Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترفيهية أم ثقافية؟ نزهة المتاحف في مصر تنتظر الوعي

شهد المتحف الكبير سلوكيات بدت غريبة من الزائرين المصريين ومتخصصون يطالبون بتدريس مناهج الحضارة القديمة لمحو الأمية الأثرية وإشراك المؤسسات الدينية لمجابهة الأفكار المتطرفة

يرى متخصصون أن بعض المصريين لا يزال يعاني ما يسمى الأمية الأثرية والحضارية (أ ف ب)

ملخص

يقول متخصصون إن الافتتاحات الأثرية التي دشنت في الأعوام القليلة الماضية وآخرها المتحف المصري الكبير، أظهرت أن بعض المصريين لا يزال يعاني ما يسمى "الأمية الأثرية والحضارية، وافتقار ثقافة التعامل مع الأثر".

على رغم الاحتفاء الشعبي بافتتاح متحف مصر الكبير وما صاحبه من زخم عالمي واسع، وبقدر ما تمتلكه البلاد من ثراء أثري وحضاري يمتد باتساع ربوعها ما بين مزارات ومعابد ومتاحف تحوي مقتنيات ونقوشاً وتحفاً أثرية ومعمارية ولوحات فنية نادرة ومخطوطات تضاهي كبرى دول العالم، فإن ثمة تناقضاً في المقابل يتجلى في أن عديداً من المصريين لا يعلمون تاريخ حضارتهم المصرية القديمة بدءاً من بزوغها مروراً بمراحل نشأتها وتطورها.

ذلك العلم المنقوص بحضارة مصر وتاريخها من قبل الأجيال الجديدة يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت مؤسسات النشأة التعليمية والثقافية تؤدي دورها في تقديم الوجبة التاريخية التوعوية المعمقة وترسخ القيم الحضارية لدى الأجيال الحديثة تعلماً وثقافة، وهل تغلغل بعض التيارات الدينية والأفكار المتشددة التي تحرم زيارة المتاحف يلقى صداه في نفوس بعض المصريين، وهل أصبحت الحاجة ضرورية وملحة لتدريس اللغة الهيروغيلفية ومناهج متخصصة عن الحضارة القديمة وتدشين مراكز متخصصة لمحو الأمية الأثرية، ولماذا يفضل البعض زيارة المزارات السياحية عن المقاصد الأثرية، وهل أصبح المتحف المصري الكبير فرصة ذهبية يجب اقتناصها لإعادة تشكيل الوعي الأثري والثقافي مجدداً؟ "اندبندنت عربية" استطلعت آراء عديد من المصريين والخبراء المتخصصين في الشأن الأثري والثقافي في محاولة للتوصل لإجابات عن تلك التساؤلات.

قشور المعلومات

مع كل محفل أثري ضخم، يحرص الخمسيني مهاب متولي محاسب مالي بإحدى شركات الزيوت، على تجميع أفراد أسرته المكونة من زوجة وثلاثة أبناء إضافة إلى والدته وأشقائه، للجلوس أمام شاشة التلفاز، لمشاهدة هذا الحدث والاستعراضات الكرنفالية والاحتفالية المرتبطة به وأصدائه العالمية، وهو ما اعتاد عليه خلال حفل موكب المومياوات الذي جرى تدشينه في أبريل (نيسان) من عام 2021، وتلاه حفل افتتاح طريق الكباش التاريخي في مدينة الأقصر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته، وصولاً إلى حفل افتتاح المتحف المصري الكبير مطلع الشهر الجاري.

 

 

بقدر انبهاره واحتفائه بتلك الأحداث التاريخية، إلا أن أكثر ما كان يؤرقه ويعكر صفو ذلك التجمع العائلي حين يباغته أحد أبنائه أو أقاربه بسؤال عن تاريخ تلك الحضارة والحقب التي نشأت فيها وأبرز رموز تلك العصور ولمحات الفن والنقوش والنحت والعمارة المصرية، ولا يستطع الرد عليه لعدم امتلاكه معلومات معمقة عن تفاصيلها، باستثناء قشور من المعلومات التي استخلصها من مناهج التاريخ على مدى مراحل دراسته المختلفة، مردفاً "كثيراً ما تعرضت لمواقف محرجة أمام أبنائي وأسرتي حينما يسألونني عن تاريخ توت عنخ آمون أو حتشبسوت أو نفرتيتي أو حتى عن أشكال النحت والنقوش والعمارة القديمة أو شكل الحياة في العصور القديمة".

لم يجد الخمسيني ملاذاً أمامه للخروج من ذلك المأزق سوى بتصفح مواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي ومطالعة أدوات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على الأشكال التفاعلية، في محاولة للتعرف على تفاصيل أعمق عن أبرز المقتنيات الأثرية والاطلاع على أسرار الحضارة المصرية القديمة والدور التاريخي لنشأة تلك الآثار وما قدمه رواد تلك المرحلة على مر العصور، كي تكون سلاحاً في يديه لمواجهة تساؤلات أبنائه وأفراد عائلته في الافتتاحات المقبلة.

نزهة لالتقاط الصور

فيما اقتصرت نظرة محمود الأباصيري (42 سنة)، يقطن بمحافظة سوهاج، في زيارة المزارات الأثرية والمعابد والمتاحف على كونها "نزهة وترفيهاً" للهرب من ضغوط الحياة والعمل والتقاط صور مع أصدقائه لنشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي.

يرى الأباصيري، خريج كلية التجارة ويعول أسرة مكونة من زوجة وطفل وحيد، أنه أصبح لديه شغف بزيارة الأماكن الأثرية، لا سيما عقب مشاهدته الافتتاحات الأثرية المتوالية، لكنه في الوقت ذاته لا ينكر عدم درايته بكثير من المعلومات عن تاريخ فترة ما قبل الأسر حتى العصر اليوناني والروماني أو معلومات تعريفية متوافرة بالصورة الكاملة عنها أو الحقائق التاريخية لتلك الفترة، باستثناء ما كان يطالعه في قليل من الأفلام التسجيلية أو الأعمال الدرامية أو الأفلام التلفزيونية، ملقياً باللوم على مناهج التاريخ والمقررات الدراسية التي كانت تعتمد على المعلومات النظرية والحشو لا الأساليب العملية التطبيقية التي تعتمد على التفاعل أو استخدام الأدوات الرقمية الحديثة في المعرفة أو كيفية التعامل مع الأثر.

 

يأمل الأباصيري أن تقوم وسائل الإعلام في الفترة المقبلة بدورها التوعوي في تقديم وجبة دسمة من خلال حلقات أسبوعية للتعريف بأسرار الحضارة المصرية القديمة وتاريخ النحت والنقوش والفن والعمارة، وأن تكون هناك جرعة مكثفة من الأعمال التاريخية والدرامية التي تشرح حياة الآلهة والملوك، وأبرز المعارك التي نشأت وما قدموه من علاج لأمراض نادرة، وكيف استطاعوا النهوض بالفنون في عصرهم، إلى جانب شرح تفصيلي لكيفية التعامل مع الأثر في الأماكن المعروض بها على غرار ما يحدث في متاحف العالم بالخارج.

هوى الافتتاحات الأثرية

فيما جذبت الافتتاحات الأثرية والعروض الكرنفالية المرتبطة بها، هوى السيدة عفاف المتوكل، معلمة بإحدى المدارس الدولية، إذ وجهت بوصلتها من زيارة المقاصد السياحية إلى المقاصد الأثرية بما تتضمنه من المعارض والمتاحف والقلاع الأثرية المنتشرة في ربوع المحافظات، إضافة إلى قصور الثقافة، والمسارح التي تعرض أعمالاً تاريخية، كذلك مشاهدة الأفلام التسجيلية والوثائقية والأعمال الدرامية التلفزيونية والمواد الفيلمية المتعلقة بالحضارة القديمة وأسرارها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقول عفاف، إنها كانت تشعر بالضيق حينما ترى السائح الأجنبي يقطع آلاف الكيلومترات من الخارج ليشاهد تاريخ الحضارة المصرية العريقة، بينما لا يدرك البعض هنا المعلومات الكافية عنها، مؤكدة أنها أصبحت حريصة على الاطلاع على المنشورات الدورية عن تلك الحضارة والحقب التاريخية التي نشأت فيها في محاولة لشرحها لطلابها بالمدرسة وتعريفهم بفترات العصور القديمة وأبرز رموز تلك المرحلة، قائلة "يجب أن نعرف تاريخنا في الماضي حتى يكون لدينا القدرة على فهم المستقبل".

البشر قبل الحجر

وعلى صعيد المتخصصين، يقول رئيس المجلس العربي للأثريين العرب الدكتور محمد الكحلاوي، إن الافتتاحات الأثرية التي دشنت في الأعوام القليلة الماضية وآخرها المتحف المصري الكبير، أظهرت أن البعض لا يزال يعاني ما يسمى "الأمية الأثرية والحضارية، وافتقار ثقافة التعامل مع الأثر" وفق تعبيره. مدللاً على ذلك ببعض المشاهد والصور السلبية التي طفت على السطح مثل محاولات البعض ملامسة الأثر وتداول فيديوهات لمحاولة فتاة وضع مكياج على أحد التماثيل وقراءة أشخاص آيات قرآنية داخل المتحف وغيرها من المشاهد غير المقبولة التي تتناقض مع قيمه وأهمية الحضارة المصرية القديمة، مردفاً "بعض المصريين لا يزال لديهم عدم إدراك لجذور حضارتهم التي نتفاخر بها أمام العالم برمته، التي تمتد لـ7 آلاف عام والقيمة الكبيرة للمقتنيات والكنوز الأثرية التي تحويها".

وكان رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، علق خلال مؤتمر صحافي على بعض الممارسات السلبية التي جرى تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قائلاً "بالطبع يقال لماذا لا نمنع هذه الحالات المحدودة من التجاوزات، ولكن مع الأعداد التي تزيد على 10 آلاف زائر يومياً، يصعب السيطرة على كل الحالات، ومن الضروري أن نحافظ على آثارنا". مضيفاً "إذا رأى أي مواطن ممارسات فردية سلبية، فأتمنى أن يوجه وينصح من يفعل ذلك بأن هذا لا يجوز، نعم هناك منظومة أمنية ومنظومة مراقبة، لكن لكي تكتمل فرحتنا بالمتحف يجب ألا نسمح بحالات فردية تقوم بممارسات يمكن أن تعطي انطباعاً سلبياً".

يضيف الكحلاوي، "غالب متاحف العالم تضع ضوابط صارمة للتعامل مع الأثر، مثل أن تكون المسافة بين الزائر والأثر تصل لثلاثة أمتار، وأن يجري وضعه داخل سياج زجاجي حتى لا ينفذ ثاني أكسيد الكربون للداخل ويتراكم على الأثر ويضره مستقبلاً وغيرها من القواعد المنظمة، وهو ما يجب تطبيقه في مصر في المتحف المصري الكبير لتأكيد احترام قدسية المكان والحفاظ على التراث المصري".

 

ويشير رئيس المجلس العربي للأثريين العرب إلى أن السائح الوافد من الخارج حينما يأتي للاطلاع على المقتنيات الأثرية المصرية يكون قارئاً ومدركاً للقيمة الأثرية التي سيشاهدها في المتاحف المصرية، مثل آثار توت عنخ آمون وحتشبسوت... وغيرها، على خلاف بعض المصريين الذين لا يملكون أبسط المعلومات التعريفية عنها، مردفاً "قوة الحضارة المصرية في ممتلكاتها وكنوزها التي تجبر أي زائر أجنبي على القدوم والرغبة في مشاهدتها".

وفي تقدير الكحلاوي فإن مهمة بناء الوعي الأثري تتطلب الاهتمام بـ"ترميم البشر قبل الحجر"، وتضافر جهود المؤسسات الرسمية والمجتمعية برمتها، بدءاً من إشراك الإعلام في توعية المواطنين بأهمية وقيمة الأثر عبر تقديم معلومات تعريفية جاذبة عن كل أثر والحقب التاريخية التي نشأ فيها ودوره في الحضارة المصرية القديمة، إضافة إلى التركيز على القيمة الأثرية والمقتنيات التي يحويها كل متحف بعيداً من البروباغندا الإعلامية وكرنفالات الأضواء والليزر والصواريخ التي قد تضر بسلامة الأثر في المستقبل، علاوة على وضع أسس وضوابط منهجية لتطوير أساليب ثقافة البشر في التعامل مع الأثر من خلال استغلال خريجي الإرشاد السياحي من الكليات الأثرية لتثقيف النشء وتعريفهم كيفية التعامل مع الآثار.

مراكز لمحو الأمية الأثرية

يعضد الطرح السابق كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار الدكتور مجدي شاكر، إذ يرى حتمية تدشين مراكز متخصصة تعيد تشكيل الفكر الأثري والوطني وتمحو جوانب القصور والخلل، وتكون مهمة تلك المراكز تهيئة المناخ الجاذب للتثقيف والتوعية بفترة ما قبل الأسر حتى العصر اليوناني الروماني، وفناً في النحت والنقش واللغة والعمارة المصرية القديمة، والتعريف بكيفية التعامل مع الأثر وفهم الحضارة المصرية القديمة وطبيعة نشأتها، إضافة إلى دور المؤسسات الدينية ممثلة في الكنائس والمساجد للتوعية بأهمية الافتتاحات الأثرية التي تدشنها مصر وتأثيرها عالمياً ومواجهة الأفكار التخريبية الهدامة والوقوف حائط صد أمام الدعاوى السلبية التي تحرم زيارة المتاحف أو تروج أفكاراً متطرفة، التي أثرت نسبياً في تشكيل الوعي الأثري لدى البعض.

 

إضافة إلى عودة مراكز البحوث الاجتماعية والجنائية للقيام بدورها المحوري في تقصي المشكلات، والعمل على وضع حلول جذرية لها، فضلاً عن الاستعانة بأثريين لمراجعة الأعمال الدرامية التاريخية، لا سيما التي تقدم مواد تعريفية عن الشخصيات التاريخية التي لعبت أدواراً مهمة على مر العصور والتاريخ، وكذلك تدريس اللغة الهيروغيلفية في المناهج لتعريف النشء بحضارتهم وتاريخهم عبر الاستعانة بـ20 من أوائل كليات الآثار لتشجيع الشباب على المعرفة، وعودة دور قصور الثقافة في عرض المسرحيات التاريخية والبرامج التعليمية وتضافر جهود وزارات التعليم والشباب والرياضة والآثار في تثقيف النشء والبدء بالمحافظات الحدودية مثل سيناء ومطروح... وغيرها.

ويعتقد شاكر أن إعلان المتحف المصري الكبير أخيراً عن مدونة سلوك للتعامل مع الآثار داخل المتحف بمثابة خطوة إيجابية، مشدداً على ضرورة أن يجري وضعها أيضاً على تذاكر الزوار لمعرفة الضوابط الملزمة لمنع العبث بالمقتنيات الأثرية الثمينة.

مكان للتنزه والترفيه

في المقابل يتحفظ عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة عبدالرحيم ريحان، على لفظ "الأمية الأثرية"، مفضلاً أن يصفه بـ"قلة وعي" في معرفة قيمة الآثار وأسلوب التعامل معها، مبيناً أن السائح الأجنبي حينما يزور مصر يتعامل مع الأماكن الأثرية باعتبارها حرماً مقدساً لكن نحن نتعامل معها باعتبارها مكاناً للنزهة والترفيه، مما ينتج منه سلوكيات خاطئة مثل لمس الآثار أو عدم اتباع النظم الخاصة بالزيارة مثل ارتفاع الأصوات أكثر من اللازم.

وفي اعتقاد ريحان، الذي يشغل أيضاً رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، أن المتحف المصري الكبير بمثابة فرصة جادة يمكن البناء عليه واقتناصها واستثمارها في المستقبل، باعتباره يمثل منتجاً ثقافياً إبداعياً يسعى لنشر الثقافة الأثرية وتعزيز الانتماء الوطني لدى جموع المصريين، إذ يضم متحفاً للأطفال في الفئة العمرية من 6 إلى 12 سنة، ويعتمد على التعليم الذاتي، ومركز للفنون والحرف اليدوية، إلى جانب قاعات مجهزة للندوات وورش العمل، كما يعد المركز التعليمي إحدى أهم أذرع المتحف الثقافية الذي يعتمد على فلسفة "التعلم بالممارسة والاكتشاف" من خلال أنشطة تفاعلية تجمع بين التعلم الأكاديمي والتجربة المباشرة، ليصبح المتحف ليس مجرد صالة عرض للقطع الأثرية فقط بل مساحة تعليمية متكاملة، كما يقدم مبادرات تثقيفية متنوعة تشجع على التفاعل مع القطع الأثرية باستخدام أدوات رقمية حديثة وتجارب الواقع المعزز.

إلى جانب تضمنه برامج مخصصة تشجع على التفكير النقدي، والاستكشاف، والتجربة المباشرة لفهم تاريخ مصر وحضارتها العريقة، كما حرص المتحف على التعاون مع المدارس والجامعات لتنظيم زيارات علمية وبرامج تدريبية مشتركة، تسهم في إعداد جيل من الشباب القادر على فهم قيمة التراث والحفاظ عليه، ومن بينها إقامة دورات تدريبية للمرشدين السياحيين والمصورين بالتعاون مع الجامعة الأميركية بالقاهرة، لتطوير مهارات التواصل والمعرفة التاريخية، إلى جانب التعاون مع وزارة السياحة والآثار في إطلاق منصة "رحلة" التي تنظم زيارات مدرسية مجانية لتعريف الطلاب بالمواقع الأثرية.

ولع أثري

وفي رأي المؤرخ والمحاضر الدولي في علم المصريات بسام الشماع أن غالب المصريين على دراية كبيرة بتاريخهم وحضارتهم ويعلمون أدق تفاصيلها، مستشهداً بتجربة ذاتية على مدى 40 عاماً ألقى خلالها محاضرات عن الحضارة القديمة في كل ربوع مصر وأظهرت وجود ولع لدى المصريين بحضارتهم ويدركون أدق التفاصيل عنها وامتلاكهم وعياً ثقافياً وأثرياً على أرقى مستوى، منوهاً أنه كان يتعجب حينما يسافر إلى محافظات وأماكن نائية ويكتشف أن كثيراً من المواطنين يعرفون حقائق تاريخية عن الحضارة القديمة وجميع التفاصيل المتعلقة بها.

يختلف الشماع مع ما ذهب إليه شاكر من أن تغلغل التيارات المتشددة كتحريم زيارة المتاحف الأثرية أسهم في تراجع الوعي الأثري لدى المصريين، واصفاً بأنه "اتهام باطل"، وموضحاً أن مصر على مر تاريخها منذ عهد عمرو بن العاص حتى الآن لم تشهد واقعة اعتداء أثري بسبب أفكار متطرفة.

 

ويشير الشماع إلى أن ترويج بعض الظواهر السلبية التي برزت أخيراً مثل ملامسة الأثر أو وضع ماكياج على التماثيل أو تناول الأطعمة في محيط الموقع الأثري على أنه نهج معتاد أمر خطأ وغير صحيح على الإطلاق، موضحاً أنها لا تمثل إلا حالات فردية وموجودة في العالم برمته، موضحاً أن كثيراً من زوار المتاحف بالعالم يعدون زيارة المتاحف بمثابة نزهة ثقافية وترتبط في مورثهم الفكري بتناول الأطعمة والمشروبات.

ويعتقد الشماع أن تلافي أي أشكال سلبية مرتبطة بالأثر في المستقبل، لا سيما عقب افتتاح المتحف الكبير، يتطلب تهيئة المناخ الجاذب للزوار بتوفير أماكن ملائمة لتناول الطعام والمشروبات وبأسعار في متناول الأيدي، ووضع قواعد إرشادية ومواد تعريفية بطبيعة كل أثر وتفاصيل رحلته التاريخية، وتدريس مادة الحضارة من سن الرابعة ابتدائي لتهيئة النشء بكيفية التعامل مع حضارتهم كي يشعروا أن تلك الآثار ملك لهم ومن ثم يحافظون عليها ويقفون حائطاً منيعاً ضد محاولات العبث بها، علاوة على وضع عقوبات قانونية رادعة لمعاقبة كل من يحاول تدمير الآثار أو تشويهها.

ويوجب القانون المصري في نص مادته 45 من قانون حماية الآثار، أن يعاقب بالحبس لمدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 500 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حال ارتكاب مخالفات تتمثل في وضع إعلانات أو لوحات للدعاية على الأثر، أو الكتابة أو النقش أو وضع الدهانات عليه، أو تشويهه أو إتلافه بطريق الخطأ، أو فصل جزء منه.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات