Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الرمح الجنوبي": هل تقترب أميركا من حرب واسعة في فنزويلا؟

تعد "الفنتانيل" سلاحاً والدفاع عن النفس ينطبق على عصابات المخدرات

أعلنت وزارة الدفاع الفنزويلية عن تعبئة ضخمة لما يقارب 200 ألف جندي من القوات الجوية والبرية والبحرية استعداداً للدفاع عن البلاد (أ ف ب)

ملخص

تلقى ترمب عرضاً من مادورو كان من شأنه أن يمنح الولايات المتحدة حقوقاً في جزء كبير من هذه الثروة من دون اللجوء إلى العمل العسكري، لكن ترمب ألغى تلك المحادثات، مع أن مسؤولاً كبيراً في الإدارة أوضح أن المحادثات لم تنتهِ تماماً، وأن نشر حاملة الطائرات "جيرالد فورد" كان وسيلة لكسب النفوذ على مادورو، فكيف ستبرر إدارة ترمب حربها الوشيكة ضد فنزويلا قانونياً وشعبوياً؟

مع تأكيد الرئيس دونالد ترمب أنه حسم أمره في شأن كيفية تعامله مع احتمالية القيام بعمل عسكري ضد فنزويلا، بدا أن عملية عسكرية أميركية أطلق عليها "عملية الرمح الجنوبي" أصبحت وشيكة، ربما تشمل ضربات جوية وبحرية وعمليات خاصة من قوات "دلتا" النخبوية قد تقتل أو تعتقل رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو، لكن ما يثير قلق الإدارة الأميركية ليس حشد 200 ألف جندي فنزويلي لصد الهجوم، وإنما التبريرات التي يمكن أن تقدمها الإدارة داخل أميركا وأمام العالم، فما هي هذه المبررات؟ وهل ستكون مقبولة أمام الشعب الأميركي وحلفاء الولايات المتحدة حول العالم؟

غموض استراتيجي

بعد أيام من المناقشات في البيت الأبيض حول ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة توجيه ضربة عسكرية لفنزويلا وكيفية القيام بذلك، عرضت على الرئيس دونالد ترمب، مجموعة من الخيارات التي بحثت مع نائب الرئيس جي دي فانس ووزير الدفاع بيت هيغسيث ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين ووزير الخارجية ماركو روبيو ونائب رئيس موظفي البيت الأبيض ستيفن ميلر، واختار الرئيس ترمب أحد هذه الخيارات من دون أن يكشف أية تفاصيل ضمن أسلوبه المعتاد في الحفاظ على الغموض الاستراتيجي، بما يجعل الخصوم غير موقنين بما يريد فعله.

لكن اليومين الماضيين شهدا مؤشرات إلى أن الإدارة الأميركية تتبنى موقفاً جديداً أكثر صرامة إذ أطلق هيغسيث على وسائل التواصل الاجتماعي اسم "الرمح الجنوبي" على المهمة العسكرية في منطقة البحر الكاريبي قائلاً "إن نصف الكرة الغربي هو جوار أميركا، وسوف نحميه". ومع وصول حاملة الطائرات الأكبر والأحدث إلى المنطقة، وهي "جيرالد فورد" مع ثلاث مدمرات بحرية مرافقة لها مزودة بصواريخ، أصبح هناك الآن 15 ألف جندي أميركي، بما في ذلك أفراد موزعون على نحو 12 سفينة حربية وتعزيزات أرسلت في الأسابيع الأخيرة إلى منشآت عسكرية أميركية في بورتوريكو، مما يمثل حضوراً مذهلاً في منطقة لم تشهد تاريخياً سوى سفينة أو اثنتين من سفن البحرية الأميركية في وقت واحد، إلى جانب عمليات خفر السواحل الأميركي الروتينية لمنع تهريب المخدرات، والتي كانت تؤدي عادة إلى اعتقال المهربين ومصادرة أية مواد ممنوعة.

ومع ذلك يظل الشيء الوحيد الناقص هو تفسير استراتيجي من إدارة ترمب يوضح سبب حشد الولايات المتحدة تلك القوة العسكرية الهائلة، والتي جعلت وزارة الدفاع الفنزويلية تعلن تعبئة ضخمة لما يقارب 200 ألف جندي من القوات الجوية والبرية والبحرية استعداداً للدفاع عن البلاد، إذ ليس من المنطقي أن يستخدم البنتاغون هذه القوة النارية الضخمة في مهاجمة قوارب صغيرة كانت قوات خفر السواحل الأميركية تعترضها حتى أوائل سبتمبر (أيلول) الماضي، وأن هذا الحشد لا يفسر سبب عدم استهداف البحرية الأميركية لكولومبيا أو المكسيك خلال الأيام الماضية، كون المكسيك هي الناقل الرئيس لـ"الفنتانيل"، وهي المادة المخدرة التي تقول إدارة ترمب إنها تقتل ملايين الأميركيين.

عملية واسعة أم محدودة؟

تنتظر القوات الأميركية قبالة سواحل فنزويلا وفي البحر الكاريبي أوامر هجوم محتملة ضمن عملية عسكرية قد تكون واسعة نظراً إلى أن إدارة ترمب ناقشت في مجلس الأمن القومي قبل أسابيع توجيه ضربات برية على أهداف فنزويلية، ووصف مسؤولون أشكالاً مختلفة من هذه الضربات ضد منشآت المخدرات، أو القوات العسكرية، أو الدائرة المقربة من الرئيس نيكولاس مادورو.

ولهذا يفسر البعض أن هناك ما هو أكثر من "الرمح الجنوبي"، ففي الأسابيع الأخيرة، أرسل البنتاغون قاذفات "بي-52" و"بي-1" من قواعد في لويزيانا وتكساس للقيام بمهام جوية قبالة سواحل فنزويلا، وهي قاذفات استراتيجية ليس لها دور في العمليات المحدودة لمكافحة الإرهاب، إذ تستطيع قاذفات "بي-52" حمل عشرات القنابل الموجهة بدقة، بينما تستطيع قاذفات "بي-1" حمل ما يصل إلى 75 ألف رطل من الذخائر الموجهة وغير الموجهة، وهي أكبر حمولة غير نووية لأي طائرة في ترسانة سلاح الجو الأميركي. ونفذ فوج طيران العمليات الخاصة 160 التابع للجيش، تدريبات قبالة سواحل فنزويلا وهو فوج الطيران نفسه الذي نفذ عمليات واسعة النطاق بطائرات هليكوبتر لمكافحة الإرهاب في أفغانستان والعراق وسوريا.

 لكن حتى الآن، اقتصرت الضربات الأميركية على عمليات محدودة ضد الزوارق السريعة الصغيرة في المياه الدولية التي أدت إلى مقتل 80 من طواقمها، وتصر إدارة ترمب على أنهم كانوا من تجار المخدرات الذين تصفهم بالإرهابيين من دون تقديم أدلة، وهي ضربات تشير حتى الآن إلى أن الصراع الدائر يتحول في الخفاء إلى اختبار إرادات بين الرئيس ترمب والرئيس مادورو، الذي وجهت إليه أميركا اتهامات بأنه زعيم كارتل الشمس، التي صنفتها منظمة إرهابية.

وبحسب المستشار الخاص لترمب في دورته الرئاسية الأولى في شأن فنزويلا والباحث الحالي في مجلس العلاقات الخارجية إليوت أبرامز فإنه لا يمكن للأسطول الأميركي أن يبقى هناك إلى الأبد، ولا يوجد سوى خيارين الآن، إما أن يفوز ترمب أو يفوز مادورو، وإذا لم يرحل مادورو، فسيخسر الرئيس ترمب.

عملية سرية

يتماشى هذا الرأي مع ما أفاد به مسؤولون أميركيون من قبل بأن إدارة ترمب فوضت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بتنفيذ عملية سرية في فنزويلا، وأثارت الخطط الأميركية بإشراك قوة "دلتا" النخبوية التابعة للجيش، وهي وحدة العمليات الخاصة عالية التدريب، إمكان القيام بعدد من مهام الاعتقال والقتل، بخاصة أن هذه القوة استخدمت بصورة متكررة خلال عقدين من الحروب الأميركية في الشرق الأوسط، مما يحقق استراتيجية إدارة ترمب في شأن فنزويلا، والتي وضعها وزير الخارجية ماركو روبيو، بمساعدة جون راتكليف، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، وهي إطاحة الرئيس الفنزويلي مادورو من السلطة.

وإذا كان راتكليف لم يفصح كثيراً عما تفعله وكالته في فنزويلا، إلا أنه وعد بأن تصبح الوكالة تحت قيادته أكثر عدوانية، حيث قال خلال جلسة تأكيد تعيينه في مجلس الشيوخ، إنه سيجعل وكالته أقل تحفظاً عن المخاطرة، وأكثر استعداداً للقيام بعمليات سرية بأمر من الرئيس، عبر الذهاب إلى أماكن لا يستطيع أحد الذهاب إليها، والقيام بأشياء لا يستطيع أحد القيام بها.

هل مصير مادورو مثل نورييغا؟

على رغم أن العمليات السرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية عادة ما تظل طي الكتمان، إلا أن بعضها كالعملية التي قتلت فيها قوات البحرية الخاصة زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن عام 2011، سرعان ما أعلن عنها لأهداف سياسية، وإذا فعلت الاستخبارات الأميركية عملية مماثلة في فنزويلا ضد الرئيس مادورو، فمن المرجح أن يعلن عنها أيضاً للأهداف السياسية نفسها.

لكن الأمور قد لا تكون مماثلة لما كانت عليه في الماضي، على رغم أوجه التشابه بين ما تقوم به أميركا الآن ونجاحها في إنهاء حكم الجنرال مانويل نورييغا كديكتاتور لبنما في ديسمبر (كانون الأول) 1989 حين غزت القوات الأميركية بنما، واضطرت القوات الخاصة إلى محاصرة نورييغا في سفارة الفاتيكان بعدما فشلت في اعتقاله وسط اشتباكات مع حرسه وقواته، لكن بعد استسلامه قدمته للمحاكمة بتهمة تلقي رشى ضخمة مقابل السماح لتجار المخدرات بنقل الكوكايين إلى الولايات المتحدة، وظل في السجون الأميركية حتى وفاته عام 2017.

وعلى رغم أوجه التشابه بين ما حدث لنورييغا وما يجري الآن في فنزويلا والذي قد يقلق مادورو، فإن حجم التحدي قد يثني ترمب عن القيام بعمل عسكري كبير في فنزويلا، فقد كانت بنما هدفاً سهلاً كونها دولة صغيرة ذات جيش ضعيف، وكانت القوات الأميركية متمركزة هناك لحراسة قناة بنما، أما فنزويلا فمساحتها أكبر من بنما بنحو 12 ضعفاً، ويبلغ عدد سكانها 10 أضعاف عدد سكان بنما عام 1989، ولديها جيش أكبر وأقوى، ويتمتع مادورو بحلقة حماية داخلية عالية الكفاءة، مع نخبة من الحراس الشخصيين الذين وفرهم حلفاؤه السياسيون المقربون في كوبا المجاورة.

تاريخ استخباراتي متباين

إضافة إلى تجربة نورييغا فإن تاريخ وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في العمل السري في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي يظل بصورة عامة متبايناً، ففي عام 1954 دبرت الوكالة انقلاباً أطاح رئيس غواتيمالا جاكوبو أربينز، مما أدى إلى عقود من عدم الاستقرار، وانتهى غزو "خليج الخنازير" بكوبا عام 1961 بدعم وتخطيط من الوكالة الأميركية، بكارثة، وفشلت محاولات الوكالة في العام نفسه في اغتيال الزعيم الكوبي فيدل كاسترو. وفي العام نفسه زودت الوكالة المنشقين الذين اغتالوا زعيم جمهورية الدومينيكان رافائيل ليونيداس تروخيو مولينا بالأسلحة، وكان للوكالة يد في انقلاب عام 1964 بالبرازيل، وفي مقتل الزعيم اليساري تشي غيفارا وفي مؤامرات أخرى في بوليفيا، وكذلك في انقلاب عام 1973 في تشيلي، وأيضاً في حرب الكونترا ضد حكومة الساندينيستا اليسارية في نيكاراغوا خلال ثمانينيات القرن الماضي.

استعداد للتبرير

مع ذلك فإن ما يشغل إدارة ترمب أكثر هو مدى قانونية العمل العسكري الواسع أو المحدود الذي ربما تلجأ إليه الولايات المتحدة في وقت تتعرض فيه لانتقادات دولية وداخلية واسعة، فهي تستعد لتبرير كيف انقلبت وعود الرئيس ترمب المتكررة للشعب الأميركي وقاعدته الشعبية في "ماغا"، "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" بتجنب صراعات جديدة، بعدما انتقد في حملاته الانتخابية مراراً إدارات بوش وأوباما وبايدن بتغذية الحروب التي لا تنتهي على مدى عقدين من الزمان. وتستعد إدارة ترمب أيضاً لتبرير مخالفتها العهود التي قطعت للكونغرس في الأسابيع الأخيرة بعدم وجود استعدادات نشطة لمثل هذا الهجوم على فنزويلا.

وما يزيد من ثقل الجهد الذي تبذله إدارة ترمب للبحث عن مبررات معقولة، هو حملة الانتقادات الدولية حيال الضربات العسكرية للقوارب في المياه الدولية، والتي وصفها وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بأنها تنتهك القانون الدولي، وفسرت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي سببين لاستخدام القوة التي لا تنطبق على التصرفات الأميركية، وهي الدفاع عن النفس وصدور قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يجيز استخدام القوة.

وفي وقت نأت كندا بنفسها عن الهجمات أوقفت الاستخبارات البريطانية تعاونها مع واشنطن في منطقة الكاريبي احتجاجاً على ما تعده مخالفاً للقانون، وهو ما فعلته أيضاً كولومبيا، والتي كانت حتى وقت قريب من أكثر الدول تعاوناً مع الولايات المتحدة في مكافحة المخدرات.

أما في داخل الولايات المتحدة فقد وصف بعض الخبراء القانونيين الهجمات على القوارب بأنها غير قانونية، مجادلين بأنه لا يجوز للجيش استهداف المدنيين، بمن فيهم المشتبه فيهم جنائياً حينما لا يشكلون تهديداً وشيكاً ولا يشاركون في الأعمال القتالية، وأشاروا إلى أن عصابات المخدرات لا تشن هجمات متعمدة على الأميركيين بالمخدرات، لأن هذه الجماعات لا تملك أي حافز لقتل عملائها، وهو ما لمح إليه مدير مركز القانون والسياسة العسكرية في جامعة تكساس للتكنولوجيا جيفري كورن.

مبررات إدارة ترمب

من بين مبررات إدارة ترمب ما جرى الكشف عنه أخيراً وتضمنته مذكرة سرية صادرة عن وزارة العدل الأميركية، تجيز توجيه ضربات على قوارب تهريب المخدرات، وترى أن "الفنتانيل" يشكل تهديداً محتملاً باستخدام أسلحة كيماوية، حيث تشير المذكرة إلى أن "الفنتانيل" استخدم كسلاح في الماضي، ففي عام 2002، استخدمت روسيا "الفنتانيل" المعبأ في بخاخ لقمع أزمة رهائن في مسرح بموسكو، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص من أصل نحو 700 شخص كانوا محتجزين خلال محاولة الإنقاذ.

وتشير المذكرة إلى أن وزارة العدل أصدرت عام 2018 رأياً لتبرير الضربات الأميركية على نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد بعدما هاجم المدنيين بمواد كيماوية، قالت إنها غاز الكلور وفي بعض الحالات غاز الأعصاب السارين، وفي ذلك إشارة إلى أن فنزويلا، وهي قاعدة لإحدى الجماعات الإجرامية المصنفة منظمة إرهابية، تعد طريق عبور للكوكايين الكولومبي إلى الولايات المتحدة، على رغم أن الخبراء يشيرون إلى أنه لا يوجد دليل على أن فنزويلا تنتج أو تتاجر بـ"الفنتانيل"، الذي يصنع عادة في المكسيك ويهرب براً إلى أميركا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دفاع عن النفس

غير أن الحجة الرئيسة في المذكرة تتمثل في تصنيف الرئيس ترمب لعصابات المخدرات كإرهابيين أجانب مما يجعلها أهدافاً عسكرية مشروعة، وأن هذه الجماعات تهرب المخدرات لتمويل أعمال قاتلة ومزعزعة للاستقرار ضد الولايات المتحدة وحلفائها. وجادلت المذكرة بأن لدى الولايات المتحدة الحق في تقديم المساعدة العسكرية للدول الأخرى التي تواجه تهديدات، لأن مبدأ الدفاع الجماعي عن النفس ينطبق كون عصابات المخدرات تتصادم مع السلطات في دول أميركا اللاتينية المتحالفة مع الولايات المتحدة.

وطالما أكدت الإدارة الأميركية في ملفاتها القانونية أن مادورو يسيطر على عصابة "ترين دي أراغوا". وفي مارس (آذار) الماضي أشار ترمب إلى أن العصابة التي تأسست في سجن فنزويلي، منظمة إرهابية تشن حرباً غير نظامية ضد الولايات المتحدة بأوامر من حكومة مادورو، على رغم أن تقييماً سابقاً أجرته وكالات الاستخبارات الأميركية ناقض هذا الاستنتاج.

وتزعم وزارة العدل أن مهربي المخدرات مقاتلون أعداء وتجادل بأن الولايات المتحدة ليست منتظمة في أعمال عدائية معهم، مما يستبعد الحاجة إلى طلب موافقة الكونغرس على استمرار العمليات العسكرية، لكنها في الوقت نفسه تستند إلى صلاحيات الرئيس كقائد أعلى بموجب المادة الثانية من الدستور، وبموجب القانون الذي يسمح بالعمل العسكري لمدة تصل إلى 60 يوماً قبل أن يتطلب الأمر موافقة الكونغرس لمواصلة استخدام القوة. غير أن النقاد، ومعظمهم من الديمقراطيين وخبراء قانون الحرب، أشاروا إلى ثغرات متعددة في الحجج القانونية والتحليلات المقدمة في المذكرة.

أطماع اقتصادية

على رغم التصريحات العلنية لترمب وكبار مسؤولي إدارته في شأن مبررات مواجهة فنزويلا عسكرياً، فإن الرئيس الأميركي تحدث في لقاءات خاصة مع مساعديه حول احتياطات فنزويلا النفطية الضخمة، المقدرة بنحو 300 مليار برميل (تعادل قيمتها 18 تريليون دولار بالسعر الحالي للبرميل)، وهي الأكبر في العالم، مما يشير إلى تطلعات الإدارة الأميركية في السيطرة على هذه الثروة الضخمة من خلال شركاتها النفطية الكبرى. ولهذا تلقى ترمب عرضاً من مادورو كان من شأنه أن يمنح الولايات المتحدة حقوقاً في جزء كبير من هذه الثروة من دون اللجوء إلى العمل العسكري، لكن ترمب ألغى تلك المحادثات، مع أن مسؤولاً كبيراً في الإدارة أوضح أن المحادثات لم تنتهِ تماماً، وأن نشر حاملة الطائرات "جيرالد فورد" كان وسيلة لكسب النفوذ على مادورو.

دبلوماسية الزوارق الحربية

وإذا كان الأمر كذلك فسيكون هذا بمثابة عودة إلى عصر "دبلوماسية الزوارق الحربية"، وهي عبارة انتشرت في القرن الـ19 عندما استخدمت القوى العظمى قدراتها البحرية لترهيب القوى الأصغر، بما في ذلك فنزويلا، التي كانت هدفاً لحصار بحري بقيادة أوروبية من عام 1902 إلى عام 1903، وبمجرد انتهاء الحصار، تدخلت البحرية الأميركية لدعم انفصال بنما عن كولومبيا، ممهدة الطريق لبناء قناة بنما، ثم هناك مسألة ما إذا كان ترمب يسعى بالفعل لتغيير النظام في فنزويلا، أملاً في تنصيب حكومة أكثر وداً للولايات المتحدة، أم يريد تنازلات أكثر من مادورو، بخاصة أن وزير الخارجية ماركو روبيو أصر حينما عقد اجتماعاً خاصاً مع قادة مجلسي النواب والشيوخ الأسبوع الماضي، على أن إطاحة الرئيس مادورو ليست هدف الإدارة، وأن أي تقرير يخالف ذلك هو من نسج خيال وسائل الإعلام والصحافة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات