Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيناريوهات تصحيح الأسهم: آثار محدودة في الخليج والنفط مرشح للتراجع

محللون: نتائج شركات التكنولوجيا واحتمال خفض الفائدة يحدّان من التداعيات والدولار سيظل قوياً

سبق أن اختبر الخليج أنماط تراجع مماثلة في أسواق المال (اندبندنت عربية)

ملخص

شهدت الأسواق المالية في الأيام الأخيرة موجة بيع عززت حال عدم اليقين في شأن الاقتصاد، وسط تحذيرات بعض المستثمرين من فقاعة محتملة في قطاع الذكاء الاصطناعي.

"استعدوا لتراجع الأسهم واستمرار قوة الدولار"، كانت الرسالة الأبرز من المنتدى السنوي "الاقتصاد الجديد" الذي نظمته "بلومبيرغ" أخيراً في سنغافورة.

المنتدى شهد نقاشات محتدمة حول تضخم أسواق الأسهم واحتمالية تعرضها لتصحيح مؤلم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وسط تحذيرات واضحة من كبار المصرفيين ورؤساء الشركات العالمية.

على مدار ثلاثة أيام، سيطرت قضايا التجارة الآسيوية على الجلسات، لكن مكانة الدولار الأميركي كعملة احتياط عالمية جذبت اهتماماً واسعاً، فهل يواجه الدولار خطر الاستبدال قريباً؟

المراهنون على سيناريو "التخلي عن الدولار" و"تدهور العملات"، أي الذين يعتقدون أن الدولار وبقية العملات الكبرى ستفقد قيمتها تدريجاً مع فشل الحكومات في معالجة ديونها الضخمة، تلقوا مؤشرات قوية على العكس، إذ ارتفع مؤشر "بلومبيرغ" للدولار بأكثر من 3 في المئة منذ أدنى مستوى سجله في سبتمبر (أيلول) الماضي، مما يضع حتى المتشائمين تجاه العملة الأميركية أمام اختبار حقيقي حول ما إذا كان مستقبل الدولار فعلاً في خطر.

وفي عالم التشفير الذي يواجه موجات صعود وهبوط كبيرة أثبتت "بيتكوين" تقلبها الشديد منذ إطلاقها قبل نحو 15 عاماً، ففي عام 2022 وحده، شهدت العملة الرقمية خفضاً تجاوز 60 في المئة من قيمتها، وهو خفض مشابه لما حدث في العامين السابقين، حين أسهمت جائحة كورونا في تحفيز موجات من الشراء والبيع.

وسجل سعر "بيتكوين" الإثنين من هذا الأسبوع خفضاً بنحو ثلث قيمته منذ ذروته الأخيرة في أكتوبر )تشرين الأول) الماضي، ليصل إلى نحو 86340 دولاراً، أما "إيثيريوم"، ثاني أكبر العملات الرقمية، فقد هبطت بصورة أكبر، مسجلة خفضاً بنسبة 40 في المئة منذ الشهر الماضي.

أكثر من تريليون دولار

وقال استراتيجي الأبحاث في "دويتشه بنك" جيم ريد  في مذكرة للعملاء إن القيمة الإجمالية للعملات الرقمية – كما يُقاس برأس المال السوقي – تراجعت بأكثر من تريليون دولار خلال تلك الفترة.

ويرجع خبراء سبب تراجع أسعار العملات الرقمية إلى تراجع أوسع في سوق الأسهم، بالإضافة إلى مؤشرات لاحتمال توقف "الاحتياطي الفيدرالي" عن خفض أسعار الفائدة.

وشهدت الأسواق المالية في الأيام الأخيرة موجة بيع عززت حال عدم اليقين في شأن الاقتصاد، وسط تحذيرات بعض المستثمرين من فقاعة محتملة في قطاع الذكاء الاصطناعي. وبينما تنفق شركات التكنولوجيا الكبرى مئات المليارات لبناء مراكز بيانات وتطوير نماذج لهذه التقنية كثيفة الاستهلاك للطاقة، تبقى الفوائد المالية غير مؤكدة.

شهدت أسهم شركة "إنفيديا"، عملاق تصنيع الشرائح التي تغذي العديد من تقنيات الذكاء الاصطناعي، خفضاً يقارب 10 في المئة منذ أواخر أكتوبر الماضي، بينما هبط مؤشر "ناسداك"، المرتكز على أسهم التكنولوجيا، نحو 4 في المئة خلال الفترة نفسها.

وقال مدير أبحاث استراتيجيات الاستثمار السلبي في شركة "مورنينغستار المالية" برايان آرمور لشبكة "إي بي سي نيوز" "تميل أسهم التكنولوجيا والعملات الرقمية إلى الارتباط العالي عند انخفاضها، لأنها أصول عالية الأخطار ويتعامل المستثمرون معها بطريقة مشابهة ضمن محافظهم الاستثمارية".

وقال خبراء إن تقلبات العملات الرقمية تجعل من شبه المستحيل التنبؤ بالمسار القادم للأسعار، مضيفين أن الشيء الوحيد المؤكد قد يكون استمرار هذه التقلبات.

واليوم يتركز السؤال الأبرز على ما إذا كانت أسواق المال العالمية تشهد فعلياً موجة تصحيح، وما هي تداعيات ذلك على أسواق المنطقة العربية، وهل ستستمر أسعار العملات المشفرة في التراجع.

ويتساءل كثر عن دلالات استمرار قوة الدولار الأميركي بالنسبة إلى الدول التي ترتبط عملاتها به، وهذه الأسئلة طرحناها على مجموعة من المحللين للحصول على رؤى متعمقة حول الاتجاهات المستقبلية للأسواق.

"لا أتوقع تصحيحاً عنيفاً"

قال عضو المجلس الاستشاري الوطني في معهد "تشارترد" للأوراق المالية والاستثمار في الإمارات وضاح الطه إن الأسواق الأميركية تقود بقية الأسواق العالمية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، سواء عبر الإدراجات المزدوجة أو ارتباط العملات أو حتى التأثيرات النفسية، كما يحدث حالياً في أسواق المنطقة.

وأوضح أن موجة بيع واسعة شهدتها أسهم التكنولوجيا في الولايات المتحدة جاءت بسبب المخاوف من حدوث تصحيح في أسهم هذا القطاع، الذي يقود الارتفاعات القياسية في "وول ستريت".

وأضاف أن عديداً من الصناديق والمحافظ الاستثمارية عمدت إلى البيع، لكن النتائج القوية لشركات كبرى مثل "إنفيديا" - التي جاءت أفضل من التوقعات - أسهمت في تأجيل أي عملية تصحيح كبيرة على رغم ارتفاع مكررات الربحية، بالتالي النتائج القوية تُؤجل أي عملية تصحيح حتى ولو كان هناك مكررات ربحية عالية.

وتابع "التوقعات القادمة في حال استمر هذا الاتجاه سينعكس هذا على مكررات ربحية عالية وتكون لدى بعض المحللين والمستثمرين مبررة".

وأشار الطه إلى أنه إذا حصل خفض واحد في الأقل في أسعار الفائدة قبل نهاية العام، فإن ذلك سيمنح الأسواق الأميركية دفعة قوية، من خلال تحفيز الاستثمار، وربما تشجيع الاقتراض، وهو ما قد يدفع المؤشرات إلى مستويات جديدة، وقال إنه لا يتوقع حدوث تصحيح عنيف خلال الأشهر المتبقية من العام في ظل قوة نتائج شركات التكنولوجيا واحتمال خفض الفائدة.

وعن أسواق الخليج أوضح الطه أن أداءها متباين، فالسوق السعودية، الأكبر في المنطقة، تأثرت بخفوضات متتالية هذا الشهر بسبب ارتفاع مكررات الربحية مقارنة ببقية أسواق الخليج، على رغم أن أساساته - خصوصاً في القطاع المصرفي - تبقى قوية، وأظهرت نتائج البنوك في الربع الثالث أداءً متيناً، وسجلت أسواق البحرين ومسقط ودبي ارتفاعات ملحوظة في أكتوبر الماضي.

ولفت إلى أن السوق البحرينية متميزة، إذ ارتفعت أكثر من 5 في المئة، وارتفعت سوق مسقط أكثر من 8 في المئة، وارتفعت أيضاً سوق دبي تقريباً بأكثر من 3.7 في المئة، في حين أن السوق الوحيدة التي كانت منخفضة في ذلك الشهر هي سوق قطر كانت أقل من واحد في المئة.

وأضاف أن اتجاه الأسواق في الفترة المقبلة سيعتمد على نتائج الشركات في الربع الرابع من العام، إضافة إلى مسار الأسواق العالمية، ولا سيما الأميركية، وكذلك حركة أسعار النفط التي يراها حتى الآن "محايدة" لا تؤثر إيجاباً أو سلباً بصورة كبيرة.

ولفت إلى أن المستثمر الأجنبي يبحث عن الفرص الناتجة من انخفاض الأسعار وتحسن مكررات الربحية، مشيراً إلى أن سيولة أسواق البحرين ومسقط تبقى أقل مقارنة ببقية أسواق المنطقة، في حين يُتوقَّع أداء جيد للسوق الكويتية هذا العام.

وفي ما يتعلق بالعملات المشفرة، ميّز الطه بين نوعين: العملات غير المدعومة باحتياطات، والعملات المستقرة المدعومة بأصول مثل عملة "USDT" .

وقال إن العملات المستقرة أقل مخاطرة مقارنة بعملات مثل "بيتكوين" و"إيثريوم" التي شهدت انخفاضات حادة أخيراً وألحقت خسائر كبيرة بالمستثمرين، معتبراً أن معظم العملات المشفرة - التي تجاوز عددها 9 آلاف - ليست أصولاً حقيقية، وأن جزءاً كبيراً منها أقرب إلى المقامرة منها إلى الاستثمار.

أما بخصوص الدولار الأميركي، فتوقع الطه أن يشهد تراجعاً في الفترة المقبلة، وقال إنه في حال خفض أسعار الفائدة سيزداد المعروض من الدولار، مما يؤدي إلى خفض قيمته أمام العملات الأخرى، وهو تراجع سيكون في مصلحة الاقتصاد الأميركي عبر دعم الصادرات.

وأشار إلى أن أي تراجع في الدولار سينعكس أيضاً على العملات المرتبطة به مثل الريال السعودي والدرهم الإماراتي، لكن انخفاضها الطفيف - إن حصل - سيكون مفيداً من حيث تعزيز الصادرات وزيادة جاذبية السياحة خلال العام المقبل.

"احتمال كبيرة لفقاعة"

المحلل الاقتصادي الكويتي محمد رمضان شبّه الوضع الحالي بسوق الإنترنت في عام 2000، موضحاً أنه حينها ارتفعت أسهم أي شركة تحمل اسم "دوت كوم" بغض النظر عن نشاطها الفعلي، لكنها انتهت لاحقاً باستثناء مجموعة محددة من الشركات التي استمرت وحققت أرباحاً كبيرة.

وأضاف رمضان أن ما يحدث اليوم في قطاع الذكاء الاصطناعي (AI) مشابه، فأسهم الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي تشهد ارتفاعات كبيرة، لكن من المتوقع أن تبقى بعض الشركات الكبرى فقط، فيما ستختفي البقية، مما قد يؤدي إلى انفجار فقاعة في هذا القطاع وتصحيح كبير للأسواق، مع التأكيد أنها لن تؤدي إلى أزمة مالية عالمية.

وأشار رمضان إلى أن موجة التصحيح المتوقعة ستؤثر في أسواق المنطقة العربية وأسعار النفط، بالإضافة إلى تداعيات أخرى، وسط تقلبات عالية وشكوك حول إمكان خفض أسعار الفائدة وحجم هذا الخفض.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبخصوص العملات المشفرة، ذكر رمضان أن "بيتكوين" خسرت أكثر من 25  في المئة من أعلى قيمة لها، مؤكداً أن هذه الفئة من الأصول شديدة التقلب ومليئة بالأخطار، والمستثمرون يجب أن يتوقعوا تقلبات مستمرة، وأن الانخفاض الحالي ليس مفاجئاً، بل أمر وارد ومتكرر في سوق العملات المشفرة، بخاصة في ظل المخاوف من انفجار فقاعة أسهم التكنولوجيا.

ولفت إلى أن قوة الدولار مستمرة،معتبراً أنه الملاذ الآمن في الأزمات الاقتصادية وتقلبات الأسواق المالية، حتى مع تراجع مكانته كعملة احتياط عالمية، إذ لا يزال الدولار الأميركي الرقم واحد عالمياً بلا منافس.

وتوقع رمضان خفوضات كبيرة في أسواق المال بالمنطقة، بخاصة في الدول التي تعتمد على الاستثمار الأجنبي في العقارات، موضحاً أنه كلما انفتحت الأسواق على المستثمرين العالميين تأثرت بما يحدث حول العالم، مثلما حدث خلال الأزمة المالية العالمية في 2008.

وأوضح أن التسريحات الأخيرة في كبرى الشركات العالمية مرتبطة بالذكاء الاصطناعي وليس تباطؤ الاقتصاد، مع احتمال ضعيف لتغيير هذا السيناريو، والاحتمال الأكبر هو حدوث فقاعة في أسهم شركات التكنولوجيا تنفجر قريباً، مما سيؤدي إلى انخفاض أسعار الأصول عالمياً.

وعن النفط أكد رمضان أن المنطقة معتادة على تقلبات الأسعار، موضحاً أنه حتى لو انخفضت الأسعار فهناك بدائل، وأن اقتصادات المنطقة تجاوزت ضربة 2008 واستمرت في خطط الإنفاق مع بعض التعديلات البسيطة.

واختتم رمضان بالقول إن خفض أسعار الفائدة سيرفع قيمة السندات، مما يتيح للدول التي تمتلك صناديق استثمارية كبيرة مثل الكويت والإمارات تحقيق أرباح وبيع السندات للاستثمار في الأسهم الرخيصة، مضيفاً أن الأخطار على اقتصادات المنطقة محدودة، وتقتصر أساساً على انخفاض أسعار النفط وتأثر بعض الأصول، وهو أمر مألوف سبق أن واجهته المنطقة.

"قد نشهد تصحيحاً"

المحلل المالي حسن الريس قال إن كلفة الاقتراض ما زالت متاحة، إلا أن ارتفاع نسبة السيولة المقترضة داخل أسواق الأسهم يؤثر على التقييمات، وعندما ترتفع مستويات الاقتراض تصبح الأسواق أقل سيولة، مما يدفع صناع السوق إلى بيع الأصول لتقليص الأخطار، لافتاً إلى أن هذا الارتباط بين نقص السيولة وتراجع المعنويات قد يقود إلى موجات بيع واسعة.

وأوضح الريس أن التقييمات المرتفعة حالياً في الأسواق الأميركية مقارنة بالقيمة الحقيقية قد تشهد تصحيحاً يصل إلى 20 في المئة خلال الأشهر المقبلة، ما قد يطلق موجة بيع ترفع من مستويات الأخطار وتدفع مؤشرات التقلب مثل مؤشر CBOE إلى تجاوز 20 نقطة، وهو ما يشير عادة إلى استعداد السوق للهبوط. وأضاف أن أي تراجع في السوق الأميركية ستكون له انعكاسات على أسواق آسيا وأوروبا والشرق الأوسط، على رغم توقعه بقاء أسواق دول مجلس التعاون الخليجي أكثر استقراراً بفضل قوة الشركات المحلية وارتفاع العوائد.

وفي ما يتعلق بتصحيح العملات المشفرة، قال الريس إن التراجع الأخير طبيعي، خصوصاً مع رغبة الشركات في نهاية العام في تعزيز السيولة داخل موازناتها، متوقعاً استقرار السوق بعد هذه الموجة.

أما الدولار الأميركي، فأكد الريس أن قيمته ترتبط بأسعار الفائدة وقرارات لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، ومع توقع خفض الفائدة سيظل الدولار جذاباً، مع احتمال تذبذبه تبعاً لاستراتيجيات البنوك المركزية الأخرى.

وأشار إلى أن الدولار يبقى العملة الأبرز في التجارة العالمية، سواء في الذهب أو النفط أو السلع الأساسية، ما يعزز الطلب عليه، كما أن هذا سيؤثر في العملات المرتبطة بالدولار، مثل الدرهم الإماراتي وغيرها من عملات المنطقة.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة