ولكن الآن، عملية التفاوض في 19 ديسمبر هي الخطوة الأخيرة التي يمكن أن يقوم بها لبنان، وهنا عليه أن يظهر أنه سيقدم على خطوة ثانية ويحددها بالمراحل والمهل والأطر، التي سيقوم بها شمال الليطاني لتثبيت جديته، لكن الأكيد والثابت أن الطرف الممانع يتحكم بقرارات السلطة اللبنانية التي لا تستطيع القيام بشيء على رغم عنه".
إسرائيل تبلغ أقصى استعداداتها
وكانت "الفرقة 91" الإسرائيلية قد أجرت تدريبات أخيراً، مما يشير إلى احتمال قيامها بتصعيد على جبهة لبنان لمنع "حزب الله" من إعادة بناء قوته، بحسب متخصصين في الشأن العسكري. وتسمى "الفرقة 91" بفرقة الجليل، وهي مسؤولة عن جبهة لبنان كلها من رأس الناقورة غرباً حتى مزارع شبعا المحتلة شرقاً. وهنا أشار العميد صخر إلى "أن إسرائيل حشدت، منذ عامين، الفرقة 91، و40 ألف جندي من الاحتياط، وللمرة الأولى تحدد السلطات الإسرائيلية مهلة طويلة لعمل الاحتياط، لأنه بالعادة عندما تنفذ المهمة يعادون إلى التقاعد، لكن مرت الآن مهلة سنتين كاملتين. كذلك الأمر فما حشدته في شمال إسرائيل من أسلحة هائلة بحدود 900 شحنة طائرة شحن من أميركا، وتأمينات دفاعية وهجومية، بلغت فيها إسرائيل أقصى استعداداتها ليس فقط في جنوب لبنان إنما في الأساس بجبهة إيران مرة ثانية. عدا عن أن هناك مسعى إسرائيلياً لربط جنوب لبنان بالجنوب السوري، مما يعني أن هاتين المنطقتين العازلتين على كتف الجولان وجبل حرمون، ومنهما قد تقوم بعملية عسكرية التفافية ومناورة كبرى، تطاول حتى البقاع، إذا تطورت الأمور، بمعنى أن الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية بلغت أقصاها".
متى تنفلت السيناريوهات؟
يحدث ذلك إذا قامت إسرائيل بضربة نوعية تسقط قيادياً كبيراً، أو تحدث مجزرة مدنية. وهذا سيعقبه رد يسقط قتلى مدنيين داخل إسرائيل أو يمس منشآت حساسة، مما سيؤدي إلى انهيار مسار الضبط جنوباً وعودة العلنية المسلحة. وربما سنكون أمام مواجهة ضبط، بين الدولة والحزب، مما سيؤدي إلى احتكاكات موضعية، خصوصاً بعد المعلومات التي تحدثت عن أن الأهالي يمنعون الجيش من تفتيش منازلهم. هي ليست حرباً أهلية، بل احتكاكات حول التفتيش والمصادرة وإقفال المواقع، ومنع إعادة بناء بنى عسكرية في مناطق محددة، وصراع صلاحيات بين الجيش وأجهزة أخرى أو بين الدولة وبيئات محلية.
خطورة هذا السيناريو ليست في المعركة نفسها، بل في "الشرعية"، فإذا ظهر الجيش عاجزاً أو محاصراً سياسياً، تصبح الدولة مجرد واجهة، ويتشجع الخارج على فرض أثمان أكبر.
الحرب الواسعة احتمال أقل لكن كلفته وجودية
تبقى الحرب الشاملة أقل ترجيحاً لأن كلفتها على الجميع عالية، لكنها تصبح ممكنة إذا تحول ما بعد 31 ديسمبر إلى "انتهاء صبر" مع قناعة بأن لبنان لن ينفذ، أو إذا رأت إسرائيل نافذة عملياتية لتصفية القدرات الاستراتيجية للحزب.
السيناريوهات الاقتصادية والمالية والجزرة المشروطة
هناك تصور أن "الإنقاذ" سيكون مكافأة سياسية وأمنية، بمعنى كلما تقدم احتكار الدولة السلاح، تفتح أبواب الدعم الأمني والمؤسسي من تدريب وتجهيز. لكن هذا الدعم لن يأتي كمنحة أخلاقية، بل كصفقة، سلاح أقل، مقابل أخطار أقل، وأموال أكثر. لكن العصا الدولية ستأتي على شكل تجفيف مالي أعمق وعقوبات وتصنيف أخطار أعلى. فإذا اعتبر أن لبنان لم يلتزم أو يناور، فستظهر أدوات اقتصادية قاسية، كتشدد أكبر على التحويلات والقطاع المالي، ورفع كلفة الأخطار على المصارف والتجارة، وعقوبات على شبكات ووسطاء وواجهات، أو تضييق على قطاعات مرتبطة بالتهريب، ما سيتبعه انكماش الاستثمارات وركود أطول، وارتفاع علاوة الأخطار على الدولة والقطاع الخاص.
في هذا السيناريو تترك الدولة تتآكل، ويكبر الاقتصاد غير الرسمي، من التهريب، واقتصاد الكاش، وشبكات حماية محلية، وتراجع قدرة الحكومة على الجباية والخدمات. هذا هو أسوأ سيناريو اقتصادي، لأنه يرسخ نموذج "بلد بلا مركز قرار".
في الخلاصة، ما بعد 31 ديسمبر ليس سؤال "هل ينزع السلاح أم لا؟"، بل هل يدخل لبنان مرحلة فرض وقائع عليه بدل التفاوض عليها؟
إذا قدم لبنان نموذج دولة تعمل، ولو بالحد الأدنى، قد يشتري وقتاً ويحول المهلة إلى مسار. أما إذا بقيت الدولة عاجزة ومنقسمة، فستتعامل القوى الخارجية مع لبنان كمساحة، ضربات، وشروطاً مالية، وترتيبات أمنية فوق رأس الدولة، أي لبنان في غرفة انتظار طويلة، مع قابلية انفجار متقطعة.