Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هجوم ترمب على صناعة طاقة الرياح يهدد ملايين الوظائف

يشن الرئيس الأميركي حملة قوية على القطاع مستهدفاً 9 مشاريع كبرى

حظر ترمب أي مشروعات جديدة للطاقة الشمسية أو الرياح على الأراضي والمياه الفيدرالية (أ ف ب)

ملخص

أحدثت هذه الحملة صدمة لدى مجتمع الأعمال وعرضت للخطر كمية كبيرة من الطاقة كان يفترض أن تضخها مزارع الرياح البحرية.

تخلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن نهج الجمهوريين التقليدي القائم على "كل مصادر الطاقة" ليشن عبر أجهزة الدولة حملة واسعة لعرقلة مشروعات الطاقة النظيفة، لا سيما توربينات الرياح البحرية.

ويعد حجم التدخل لافتاً، إذ وضعت إدارة ترمب تسعة مشاريع لطاقة الرياح البحرية - سبق أن حصلت على التصاريح - تحت التحقيق أو التجميد، على رغم أنها كانت مخصصة لتوليد كهرباء تكفي نحو 5 ملايين منزل وخلق قرابة 9 آلاف وظيفة في الولايات المتحدة.

وحظر ترمب أي مشروعات جديدة للطاقة الشمسية أو الرياح على الأراضي والمياه الفيدرالية، وألغى الحوافز الممنوحة للطاقة النظيفة، ودعا - في خطوة غير مسبوقة لرئيس أميركي - إلى وقف صناعة كاملة.

وقال ترمب الشهر الماضي "لن نسمح بتلك المراوح، إنها تدمر البلاد" وأكد أمام الأمم المتحدة الثلاثاء، من دون تقديم أدلة، أن "دولاً باتت على حافة الانهيار بسبب أجندة الطاقة الخضراء".

لماذا تعطل إدارة ترمب مشاريع توربينات الرياح؟

يحمل ترمب عداءً طويلاً لتوربينات الرياح، واصفاً إياها بأنها "قبيحة" و"مقززة" و"قمامة"، واعتبر الدعم الموجه للرياح والطاقة الشمسية للتخفيف من أزمة المناخ "أكبر عملية احتيال في القرن".

وتوجه هذه الضغينة بصورة خاصة إلى قطاع الرياح البحرية الوليد في أميركا، إذ أوقفت إدارة ترمب أو أخرت أو وضعت قيد التحقيق تسعة مشاريع مرخصة قبالة الساحل الشرقي، خمسة منها قيد الإنشاء بالفعل. وفي الأسبوعين الماضيين وحدهما، قدم مسؤولون طلباً قضائياً لوقف مشروع في ولاية ماريلاند ومراجعة آخر قبالة ماساتشوستس.

أوقفت السلطات أيضاً مشروع "ريڤولوشن ويند" قبالة سواحل رود آيلاند، الذي بلغت نسبة إنجازه 80 في المئة، غير أن قاضياً اتحادياً سمح باستئناف العمل فيه الإثنين.

وقال وزير الداخلية الأميركي دوغ بورغوم خلال مؤتمر في إيطاليا هذا الشهر "في ظل هذه الإدارة، لا مستقبل لطاقة الرياح البحرية لأنها باهظة الكلفة وغير موثوقة بما يكفي"، وأضاف أن الوزارة تجري "مراجعة دقيقة" للمشاريع الخمسة قيد الإنشاء وهي "ريڤولوشن ويند" في رود آيلاند، و"فاينيارد ويند 1" قبالة ماساتشوستس، و"كواستال فرجينيا أوفشور ويند" و"صن رايز ويند" و"إمباير ويند" قبالة نيويورك.

واتخذت الإدارة خطوات إضافية لعرقلة بعض المشاريع، ففي مذكرة قضائية هذا الشهر، طلب محامو الحكومة من قاض اتحادي إلغاء التصديق على مشروع طاقة الرياح البحرية في ماريلاند بدعوى اكتشاف خطأ. وفي الأسبوع الماضي تحركت الإدارة لوقف مشروع "ساوث كوست ويند" قبالة ماساتشوستس، وأعلنت سابقاً أنها بصدد إعادة النظر في الموافقات الممنوحة لمزرعة رياح أخرى في الولاية تعرف باسم "نيو إنغلاند ويند".

ولتبرير محاولاتها تعطيل مشاريع سبق أن حصلت على الضوء الأخضر، زعمت إدارة ترمب أن توربينات الرياح البحرية تضر بالحيتان، وتشكل أخطاراً على الأمن القومي، وتعوق عمليات البحث والإنقاذ، من دون أن تقدم أدلة تذكر على هذه المزاعم.

وقال متحدث باسم وزارة الداخلية إن العمل في مشروع "ريڤولوشن ويند" سيستمر، لكنه سيظل خاضعاً للتحقيق في شأن "تأثيرات محتملة على الأمن القومي"، وأضاف أن الوزارة "تبقى ملتزمة ضمان أن تكون القرارات السابقة صحيحة قانونياً وموضوعياً".

تداعيات عداء ترمب لطاقة الرياح

أحدثت هذه الحملة صدمة لدى مجتمع الأعمال وعرضت للخطر كمية كبيرة من الطاقة كان يفترض أن تضخها مزارع الرياح البحرية، فالمشاريع التسعة مجتمعة كانت ستوفر نحو 12.5 غيغاواط من القدرة الإنتاجية، تكفي لتزويد ما يقارب 5 ملايين منزل بالكهرباء، علاوة على أن أكثر من 9 آلاف وظيفة مباشرة وغير مباشرة باتت مهددة في حال تم إيقاف هذه المشاريع، بحسب تحليل صادر عن مركز التقدم الأميركي.

وقال رئيس نقابة "آيرون ووركرز لوكال 37"، ديفيد لانغليه، وهي نقابة تضم مئات من بين أكثر من 1000 عامل باتت وظائفهم مهددة بسبب محاولة وقف مشروع "ريڤولوشن ويند" في رود آيلاند، لصحيفة "الغارديان"، "نحن على يقين أن ما لا يقل عن ثلث، وربما 40 في المئة من أعضاء قطاع البناء صوتوا لهذا الرئيس وإدارته والآن الآلاف يفقدون وظائفهم"، وأضاف "الإدارة خرجت لتقول إنها تدعم العمال والأميركيين الكادحين، لكنها تواصل إظهار العكس تماماً".

هل ترتفع أسعار الطاقة على الأسر الأميركية؟

وأدت الحرب على طاقة الرياح إلى فوضى بين المطورين، ففي يونيو (حزيران) الماضي، طلبت الشركة المسؤولة عن مشروع مزرعة رياح قبالة سواحل نيوجيرسي، "أتلانتيك شورز"، من الولاية إلغاء عقدها بعدما سحبت وكالة حماية البيئة الأميركية التصريح الجوي الضروري للمشروع، وألغت الشركات القائمة على "إمباير ويند 2" قبالة نيويورك عقدها في يناير (كانون الثاني) الماضي، مشيرة إلى مخاوف اقتصادية ومشكلات في سلاسل التوريد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعد من غير المألوف أن تحاول الحكومة الأميركية وقف مشروع سبق أن تمت الموافقة عليه، حتى لو كان ذلك تحت إدارة مختلفة، وهناك ستة مشاريع أخرى لطاقة الرياح البحرية، قيد إجراءات التصاريح وتعد بإضافة 11.6 غيغاواط من القدرة الإنتاجية، لكنها ستكون أكثر عرضة للإلغاء من قبل الإدارة.

ويؤكد المتخصصون أن مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية غالباً ما تكون الأرخص لتوليد الكهرباء، وأن التباطؤ في تنفيذها داخل الولايات المتحدة سيؤدي إلى رفع أسعار الطاقة على الأسر الأميركية. وفي نيو إنغلاند، حذر مشغل شبكة الكهرباء من احتمال حدوث عجز في الإمدادات إذا جرى التخلي عن مشاريع الرياح البحرية المستهدفة.

وقالت الرئيسة التنفيذية لمنظمة "أوشيانتيك" المعنية بالطاقة المتجددة البحرية، ليز بوردوك، للصحيفة "إيقاف أعمال البناء وإلغاء التصاريح لمشاريع حازت على موافقات بعد أعوام من المراجعات الدقيقة سيؤدي إلى رفع أسعار الكهرباء لملايين الأميركيين، ويعرض استثمارات خاصة بمليارات الدولارات للخطر، ويهدد سلاسل التوريد في مجالات بناء السفن والصلب والتصنيع، ويقوض أمن الطاقة الوطني".

ماذا عن مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي؟

قال الأمين العام لنقابة "ليبوررز إنترناشيونال يونيون أوف نورث أميركا"، مايكل سابيتوني، إن الهجوم على طاقة الرياح مقلق بصورة خاصة، في ظل الطلب المتزايد على الطاقة بفعل التوسع في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.

وأضاف أن هذا الضغط أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة، بما في ذلك على العمال المهددين بخسارة وظائفهم، مشيراً إلى أنه لا توجد مشاريع طاقة أخرى في نيو إنغلاند قادرة على توفير طاقة وفرص عمل أكبر، وتابع "إذا افترضنا أنك تريد إنشاء محطة نووية جديدة، هل تعرف كم سيستغرق الأمر لاختيار الموقع؟ سيستغرق أعواماً"، وأكد سابيتوني أن التداعيات ستكبد الاقتصادات المحلية خسائر جسيمة.

وحذر العلماء من أن الوقود الأحفوري يجب أن يجرى التخلص منه تدريجاً لتجنب تداعيات مناخية كارثية، لكن ترمب، الذي تلقى تبرعات كبيرة من قطاع النفط والغاز خلال حملته الانتخابية، لجأ إلى صلاحيات الطوارئ ومزق اللوائح التنظيمية ووسع الدعم الحكومي لفرض مزيد من مشاريع الوقود الأحفوري.

وقالت الرئيسة التنفيذية لمجموعة مواطنون من أجل حلول طاقة مسؤولة (Cres) هيذر ريمز، وهي منظمة محافظة تدعو للطاقة النظيفة "الوضع مختلف عن الولاية الأولى لترمب، لا يوجد سابقة حقيقية لهذا، وهو ما يترك أثراً مروعاً في مشاريع الطاقة بصورة عامة".

وأظهر استطلاع للرأي أجرته المجموعة هذا الأسبوع أن الأميركيين من ذوي الميول اليمينية ما زالوا يؤيدون بشدة نهج "الكل ضمن المزيج"، إذ قال 85 في المئة من الناخبين الجمهوريين إنهم يدعمونه، فيما يريد نحو ثلاثة أرباعهم أن تستخدم الولايات المتحدة الطاقة النظيفة للمساعدة في خفض التلوث المسبب لارتفاع حرارة الكوكب.

وأضافت ريمز "نرى فجوة كبيرة بين الناخبين العاديين وما يجري داخل واشنطن، هناك انعطافة حادة ضد الطاقة المتجددة من البيت الأبيض، لا سيما طاقة الرياح البحرية. لم نسمع سبباً اقتصادياً لذلك، لكننا نعلم أن الرئيس ترمب لا يحب طاقة الرياح منذ زمن بعيد، يبدو أن الأمر شخصي".

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز