Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيرا نايتلي: الأمومة مرهقة أكثر من التمثيل والنجومية

من بطلة في أفلام الروائية جين أوستن إلى أرستقراطية مغامِرة ثم محللة شيفرات في زمن الحرب، والآن تدخل الممثلة المحبوبة أكثر أدوارها غير المتوقعة على الإطلاق كاتبة لكتب الأطفال، وفي هذا الحوار تتحدث عن معاناة ابنتها مع التسنين ونضالها من أجل الأجر المتساوي

كيرا نايتلي: "لا شيء يُهيئك للإرهاق الناتج عن أرق طفلك" (غيتي)

ملخص

تتنقّل كيرا نايتلي بين ضغوط الأمومة وتاريخ طويل من النجومية التي دفعت بها مبكراً إلى الانهيار العصبي، لكنها اليوم تستعيد مسيرتها بشروطها الخاصة، مؤسّسة حضوراً فنياً ناضجاً ومتوازناً. كتابها الجديد للأطفال، المولود من لحظات صادقة مع ابنتيها، يعكس انتقالها من حياة المطاردة الإعلامية إلى عالم أكثر حميمية ووعياً بذاتها.

سألت كيرا نايتلي أيهما كان أكثر إنهاكاً؟ تلك أعوام الخمسة من مسيرتها التي قدمت خلالها كماً هائلاً من الأفلام الضخمة، من "العبها مثل بيكهام" Bend It Like Beckham و"التكفير" Atonement و"قراصنة الكاريبي" Pirates of the Caribbean و"كبرياء وتحامل" Pride & Prejudice و"الحب في الواقع" Love Actually، أم المراحل الباكرة من الأمومة؟ وأجابت على الفور دون تردد "الأمومة، فلا شيء يمكن أن يهيئك لذلك المستوى من الإرهاق الذي تصل إليه عندما يكون طفلك من النوع الذي لا ينام".

نايتلي (40 سنة) وزوجها الموسيقي جيمس رايتون قاما بتجربة "كل شيء" لجعل ابنتهما الأولى إيدي (10 سنوات) تنام طوال الليل، وفي النهاية نجحا بالوصول إلى روتين نوم رائع أثمر بعد أعوام عن شيء لم يكن مقصوداً أبداً ولكنه مميز جداً، وهو كتاب الأطفال الأول من تأليف نايتلي بعنوان "أحبك بالقدر نفسه" I Love You Just the Same.

على مدى خمسة أشهر كانت نايتلي ترسم صورة كلما خلدت إيدي إلى النوملكي تعرف عند استيقاظها أن والدتها كانت تفكر بها، وتقول نايتلي "تحول الأمر إلى نوع من الحوار بيننا، إذ كانت تتسأل إن كانت الرسمة ستكون لطائر أو قطة مثلاً"، وهذا ربما يفسر جاذبية نايتلي العابرة للأجيال، وبالنسبة إلينا فهي واحدة من أهم نجمات السينما البريطانية خلال الأعوام الـ 25 الماضية، لكن بالنسبة إلى ابنتي الصغيرة التي تبلغ ثمانية أشهر وتعشق رسومات القطط التي ترسمها نايتلي، فهي بالنسبة إليها ليست نايتلي نجمة السينما بل "السيدة التي رسمت القطة".

وربما لهذا السبب أنا لم أتعرف إلى نايتلي عندما وصلتُ للقائها في مقهى شمال لندن، فقد كانت متخفية إلى حد أن النادل حين سألني إن كانت المرأة صاحبة القميص المخطط والشعر البني القصير هي من أبحث عنها، أجبته بالنفي قبل أن يقترب وجه مألوف مني ويهمس: "هل أنتِ...؟" فأدركت أنها بالفعل الشخص الذي أبحث عنه، وفقط عندما جلست أمامها وضح كل شيء: وجه النجمة السينمائية والبشرة المشرقة من دون مكياج والحاجبين الجميلين جداً.

الطريقة التي ينظر بها المخرجون الرجال إلى المرأة على الشاشة لا تهمني بقدر ما تهمني زاوية النساء في تصوير التجربة الأنثوية

 

أتقنت نايتلي فن التواري عن الأنظار، ففي عام 2002 قفزت إلى الشهرة بدورها في فيلم Bend It Like Beckham البريطاني المرتكز على كرة القدم، مما فتح أمامها سيلاً من الأدوار الرئيسة وعرّضها إلى درجة لا تُطاق من الملاحقة والتدقيق الصحافي، وفي أعوام مراهقتها عاشت التجربة القاسية للتحول المفاجئ إلى واحدة من أشهر نساء العالم، مطاردة من المصورين وملاحقة بتفاصيل صحافية تنقب في كل حركة وسلوك، ولنا نحن الذين شاهدنا نايتلي تكبر على الشاشة، كان اعترافها عام 2018 بأنها أصيبت بانهيار عصبي في سن الـ 22 أمراً مؤسفاً لكنه مفهوم تماماً.

منذ ذلك الحين تباطأت وتيرة أعمالها ونجحت بتجنب الأضواء بذكاء، إذ عززت مسيرتها المهنية المحترمة وفقاً لشروطها الخاصة، مستمرة في اتخاذ خيارات فنية لافتة، بدءاً من لعب دور جوان كلارك، شريكة آلان تورينغ في فك الشيفرات في فيلم "لعبة التزييف" The Imitation Game عام 2013 (الذي نالت عنه ترشيحها الثاني لجائزة أوسكار)، وصولاً إلى دور البطولة في فيلم السيرة الذاتية للكاتبة الفرنسية الرائدة "كوليت" Colette عام 2018، وصولاً إلى أحدث أدوارها كزوجة وزير وعميلة سرية في مسلسل نتفليكس "الحمام الأسود" Black Doves.


والآن تُقدم نايتلي على ما لم يوقعه أحد، إصدار كتاب للأطفال، فحين أُعلن العام الماضي دخولها عالم أدب الأطفال قوبل الخبر بانتقادات من بعض كتّاب هذا المجال الذين خشوا من اجتياح مشاهير الصف الأول لمهنتهم (ماثيو ماكونهي وتشانينغ تاتوم ودوقة ساسكس من بين المشاهير الذين جربوا هذا اللون الأدبي).

وتُقر نايتلي بهذه الانتقادات قائلة "كان واضحاً أن ذلك سيحدث وأنا أتفهمه تماماً، أظن أن الأمر يشبه أي صناعة إبداعية، فالمساحة المتاحة لأي شخص ضيقة جداً سواء كان ممثلاً أو موسيقياً، وأنا واثقة من أن الكتّاب يشعرون بالأمر نفسه، ولذلك أنا أتعاطف معهم".


ولكن سيكون من الجائر اعتبار نايتلي مجرد نجمة أخرى تركب موجة ازدهار كتب الأطفال، فكتابها "أحبك بالقدر نفسه" المستوحى من إيدي وابنتها الصغرى ديلايلا (ست سنوات)، عمل رقيق الرسم وشديد الخصوصية يروي قصة أخت كبرى تتعلم التأقلم مع قدوم طفل جديد إلى العائلة، وهو مكتوب بفهم عميق لطبيعة أدب الأطفال المليء بالظلال والأخطار، وقد بدأت بذرة الحكاية بطلب غريب من إيدي حين كانت شقيقتها الصغيرة في مرحلة التسنين وتبكي طوال اليوم، فقالت لها "هل يمكنكِ رسم صورة لطائرٍ يأخذ الطفل بعيداً؟".


وعند لقائي نايتلي بدا طبيعياً تماماً ومعبراً عن شخصيتها أن تحتفل بعيد ميلادها الـ 40 بصنع السكاكين مع زوجها في ورشة حدادة شمال ويلز، ويتميز حديثها بالود الذي يخفي بداخله شجاعة حقيقية، وهي الشجاعة نفسها التي تظهر في شخصية إليزابيث بينيت التي جسدتها نايتلي، فتلك الشخصية تتألق في لحظات الملل لكن لا تتسامح مع الظلم أو الغباء. (هذا الدور في فيلم "كبرياء وتحامل" هو ما منح نايتلي أول ترشيح لجائزة أوسكار وهي في عمر 20 سنة فقط).

تضحك بسهولة على معظم ما يُقال وتعطي انطباعاً بأنها تعرف ما ستسمعه قبل أن يُقال حتى إنها فكرت به ملياً، وعندما سألتها عما إذا كان هناك ما يقلقها في تربية ابنتين ردت فوراً "تقصدين وسائل التواصل الاجتماعي؟".

تُقر نايتلي بكل صراحة بأنها لا تملك جواباً لهذا اللغز الذي يقض مضاجع الأهالي اليوم، وتقول "حالياً لا نسمح لهما بأي منها ولا أعرف إن كان هذا صواباً، وإذا استطعنا الصمود حتى بلوغهما الـ 16 فسأبذل كل جهدي، ولا فكرة لدي إن كان هذا القرار سليماً أو إن كنا سننجح أصلاً".

أعلم أنني حصلت على أجر متساو مرتين، وكان وكلاء أعمالي متحمسين للغاية

 

وحتى قصة ولادة نايتلي تعد جزءاً من إرثها الشخصي، فوالدها الممثل ويل نايتلي قال لوالدتها الكاتبة المسرحية شارمان ماكدونالد إنهما لا يستطيعان إنجاب طفل آخر إلا إذا نجحت في بيع مسرحية جديدة، وقد فعلت ذلك حيث عُرضت مسرحيتها "عندما كنتُ فتاة كنت أصرخ وأصيح" في مسرح بوش عام 1984، وفي العام التالي وُلدت كيرا، وكما تأمل كل أم أن تحصل ابنتها على ما حُرمت هي منه، فما الذي نالته نايتلي ولم تحظ به والدتها؟ تجيب فوراً "دخل ثابت ومنتظم"، أما عن ابنتيها فهي تتمنى أن تحصلا على "أجر متساو في مقابل عمل متساو 100 في المئة، وأتمنى حقاً أن أرى ذلك يتحقق في حياتي وحياة ابنتي".

ولا تُسمي نايتلي الأعمال التي حصلت فيها على أجر أدنى من زملائها الرجال قائلة "أنا لا أسأل، أجد أن عدم السؤال أسهل"، وتحيط الحديث باعتراف واضح بامتيازها النسبي، مضيفة "أعلم أنني حصلتُ على أجر متساو في بضع مرات وكان وكلائي متحمسين جداً لذلك، وكما تعلمين فأنا محظوظة على نحو لا يصدق بالعمل الذي أقوم به، ومحظوظة بالمال الذي تمكنت من كسبه من خلاله، وأعلم أنني لم أحصل على ما يقترب حتى من أجور نظرائي الذكور، لكنني في الوقت نفسه ليس لدي ما أشكو منه، فأنا أدرك تماماً كم كنت محظوظة".

أما رغبتها في المساواة في الأجر فتشمل كل المهن بلا استثناء، بما في ذلك وظيفتا أحلام ابنتيها حالياً: بائعة زهور وصاحبة متجر حلويات.

 

أحد أوائل أدوارها السينمائية كان في فيلم الرعب منخفض الموازنة "الثقب" The Hole، إضافة إلى ثورا بيرتش ولورانس فوكس (عام 2001)، وقد اكتسب الفيلم سمعة واسعة لاحقاً لأن نايتلي، وكانت في الـ 15 فقط عند التصوير، تظهر فيه عارية الصدر لثوان، ولا تتذكر كثيراً عن الطريقة التي اُتخذ بها القرار، وتقول "أتذكر أنني أحببت العمل، وبالتأكيد ظهرتُ عارية الصدر، وأعتقد أنني كنت مرتاحة تجاه ذلك، فلطالما شعرتُ أن الممثل يستخدم جسده لخدمة الدور الذي يؤديه، ولا أذكر أنني شعرت بأية سلبية حياله"، ثم تضحك مضيفة "لكن هل كنتُ سأسمح لابنتي ذات الـ 15 سنة بفعل ذلك؟ طبعاً لا".

أما التقارير التي زعمت قبل أعوام أنها لن تؤدي مشاهد جنسية مع مخرجين رجال فكانت تحريفاً لكلامها، وتوضح "لا، في النهاية أنا لا أملك تلك القوة، وكنتُ أقصد أن الطريقة التي ينظر بها المخرجون الرجال إلى المرأة على الشاشة لا تهمني بقدر ما تهمني زاوية النساء في تصوير التجربة الأنثوية".


وبالحديث عن النظرة الذكورية أعترف أنه كلما شاهدتُ فيلم "التكفير" من جديد لا يسعني إلا التفكير في مدى الانزعاج الذي لا بد من أن سيسيليا (نايتلي) شعرت به خلال ذلك المشهد الحميم الشهير في المكتبة مع روبي (جيمس مكافوي)، وهي محشورة إلى خزانة كتب قديمة، فتهز نايتلي رأسها موافقة "سيكون ذلك غير مريح تماماً"، قبل أن تضيف مازحة "وأراهن أنها لم تبلغ النشوة"، ومع ذلك تقول نايتلي إنه أفضل مشهد جنسي أدته في مسيرتها، "اليوم ندخل موقع التصوير فيقال لنا 'هذا ما نحتاجه وهكذا سنؤدي المشهد، هل تشعرين بالراحة؟' وهو تماماً ما فعله جو [رايت] في ذلك الوقت".

وربما كان أكثر تجل سريالي لشهرة نايتلي في أوائل الألفية ظهورها على الغلاف المثير للجدل لعدد مجلة "فانيتي فير" Vanity Fair الخاص بهوليوود عام 2006، فباعتبارها جزءاً من التشكيلة السنوية لأبرز نجوم العام، ظهرت نايتلي وسكارليت جوهانسون عاريتين وإلى جانبهما توم فورد بكامل ملابسه وهو يميل نحوها ويشتم شعر نايتلي، وتقول عن الصورة "كانت معبرة تماماً عن تلك الفترة وكانت مذهلة أيضاً، وكانت تقول كل شيء بوضوح: الرجل في بذلته والنساء الشابات مجرد لحم، وهذا ما بدا عليه المشهد، وهكذا صوّرتنا [آني ليبوفيتز]، وهذا ما كانت تقوله وكان ذلك صحيحاً".

تتذكر ذلك بابتسامة يغلفها قدر من السخرية، "كنت في الـ 21 من عمري، أعني إن كنتِ ستخلعين ملابسك يوماً فليكن على يد أحد أفضل المصورين في العالم ولأجل تلك المجلة"، تقول مازحة، مضيفة "أتذكر أنه كان يوماً لطيفاً حقاً، انسجمتُ مع سكارليت جوهانسون، إنها المرة الوحيدة التي التقيتها وقضينا يوماً لطيفاً وحديثاً لطيفاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا تتراجع نبرة نايتلي المازحة إلا حين تتحدث عن الانهيار الذي مرت به، ففي عام 2019 وصفت كيف كانت في قلب ثقافة تُلقي اللوم على الضحية، إذ "كان الرجال يطاردونها" ويقال لها "أنتِ أردتِ هذا"، وهذه تجربة مؤلمة لا تحب العودة لها ولا الحديث عنها، وتفضل أن تتركها مغلقة ومنسية.

وتشرح قائلة: "كبالغة أدرك تماماً أن الناس قد يمرون بفترات صعبة جداً في حياتهم ولا يخرجون منها بمسيرة ناجحة ورصيد مصرفي كبير، وأشعر أنني محظوظة للغاية، فهل جاء ذلك مصحوباً بكثير من الأمور الأخرى التي كان عليّ التعامل معها؟ 100 في المئة نعم، فلا أعتقد أن الطريقة التي تصرف بها المصورون أو الصحافيون مع الشابات في صناعة الترفيه آنذاك كانت مقبولة أو صحيحة بأي شكل، وبصفتي شخص بالغ فبالتأكيد كانت طريقة فظيعة 100 في المئة لتعامل ذلك الجزء من الإعلام مع الشابات"، وهل لا يزال الأمر يؤثر فيها؟ فتجيب فوراً "نعم لا يزال كذلك".


عموماً لا تربط نايتلي علاقة مستمرة بالأفلام التي تمثل فيها، فهي تشاهدها مرة واحدة فقط ثم تنفصل تماماً عن المشروع بعد اكتماله، وهي بالتأكيد لم تطّلع على آلاف الصور الساخرة المنتشرة عبر الإنترنت من فيلم Love Actually (معظمها يصورها وهي تقول 'كلّهم أنا' فوق صور لقطط الناس)، لكن مع مرور الوقت اكتسبت احتراماً ومودة مُستحقين لدى الجمهور، وتقول "أظن أن كونك امرأة في الـ 40 يجعل الناس يتعاملون معك بطريقة مختلفة عما يفعلونه عندما تكونين في الـ 18، وهذه هي طبيعة العالم"، مضيفة "عندما تكونين في الـ 18 ليس لديكِ كثير من الأعمال، وكل ما لديكِ هو الصورة، لكن عندما تكون لديكِ مسيرة تمتد 25 عاماً وبات لديكِ ما يكفي لتقولي 'هذه حصيلة عمل بعضه نجح وبعضه لم ينجح' عندها يستطيع الناس أن ينظروا ويقولوا 'هذه مسيرة مهنية حقيقية'".

مسيرة كاملة حملت وجوهاً عدة، وبينما ترتدي نايتلي سترة جينز مزدانة بالتطريزات الملونة وتعلق حقيبة قماشية على كتفها في طريقها إلى تجربة أزياء للموسم الثاني من مسلسل "الحمام الأسود" ومستعدة لأحدث أعمالها، تكتب رسالة على نسخة من كتابها موجهة لابنتي "مع كل المحبة... من السيدة التي رسمت القطة".

 كتاب "أحبك بالقدر نفسه" صادر عن دار النشر "سايمون وشوستر".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات