Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران ساحة مواجهة بين معارضي الحجاب الإلزامي ومؤيديه

أدت صور متداولة من حفلات موسيقية وفعاليات ثقافية ظهرت فيها نساء من دون غطاء للرأس إلى تصريحات شديدة اللهجة

مشرعون يسعون إلى تنفيذ قانون العفاف والحجاب في إيران (أ ف ب)

ملخص

استغل بعض المؤيدين لتشديد الحجاب أزمة انخفاض معدلات الأمطار للربط بينها وبين عدم تطبيق القانون، فقد زعم النائب كامران غضنفري أن أحد أسباب التراجع الكبير في الأمطار هو عدم تنفيذ قانون العفاف والحجاب وانتشار الفساد بصورة غير مسبوقة، مضيفاً أن التهاون في الحجاب يؤثر في نزول المطر، وأن ارتكاب الذنوب يؤدي بصورة حتمية إلى تقليل النعم الإلهية.

أكد رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف خلال كلمة ألقاها أول من أمس لمناسبة يوم الطالب في مدينة مشهد ألا حاجة إلى سن قوانين جديدة في شأن الحجاب، وقال أمام طلاب "جامعة فردوسي" إن بعض الجهات التي تتصدر ملف العفاف والحجاب لا تحمل هماً ثقافياً أو دينياً، بل دوافع سياسية تضر بالقضية.

وانتقد قاليباف إصرار عدد من النواب على دفع قانون العفاف والحجاب إلى التنفيذ، مشدداً على أن البلاد ليست بحاجة إلى تشريعات جديدة في هذا المجال، وهو ما أكده أيضاً رئيس السلطة القضائية، مضيفاً أن الحجاب قضية جوهرية، ومدعياً أنه خصص الجزء الأكبر من وقته لإعداد ودرس مشروع قانون العفاف والحجاب، وأنه تابع هذه المناقشات مع خبراء جامعيين وفقهاء في محافظات مختلفة، بما في ذلك جلسات عدة عقدت في مشهد، مؤكداً أن "الحجاب يبقى من أهم أولوياتنا".

مكاسب سياسية

تبدو المواقف الأخيرة لمحمد باقر قاليباف أقرب إلى خطوة سياسية تهدف إلى الابتعاد من خصومه داخل البرلمان، أكثر من كونها دعماً لتعليق القوانين المتعلقة بالحجاب، وكان قد رفض في وقت سابق انتقادات عدد من النواب قائلاً إن مطالبتهم له بعد جلسة امتدت أربع ساعات بإبلاغ "قانون العفاف والحجاب" بدلاً من الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي، تكشف أن دوافعهم سياسية بالأساس وليست نابعة من القلق على موضوع الحجاب، ودعا عبر منصة "إكس" الأسبوع الماضي النيابة العامة إلى التعامل مع من وجهوا له الاتهامات، مطالباً الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي بتوضيح موقف المجلس لكشف ما إذا كانت رسالة الأمانة العامة في شأن عدم إبلاغ "قانون الحجاب" قانونية أم لا.

وجاء رد قاليباف بعد اتهامات وجهها النائب كامران غضنفري خلال جلسة البرلمان التي انعقدت في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، إذ قال إن قاليباف امتنع منذ سبتمبر (أيلول) 2024 عن إبلاغ "قانون العفاف والحجاب"، مخالفاً واجبه الدستوري، ورأى أن في ذلك تعطيلاً لحكم قرآني، بينما ذكرت وسائل إعلام أن مواقف غضنفري تتماشى مع تصريحات سعيد جليلي الذي زعم أن المجلس لم يصدر أي قرار في هذا الشأن، خلافاً لما يقوله قاليباف والرئيس مسعود بزشكيان.

وأشار غضنفري في اتهامه إلى رسالة كان الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي أحمديان قد وجهها في سبتمبر 2024، وطالب فيها بتعليق إبلاغ القانون مدة ثلاثة أشهر فقط، إذ يستند معارضو تجميد قانون العفاف والحجاب إلى هذه الرسالة باعتبار أن المدة المحددة انتهت، وبالتالي كان يجب أن يبدأ تنفيذ القانون فوراً.

الخلاف حول قانون الحجاب المصادق عليه لا يقتصر على قاليباف ومعارضيه داخل البرلمان، إذ شدد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال الأيام الماضية مراراً على أن قضية الحجاب مسألة اجتماعية لا يمكن حلها بالقرارات الفوقية، وجدد أثناء لقائه طلاب الجامعات موقفه بالقول إن "قضية الحجاب ليست بسيطة كي تحل بالأوامر والتشدد، ويجب العمل على الإقناع، فكل ما يؤكده القائد (المرشد علي خامنئي) يتطلب جهداً ثقافياً وتوعوياً".

ويفهم من حديث الرئيس بزشكيان عن موقف المرشد خامنئي تلميح إلى التقارير التي تحدثت عن إبلاغ الحكومة رأي خامنئي في شأن ملف الحجاب، وقد برز هذا الموضوع بعد تصريح مسؤول مقر "جهاد التبيين" بأن وزارة الاستخبارات رفعت تقريراً إلى المرشد علي خامنئي حول توسع ظاهرة نزع الحجاب، وصرح معاون التبليغ والشؤون الثقافية في الحوزات العلمية الإيرانية حسين رفيعي خلال ندوة أن وزير الاستخبارات السابق قدم بعد ثلاثة أشهر من انتهاء الحرب تقريراً حول تحركات معارضة ثقافياً وظاهرة سوء الحجاب وكان صادماً، مما دفع المرشد إلى إصدار توجيهات صارمة.

وبحسب رفيعي فإن المرشد طلب من الحكومة اتخاذ خطوات أساس في ملف الحجاب، وهو ما يستند إليه منتقدو تجميد القانون الذين يؤكدون أن مطلب المرشد خامنئي كان واضحاً بضرورة إبلاغ التشريع.

وفي الـ 26 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أقر رئيس المجلس الإعلامي للحكومة الإيرانية إلياس حضرتي بوجود رسالة موجهة من المرشد إلى الحكومة حول هذا الملف، لكنه نفى أن تتضمن إلزاماً بتنفيذ القانون فوراً، وأكد أن تجارب الأعوام الماضية أثبتت أن الأساليب الخاطئة في التعامل مع قضية الحجاب لم تسهم في الحد من المظاهر غير المرغوبة، بل أدت في بعض الحالات إلى تفاقم الأوضاع.

ادعاءات تربط الجفاف بملف الحجاب في إيران

امتدت السجالات حول عدم تنفيذ قانون الحجاب إلى خطب أئمة الجمعة، فوجّه عدد منهم خلال الأسابيع الأخيرة انتقادات حادة للوضع الحالي، وقد قال خطيب جمعة مدينة مشهد أحمد علم الهدى في الـ 28 من نوفمبر الماضي إن اتساع ما وصفه بـ "المنكرات وغياب الحجاب والتصرفات غير المنضبطة" يهدد أسس جبهة المقاومة في إيران، محذراً من أن تراجعها في الداخل سينعكس كذلك على الساحات الخارجية، واعتبر أن "العدو يدرك ذلك وفتح جبهة جديدة ضدنا"، واصفاً الوضع الراهن لحجاب النساء بعبارات مهينة تربطه بما سماه "الترويج للانفلات والفجور"، مطالباً باتخاذ إجراءات حازمة.

وكذلك استغل بعض المؤيدين لتشديد الحجاب أزمة انخفاض معدلات الأمطار للربط بينها وبين عدم تطبيق القانون، ففي سياق انتقاد تصريحات الرئيس مسعود بزشكيان حول احتمال إخلاء العاصمة بسبب أزمة المياه، زعم النائب كامران غضنفري أن أحد أسباب التراجع الكبير في الأمطار هو عدم تنفيذ "قانون العفاف والحجاب"، وانتشار الفساد بصورة غير مسبوقة، مضيفاً أن التهاون في الحجاب يؤثر في نزول المطر، وأن ارتكاب الذنوب يؤدي بصورة حتمية إلى تقليل النعم الإلهية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ساحة مواجهة بين معارضي الحجاب الإلزامي ومؤيديه

تواصل المواجهة بين الداعمين لحرية اختيار الحجاب وأنصار إلزاميته التمدد إلى الشارع، فعلى رغم برودة الطقس لا تزال نساء كثيرات يرفضن الحجاب المفروض من السلطات مع تزايد أعدادهن، ليس فقط في المدن الكبرى وحسب بل في المدن الصغيرة أيضاً، وقد شهد سباق "ماراثون قسم" (كيش) الذي شاركت فيه نساء وفتيات من دون حجاب، ردود فعل قضائية غاضبة، وأعلنت السلطات أنه جرى اتخاذ إجراءات قانونية بحق عدد من منظمي الفعالية، بينما قال المدعي العام في جزيرة قسم إن من بين الموقوفين مسؤولاً في المنطقة الحرة وآخر من شركة خاصة نظمت السباق.

وأدت صور متداولة من حفلات موسيقية وفعاليات ثقافية ظهرت فيها نساء من دون حجاب إلى تصريحات شديدة اللهجة من رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي، الذي أكد أخيراً أن بعض المظاهر الاجتماعية غير المنضبطة، ومنها عدم الالتزام بالحجاب، باتت غير مقبولة والجميع مسؤول في مواجهتها.

في المقابل خرج أنصار الحجاب الإلزامي إلى الشوارع أيضاً، وفي نوفمبر الماضي نُظم حشد من المؤيدين لتشديد الحجاب تحت عنوان "المسيرة العائلية الكبرى للحجاب الفاطمي" تجمعاً في طهران، وقد أثار حضور قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني انتقادات سياسية واسعة، وأشار منتقدون إلى أن الحرس الثوري يواجه اتهامات بالإخفاق الاستخباراتي أمام إسرائيل، ويتحدث قادته عن احتمال تجدد المواجهة، متسائلين عن سبب مشاركة أحد كبار قادته في تجمع يدعم الحجاب.

وعلى رغم الضغط الإعلامي من قبل المطالبين بإبلاغ "قانون الحجاب" وتنفيذه، فإن هؤلاء أنفسهم يقولون إن ذلك لم يؤثر في موقف النساء الإيرانيات، ويمكن ملاحظة ازدياد حضور النساء ذوات الحجاب غير الإلزامي في الفضاء العام.

 نقلاً عن "اندبندنت فارسية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير