ملخص
قد تستأنف مبيعات السيارات العالمية للشركة انخفاضها في الأشهر الأخيرة من العام بعد انتهاء الاعتمادات الضريبية الأميركية.
تواجه شركة "تيسلا" طريقاً صعباً في المستقبل القريب. فمن المتوقع أن تتراجع مبيعات سياراتها الكهربائية للسنة الثانية على التوالي، على رغم توسع سوق السيارات الكهربائية العالمي بصورة عامة.
في الولايات المتحدة، ستختبر رغبة المستهلكين مع انتهاء دعم الشراء الفيدرالي. كما تواجه الشركة ضغوطاً من التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترمب وفقدان إيرادات من بيع الاعتمادات التنظيمية لشركات تصنيع السيارات الأخرى لمساعدتها على الامتثال لمعايير الانبعاثات.
أما في مناطق أخرى، فتكافح "تيسلا" مع تزايد المنافسة، خصوصاً في الصين، ومع ردود الفعل السلبية تجاه السياسة المثيرة للجدل التي ينتهجها الرئيس التنفيذي إيلون ماسك. والأهم من ذلك، أن الشركة تفتقر إلى سيارة جديدة وميسورة الكلفة تنعش مجموعتها الحالية، إذ اختارت بدلاً من ذلك نسخاً أرخص وأبسط من سيارة "موديل واي" الرياضية متعددة الاستخدامات و"موديل 3" السيدان الأكثر مبيعاً.
مع ذلك يظل المستثمرون متفائلين، مما يحافظ على القيمة السوقية لـ"تيسلا" عند نحو 1.4 تريليون دولار أميركي. والقيمة التي يقدرونها للشركة باتت تعتمد بصورة متزايدة على رؤية ماسك لمستقبل مليء بالمركبات الذاتية القيادة و"جيش روبوتي"، بدلاً من السيارات الكهربائية التي يقودها البشر في الوقت الحالي.
ماذا حدث لمبيعات "تيسلا"؟
انخفضت مبيعات سياراتها عالمياً بنسبة 13 في المئة في النصف الأول من العام. ويعكس هذا جزئياً الاضطرابات الناتجة من إعادة تصميم "موديل واي"، إذ أوقفت "تيسلا" الإنتاج في مصانعها لإعادة تجهيز خطوط الإنتاج.
أما الربع الثالث فكان مختلفاً، إذ ارتفعت المبيعات بنسبة سبعة في المئة على أساس سنوي، إذ استفادت "تيسلا"، مثل شركات السيارات الكهربائية الأخرى، من اندفاع المستهلكين الأميركيين لشراء السيارات الكهربائية قبل انتهاء حافز الشراء الفيدرالي البالغ 7,500 دولار في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي.
مع انتهاء هذه الاعتمادات الضريبية، تواجه "تيسلا" احتمال تباطؤ في سوقها المحلي خلال الأشهر الأخيرة من العام. كما تفقد حصتها السوقية في الولايات المتحدة، فعلى رغم أنها لا تزال العلامة التجارية الرائدة للسيارات الكهربائية في أميركا، إلا أن حصتها من مبيعات السيارات الكهربائية تراجعت إلى نحو 40 في المئة، مقارنة بأكثر من 75 في المئة في 2022 وفقاً لـ كيلي بلو بوك.
قد تستأنف مبيعات السيارات العالمية للشركة انخفاضها في الأشهر الأخيرة من العام بعد انتهاء الاعتمادات الضريبية الأميركية.
ماذا عن مبيعات "تيسلا" خارج الولايات المتحدة؟
حسب اعتراف ماسك نفسه، تعد أوروبا أضعف الأسواق الكبرى للشركة. فمن يناير (كانون الثاني) إلى أغسطس (آب) الماضيين، انخفض عدد سيارات "تيسلا" الجديدة المسجلة في المنطقة بنسبة الثلث على أساس سنوي، وفقاً لرابطة مصنعي السيارات الأوروبيين، على رغم نمو السوق الأوسع. وارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية بالكامل في أوروبا بنسبة 26 في المئة.
أما في الصين، أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم، فكانت "تيسلا" في حال تراجع معظم العام. فقد انخفضت شحنات مصنعها في شنغهاي، الموجهة لكل من العملاء المحليين والتصدير، على أساس سنوي في سبعة من الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، وفقاً لجمعية سيارات الركاب الصينية.
لماذا تفقد "تيسلا" الأرض في سوق السيارات الكهربائية؟
تمسكت "تيسلا" بسياسة "الأقل هو الأكثر" في تشكيلتها. فقد باعت الشركة لسنوات خمسة طرز فقط — |موديل S (2012)، موديل إكس (2015)، "موديل 3 "(2017)، "موديل واي" (2020) و"سايبرترك" (2023) — وليس كل هذه الطرز متاحة عالمياً.
في المقابل، لدى شركة "بي واي دي" مجموعة أكبر بكثير ومعظم سياراتها أرخص من الطرازين الأكثر شعبية لدى ""تيسلا" ""موديل واي "و"موديل 3" وتتجاوز "بي واي دي" مبيعات ""تيسلا"" عالمياً، بعدما سلمت سيارات كهربائية بالكامل لأربعة أرباع متتالية، على رغم أنها غير متاحة في الولايات المتحدة، وفي ظل حرب أسعار عنيفة للسيارات الكهربائية في الصين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كثيراً ما اعتبرت السيارة التي تقل كلفتها عن 30 ألف دولار مفتاحاً لنمو مبيعات "تيسلا". وبعد تجربة "سايبرترك" المكلفة وهي شاحنة لم تحقق توقعات المبيعات التي وضعها الرئيس التنفيذي انتهى الأمر بالمركبات "الأكثر تكلفة" التي وعد بها ماسك هذا العام إلى نسخ مبسطة من "موديل 3" و"موديل واي". وعلى رغم أن هذه السيارات أرخص من الإصدارات العادية، فإن سعرها الابتدائي لا يزال قريباً من 40 ألف دولار، وسيتعين على العملاء التنازل عن مدى أقل وتسارع أبطأ وعدم وجود مساعدة للبقاء في المسار.
ليس من الواضح ما إذا كانت "تيسلا" ستجري تغييرات جذرية على تشكيلتها قريباً. وفي هذه الأثناء، تواجه خطر أن تبدو متخلفة عن تصاميم منافسيها الأحدث.
كيف أثرت السياسة في تراجع "تيسلا"؟
أثار انتظام ماسك السياسي استياء بعض المستهلكين، مثل علاقاته الوثيقة مع ترمب والحزب الجمهوري خلال الحملة الرئاسية الأميركية، وعمله لاحقاً على تقليص عمل الوكالات الفيدرالية كرئيس لكفاءة الحكومة، وتشجيعه السياسيين المتطرفين في أوروبا.
ظهرت "حركة إسقاط "تيسلا"" في 2025، حيث نظم منظموها احتجاجات في صالات عرض حول العالم ودعوا لمقاطعة منتجات الشركة وأسهمها. كما تعاملت الشركة مع حوادث تخريب وحريق متعمد.
أنفق ماسك ما يقارب 300 مليون دولار لمساعدة ترمب وحلفائه الجمهوريين في انتخابات 2024، لكن ذلك لم يوفر حماية لـ"تيسلا" من التعريفات الجمركية للرئيس، التي أضافت نحو 700 مليون دولار إلى كلف الشركة في الربعين الثاني والثالث من هذا العام.
بعد انهيار علاقة ماسك بترمب، لم يتسامح الجمهوريون مع "تيسلا" عند التصويت لإلغاء الاعتمادات الضريبية الفيدرالية للسيارات الكهربائية كجزء من قانون ضريبي ونفقات شامل. كما ألغوا العقوبات على شركات تصنيع السيارات التي تفشل في الامتثال لمعايير الاقتصاد في الوقود الفيدرالية. تبيع "تيسلا" هذه الاعتمادات التنظيمية في الولايات المتحدة وأماكن أخرى لمساعدة شركات السيارات الأخرى على الامتثال لهذه القواعد. وفي الربع الثالث، تقلص هذا المصدر من الإيرادات بنسبة 44 في المئة.
ماذا تفعل "تيسلا" لمحاولة التعافي؟
توسعت "تيسلا" إلى الهند، حيث افتتحت أول صالة عرض لها في مومباي منتصف يوليو (تموز) 2025، لكن الطلب الأولي في السوق الناشئة للسيارات الكهربائية بدا ضعيفاً. وبسبب الرسوم الجمركية العالية في الهند على السيارات المستوردة، يبلغ سعر "موديل واي" الأساس نحو 70 ألف دولار، مما يجعله خارج متناول غالبية السائقين في البلاد.
وفي الصين، تسعى "تيسلا" لاستعادة حصتها السوقية من خلال مواكبة سيارات المنافسين المزودة بالتقنيات الحديثة. فهي تدمج وظائف المساعد الصوتي داخل السيارة باستخدام نماذج ذكاء اصطناعي محلية من "ديب سيك دوابو" التابعة لشركة "بايت دانس" كما أطلقت الشركة نسخة "موديل واي "بستة مقاعد بسعر ابتدائي 47,200 دولار، وهو سعر يقارن بمركبات منافسة مزودة بثلاثة صفوف من المقاعد.
في مناطق أخرى، تولى ماسك الإشراف على المبيعات في أوروبا والولايات المتحدة بعد مغادرة مستشاره المقرب "أوميد أفشار"، وفقاً لـ"بلومبيرغ". وجاءت مغادرة أفشار بعد سلسلة من الاستقالات على مستوى الإدارة العليا هذا العام، بما في ذلك ميلان كوفاك، المسؤول عن برنامج الروبوت أوبتيمس، وديفيد لاو، الذي أدار البرمجيات لأكثر من عقد.
ما هو التوقع خارج نطاق السيارات الكهربائية؟
روج ماسك لما يراه الرسالة الحقيقية للشركة: السيارات ذاتية القيادة والروبوتات البشرية. وقال إن أوبتيمس لديه القدرة على أن يكون "أكبر منتج في كل العصور"، وسيشكل في النهاية 80 في المئة من قيمة "تيسلا".
هناك فجوة كبيرة حالياً بين الطموح والتنفيذ، فكل من المركبات الذاتية القيادة والروبوتات الثنائية القدمين لا تزال بعيدة من بدء "تحريك المؤشر المالي"، كما قال ماسك في مكالمة الأرباح في أبريل (نيسان) الماضي.
اقترحت "تيسلا" منح ماسك حزمة مكافآت بقيمة 1 تريليون دولار أميركي لتحفيزه على البقاء وتحقيق رؤيته. وتعتمد المكافأة الكاملة على تحقيق سلسلة من الإنجازات الطموحة، بما في ذلك تشغيل مليون سيارة روبوتية، وتسليم 20 مليون سيارة كهربائية ومليون روبوت ذكاء اصطناعي، وزيادة القيمة السوقية لـ"تيسلا" إلى 8.5 تريليون دولار أميركي في الأقل. وستخضع الحزمة لتصويت المساهمين في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
تسعى "تيسلا" لإنشاء شبكة نقل ذاتية القيادة تستخدم في البداية طرزها الحالية قبل دمج سايبركاب المصممة خصيصاً، والتي لا تحوي عجلة قيادة أو دواسات. وبعد نحو عقد من توقع ماسك بأن سيارات "تيسلا" ستتمكن قريباً من القيادة الذاتية، أطلقت الشركة خدمة سيارة أجرة روبوتية ذاتية القيادة المنتظرة في يونيو (حزيران) الماضي.
كان الإطلاق محدوداً في أوستن بولاية تكساس، ومتاحاً لمجموعة صغيرة من المعجبين. وعلى رغم أن الجمهور الآن يمكنه الوصول إلى تطبيق سيارة أجرة روبوتية ذاتية القيادة من "تيسلا"، إلا أن هناك قائمة انتظار للوصول الفعلي للخدمة. ولا يزال هناك مراقبون بشريون في المقعد الأمامي للركاب، على رغم أن ماسك قال إنه يمكن إزالة المراقبين في بعض أنحاء المدينة بنهاية العام. وفي مكالمة الأرباح في أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، لم تقدم الشركة تحديثاً عن حجم الأسطول الحالي أو موعد تمكن أي شخص في أوستن من استدعاء سيارة بسهولة.
التحدي أمام "تيسلا" هو توسيع عمليات سيارة أجرة روبوتية ذاتية القيادة لإثبات أن مستقبلها فعلاً في الاستقلالية وليس صناعة السيارات التقليدية. وقال ماسك إنه يتوقع التوسع إلى ما يصل إلى 10 مناطق حضرية في الولايات المتحدة بنهاية العام، على رغم أن ذلك يعتمد على الحصول على الموافقات التنظيمية.