ملخص
نشرت "بلومبيرغ" فحوى المحادثة التي أجريت في الـ14 من أكتوبر بين رجل الأعمال السابق ويوري أوشاكوف المستشار الدبلوماسي للرئيس الروسي، حيث تم التطرق إلى خطة مستقبلية لتسوية النزاع، مستوحاة من تلك التي أُعلنت قبل فترة قصيرة لإنهاء الحرب في غزة.
رأى الكرملين بعض النقاط "الإيجابية" في الخطة الأميركية لإنهاء الصراع في أوكرانيا، بعد رفضه مقترحاً أوروبياً بديلاً، في حين تواصل كييف وحلفاؤها الدعوة إلى تحقيق سلام "عادل ودائم". وقال المستشار الدبلوماسي للكرملين يوري أوشاكوف للتلفزيون الرسمي الروسي "يمكن اعتبار بعض نقاط (الخطة الأميركية) إيجابية، لكن جوانب أخرى كثيرة تتطلب مزيداً من النقاش بين الخبراء"، وأكد أن موسكو لم تناقش الخطة "بشكل مفصّل مع أي جهة"، معتبراً الجهود الأوروبية لتأدية دور في حل النزاع "غير مجدية"، وأعلن أوشاكوف التوصل إلى اتفاق مبدئي بشأن زيارة ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى موسكو الأسبوع المقبل، وأوضح أن "عدداً آخر من ممثلي الإدارة الأميركية" المعنيين بالملف الأوكراني سيرافقون ويتكوف في هذه الرحلة التي سبق أن أعلن عنها ترمب الثلاثاء.
"غير مجدية"
وكان الكرملين قد اعتبر أن الجهود الأوروبية للمشاركة في إيجاد تسوية للحرب داخل أوكرانيا "غير مجدية"، خلال وقت تكثف الجهود الدبلوماسية في شأن خطة أميركية ترمي إلى إنهاء الحرب الدائرة منذ نحو أربعة أعوام.
وأثار إطار عمل طرحته واشنطن لإنهاء الحرب، أُعلن عنه للمرة الأولى الأسبوع الماضي، مخاوف جديدة من أن تكون إدارة ترمب مستعدة لدفع أوكرانيا لتوقيع اتفاق سلام ينحاز بشدة نحو موسكو.
وضع متأزم على الجبهة الجنوبية
ميدانياً، حذر الجيش الأوكراني من وضع "متأزم" في قطاع جنوبي رئيس من جبهة المعركة حيث تواصل القوات الروسية تحقيق تقدم في الآونة الأخيرة، مضيفاً أن القوات الأوكرانية ما زالت تحتفظ بخطوط الإمداد ولا تواجه حصاراً. وقالت هيئة الأركان العامة للجيش في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي "تدور معارك ضارية على كل شبر من أرضنا"، في إشارة إلى جبهة المعركة القريبة من بلدة هوليايبول التي تتقدم عليها قوات موسكو بثبات في الأسابيع القليلة الماضية. وجاء في البيان "الوضع في جبهة المعركة بالغ الصعوبة، ولكن لا يوجد تطويق والتواصل مع جنودنا مستمر والإمدادات اللوجستية متوفرة وإجلاء الجرحى جارٍ".
ميدانياً أيضاً، قال حاكم منطقة زابوريجيا الأوكرانية إيفان فيدوروف إن القوات الروسية شنت هجوماً كبيراً بطائرات مسيرة على مدينة زابوريجيا خلال وقت متأخر أمس الثلاثاء، أسفر عن اندلاع حرائق وجرح 19 شخصاً وإلحاق أضرار جسيمة بمبانٍ ومركبات.
وذكر فيدوروف ضمن منشور على تطبيق "تيليغرام" أن الهجوم أدى إلى تدمير محال تجارية وإلحاق أضرار بنحو 31 مبنى سكنياً و20 منزلاً خاصاً. وأوضح أن ثمانية أشخاص يتلقون العلاج في المستشفيات. وأضاف في مقطع فيديو على الإنترنت "هناك عملية إنقاذ حالياً داخل 12 موقعاً... نُشر أكبر عدد ممكن من وحدات خدمات الطوارئ الحكومية والشرطة الوطنية وفرقنا الطبية". وظهرت في صور على الإنترنت مركبات محترقة داخل شوارع المدينة ورجال إطفاء يكافحون الحرائق التي اندلعت في مبان سكنية شاهقة.
وقالت القوات الجوية الأوكرانية إنها أسقطت 72 من أصل 90 طائرة مسيرة وصاروخين باليستيين أطلقتها روسيا في هجوم على البلاد ليلاً.
تراجع ترمب
تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الثلاثاء عن الموعد النهائي الذي حدده في وقت سابق لأوكرانيا للموافقة على خطة سلام تدعمها الولايات المتحدة بحلول الخميس، قائلاً "الموعد النهائي بالنسبة إليَّ هو عندما يُنجز الأمر".
وقال ترمب إن المفاوضين الأميركيين يحرزون تقدماً في المناقشات مع روسيا وأوكرانيا، وإن موسكو وافقت على بعض التنازلات.
وأضاف إن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الأسبوع المقبل وقد ينضم إليه صهره جاريد كوشنر.
وقال ترمب لصحافيين في الطائرة الرئاسية "قد يذهب ستيف ويتكوف إلى هناك مع جاريد. لست متأكداً من ذهاب جاريد، لكنه منخرط في العملية، هو رجل ذكي، وسيجتمعان مع الرئيس بوتين، أعتقد، الأسبوع المقبل في موسكو".
نصائح لموسكو
أسدى ستيف ويتكوف نصائح لمستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول طريقة التحاور مع الرئيس الأميركي في ما يتصل بالنزاع في أوكرانيا وفق محادثة هاتفية نشرت وكالة "بلومبيرغ" فحواها الثلاثاء.
وقال مدير الاتصالات في البيت الأبيض ستيفن تشونغ في بيان لوكالة الصحافة الفرنسية إن ذلك "يثبت أمراً واحداً وهو أن المبعوث الخاص ويتكوف يتحدث إلى مسؤولين في كل من روسيا وأوكرانيا بصفة شبه يومية لتحقيق السلام، وهو بالضبط ما عينه الرئيس ترمب للقيام به".
ونشرت "بلومبيرغ" فحوى المحادثة التي أجريت في الـ14 من أكتوبر (تشرين الأول) بين رجل الأعمال السابق ويوري أوشاكوف، المستشار الدبلوماسي للرئيس الروسي، حيث تم التطرق إلى خطة مستقبلية لتسوية النزاع، مستوحاة من تلك التي أُعلنت قبل فترة قصيرة لإنهاء الحرب في غزة.
ووفق هذا الوثيقة التي نشرتها "بلومبيرغ"، يقترح ويتكوف مكالمة هاتفية بين ترمب وبوتين، "يهنئ" فيها الأخير الرئيس الأميركي "على هذا النجاح".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وينصح ويتكوف وفق المصدر نفسه بإجراء المكالمة قبل زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للبيت الأبيض والتي كانت مقررة في الـ17 من أكتوبر.
ويضيف ويتكوف وفق الوثيقة نفسها "قلت للرئيس إنكم، إن روسيا الاتحادية لطالما أرادت اتفاق سلام. هذا ما أعتقده"، مشيراً إلى "خطة سلام من 20 بنداً، على غرار ما فعلنا لغزة".
ويرد محاور ويتكوف بالقول "سيهنئه، وسيقول إن ترمب هو حقاً رجل سلام"، في إشارة إلى ما سيقوله بوتين خلال المكالمة الهاتفية مع الرئيس الأميركي.
وأضاف ويتكوف "حسناً، بيني وبينك، أعلم ما يتطلبه الأمر لإبرام خطة سلام: دونيتسك وتبادل أراض في مكان ما"، في إشارة إلى المنطقة الشرقية من أوكرانيا التي تطالب بها روسيا.
وأجريت مكالمة هاتفية بين ترمب وبوتين في الـ16 من أكتوبر 2025، عشية زيارة زيلينسكي. وقال الرئيس الأميركي حينها إن "تقدماً كبيراً" تحقق خلال هذه المكالمة. وقبل ذلك بفترة وجيزة كان ترمب يشير إلى استياء حيال الرئيس الروسي.
خطة السلام
واقترحت الولايات المتحدة في الـ21 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، خطة سلام لأوكرانيا اعتُبرت مواتية جداً لروسيا.
لكن الخطة الأولية عدلت للتوصل إلى نسخة جديدة "أفضل بكثير" لكييف، سيناقشها ويتكوف مع بوتين في موسكو، بطلب من ترمب.
ونشرت "بلومبيرغ" نص مكالمة أخرى بين أوشاكوف ومبعوث الكرملين للشؤون الاقتصادية كيريل دميترييف الذي كان منخرطاً في مناقشات مع مسؤولين أميركيين.
وذكرت الوكالة التي نقلت نص المكالمة باللغة الإنجليزية وفي نسختها الأصلية باللغة الروسية، أن المحادثة جرت في الـ29 من أكتوبر. ويقول دميترييف "أعتقد أننا سننشر هذه الورقة حول موقفنا، وسأقوم بتوزيعها بصورة غير رسمية".
ويضيف "لا أعتقد أنهم سيأخذون نسختنا بالضبط، لكن على الأقل ستكون قريبة قدر الإمكان" منها، متحدثاً على ما يبدو عن مسؤولين أميركيين.
وذكر موقع "أكسيوس" أن كيريل دميترييف أمضى ثلاثة أيام مع ستيف ويتكوف ومسؤولين أميركيين آخرين في ميامي (فلوريدا) بين الـ24 والـ26 من أكتوبر الماضي.
ترسيخ الهوية الروسية
من ناحية ثانية أظهرت وثيقة وقعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونشرت أمس الثلاثاء أنه يتعين على السلطات الروسية ترسيخ اللغة والهوية الروسية في أجزاء من أوكرانيا ضمتها موسكو منذ بدء الحرب في عام 2022.
وصدرت الوثيقة التي تحمل عنوان "استراتيجية سياسة روسيا الوطنية حتى 2036" باعتبارها مرسوماً وقعه الرئيس. وتدعو الوثيقة لاتخاذ تدابير لضمان أن يكون 95 في المئة من سكان البلاد روساً بحلول 2036.
وتعني الروابط الطويلة بين روسيا وأوكرانيا، حتى قبل حقبة الاتحاد السوفياتي، أن بعض الأوكرانيين كانوا عادةً متعاطفين مع روسيا ويتحدث معظمهم اللغتين. لكن، منذ الحرب، تلاشى أي تعاطف من هذا القبيل وكشفت استطلاعات رأي عن أن استخدام اللغة الروسية شهد انخفاضاً ملحوظاً.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس إن كييف مستعدة للمضي قدماً في خطة تدعمها الولايات المتحدة لإنهاء الصراع الأكثر دموية ودماراً في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. لكن كييف تشعر بقلق من أنها قد تضطر إلى قبول اتفاق بشروط روسية إلى حد كبير يشمل تنازلات عن أراضٍ.
وكان بوتين أمر بمهاجمة أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022 قائلاً إن الهدف هو "التخلص من النزعة العسكرية والقضاء على النازية" وتحرير الناطقين بالروسية في شرق أوكرانيا مما وصفه الكرملين بالتمييز الصارخ ضدهم.
وضمت روسيا، في غضون ستة أشهر، مناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا رغم أنها لا تسيطر عليها عسكرياً بالكامل.
وجاء في الوثيقة، التي ستدخل حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) المقبل، أن تأمين السيطرة على المناطق الشرقية "هيأ الظروف لاستعادة وحدة الأراضي التاريخية للدولة الروسية".
ونصت الوثيقة أيضاً على ضرورة "اتخاذ تدابير إضافية لتعزيز الهوية المدنية الروسية الشاملة" وترسيخ استخدام اللغة الروسية والعمل ضد "جهود الدول الأجنبية غير الصديقة لزعزعة العلاقات بين الأعراق والطوائف وإحداث انقسام داخل المجتمع".
وجعل بوتين، بالإضافة إلى الاعتراض على توسع حلف شمال الأطلسي شرقاً منذ التسعينيات، الدفاع عن الناطقين بالروسية وإعادة توحيد المناطق التي تعد روسية تاريخياً بنداً رئيساً في "العملية العسكرية الخاصة" التي تنفذها موسكو في أوكرانيا.
وكانت الأوكرانية هي لغة الدولة الوحيدة في أوكرانيا منذ انهيار الحكم السوفياتي في عام 1991 وحصولها على الاستقلال لكن السلطات في كييف تنفي أي تصور عن تعرض الناطقين بالروسية للتمييز.
وتقول روسيا إن الفكر الأيديولوجي النازي الجديد تغلغل في الحياة العامة الأوكرانية منذ الانتفاضة الشعبية في عام 2014 التي أجبرت الرئيس الأوكراني الموالي لروسيا آنذاك فيكتور يانوكوفيتش على الفرار من البلاد.