Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخليج وأوروبا يبحثان خيارات المواجهة والدبلوماسية في الإقليم

قضايا التجارة والطاقة ومكافحة تغير المناخ في صدارة الحوار الرفيع المستوى

يتطلع مواطنو دول الخليج إلى إعفائهم من تأشيرة "شنغن"، بعد توافق سياسي بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي (كونا)

ملخص

بحث الاجتماع الوزاري رفيع المستوى بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، الذي عُقد في الكويت، ملفات الأمن الإقليمي والتعاون في مجالات التجارة والطاقة ومكافحة تغير المناخ، في إطار مساعٍ لتعزيز الشراكة الاستراتيجية ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية المشتركة

أكد الاجتماع الوزاري المشترك بين مجلس التعاون الخليجي، والاتحاد الأوروبي، أمس الإثنين، التزامه بتحقيق سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط على أساس "حل الدولتين"، ودعا إسرائيل إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية فوراً وبصورة آمنة إلى قطاع غزة، وأكدا التزامهما بالتعاون مع الشركاء الدوليين في إنعاش وإعادة إعمار غزة مستقبلاً.

وسعت الدول الأوروبية والخليجية إلى تعزيز شراكتهما الاستراتيجية من بوابة الكويت، عبر اجتماع وزاري رفيع المستوى بحث ملفات الأمن الإقليمي والتعاون في مجالات التجارة والطاقة ومكافحة تغير المناخ.

فيما يترقب المجتمع الخليجي صدور قرار إعفاء مواطنيه من تأشيرة "شنغن"، بعدما قطعت المفاوضات بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي شوطاً متقدماً في هذا الملف الذي يُعد أحد أبرز مطالب مواطني دول الخليج خلال الأعوام الأخيرة.

وكانت القمة الخليجية – الأوروبية الأولى، التي عُقدت عام 2024، قد شهدت توافقاً سياسياً على تعزيز التعاون بين الجانبين، إذ أكد بيان صادر عن مجلس التعاون التزام الطرفين العمل نحو "ترتيب سفر خالٍ من التأشيرات، آمن ومفيد للطرفين، بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول منطقة شنغن"، في خطوة تعكس متانة العلاقات المتنامية وتوجهها نحو تسهيل حركة الأفراد وتوسيع آفاق التواصل الاقتصادي والثقافي بين الجانبين.

وحث البيان المشترك إسرائيل على التعاون مع السلطة الفلسطينية والإفراج عن عائدات الضرائب المحتجزة، مؤكداً التزام المجلسين بـ"تحقيق سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وعلى حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، بما في ذلك القدس، مع إمكانية تبادل أراض متكافئة وفق القانون الدولي".

كما رحب الاجتماع بمقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب في غزة، وأعرب عن استعداده لـ"التعاون البناء مع الولايات المتحدة وجميع الأطراف المعنية لضمان تنفيذه وتحقيق السلام والأمن والاستقرار والازدهار لشعوب المنطقة".

وأشار البيان إلى اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة "إعلان نيويورك" في شأن التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين، باعتباره تعبيراً عن الإرادة الدولية لبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين، ودعم قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة اقتصادياً.

كما أشاد بجهود قطر ومصر والولايات المتحدة في الوساطة لضمان وقف إطلاق نار شامل، ووصول المساعدات الإنسانية، والإفراج عن الأسرى وتبادلهم.

 

وعبر البيان عن قلق الجانبين من استمرار الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية، والعنف ضد المدنيين، بما في ذلك الهجمات على الطوائف المسيحية في الضفة الغربية، محذراً من أن هذه الممارسات تقوض حل الدولتين وتزيد من التوترات في المنطقة.

ملفات إقليمية في صلب البيان

أعرب المجلس المشترك عن دعمه لسيادة قطر ووحدة أراضيها، مندداً بأي اعتداءات تعد انتهاكاً للقانون الدولي وتقوض جهود الوساطة القطرية في غزة.

كما أعلن أنه سيواصل متابعة مسألة الحدود البحرية بين الكويت والعراق من كثب، داعياً إلى حل القضايا العالقة وفق القانون الدولي، واحترام الاتفاقات الثنائية وقرارات الأمم المتحدة، خصوصاً القرار 833، مع الدعوة إلى استئناف اجتماعات اللجنة المشتركة لتنظيم الملاحة في خور عبدالله.

وفي ما يتعلق بإيران، دعا البيان طهران إلى استئناف التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والعودة إلى الامتثال لالتزاماتها القانونية، مؤكداً ضرورة ضمان الطابع السلمي لبرنامجها النووي ووقف الأنشطة التي تهدد أمن المنطقة، بما في ذلك انتشار الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.

سوريا ولبنان وأوكرانيا

شدد المجلس المشترك على أن أمن سوريا واستقرارها يمثلان ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة، داعياً المؤسسات المالية الدولية إلى دعم الاقتصاد السوري وتعزيز برامج الإعمار. كما أكد نزع سلاح الجماعات المسلحة ودمجها في قوات أمن وطنية موحدة لتعزيز الأمن الداخلي.

وفي الشأن اللبناني، أكد البيان دعم الجهود الحكومية لاستعادة الأمن والاستقرار، مشدداً على ضرورة احتكار الدولة للسلاح.

أما في ما يخص الحرب في أوكرانيا، فقد أشاد المجلس المشترك بالجهود الدبلوماسية التي تبذلها السعودية لاستضافة المحادثات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا وروسيا، مؤكداً أهمية هذه الجهود في تمهيد الطريق لمحادثات سلام مباشرة، وداعياً إلى وقف إطلاق نار شامل وغير مشروط تمهيداً لسلام عادل ودائم.

وجاء الاجتماع الوزاري المشترك الـ29 بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي بعد يوم واحد من انعقاد المنتدى الثاني الرفيع المستوى حول الأمن والتعاون الإقليمي في العاصمة الكويتية، بمشاركة وزراء الخارجية وكبار المسؤولين من الجانبين، إذ شدد الطرفان على أن التعاون الأمني يمثل ركيزة أساسية في شراكتهما الاستراتيجية وأداة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

ويناقش المنتدى قضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك، تشمل التطورات في الشرق الأوسط، والتعاون في مجالات الأمن البحري وحماية الممرات البحرية والتجارة الدولية، إلى جانب متابعة تنفيذ نتائج القمة الأولى بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي التي عقدت في بروكسل العام الماضي.

العلاقات الخليجية - الأوروبية

من جانبها، أكدت الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، كايا كالاس، أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون تشهد "مرحلة ديناميكية جديدة"، مشيرة إلى أن الجانبين يعملان معاً في مجالات التجارة والطاقة والتحول الأخضر والأمن والعمل الإنساني، وأن هناك آليات عملية لتعزيز التعاون، منها حوار الاستثمار ومنتدى التحول الأخضر ونظم تبادل البيانات والاستعداد للكوارث.

وقالت كالاس في كلمتها خلال انطلاق الاجتماع الوزاري إن العالم يشهد تصاعداً في الصراعات والمعاناة الإنسانية، مؤكدة ضرورة احترام سيادة الدول والتكاتف الدولي لمواجهة التحديات الراهنة التي تمس الأمن والاستقرار العالميين.

 

وأضافت أن عام 2025 حمل مزيداً من الاضطرابات بعدما بلغت الصراعات الإقليمية والعالمية ذروتها في العام الماضي، معربة عن تضامن الاتحاد الأوروبي مع دولة قطر وشعبها، ومشددة على أن احترام سيادة الدول مبدأ أساس في النظام الدولي.

الطاقة والمناخ في صدارة الحوار

وتابعت كالاس أن الحرب الروسية ضد أوكرانيا ما زالت تمثل "انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة"، مشيرة إلى استمرار دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا عسكرياً واقتصادياً وسياسياً.

