ملخص
على رغم ارتفاع حالات سرقة السيارات الفاخرة، فإن 2.4 في المئة فقط من الحالات تؤدي إلى توجيه اتهامات، إذ تظل العصابات المنظمة متقدمة بخطوة واحدة على القانون
تواجه بريطانيا موجة متصاعدة من سرقة السيارات الفاخرة، خلال وقت تعترف خلاله الشرطة بعجزها عن مجاراة شبكات الجريمة المنظمة التي تتولى تهريب هذه المركبات إلى الخارج، إذ تباع في أسواق تمتد من الشرق الأوسط وأفريقيا إلى الكاريبي.
وبحسب بيانات رسمية، لا تؤدي سوى 2.4 في المئة فقط من قضايا سرقة السيارات إلى توجيه اتهامات، على رغم الارتفاع الحاد في معدلات السرقة خلال العقد الأخير. وتشير أرقام مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني إلى أن عدد السيارات المسروقة في إنجلترا وويلز ارتفع بنسبة 74 في المئة خلال 10 أعوام، من 70 ألفاً إلى أكثر من 121 ألفاً.
جريمة منظمة وعابرة للحدود
يقول نائب رئيس الوحدة الوطنية لاستخبارات جرائم المركبات (NaVCIS) توم تشيشولم لصحيفة "تليغراف"، إن سرقة السيارات أصبحت عملاً منظماً ومربحاً ومنخفض الأخطار. ويوضح "هناك لصوص وميسرون وأشخاص في الخارج، والتنظيم عالي المستوى ولا يحتاجون لحماية أسواقهم كما في تجارة المخدرات أو السلاح، لذا إذا كانت لديك العلاقات المناسبة يصبح العمل سهلاً ومجزياً".
وتشير التحقيقات إلى أن عدداً متزايداً من السيارات البريطانية المسروقة، خصوصاً المركبات الفاخرة وسيارات الدفع الرباعي، تشحن إلى الخارج خلال أيام فقط من سرقتها، وغالباً داخل حاويات تسجل بمحتويات مزيفة مثل الأثاث أو الألعاب.
في إحدى الحالات، عثر على سيارة "رينغ روفر" سرقت من مدينة هاروغيت شمال يوركشير بعد تتبعها إلى مدينة كراتشي الباكستانية على بعد أكثر من 5 آلاف ميل، بينما استعيدت سيارة "بنتلي مولسان" بقيمة 200 ألف جنيه استرليني (264.80 ألف دولار) كانت سرقت من لندن عام 2022.
وجهات التهريب الرئيسة
بحسب مركز "ثاتشام ريسيرتش" لأبحاث أخطار السيارات، فإن جمهورية الكونغو الديمقراطية تتصدر قائمة الدول التي تستقبل السيارات المسروقة، تليها دول تشهد نقصاً حاداً في السيارات وقطع الغيار عقب فيضانات العام الماضي، ثم قبرص وجامايكا.
وتشير التقارير إلى أن نحو خمسة في المئة من السيارات المهربة تصل إلى جورجيا، التي تعد نقطة عبور نحو السوق الروسية المتأثرة بالعقوبات منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.
ويرى تشيشولم أن ارتفاع الطلب الخارجي يغذي هذه التجارة غير المشروعة، قائلاً إن السيارات تباع بأسعار مضاعفة مقارنة ببريطانيا، خصوصاً بعد أزمة سلاسل التوريد العالمية التي أعقبت جائحة "كوفيد 19"، والتي تسببت بنقص حاد في قطع الغيار وارتفاع أسعارها.
ويؤكد تقرير صادر عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) أن أسعار السيارات الجديدة ارتفعت بنحو 90 في المئة منذ عام 2010، مما خلق بيئة مثالية للعصابات التي استغلت الأسواق الإلكترونية والإنترنت المظلم لتصريف المركبات المسروقة وبيع قطعها.
تهريب معقد وضعف في التفتيش
يقول تشيشولم إن العصابات تستفيد من ضعف التفتيش الجمركي على الحاويات، موضحاً "يمكنك حجز حاوية اليوم وتقول إنها مليئة بالدمى، بينما في الواقع تحشوها بسيارات مسروقة، ولن يكتشف أحد الأمر".
واستعادت "الوحدة الوطنية لاستخبارات جرائم المركبات" خلال عام 2024–2025 نحو 450 سيارة مسروقة من الموانئ البريطانية، أي ضعف العدد خلال العام السابق، مما يشير إلى تحسن في تتبع هذه الشبكات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وساعدت أجهزة التتبع عبر الأقمار الاصطناعية الشرطة في استعادة بعض السيارات، مثل "رينغ روفر سبورت" جرى رصدها لفترة وجيزة داخل كراتشي، وسيارة "بي أم دبليو 850 آي" عثر عليها داخل حاوية في غابة بباكنغهامشير.
لكن المحققين يؤكدون أن العصابات أصبحت أكثر احترافاً في اكتشاف أجهزة التتبع وتعطيلها، إذ تستخدم ماسحات إلكترونية وأدوات لقطع أنظمة الإنذار.
أحكام محدودة ونتائج متواضعة
على رغم نجاح بعض العمليات الأمنية، كالحكم على أربعة أفراد من عصابة في لندن بالسجن لمدد تصل إلى خمسة أعوام، فإن عدد القضايا المنتهية بالإدانة لا يزال ضئيلاً.
يقول المفتش داميان هيل من شرطة العاصمة للصحيفة "حين واجهناهم بالأدلة، من بصماتهم إلى لقطات الكاميرا، أصيبوا بالصدمة. كانوا يظنون أنهم متهمون بسرقتين فحسب، لكن الأدلة ربطتهم بـ73 جريمة".
إلا أن الغالبية الساحقة من السيارات المسروقة لا يعثر عليها أبداً، بما في ذلك سيارة دالواي، إذ يرجح الخبراء أنها باتت الآن في إحدى الأسواق الخارجية، بعدما شحنت سراً في حاوية مثل آلاف المركبات البريطانية التي اختفت من الشوارع الهادئة والمرائب الخاصة، ولن تعود على الأرجح أبداً.