ملخص
بدأت صورة الرئيس التنفيذي لشركة "تيسلا" إيلون ماسك تلعب دوراً سلبياً في أوروبا، فقد أثار دخوله في السياسة الأوروبية جدلاً واسعاً بعد دعمه العلني لأحزاب اليمين المتطرف مثل "البديل من أجل ألمانيا" و"حزب الإصلاح" في المملكة المتحدة.
اقترح مجلس إدارة شركة "تيسلا" خطة تعويضات جديدة للرئيس التنفيذي للشركة إيلون ماسك تقدر قيمتها بحوالي تريليون دولار عند تحقيق بعض الأهداف الكبيرة.
وتؤكد الحزمة المقترحة على رهان "تيسلا" على ماسك لقيادة تحولها من شركة لصناعة السيارات إلى قوة تكنولوجية.
ووفقاً لوكالة "رويترز" من المتوقع أن تكون الخطة مرتبطة بإنجازات طموحة في الأداء، منها النمو في المنتجات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وأنظمة القيادة الذاتية.
يشار إلى أن مجلس إدارة "تيسلا" ووافق في وقت سابق من هذا العام على حزمة تعويضات مؤقتة لماسك بقيمة 29 مليار دولار في صورة أسهم مقيدة، تهدف إلى إبقائه على رأس الشركة حتى عام 2030 في الأقل مع انتقال الشركة إلى استراتيجية تعتمد على الذكاء الاصطناعي في المقام الأول.
بعيداً من قرارات مجلس إدارة "تيسلا" ورئيسها التنفيذي، تشهد سوق السيارات الكهربائية في أوروبا تحولاً ملاحظاً في اتجاهات المستهلكين وتفضيلاتهم، إذ تبرز شركات جديدة قادرة على المنافسة بقوة، وأبرزها شركة BYD الصينية، وفي المقابل تواجه شركة عملاق صناعة السيارات الكهربائية "تيسلا"، التي كانت سابقاً رائدة هذا القطاع، تراجعاً مستمراً في مبيعاتها داخل القارة الأوروبية.
ويسلط هذا التقرير الضوء على التغيرات التي طرأت على أداء "تيسلا" في السوق الأوروبية خلال عام 2025 مقارنة بمنافسيها، مع التركيز على العوامل الاقتصادية والسياسية والتقنية التي أسهمت في هذا التراجع، إضافة إلى الصعود اللافت لـ BYD التي استطاعت كسب حصة سوقية متزايدة بفضل تنوع منتجاتها وأسعارها التنافسية.
تراجع مبيعات "تيسلا" في أوروبا
وتراجعت مبيعات "تيسلا" مرة أخرى في السوق الأوروبية خلال يوليو (تموز) 2025، وسط تزايد الإقبال على العلامة التجارية الصينية المنافسة BYD، ووفقاً لبيانات رابطة مصنعي السيارات الأوروبية "ACEA"، فقد بلغت مبيعات الشركة المملوكة للملياردير إيلون ماسك في الاتحاد الأوروبي 6600 سيارة وحسب خلال يوليو2025، مسجلة انخفاضاً حاداً بنسبة 42.4 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2024.
وخلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي سجلت "تيسلا" مبيعات تقارب 77 ألف سيارة في الاتحاد الأوروبي، في مقابل 137 ألف سيارة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، مما يعزز المؤشرات على تراجع مكانتها في السوق.
الصعود القوي لـ BYD
وفي المقابل تواصل BYD الصينية تحقيق نمو غير مسبوق في السوق الأوروبية، بعدما ارتفعت مبيعاتها بـ 206.4 في المئة خلال يوليو الماضي مقارنة بالعام الماضي بإجمال 9698 سيارة مبيعة في ذلك الشهر، متفوقة بذلك على "تيسلا" في عدد الوحدات المبيعة، وفقاً لتقرير نشرته شبكة "سي أن أن" الأميركية.
وأظهر تحليل موسع يشمل المملكة المتحدة ودول رابطة التجارة الحرة الأوروبية، مثل النروج والدنمارك والسويد، انخفاضاً مشابهاً في مبيعات "تيسلا"، في مقابل زيادة بـ 225 في المئة لمبيعات BYD خلال شهر المقارنة نفسه، وعلى رغم أن "تيسلا" لا تزال تتفوق إجمالاً على BYD في عدد السيارات المبيعة خلال عام 2025 بفارق أقل من 35 ألف سيارة، فإن هذا الفارق يتضاءل سريعاً.
مزايا تنافسية وتطورات تقنية
ونجحت BYD في ترسيخ وجودها داخل السوق الأوروبية على رغم فرض الاتحاد الأوروبي رسوماً جمركية بـ 27 في المئة على واردات السيارات الكهربائية الواردة من الصين، ويرجع هذا النجاح لميزة السعر التنافسي وتنوع الطرز بين سيارات كهربائية وهجينة قابلة للشحن، على عكس "تيسلا" التي تركز وحسب على السيارات الكهربائية.
وعززت BYD موقعها التقني عبر إطلاق ابتكارات مثل تقنية شحن البطاريات السريعة التي تتيح شحن 250 ميلاً في غضون خمس دقائق، مقارنة بـ 200 ميل خلال 15 دقيقة لسيارات "تيسلا"، وكشفت عن نظام القيادة الذاتية الذي أصبح متاحاً مجاناً لمعظم طرزها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتواجه "تيسلا" اليوم تحديات عدة في أوروبا جعلتها من بين أقل شركات السيارات مبيعاً في القارة، متقدمة على "هوندا" و"ميتسوبيشي"، ويعكس هذا التراجع تحولاً هيكلياً واقتصادياً في تفضيلات المستهلكين الأوروبيين، إذ أظهرت استطلاعات الرأي تراجعاً في الحوافز المقدمة للسيارات الكهربائية، إضافة إلى مخاوف متزايدة في شأن عمر البطارية ونقص البنية التحتية لمحطات الشحن.
وأيضاً يفضل كثير من المستهلكين الأوروبيين السيارات الهجينة التي باتت تهيمن على أكثر من ثلث سوق السيارات الجديدة في أوروبا، مما يشكل تحدياً إضافياً لـ "تيسلا" ذات التركيز الأحادي.
تأثير إيلون ماسك
وإضافة إلى التحديات السوقية، بدأت صورة الرئيس التنفيذي لشركة "تيسلا" إيلون ماسك تلعب دوراً سلبياً في أوروبا، فقد أثار دخوله في السياسة الأوروبية جدلاً واسعاً بعد دعمه العلني لأحزاب اليمين المتطرف مثل "البديل من أجل ألمانيا" و"حزب الإصلاح" في المملكة المتحدة.
وتشير استطلاعات رأي حديثة إلى أن سلوك ماسك السياسي أسهم في تراجع ثقة المستهلكين بـ "تيسلا"، إذ أظهر استطلاع أجرته منصة Electrifying.com أن 60 في المئة من المستهلكين عدلوا عن شراء سيارات "تيسلا" بسبب سلوك ماسك، كما كشف استطلاع مشترك في ألمانيا والمملكة المتحدة عن أن أكثر من 70 في المئة من المشاركين يحملون انطباعاً سلبياً عن ماسك.
وتعكس المؤشرات الحالية أن "تيسلا" تمر بمرحلة دقيقة في أوروبا في ظل تغيرات تكنولوجية وسياسية واقتصادية متسارعة، بينما تستفيد BYD من موقعها الجديد كمنافس قوي مدعوم بسعر مناسب وتطور تقني ملاحظ، وتبقى الأشهر المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت عملاق صناعة السيارات الكهربائية ستتمكن من استعادة زخمها الأوروبي، أم أن المشهد سيتغير لمصلحة الوافدين الجدد، خصوصاً من السوق الصينية.