كذلك رحبت بالجهود الأميركية لإنهاء "العدوان الروسي"، وأثنت على دور دول مجلس التعاون في تسهيل عمليات تبادل الأسرى وإعادة الأطفال الأوكرانيين المرحلين، داعية دول الخليج إلى استخدام قنواتها الدبلوماسية مع موسكو لدفعها نحو وقف القتال والانخراط في مفاوضات سلام.

وفي الملف الفلسطيني، أعربت كالاس عن قلق الاتحاد الأوروبي البالغ إزاء الوضع الإنساني الكارثي في غزة، مؤكدة أن إنهاء معاناة المدنيين يمثل أولوية مطلقة للاتحاد، مشيرة إلى التزام بروكسل تقديم مليار يورو بين عامي 2025 و2027 لدعم السلطة الفلسطينية وبرنامج الإصلاح، مطالبة إسرائيل بالإفراج عن أموال المقاصة المحتجزة.

وفي ما يتعلق بالسودان، وصفت كالاس الوضع الإنساني هناك بأنه "من بين الأسوأ عالمياً"، داعية إلى السماح بوصول المساعدات واحترام القانون الدولي، وأشارت إلى تطورات مشجعة في سوريا، مؤكدة أهمية العملية الانتقالية وضمان استفادة السوريين من جهود الإعمار.

وفي ختام كلمتها، أعلنت كالاس أن المفوضية الأوروبية ستعتمد الأسبوع المقبل "ميثاق المتوسط" كإطار للتعاون مع شركاء الجوار الجنوبي، مع فتح المجال أمام دول الخليج للمشاركة في مشاريعه ذات الاهتمام المشترك، مؤكدة أن اللقاء الحالي يهدف إلى "إعادة تنشيط الشراكة الاستراتيجية بما يحقق الاستقرار والازدهار والأمل لشعوب المنطقتين".

الحوار سبيل الأمن والتنمية

وفي كلمته خلال انطلاق الاجتماع الوزاري، أكد وزير الخارجية الكويتي رئيس الدورة الوزارية الحالية، عبدالله اليحيا، أن انعقاد الاجتماع يجسد الرغبة المشتركة في البناء على ما تحقق من إنجازات راسخة من التعاون والتنسيق، مشدداً على أن الحوار البناء والشراكة الاستراتيجية يمثلان السبيل الأمثل لمواجهة التحديات المشتركة وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح أن الأحداث الإقليمية والدولية أثبتت أن مواجهة الإرهاب والتدخلات الخارجية وتهديدات الأمن البحري والأزمات الإنسانية تتطلب تنسيقاً جماعياً يعزز استقرار الشعوب ويدعم السلام والتنمية. ودعا إلى إطلاق مبادرات مشتركة تعكس التزام الحلول الجماعية والتضامن الدولي، مؤكداً حرص الجانبين على تطوير التعاون في الأمن الإقليمي وأمن الطاقة والاقتصاد الأخضر والتحول الرقمي والتبادل الثقافي والتعليمي.

القضية الفلسطينية أولويات الخليج

وشدد اليحيا على أن القضية الفلسطينية تظل في مقدم أولويات مجلس التعاون بوصفها "قضية حق وعدل"، مندداً بالمآسي الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وداعياً المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل لوقف الانتهاكات وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وثمّن اليحيا الجهود التي بذلها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الحرب في غزة، وأشاد بالمبادرة المشتركة التي تبنتها السعودية وفرنسا لعقد المؤتمر الدولي لتنفيذ "حل الدولتين"، مرحباً باعتراف عدد من الدول الأوروبية بدولة فلسطين، ومعرباً عن أمله في اتساع دائرة هذا الاعتراف دعماً للسلام العادل والشامل.

كما أكد دعم الكويت مسار الاستقرار في سوريا وجهود إعادة الإعمار، ولتعزيز سيادة واستقرار لبنان، داعياً الأطراف في اليمن والسودان والصومال وليبيا إلى تغليب صوت الحكمة والانخراط في حوار سياسي يحقق الأمن والسيادة لتلك الدول.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات