Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتصاد الأميركي عالق في الغموض بفعل تباطؤ التوظيف وارتفاع التسريحات

مخاوف لدى صانعي السياسات حيال سوق العمل في ظل غياب البيانات المعتادة

كان التوظيف الأقوى في قطاعات الحرف والنقل والمرافق، بينما فقدت الخدمات المهنية وتكنولوجيا المعلومات وظائف جديدة (أ ف ب)

ملخص

تشير هذه التقارير مجتمعة إلى سوق عمل مستقرة، لكنه أقل ديناميكية بكثير من العام الماضي، سوق يبقى فيه الموظفون في وظائفهم خوفاً من فقدانها، وتتصرف فيه الشركات بحذر، بينما تتآكل الثقة بصمت عبر الاقتصاد.

أصبحت سوق العمل الأميركية أحد أكبر علامات الاستفهام في الاقتصاد حالياً، فمع استمرار الإغلاق الحكومي في شهره الثاني، وهو الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، يجد المستثمرون والمسؤولون الحكوميون أنفسهم في حالة من الغموض، فلا توجد تقارير وظائف، ولا بيانات عن فرص العمل، ولا فهم واضحاً لكيفية صمود معدلات التوظيف أو الأجور أو المشاركة في سوق العمل.

ساعدت البيانات الخاصة ونتائج الاستطلاعات التي صدرت هذا الأسبوع في سد جزء من هذه الفجوة، لتظهر صورة لسوق عمل ما زالت صامدة، لكنها تفقد زخمها تدريجاً مع ارتفاع وتيرة التسريحات وتراجع الثقة.

ماذا يقول الخبراء عن التوظيف؟

قالت أستاذة الاقتصاد في جامعة ميشيغان عضو سابقة في مجلس المستشارين الاقتصاديين في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بيتسي ستيفنسون، "تراجع التوظيف بصورة حادة. فإذا كنت تملك وظيفة حالياً، فهذا جيد، لكن إن فقدتها فستكون في وضع أصعب مما كنت عليه قبل عام أو عامين".

ويتماشى تحذيرها مع أحدث البيانات الخاصة، فوفقاً لشركة "آيه دي بي" لمعالجة كشوف الرواتب، أضاف أرباب العمل في القطاع الخاص 42 ألف وظيفة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهي أول زيادة شهرية منذ يوليو (تموز) الماضي، لكنها لا تزال جزءاً بسيطاً مما كان المستثمرون يشاهدونه في وقت سابق من العام.

من يقود النمو في سوق العمل؟

كان التوظيف الأقوى في قطاعات الحرف والنقل والمرافق، بينما فقدت قطاعات الخدمات المهنية وتكنولوجيا المعلومات - هي محركات رئيسة لنمو الوظائف المكتبية – وظائف جديدة.

وقالت محللة الاقتصاد في شركة "فندسترات" هاديكا سينغ "أظهرت البيانات أن عدد الوظائف المضافة ارتفع الشهر الماضي، لكن النمو لا يأتي من الصناعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي كما كان متوقعاً، وهو أمر مفاجئ نوعاً ما نظراً إلى اعتماد المستثمرين على التقدم في الذكاء الاصطناعي ليكون محركاً رئيساً للنمو الاقتصادي".

وأضافت سينغ أن الخلاصة الأهم هي أن أرباح الشركات تستفيد من الإنتاجية المدفوعة بالذكاء الاصطناعي، لكن لا يمكن قول الشيء نفسه عن العمال "لا يمكنك أن تشعر بالحماسة تجاه الأسهم التي تتداول قرب مستوياتها القياسية، بينما تخشى في الوقت نفسه فقدان وظيفتك".

هل بدأت موجة التسريحات تتسارع؟

ترتفع معدلات التسريح، وهو مؤشر آخر على أن سوق العمل بدأ يبرد تحت السطح، إذ أفادت شركة "شالينجر غراي" أن أكثر من 153 ألف وظيفة جرى إعلان إلغائها في أكتوبر الماضي، وهو الأسوأ لهذا الشهر منذ عام 2003.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشارت الشركة إلى أن خفض الكلفة، وتبني الذكاء الاصطناعي، والمبالغة في التوظيف خلال جائحة كورونا، كانت من أبرز أسباب هذا الارتفاع. وبصورة عامة، أعلنت الشركات أكثر من 1.1 مليون عملية تسريح هذا العام، بزيادة قدرها 44 في المئة مقارنة بإجمالي عام 2024.

كانت قطاعات التكنولوجيا والتجزئة في طليعة هذه التخفيضات، مع إعلانات بارزة من شركات مثل "أمازون" و"تارغت" و"يو بي أس" وغيرها.

وتشير هذه التقارير مجتمعة إلى سوق عمل مستقرة، لكنها أقل ديناميكية بكثير من العام الماضي، وهي سوق يبقى فيها الموظفون في وظائفهم خوفاً من فقدانها، وتتصرف فيها الشركات بحذر، بينما تتآكل الثقة بصمت عبر الاقتصاد.

كيف تؤثر الثقة الاستهلاكية؟

أظهر أحدث استطلاع لجامعة ميشيغان، الصادر الجمعة الماضي، أن ثقة المستهلكين تراجعت إلى 50.3 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وهو أدنى مستوى منذ عام 2022، مع تزايد القلق من الإغلاق الحكومي وارتفاع الأسعار.

وأظهر الاستطلاع أن المشاركين الذين يملكون استثمارات أكبر في الأسهم عبروا عن ثقة أعلى، مما يبرز الطبيعة "المزدوجة" للتعافي الاقتصادي، إذ تتركز مكاسب الأسواق في أيدي الأسر الأكثر ثراء.

وقالت ستيفنسون "ارتفاع التضخم وتباطؤ سوق العمل يشكلان وصفة لاقتصاد غير مريح على الإطلاق، لا أحد يريد أن يعيش في اقتصاد يهيمن عليه عدد قليل من النخب، بينما يكافح الجميع للبقاء على ما لديهم".

كيف يقرأ الاحتياط الفيدرالي هذه المؤشرات؟

يمتد هذا القلق الآن إلى صانعي السياسات الذين يحاولون تقييم صحة سوق العمل، في ظل غياب البيانات المعتادة.

وقال كبير استراتيجيي الاستثمار في مجموعة "بي أن سي أست مانغمنت" يونغ-يو ما، إن "الاحتياط الفيدرالي لا يملك بيانات جيدة، الاتجاه الذي يشعر به هو أن سوق العمل تتباطأ، والقراءات الخاصة مختلطة، من الصعب جداً العمل من دون توفر بيانات موثوقة".

ومع ذلك، يرى ما أن الاحتياط الفيدرالي سيعتبر الاتجاهات الأخيرة دليلاً على ضعف سوق العمل، مما يبقي الباب مفتوحاً أمام خفض أسعار الفائدة في المستقبل، بمجرد انتهاء الإغلاق وعودة صدور البيانات.

ويبدو أن الأسواق تتفق مع هذا الرأي، إذ كان المتعاملون حتى مساء الجمعة الماضي يسعرون احتمالاً يبلغ نحو 70 في المئة لخفض الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وفقاً لأداة "سي أم إي فيد وتش".

اقرأ المزيد