Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانتخابات النيابية المصرية في قبضة "الطعون" والسيسي يلوح بإلغاء المرحلة الأولى

دعا الرئيس المصري "الهيئة الوطنية" إلى التدقيق التام وفحص التظلمات

تعهدت الهيئة الوطنية للانتخابات وهي الجهة المشرفة على الاستحقاق البرلماني بعدم السماح بوصول نائب إلى البرلمان إلا بإرادة الناخبين الحقيقية (أ ف ب)

ملخص

تجري الانتخابات وفق "النظام المختلط" الذي يجمع بين القوائم والفردي، وبينما يتنافس أكثر من 2000 مرشح على "نظام الفردي" الذي تبلغ مقاعده 284، تخوض قائمة واحدة الانتخابات البرلمانية وهي "القائمة الوطنية من أجل مصر"، والتي تضم 12 حزباً سياسياً، من بين أحزاب موالاة ومعارضة، على أربع دوائر انتخابية تشمل عموم الجمهورية من أجل حصد 284 مقعداً.

على وقع مخالفات شابت نزاهة عملية التصويت خلال الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية، دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي "الهيئة الوطنية للانتخابات"، المسؤولة عن الإشراف على العملية برمتها، إلى التدقيق التام وفحص الأحداث والطعون المقدمة في شأنها، وأن تتخذ القرارات وتكشف بكل أمانة عن إرادة الناخبين الحقيقية، حتى لو وصل الأمر إلى إلغاء نتيجة هذه المرحلة بأكملها.

وبعد دعوة السيسي تعهدت "الهيئة الوطنية للانتخابات" بتطبيق اللوائح والقوانين على اللجان الانتخابية كافة، وفحص كل الطعون المقدمة والفصل فيها، مع التلويح باحتمال إلغاء المرحلة الأولى كلياً حال ثبوت المخالفات، أو الدوائر التي شهدتها اللجان الانتخابية في عموم المحافظات التي عقدت فيها.

ومثلت دعوة الرئيس المصري إلى مراجعة تلك المخالفات أول تدخل معلن في عهده حول مسار العملية الانتخابية، كما مثلت أول حديث معلن عن تجاوزات ومخالفات طاولت عملية التصويت، وذلك بعد أيام من شكاوى متكررة لبعض المرشحين تحدثوا عن تجاوزات انتخابية واسعة شهدتها بعض اللجان، وشملت تغيير أرقام المصوتين والتلاعب في صناديق الاقتراع، فضلاً عن منع واسع لمندوبي المرشحين من حضور عمليات فرز الأصوات.

وقبل انطلاق المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية الأسبوع الماضي، خيمت على المشهد تراشقات أحزاب الموالاة والمعارضة والشخصيات المستقلة حول مدى توغل ظاهرة المال السياسي وشراء المقاعد وظهور ما يعرف بتوريث المقاعد والكراسي الموسيقية، وفق كثير من المراقبين والمحللين المصريين.

تلويح بإلغاء المرحلة الأولى

في حديث مفاجئ لوح الرئيس عبدالفتاح السيسي باحتمال إلغاء المرحلة الأولى من الانتخابات التي جرت الأسبوع الماضي في 14 محافظة، وذلك بعد أن تحدث في بيان عبر صفحاته الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي عن أحداث ومخالفات وقعت في دوائر انتخابية، مطالباً "الهيئة الوطنية للانتخابات" بالتدقيق فيها حتى لو وصل الأمر إلى إلغاء نتيجة هذه المرحلة بأكملها.

 

وقال السيسي "وصلتني الأحداث التي وقعت في بعض الدوائر الانتخابية التي جرت فيها منافسة بين المرشحين الفرديين (النظام الفردي)، وهذه الأحداث تخضع في فحصها والفصل فيها لـ 'الهيئة الوطنية للانتخابات' دون غيرها، وهي هيئة مستقلة في أعمالها وفقاً لقانون إنشائها"، مضيفاً "أطلب من الهيئة الموقرة التدقيق التام عند فحص هذه الأحداث والطعون المقدمة في شأنها، وأن تتخذ القرارات التي تُرضي الله سبحانه وتعالى وتكشف بكل أمانة عن إرادة الناخبين الحقيقية، وأن تُعلي الهيئة من شفافية الإجراءات من خلال التيقن من حصول مندوب كل مرشح على صورة من كشف حصر الأصوات من اللجنة الفرعية، حتى يأتي أعضاء مجلس النواب ممثلين فعليين عن شعب مصر تحت قبة البرلمان".

ودعا السيسي "الهيئة الوطنية للانتخابات" إلى عدم التردد في اتخاذ القرار الصحيح عند تعذر الوصول إلى إرادة الناخبين الحقيقية، سواء بالإلغاء الكامل لهذه المرحلة من الانتخابات أو إلغائها جزئياً في دائرة أو أكثر من دائرة انتخابية، على أن تجري الانتخابات الخاصة بها لاحقاً.

ومضى السيسي في بيانه "أطلب كذلك من 'الهيئة الوطنية للانتخابات' الإعلان عن الإجراءات المتخذة نحو ما وصل إليها من مخالفات في الدعاية الانتخابية، حتى تتحقق الرقابة الفعالة على هذه الدعاية ولا تخرج عن إطارها القانوني، ولا تتكرر في الجولات الانتخابية الباقية".

وبعد ساعات من تصريحات الرئيس المصري عقدت "الهيئة الوطنية للانتخابات" مؤتمراً صحافياً أكدت فيه احتمال إلغاء الانتخابات في دوائر بعينها أو مجمل المرحلة الأولى حال ثبوت الطعون المقدمة، وقال رئيس الهيئة حازم بدوي إنه "سيجري اتخاذ القرار اللازم حيال ما حدث خلال انتخابات المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، حتى وإن لزم الأمر إلغاء الانتخابات بأكملها أو في بعض الدوائر"، مشيراً إلى أن عدد التظلمات التي تلقتها الهيئة بلغت 88.

ومع تأكيد بدوي أن أي إخلال يثبت في سير العملية الانتخابية قد يؤدي إلى إلغاء الانتخابات في الدائرة بالكامل، فقد تعهد بعدم سماح الهيئة بوصول أي نائب إلى قبة البرلمان إلا بإرادة الناخبين الحقيقية، موضحاً أن اختيار المواطنين لممثليهم بحرية ونزاهة هو الأساس الذي تستند إليه العملية الانتخابية، وشدد على أن "المجلس يتابع كل ما يثار حول العملية الانتخابية ويتعامل مع جميع الشكاوى والتظلمات بجدية كاملة، سواء كانت من مرشحين أو متابعين أو مواطنين"، قائلاً إن "أعضاء المجلس من القضاة لا يبتغون سوى مرضاة الله والحق".

 

ويأتي حديث السيسي وتعهد "الهيئة الوطنية للانتخابات" بالنظر في الأمر غداة بيان لوزارة الداخلية المصرية نفت فيه وجود أية مخالفات جوهرية طاولت العملية الانتخابية، مشيرة في بيان لها إلى أن "ما جرى تداوله مجرد محتوى مفبرك، وأن الوقائع المحدودة المشابهة جرى التعامل معها في حينه"، ومشدداً على أن "ما تردده بعض المنصات التابعة لـ 'جماعة الإخوان' يأتي ضمن سلسلة من المحاولات اليائسة للجماعة الإرهابية بغرض النيل من حال الاستقرار التي تعيشها البلاد، من خلال بث الإشاعات وتزييف الحقائق".

دعوة الرئيس المصري تقلب المشهد

وطوال الأسابيع الماضية خيمت على المشهد الانتخابي في مصر مساعي أحزاب الموالاة إلى إبقاء تصدرها للحياة البرلمانية مع خفوت أحزاب المعارضة، فضلاً عن استبعاد عدد من رموز الأخيرة وانسحاب بعضهم من المشهد، حتى بدت الصورة بتفاعلاتها منحة جديدة تؤكد تصدر الموالاة، فيما يزداد تراجع المعارضة عن الصورة، لكن دعوة الرئيس بإعادة التدقيق في الطعون التي قدمت بعد يومي التصويت قلبت المشهد في وقت يترقب الجميع انطلاق المرحلة الثانية من الانتخابات الأسبوع المقبل في نحو 13 محافظة مصرية.

وكتب النائب البرلماني مصطفي بكري عبر صفحته على "إكس" أن "دعوة الرئيس السيسي لـ 'الهيئة الوطنية للانتخابات' بالتدقيق عند فحص الأحداث التي وقعت بين بعض مرشحي الفردي وأن تعلي من شفافية الانتخابات في مكانها الصحيح"، موضحاً أن الهيئة الوطنية مطالبه بالتحقيق في هذه الأحداث التي وقعت.

وذكر بكري أن دعوة السيسي تمنح المصريين أملاً جديداً في شفافية الانتخابات وإعادة الحق لأصحابه، مشيراً إلى ضرورة عدم تكرار سيناريو انتخابات  عام 2010 التي شهدت تزويراً واسعاً لـ "الحزب الوطني" الحاكم آنذاك، وكانت من بين الأسباب التي قادت إلى اندلاع ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 والإطاحة بنظام الرئيس حسني مبارك.

وشدد بكري على أن "أمن البلد واستقراره وثقة الشعب في العملية الانتخابية وشفافيتها أهم من نجاح فلان أو علان"، مضيفاً أن "الرئيس منحاز دائماً إلى الشعب والدستور والقانون، وهذه هي الضمانة الحقيقية لمصر واستقرارها، وتدخل الرئيس لوضع حد للأحداث التي شهدتها مناطق عدة هو الضمانة لتهدئة مشاعر المواطنين، وإعلان الحقيقة بكل شفافية".

من جانبه دعا البرلماني السابق والكاتب الصحافي عبدالرحيم علي إلى إلغاء نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، موضحاً في تدوينة عبر صفحته على "فيسبوك" ضرورة إعادة الانتخابات في جميع الدوائر "وفق قواعد جديدة تراقب بدقة من جميع أجهزة الدولة المعنية، بما يمنع استخدام المال السياسي والبلطجة ومحاولات التأثير في الناخب، ويُفعل قواعد القانون والدستور، في انتصار حقيقي لمبادئ الجمهورية الجديدة التي أرسى دعائمها السيسي، والذي كان الأقرب إلى نبض الشارع بما كتبه ليعيد الأمور لنصابها الصحيح، ويُحيي الأمل في نفوس المصريين جميعاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بدوره اعتبر الكاتب الصحافي محمد بصل تدخل الرئيس المصري على خط الجدل حول الانتخابات النيابية دعوة غير مسبوقة تأتي قبل ساعات من إعلان "الهيئة الوطنية للانتخابات" النتيجة النهائية للجولة الأولى من المرحلة الأولى، "وبعد بث كثير من المرشحين مقاطع فيديو يطالبون فيها بتدخل رئيس الجمهورية، متسائلاً عن مدى تأثير الخطاب الرئاسي في الأداء العام خلال الجولة الثانية من المرحلة الأولى والمرحلة الثانية برمتها، والتي سيدلي رئيس الجمهورية بصوته فيها، وما إذا كانت ستؤدي بالتبعية إلى إضفاء مزيد من الجدية والثقة ورفع معدلات الاهتمام ونسبة المشاركة ولو قليلاً"، معتبراً أن "تدخل السيسي حدث سياسي كبير وأتمنى أن يكون فارقاً".

وكانت انتخابات مجلس النواب المصري انطلقت في مرحلتها الأولى الإثنين الماضي حين أدلى الناخبون بأصواتهم في اللجان الانتخابية على مدى يومين، على أن تعلن النتائج النهائية للمرحلة الأولى غداً الثلاثاء، 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وشملت المرحلة الأولى 14 محافظة وهي الجيزة والفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط  والوادي الجديد وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر والإسكندرية والبحيرة ومطروح.

وتجري الانتخابات وفق النظام المختلط الذي يجمع بين القوائم والفردي، وبينما يتنافس أكثر من 2000 مرشح على "نظام الفردي" الذي تبلغ مقاعده 284، تخوض قائمة واحدة الانتخابات البرلمانية وهي "القائمة الوطنية من أجل مصر"، التي تضم 12 حزباً سياسياً، من بين أحزاب موالاة ومعارضة، على أربع دوائر انتخابية تشمل عموم الجمهورية من أجل حصد 284 مقعداً، هي نصف مقاعد البرلمان البالغة 568، ومن المرجح أن يفوز أعضائها بالتزكية حال حصول القائمة على خمسة في المئة من الأصوات الناخبة.

ومنعت هيئة الانتخابات عددا من الشخصيات المعارضة من خوض المنافسة على مقاعد النظام الفردي استنادا إلى تفسير مُشدد لشرط أداء الخدمة العسكرية، بينما حالت تكاليف الحملات الانتخابية والفحوص الطبية دون ترشح آخرين. ويقول منتقدون إن مثل هذه القيود، إلى جانب المتاعب الاقتصادية المستمرة منذ سنوات، أدت إلى فتور بين شرائح من الناخبين، وهو ما انعكس في نسبة الإقبال على التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ.

وتكتسي تلك الانتخابات أهمية خاصة إذ تعد الأخيرة قبل انتهاء الولاية الثالثة للرئيس عبدالفتاح السيسي عام 2030، وهي الولاية التي يفترض أن تكون الأخيرة له، لكن سيكون للبرلمان المنبثق عنها أهمية استثنائية في حال رغب السيسي في تعديل الدستور لإطالة أمد رئاسته.

وتأتي انتخابات مجلس النواب بعد نحو ثلاثة أشهر من انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الاستشارية بالبرلمان) التي أجريت في أغسطس (آب) وبلغت نسبة المشاركة فيها 17.1 بالمئة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير