Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ملفات ثقيلة على طاولة القمة الخليجية

قادة مجلس التعاون يبحثون عن مسارات الاستقرار وسط تحولات إقليمية متسارعة

جانب من أعمال القمة الخليجية الـ45 في الكويت (مجلس التعاون الخليجي)

ملخص

تنعقد القمة الخليجية الـ46 في البحرين وسط مرحلة إقليمية معقدة تتصدرها تطورات غزة وأزمات اليمن والسودان، إضافة إلى التحديات الأمنية والاقتصادية.

يبحث وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في البحرين، اليوم الأحد، المستجدات الإقليمية والدولية قبيل انعقاد القمة الخليجية الـ46 التي تستضيفها المنامة الأربعاء المقبل، وتأتي القمة في مرحلة سياسية دقيقة تشهد تراكماً لملفات معقدة تشمل تطورات غزة واليمن والسودان، إضافة إلى تحديات الأمن الإقليمي والعلاقات مع القوى الدولية.

وأكد خبراء سياسيون لـ"اندبندنت عربية" أن انعقاد القمة في هذا التوقيت يكتسب أهمية استثنائية، نظراً إلى ما تفرضه التطورات المتسارعة من ضرورة توحيد الرؤى وتعزيز الدور الخليجي كقوة سياسية فاعلة في محيطه العربي والدولي.

مرحلة جديدة

أكدت المستشارة في شؤون الإعلام بمملكة البحرين لولوة بودلامة أن القمة الخليجية الـ46 تأتي في لحظة إقليمية ودولية حساسة تجعل منها محطة مفصلية لتعزيز وحدة الصف الخليجي وتطوير مسارات الأمن والدفاع والتكامل الاقتصادي، وقالت إن انعقادها في المنامة يعكس الثقة بالدور البحريني في دعم الاستقرار، مشيرة إلى أن القمة مرشحة لإطلاق رؤية أكثر تماسكاً وفاعلية في مواجهة التحديات الراهنة وترسيخ حضور مجلس التعاون كقوة مؤثرة في محيطه العربي والدولي.

وأوضحت بودلامة أن القمة تمثل فرصة لمراجعة التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه المنطقة، من ضغوط الاقتصاد العالمي وأمن الطاقة والغذاء، إلى التحولات الجيوسياسية التي تستدعي تعزيز منظومة الدفاع المشترك وتوحيد المواقف الخليجية تجاه الملفات الإقليمية.

 

وأضافت أن أمن الممرات البحرية ومكافحة الإرهاب والتعامل مع التدخلات الخارجية تظل عناصر حيوية لاستقرار الخليج، مؤكدة أن تعزيز التكامل والسياسات المشتركة يمنح المجلس قدرة أكبر على الصمود أمام الأزمات وحماية مصالحه الاستراتيجية.

قالت بودلامة إن السياسة الخارجية الخليجية تتجه نحو مزيد من التماسك في ظل التحديات الإقليمية والدولية، مؤكدة أن القمة الخليجية ستعمل على توحيد الرؤى وتعزيز التنسيق السياسي والأمني، ودفع مسار التكامل الاقتصادي كركيزة أساسية لرفع القوة التفاوضية للمجلس، وأضافت أن هذا المسار يمنح دول الخليج مرونة أكبر وقدرة أعلى على التأثير في النظام الدولي المتعدد الأقطاب.

العلاقات مع الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي

وعلقت المستشارة في شؤون الإعلام بمملكة البحرين أنه في ظل التنافس الدولي المتصاعد، تتجه العلاقات الخليجية مع القوى الكبرى نحو صياغة معادلة أكثر توازناً بين الأمن والاقتصاد، وقالت إن الولايات المتحدة تبقى الشريك الاستراتيجي الأهم في المجال الدفاعي، فيما تواصل الصين تعزيز حضورها الاقتصادي عبر التجارة والاستثمار، بينما يفتح الاتحاد الأوروبي صفحة جديدة من التعاون مع دول المجلس من خلال مفاوضات شراكة استراتيجية تركز على الأمن والطاقة والتقنيات المتقدمة.

وأكدت أن هذا التنويع في الشراكات يعكس إدراكاً خليجياً لأهمية التكيف مع التحولات الدولية، وصياغة سياسة خارجية متوازنة تحفظ المصالح الوطنية وتمنح المجلس قوة تفاوضية أكبر في النظام العالمي الجديد.

أزمات عربية بارزة

قالت بودلامة إن التطورات المتسارعة في الملف الفلسطيني تجعل من القمة منصة لصياغة موقف عربي وخليجي موحد يدعم المسار السياسي ويعزز الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، مؤكدة التمسك بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ورفض أي إجراءات أحادية تقوض فرص الحل العادل.

وأوضحت أن وحدة الموقف الخليجي داخل المحافل الدولية تمنح الصوت العربي قوة أكبر في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وتدعم الجهود الدبلوماسية لإحياء عملية السلام وفق المرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية، مشيرة إلى أن هذا الموقف يعكس المسؤولية الأخلاقية والتاريخية لدول الخليج تجاه القضية.

وأضافت أن القمة تمثل أيضاً فرصة لتعزيز الدور الخليجي في معالجة أزمات الإقليم، ولا سيما في اليمن والسودان، باعتبارها تحديات مباشرة للأمن العربي، وأكدت أن القمة ستبحث آليات دعم جهود التسوية السياسية في اليمن، وضمان وحدة الدولة ووقف التدخلات الخارجية، إلى جانب دعم المبادرات الإقليمية والدولية الهادفة إلى إنهاء النزاع في السودان وتخفيف آثاره الإنسانية.

الأمن والدفاع الخليجي

أكدت بودلامة أن القمة مرشحة للعب دور محوري في تعزيز الأمن البحري وتطوير منظومة الدفاع المشترك، نظراً إلى الأهمية الاستراتيجية للممرات البحرية في الخليج العربي والبحر الأحمر للتجارة العالمية وأمن الطاقة. وأضافت أن التحديات الراهنة، بما في ذلك تهديد السفن التجارية والتوترات الإقليمية، تفرض على دول المجلس العمل بمنظور جماعي أكثر فاعلية لحماية خطوط الملاحة وتأمين هذه الممرات الحيوية.

وأوضحت أن القمة ستبحث آليات رفع مستوى التعاون الدفاعي والاستخباراتي، وتوسيع نطاق المناورات المشتركة، إلى جانب بناء شراكات مع القوى الدولية لضمان حرية الملاحة واستقرار الأسواق.

وأشارت إلى أن وحدة الموقف الخليجي في هذا الملف تعكس قدرة المجلس على حماية مصالحه الاستراتيجية وترسيخ دوره كضامن رئيس لاستقرار الاقتصاد العالمي.

 

وأضافت بودلامة أن تطوير التعاون الدفاعي أصبح ضرورة في ظل التهديدات المتصاعدة، مؤكدة أن الأعوام الأخيرة شهدت تقدماً في العمليات المشتركة وتبادل المعلومات وتطوير الصناعات الدفاعية لتعزيز الاكتفاء الذاتي.

وقالت إن الاتجاه الحالي يتمثل في تحديث مفهوم الدفاع المشترك ليصبح أكثر شمولية، يشمل الأمن السيبراني، حماية البنية التحتية الحيوية، والتنسيق في مواجهة الأزمات، وليس فقط القدرات العسكرية التقليدية.

وختمت بأن القمة تمثل فرصة لترسيخ هذا التحول عبر وضع أطر مؤسسية جديدة للتكامل العسكري والتقني واللوجيستي، بما يعزز قدرة دول الخليج على الردع وحماية أمنها الجماعي، ويؤكد أن وحدة الصف هي الركيزة الأساسية لاستقرار المنطقة.

مكانة القمة الخليجية وتحديات المرحلة

يرى المحلل السياسي جابر باقر أن القمة الخليجية المقبلة تكتسب أهمية خاصة نظراً إلى حساسية المرحلة التي تنعقد فيها، مؤكداً أن ملف غزة سيكون في صدارة الاهتمامات، سواء على مستوى تثبيت اتفاقات وقف إطلاق النار أو دفع مسار إعادة الإعمار، حيث يشكل الدور الخليجي عنصراً محورياً في دعم الشعب الفلسطيني سياسياً وإنسانياً، وتوقع أن يصدر عن القمة بيان موحد يعكس ثبات الموقف الخليجي تجاه القضية الفلسطينية ويدعم المسار السياسي العادل.

وأشار باقر إلى أن القمة تأتي أيضاً في ظل تحديات إقليمية معقدة تشمل الملفين السوداني والسوري، بوصفهما من أبرز أولويات الأمن العربي، لافتاً إلى أن دول الخليج اعتادت اتخاذ مواقف موحدة في هذه الملفات المصيرية، وهو ما يعزز قدرة المجلس على التأثير في مسارات الاستقرار الإقليمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي السياق الدولي، أكد باقر متانة العلاقات الخليجية الأميركية، مشيراً إلى أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن وما تخللها من اتفاقات نوعية منحت دفعة قوية للشراكة الاستراتيجية وفتحت آفاقاً أوسع للتعاون مع دول الخليج، بالنظر إلى الثقل الذي تمثله السعودية في الإقليم والعالم العربي.

وعلى مستوى الأمن البحري، أوضح باقر أن دول الخليج نجحت في تأمين خطوط الملاحة في الخليج العربي والبحر الأحمر، مما سمح باستمرار حركة التجارة العالمية دون انقطاع، معتبراً ذلك دليلاً على الدور الاستراتيجي للخليج في حماية الممرات الدولية وضمان استقرار أسواق الطاقة.

كما أكد أن القمة تمثل داعماً أساساً للمسار السياسي في اليمن والسودان والعراق، عبر تعزيز جهود التسوية وتنسيق المواقف مع الشركاء الإقليميين والدوليين بحثاً عن حلول أكثر استدامة للأزمات القائمة.

واعتبر باقر أن السياسة الخارجية الخليجية تستمد قوتها من الثقل الاقتصادي الكبير لدول المجلس، التي تمتلك جزءاً مهماً من احتياط النفط العالمي، مما يمنحها تأثيراً متزايداً في النظام الدولي.

كما أشار إلى جاهزية المنظومة العسكرية الخليجية، مستشهداً بقوات "درع الجزيرة" التي تمثل نموذجاً للتكامل الدفاعي وقدرة الجيوش الخليجية على التحرك كمظلة واحدة.

واختتم بالقول إن مستقبل الخليج يتجه نحو مرحلة مزدهرة وغير مسبوقة، إذ يشير الحراك الاقتصادي والتنموي الذي تشهده المملكة وبقية دول المجلس إلى دخول المنطقة مساراً جديداً من النمو والتحول سيعزز مكانتها السياسية والاقتصادية عالمياً.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير