Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطة واشنطن للإطاحة بمادورو: تجنيد طياره الخاص لتسليمه

عميل أميركي مخضرم في أجهزة إنفاذ القانون حاول سراً استمالة الطيار الشخصي للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو للمشاركة في خطة تهدف إلى القبض عليه وتسليمه لسلطات الولايات المتحدة

ملخص

في عملية سرية فشلت في تحقيق هدفها، حاول عميل أميركي تجنيد طيار مادورو لتحويل مسار رحلته واعتقاله، ضمن حملة أميركية متصاعدة للإطاحة به، شملت مكافآت ضخمة وحملات تشكيك بولاء مساعديه.

في عملية سرية، حاول عميل أميركي مخضرم في أجهزة إنفاذ القانون، تجنيد الطيار الشخصي للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، للانضمام إلى مخطط يهدف إلى اعتقال مادورو وتسليمه للولايات المتحدة الأميركية، حيث يواجه تهماً تتعلق بالاتجار بالمخدرات. وتكشفت تفاصيل العملية في وقت كثفت فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب حملتها ضد الزعيم الفنزويلي، وقد أرسل ترمب قوة بحرية كبيرة إلى منطقة البحر الكاريبي، ورفع قيمة المكافأة المرصودة لمن يساعد في القبض عليه إلى 50 مليون دولار.

قصة محاولة العميل الأميركي إقناع طيار الرئيس الفنزويلي، التي لم يكشف عنها من قبل، تحتوي على جميع عناصر رواية تجسس كلاسيكية مثيرة من حقبة "الحرب الباردة"، إذ تتضمن استخدام طائرات خاصة فارهة، وعقد اجتماع سري في أحد عنابر الطائرات في مطار، واعتماد دبلوماسية بالغة الخطورة، ومساع حذرة إلى استمالة أحد المساعدين المقربين من مادورو. لا بل إنها بلغت ذروتها بفصل أخير من المؤامرة، كان هدفه إرباك الرئيس الفنزويلي وجعله يشك في الولاء الحقيقي لطياره.

فيما يأتي أبرز النقاط الواردة في تقرير أجرته وكالة "أسوشيتد برس"، وقد استند إلى مقابلات أجريت مع ثلاثة مسؤولين أميركيين راهنين ومتقاعدين، إلى جانب أحد خصوم الزعيم مادورو. وقد اشترط ​​جميعهم عدم الكشف عن هوياتهم، إما لعدم حصولهم على تصريح لمناقشة هذه العملية، أو لخشيتهم من المساءلة والعقاب في حال الكشف عنها. وقد قامت وكالة "أسوشيتد برس" بمراجعة الرسائل النصية المتبادلة بين العميل الأميركي إدوين لوبيز والطيار الفنزويلي، وتحققت من صحتها.

محاولة تجنيد جريئة قام بها عميل أميركي

كان إدوين لوبيز، وهو أحد عملاء "جهاز تحقيقات الأمن الداخلي الأميركي" Homeland Security Investigations (HIS)، يعمل ملحقاً دبلوماسياً في جمهورية الدومينيكان، عندما تبلغ بمعلومة مفادها بأن طائرتين خاصتين تستخدمان بانتظام في سفرات الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، قد حطتا في تلك الدولة الكاريبية لإجراء تصليحات لهما باهظة الكلفة. وكانت الطائرتان تستخدمان لنقل مادورو في رحلاته الدولية، غالباً إلى دول تعتبر معادية للولايات المتحدة، مثل إيران وكوبا وروسيا.

مع وصول وفد من سلاح الجو الفنزويلي لتسلم الطائرتين، استحصل لوبيز على موافقة رسمية للتحدث مع الطيارين، بحسب ما أفاد به مسؤولون أميركيون راهنون وسابقون.

في شهر مايو (أيار) من عام 2024، وخلال لقاء في مطار خاص في مدينة "سانتو دومينغو"، عرض لوبيز على طيار مادورو ما يأتي: تحويل مسار رحلة الرئيس الفنزويلي إلى وجهة يمكن للسلطات الأميركية أن تعتقله فيها، وذلك لقاء حصوله على ثروة طائلة ومكانة بطولية في نظر ملايين الفنزويليين. وبحسب مصدرين مطلعين على تفاصيل الخطة، كان من المفترض أن يختار الطيار بنفسه موقع تنفيذ العملية: إما جمهورية الدومينيكان أو بورتوريكو أو القاعدة العسكرية الأميركية في خليج غوانتانامو في كوبا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم يبد الطيار بيتنر فيليغاس، وهو أحد أعضاء حرس الشرف الرئاسي النخبوي، أي التزام بالموافقة، علماً أنه أعطى إدوين لوبيز رقم هاتفه. واستمر الاثنان في التواصل عبر تطبيق مراسلة مشفر، وبعد تقاعد لوبيز في وقت سابق من العام الحالي، قام مجدداً بالتواصل معه، وفقاً لما ذكره من قبل الأشخاص المطلعين على الموضوع.

كتب لوبيز إلى الطيار في السابع من أغسطس (آب) الماضي، يقول: "ما زلت أنتظر ردك"، وأرفق رسالته برابط لبيان صحافي صادر عن وزارة العدل الأميركية، يعلن رفع مكافأة المساعدة في القبض على مادورو إلى 50 مليون دولار. وكانت وجهت في عام 2020 اتهامات فيدرالية أميركية إلى الرئيس الفنزويلي بالإرهاب المرتبط بالمخدرات، وتتعلق تحديداً بالمساعدة في إغراق الولايات المتحدة بالكوكايين.

بعد أيام قليلة، بعث لوبيز برسالة أخرى قال فيها: "ما زال أمامك وقت لتكون بطل فنزويلا، وتقف في الجانب الصحيح من التاريخ".

تكثيف الجهود الأميركية للإطاحة بمادورو

تكشف هذه العملية عن حجم المساعي الأميركية المستمرة منذ أعوام لإسقاط الرئيس مادورو، وهي مساع اتسمت أحياناً بالعشوائية. فالعاصمة الأميركية تأخذ على الزعيم الفنزويلي أنه قوض الديمقراطية في بلاده الغنية بالنفط، وحولها إلى ملاذ آمن لمهربي المخدرات والجماعات الإرهابية، إضافة إلى تعاونه مع كوبا الخاضعة لحكم الشيوعيين.

وشهدت تلك الجهود زخماً متصاعداً منذ عودة الرئيس دونالد ترمب للبيت الأبيض، ففي صيف هذا العام، قام ترمب بنشر آلاف الجنود والمروحيات الهجومية والسفن الحربية في منطقة البحر الكاريبي، لاستهداف قوارب صيد يشتبه في استخدامها لتهريب الكوكايين من فنزويلا. وقد قتل خلال 10 عمليات عسكرية نفذها الجيش الأميركي، ما لا يقل عن 43 شخصاً.

إضافة إلى ذلك، منح الرئيس الأميركي هذا الشهر الضوء الأخضر لـ"وكالة الاستخبارات المركزية" لتنفيذ عمليات سرية على الأراضي الفنزويلية. وفي وقت سابق، ضاعف قيمة المكافأة المخصصة للقبض على الرئيس مادورو إلى 50 مليون دولار، في إطار التهم الفدرالية بالإرهاب المرتبط بالمخدرات، الواردة في لائحة الاتهام عام 2020، التي تتعلق بقيادة الزعيم الفنزويلي شبكة من كبار الضباط العسكريين المتورطين في تهريب كميات ضخمة من الكوكايين إلى الولايات المتحدة.

لوبيز والمعارضة يردان على رفض الطيار بحملة لزعزعة مادورو

بعدما أبى فيليغاس الانسياق إلى ما يخطط له لوبيز، أطلق حلفاء المعارضة الفنزويلية حملة على الإنترنت استهدفت إثارة الشكوك في العاصمة الفنزويلية كاراكاس حول ولاء الطيار.

يذكر هنا أن مارشال بيلينغسليا، المسؤول السابق في الأمن القومي في إدارات "جمهورية" أميركية عدة، كان يسخر من الرئيس نيكولاس مادورو منذ أسابيع. وفي اليوم الذي بلغ فيه فيليغاس من العمر 48 سنة، نشر على وسائل التواصل الاجتماعي رسالة ساخرة لمناسبة ذكرى ميلاده، تضمنت صورتين متجاورتين كانتا بالتأكيد ستثيران الاهتمام: الأولى تظهر فيليغاس جالساً على أريكة من الجلد الأحمر في حظيرة طائرات في جمهورية الدومينيكان - إذ كان قد التقى لوبيز العام الماضي - مع حذف صورة لوبيز منها، والثانية صورة رسمية للقوات الجوية تظهر نجمة ذهبية تشير إلى ترقيته إلى رتبة جنرال.

ما كتبه بيلينغسلي نشر في الساعة الثالثة والدقيقة الأولى من بعد الظهر، أي قبل دقيقة من إقلاع طائرة "إيرباص" أخرى خاضعة للعقوبات من مطار كاراكاس، علم أن مادورو كان على متنها. وبعد نحو 20 دقيقة، عادت الطائرة بصورة غير متوقعة للمطار.

تداعيات القضية في فنزويلا

أثارت تهنئة الطيار فيليغاس بعيد ميلاده التي شاهدها نحو 3 ملايين شخص، صدمة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي في فنزويلا، إذ تكهن معارضو مادورو بأن فيليغاس قد تلقى أمراً بالعودة لمواجهة استجواب رسمي، فيما تساءل آخرون عما إذا كان سيسجن، ولأيام عدة لم يشاهد أحد الطيار أو يسمع عنه شيئاً. ثم في الـ24 من سبتمبر (أيلول)، ظهر فيليغاس مجدداً مرتدياً بدلة طيران القوات الجوية الفنزويلية، في برنامج تلفزيوني واسع الانتشار يقدمه وزير الداخلية ديوسدادو كابيلو.

في البرنامج سخر كابيلو من أي افتراض يزعم إمكان شراء ولاء الجيش الفنزويلي، وبينما كان يمزح في شأن ولاء فيليغاس واصفاً إياه بـ"الوطني الوفي والمخلص"، وقف الطيار صامتاً، رافعاً قبضته في إشارة إلى ولائه لبلاده.

المزيد من تقارير