Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب يستهدف فنزويلا لهذه الأسباب

تبرير الرئيس الأميركي لعمليات قتل مهربي مخدرات مزعومين على قوارب آتية من فنزويلا، ثم تهديده اللاحق بالغزو، يفتقران إلى أي أساس منطقي، ويشكلان خطراً في عالم لم يعد فيه للقانون الدولي سوى حضور صوري

قطع عسكرية أميركية في المحيط الأطلسي (وزارة الدفاع الأميركية / أ ف ب عبر غيتي)

ملخص

تصعيد ترمب ضد فنزويلا، المبني على مزاعم غير مثبتة حول تهريب الفنتانيل، يكشف عن انزلاق خطر نحو استخدام القوة خارج إطار القانون وتجاهل الشرعية الدولية، مما يهدد بجر المنطقة إلى صراع مفتعل يخدم أجندة تغيير النظام أكثر مما يخدم مكافحة المخدرات.

أقدمت الولايات المتحدة على قتل 90 شخصاً هذه السنة عبر "عمليات قتل خارج نطاق القانون" (أو جرائم قتل ترعاها الدولة)، استهدفت في معظمها أشخاصاً كانوا على متن قوارب يشتبه في تورطها بالتهريب، انطلقت من السواحل الفنزويلية.

والآن، يدفع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بمجموعة قطع بحرية تتقدمها حاملة طائرات أميركية إلى منطقة البحر الكاريبي، ملوحاً بغزو لفنزويلا، مبرراً ذلك بمجموعة أكاذيب.

الذريعة التي تقدمها الولايات المتحدة لقتل المشتبه فيهم بتهريب المخدرات، تقوم على ادعاء أنهم يغرقون البلاد بمخدر "فنتانيل" القاتل.

بصرف النظر عن الانتهاكات القانونية الصارخة - كعدم إطلاق عيارات تحذيرية، وعدم محاولة توقيف المشتبه فيهم (كما جرت العادة)، وحرمان الضحايا بصورة كاملة من أي حقوق مرتبطة بالإجراءات القضائية الواجبة - فإن هذا التبرير لا يعدو كونه هراء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستناداً إلى "إدارة مكافحة المخدرات الأميركية" وجميع المصادر الأخرى المختصة برصد آفة الـ"فنتانيل" في الولايات المتحدة، فإن أياً من هذه المواد الأفيونية القاتلة لا يأتي من فنزويلا، ولا يمر عبرها.

في الواقع، تصل هذه المواد إلى الأراضي الأميركية من المكسيك، فيما تأتي المواد الكيماوية الأولية المستخدمة في تصنيعها، من الصين. وعلى رغم ذلك، لم يتعرض المكسيكيون لأي قصف، كما لم يصدر أي تهديد من واشنطن بغزو بكين.

في هذا "النظام المارق الجديد" - الذي لم يكن من ابتكار دونالد ترمب، لكنه يسهم في تضخيمه - لم يعد هناك من معنى للقانون الدولي والمبادئ الأخلاقية. فالقوة هي التي تحدد الحق في نظر الرئيس الأميركي، والغزو يتحول إلى صورة جديدة من أشكال الاستحواذ على الأراضي بوسائل أخرى.

في الوقت نفسه، استضاف ترمب بصورة ملاحظة على أراضي الولايات المتحدة، كلاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، متجاهلاً مذكرات اعتقال دولية صدرت في حق هذين الزعيمين من جانب "المحكمة الجنائية الدولية"، بعد توجيه تهم إليهما بارتكاب جرائم حرب.

الزعيم الروسي برر غزوه لأوكرانيا بأنه استهدف حماية سكانها الناطقين باللغة الروسية من سيطرة مزعومة للنازيين في كييف، وهو ادعاء باطل. فاليوم، أصبح عدد كبير من هؤلاء الأشخاص، نتيجة الهجمات الروسية نفسها، إما قتلى أو لاجئين.

إلا أن الرئيس الأميركي أقر بأنه يرى أن لروسيا "حقاً" في الأراضي الأوكرانية، مستنداً في ذلك إلى العدد الكبير من الجنود الروس الذين لقوا حتفهم وهم يقاتلون من أجلها.

كما بلغت حماسة ترمب حد اقتراح إخلاء قطاع غزة من سكانه الفلسطينيين، وتحويل المنطقة إلى منتجع ساحلي، وقد قيل أخيراً إنه يدعم خطة تحويل القطاع إلى مستعمرة تحت إشراف رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير.

هذه المقترحات ليست رهيبة فحسب، بل تشكل انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي الذي يحظر التهجير القسري للسكان.

بغض النظر عن ذلك، فإن دونالد ترمب لا يستسيغ نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي يحكم الدولة الغنية بالنفط منذ عام 2013.

وينظر إلى مادورو على أنه ديكتاتور زور الانتخابات التي أجريت في يوليو (تموز) العام الماضي، لسد الطريق أمام زعيم المعارضة إدموندو غونزاليس، الذي فر لاحقاً إلى المنفى في إسبانيا.

يضاف إلى ذلك أن المسؤولين الأمنيين الداعمين لمادورو سمح لهم بالمشاركة في عمليات تهريب المخدرات والذهب. وفي ظل العقوبات الأميركية والعزلة الدولية المفروضة عليه، فإن فساد النظام هذا، يمتد على الأرجح، إلى أعلى المستويات.

يبدو أن ترمب يفضل القادة الأقوياء الذين يتجاهلون المعايير الديمقراطية، فرئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جينبينغ، هم أكثر القادة الذين يكن لهم الإعجاب ويعتبرهم بمثابة أقران له. إنهم رؤساء رأسماليون مستبدون، وربما "خطيئة" الرئيس الفنزويلي مادورو، في نظر ترمب، هي ادعاؤه الانتماء إلى "الاشتراكية".

يعرب الزعيم الفنزويلي عن اعتقاده بأن الرئيس الأميركي يخطط للإطاحة به، بينما ينفي البيت الأبيض هذا الاتهام.

مع ذلك، لا يوجد تفسير واضح لاستهداف ترمب فرقاً صغيرة من الفنزويليين على متن زوارق بخارية، وإرساله أسطولاً أميركياً إلى منطقة البحر الكاريبي لترهيب كاراكاس، سوى السعي إلى تغيير النظام في فنزويلا.

البيت الأبيض كان قد برر عمليات قتل مشتبه فيهم بتهريب مخدرات وصيادين فنزويليين، بأن الولايات المتحدة تخوض "صراعاً غير دولي" [مجرد عمليات محلية الطابع] مع "إرهابيي المخدرات" الذين يقتلون مواطنين أميركيين بتلك المواد.

الأمم المتحدة وصفت تلك العمليات بأنها "عمليات قتل خارج نطاق القانون"، وهو ما أكدت عليه أيضاً "منظمة العفو الدولية". وأشارت تقارير إلى أن المملكة المتحدة وكولومبيا علقتا تبادل المعلومات الاستخبارية في منطقة الكاريبي، بسبب استهداف قوارب التهريب المزعومة.

لكن في تطور جديد، أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن "كارتيل دي لوس سوليس" Cartel de los Soles، وهو تنظيم تزعم الولايات المتحدة أن مادورو يقوده، سيتم تصنيفه منظمة إرهابية.

يذكر أن تنظيم "القاعدة"، وتنظيم "داعش"، وحركة "حماس"، و"الجيش الجمهوري الإيرلندي الحقيقي، قد تم تصنيفهم جميعاً في وقت سابق ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، والأمر نفسه ينطبق على عدد من كارتيلات المخدرات المكسيكية.

إلا أن تصنيف الرئيس الفنزويلي على أنه قائد منظمة إرهابية مرتبطة بالمخدرات، يضعه الآن في مرمى الاستهداف المباشر من جانب من الولايات المتحدة.

وتسببت عمليات القتل في منطقة البحر الكاريبي بحال من الذعر على أعلى مستويات القيادة العسكرية الأميركية، ومن المقرر أن يتنحى الأدميرال ألفين هولسي القائد الأعلى للقوات الأميركية في المنطقة عن منصبه الشهر المقبل، أي قبل سنتين من انتهاء ولايته.

ووردت تقارير أن هولسي أبدى اعتراضات قانونية وأخلاقية على استخدام قوات وعتاد البنتاغون في عمليات قتل مدنيين، تحت مبدأ يستخدم عادة في الهجمات على مسلحين يشكلون خطراً مباشراً وعنيفاً على الولايات المتحدة أو مواطنيها.

وفي تصريح لـ"اندبندنت"، قال متحدث باسم وزارة العدل الأميركية إنه "أوامر تنفيذ الضربات صدرت بما يتوافق مع قوانين النزاع المسلح، وبالتالي تعتبر هذه الأوامر قانونية".

وأضاف المتحدث أن "العسكريين ملزمون قانوناً باتباع الأوامر الشرعية، وبالتالي فإنهم لا يخضعون للملاحقة القضائية عندما يقومون بتنفيذ تلك الأوامر".

في غضون ذلك، أطقم نحو 75 طائرة أميركية، إلى جانب 5 آلاف جندي، وعناصر استخبارات، وقوات خاصة، يستعدون الآن أثناء اقترابهم من فنزويلا، ومن الأفضل لجميع هؤلاء أن يأملوا بأن يكون لديهم محامون جيدون.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير