ملخص
الإيجارات غير الميسورة تدفع العائلات إلى مغادرة منازلها ومجتمعاتها، وتجبر العاملين في المدن على السكن المشترك أو الرحيل بالكامل.
سجلت الإيجارات في مختلف أنحاء بريطانيا مستويات قياسية جديدة، وفقاً لبيانات صادرة عن موقع "رايتموف" المتخصص في تتبع اتجاهات سوق الإيجارات.
وأظهر التقرير أن متوسط الإيجار المعلن للمنازل في لندن بلغ 2736 جنيهاً استرلينياً (3655 دولاراً) شهرياً، بزيادة نسبتها 1.6 في المئة مقارنة بالعام الماضي، بينما بلغ متوسط الإيجار خارج العاصمة 1385 جنيهاً استرلينياً (1851 دولاراً)، أي بزيادة 3.1 في المئة على أساس سنوي. وتعد هذه الزيادة السنوية الأبطأ منذ الربع الثالث من عام 2020، إلا أن المستأجرين لا يزالون يشعرون بالضغط، إذ ارتفعت الإيجارات خارج لندن بأكثر من 20 جنيهاً استرلينياً (26.7 دولار) خلال الربع الأخير فقط.
وأشار التقرير إلى أن كلفة الإيجار تلتهم نحو 44 في المئة من متوسط الدخل الشهري، مقارنة بـ40 في المئة قبل خمسة أعوام، مما يجعل القدرة على تحمل الكلفة "متوترة للغاية" لكل من المستأجرين وأصحاب العقارات.
وقال مدير "تحالف إصلاح الإيجارات"، توم دارلينغ، لصحيفة "ديلي ميل" إن "كلفة الإيجار خرجت عن السيطرة، إذ تشير استطلاعاتنا إلى أن نحو ثلث المستأجرين يجدون صعوبة في توفير حاجاتهم الأساسية مثل المواد الغذائية بسبب الإيجارات المرتفعة"، وأضاف أن "الإيجارات غير الميسورة تدفع العائلات إلى مغادرة منازلها ومجتمعاتها، وتجبر العاملين في المدن على السكن المشترك أو الرحيل بالكامل".
ورأى دارلينغ أن مشروع قانون حقوق المستأجرين الذي ينهي العمل بـ"البند 21" ويوفر حماية جديدة لـ12 مليون مستأجر في إنجلترا "خطوة مهمة"، لكنه لن يحل أزمة القدرة على تحمل الإيجارات، داعياً الحكومة إلى فرض سقف على زيادات الإيجار بحيث لا تتجاوز معدلات التضخم أو نمو الأجور، وإنشاء لجنة وطنية لدراسة سبل جعل السكن أكثر قدرة على التحمل.
كيف يمكن للمستأجرين في بريطانيا مواجهة الزيادات؟
وينصح المتخصصون المستأجرين الذين يواجهون زيادة في الإيجار بالتحقق أولاً من صحة الإجراءات القانونية التي اتبعها المالك، وقال مدير تطوير الأعمال في شركة المحاماة "أتش سي بي سوليسيترز" هاين، إن الخطوة الأولى هي مراجعة عقد الإيجار، وفي حال كان العقد محدد المدة، لا يمكن رفع الإيجار إلا بموافقة المستأجر أو عند انتهاء المدة.
وأوضح أن الملاك مطالبون بتقديم إشعار خطي مسبق قبل رفع الإيجار، لا يقل عادة عن شهر واحد في العقود الدورية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف هاين "إذا بدا المبلغ الجديد مبالغاً فيه، يجدر بالمستأجر التحدث بصراحة مع المالك أو الوكيل العقاري، إذ يمكن للحوار المفتوح أن يؤدي إلى تسوية مقبولة، أما إذا استمر القلق فينصح بطلب المشورة القانونية، بخاصة إن لم تعكس الزيادة واقع السوق المحلية، المهم أن تكون أي زيادة عادلة ومبررة، وأن يسود التواصل والشفافية بين الطرفين".
مناطق الارتفاع الأكبر
كشف تقرير "رايتموف" عن تفاوتات كبيرة في الزيادات بين المناطق، ففي شمال غربي إنجلترا، بلغ متوسط الإيجار 1241 جنيهاً استرلينياً (1658 دولاراً)، بزيادة 5.1 في المئة على أساس سنوي.
وفي يوركشاير وهامبر، ارتفعت الإيجارات بنسبة 4.1 في المئة لتصل إلى نحو 1093 جنيهاً استرلينياً (1460 دولاراً) شهرياً، فيما سجلت المنطقة أعلى عائدات للملاك في بريطانيا عند 7.2 في المئة، بزيادة 0.3 في المئة على العام السابق.
وتصدرت فولوود في لانكشر قائمة المناطق الأسرع نمواً في الإيجارات، إذ قفز متوسط الإيجار فيها من 970 إلى 1284 جنيهاً استرلينياً (1715 دولاراً) خلال عام واحد، بزيادة 32 في المئة.
وشهدت كيثلي في ويست يوركشاير ارتفاعاً بنسبة 27 في المئة لتصل الإيجارات إلى 1038 جنيهاً استرلينيا (1387 دولاراً) شهرياً، وشملت المناطق الأخرى التي شهدت زيادات حادة كلاً من فروم في سومرست ونيوكواي في كورنوال وغينزبورو في لينكولنشاير.
معاناة الملاك وتراجع المعروض
في المقابل أشار التقرير إلى أن وتيرة طرح عقارات جديدة للإيجار تباطأت بصورة ملحوظة، إذ ارتفع عدد القوائم الجديدة بنسبة واحد في المئة فقط مقارنة بالعام الماضي، وهي أدنى زيادة تسجل عام 2025 حتى الآن.
ويواجه الملاك حالاً من عدم اليقين وسط ترقب الموازنة الخريفية التي ستعلنها وزيرة الخزانة راشيل ريفز، في ظل تكهنات بفرض زيادات في ضريبة الدمغة وإجراء تعديلات ضريبية جديدة، إضافة إلى ما يتضمنه قانون حقوق المستأجرين من التزامات إضافية.
ثلث الملاك يفكرون في الخروج من السوق
وتتداول الأسواق إشاعات عن احتمال إلزام الملاك بدفع مساهمات تأمينية وطنية على دخل الإيجار، وأظهرت بيانات "يو كي فاينانس" أن متوسط الفائدة على قروض "الشراء للتأجير" يبلغ 4.87 في المئة، أي ما يقارب ضعف النسبة المسجلة قبل أزمة "الموازنة المصغرة" عام 2022.
وأفاد استطلاع أجرته "غودلورد" بأن ثلث الملاك يفكرون في الخروج من السوق، بينما قال ثلثاهم إنهم لا يشعرون بالدعم من الحكومة، وأقر 43 في المئة فقط بأنهم مستعدون للتغييرات القادمة في قانون الإيجارات.
وقالت المتخصصة العقارية في رايتموف، كولين بابكوك، "على رغم أن معظم الملاك ينوون البقاء في السوق وربما توسيع محافظهم الاستثمارية، فإن استمرار ارتفاع كلفة التمويل والغموض التشريعي يحد من رغبتهم في الاستثمار"، وأضافت أن "التقلبات المحيطة بالتشريعات والموازنة الخريفية تجعل من الصعب اتخاذ قرارات مالية طويلة الأمد".
من جانبه قال رئيس قسم الإيجارات في شركة "جون دي وود أند كو"، دانييل فيشر، "الطلب على الإيجار تراجع بعض الشيء بسبب الضبابية الاقتصادية والسياسية، إذ أصبحت الشركات أقل ميلاً لنقل موظفيها، وغادر بعض المستأجرين لندن بالكامل".
وأوضح أن ذلك أدى إلى زيادة المعروض من العقارات المعاد تأجيرها على رغم تراجع عدد الملاك الجدد، مضيفاً أن "السوق أصبحت أكثر حذراً وتباطؤاً، لكنها تخلق في الوقت ذاته فرصاً للمستثمرين القادرين على الاستفادة من خروج الآخرين، وتوفر للمستأجرين خيارات أوسع".