Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الداخلية" البريطانية هشة أمام "هجرة القوارب"

أرقام القادمين عبر البحر في 2025 تتجاوز سابقه وفرنسا تتراجع عن وعود ضبط شواطئها

أعداد المهاجرين عبر البحر إلى بريطانيا ازداد في 2025 (غيتي)

ملخص

كشف تقرير أن وزارة الداخلية البريطانية "منفصلة عن الواقع" في التعامل مع القوارب التي تبحر من فرنسا، وقد حملت إلى المملكة المتحدة نحو 37 ألف مهاجر غير شرعي منذ بداية العام، في حين لفتت هيئة الإذاعة البريطانية إلى أن الأوضاع السياسية غير المستقرة في باريس تزيد من تعقيد أزمة ضبط الحدود في المملكة المتحدة.

لا تسجل الحكومة البريطانية تقدماً في معالجة أزمة "هجرة القوارب" التي تشغل الرأي العام، بل العكس تماماً، حيث تتكشف كل يوم عبر تقارير إعلامية محلية، هشاشة الدور الذي تلعبه وزارة الداخلية في هذا السياق، وضعف التفاهمات التي أبرمها حزب العمال الحاكم مع دول الجوار الأوروبي لوقف تدفق اللاجئين عبر البحر.

صحيفة "التلغراف" نشرت تقريراً يقول إن "وزارة الداخلية منفصلة عن الواقع في التعامل مع الهجرة غير الشرعية"، ليس بسبب عجزها عن وقف تلك القوارب القادمة من السواحل الفرنسية، وإنما نتيجة لمشكلات داخلية بنيوية تبدد جهود العاملين في الوزارة، وتحد من قدرة "الداخلية" حتى على التعاون مع بقية وزارات الدولة.

يوضح التقرير أن نظام الهجرة يتألف من "عدة أنظمة متضاربة ومرتبكة تعمل لتحقيق غايات متناقضة"، ونتيجة لهذا فإن "إنفاذ قوانين ضبط الحدود أصبح ضعيفاً وأسوأ بكثير في الأعوام الأخيرة"، كما يشير إلى ضعف التواصل والتعاون بين الجهات والوزارات المعنية بتطبيق قوانين الحدود والتعامل مع المهاجرين غير الشرعيين.

الأمر الأهم الذي لفت إليه التقرير هو حالة "الهزيمة" التي تسود بين العاملين في إطار ضبط الحدود، وتمدد حالة اليأس إزاء فشل محاولات السيطرة على الهجرة غير الشرعية من خلال جملة الإجراءات والقوانين التي أقرت بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهذا يشمل حكومات حزبي "المحافظين" و"العمال" بعد 2020.

وجه التقرير اتهامات لمحامي وزارة الداخلية بالتقاعس عن مساندة إجراءات وقوانين الوزارة في ضبط الحدود بحجة ضعف موقفها القانوني أو احتمال مساسها بحقوق الإنسان، مما أوهن الجهود الرسمية الرامية إلى معالجة "قوارب الهجرة" والحد من محاولات إعادة النظر في تلك الثغرات التي يستغلها مهربو البشر في التشريعات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ثمة نقاط ضعف أخرى أشار إليها التقرير في عمل الوزارة، من بينها النظر إلى ضبط الحدود كعمل خطر من قبل فئة من الموظفين، وأيضاً تقاعس إدارات عن العمل في الميدان وتفضيل مدراء العمل من المنزل أو عن بعد وليس مع الفرق الميدانية، مما جعل المعلومات المتوافرة لدى مسؤولي الوزارة غير واقعية وتفتقر للتحديث.

وفقاً لأرقام التقرير الذي أعد منذ نحو عامين، واحتاجت الصحيفة البريطانية إلى أمر قضائي لنشره، يقول إن الوزارة لم تحقق هدف الوصول إلى 60 في المئة من العمل عبر المكاتب، حيث لا يزال كثر يفضلون العمل عن بعد، حتى المدراء يحضرون إلى مكاتبهم في منطقة "وايتهول" ويتواصلون مع الفرق الميدانية عن بعد.

التقرير أعده نيك تيموثي عندما كان مستشاراً لوزارة الداخلية عام 2023، أما رد وزيرة الداخلية الحالية شبانة محمود على مضمونه فتلخص بجملة واضحة فحواها أن هذه المؤسسة الحكومية لم تتعلم من الدروس التي مرت بها على مدار 20 عاماً، منذ أن وصف سلفها جون ريد الوزارة بـ"غير مناسبة لغرض ضبط الهجرة".

وعدت محمود بإجراء إصلاح شامل في الوزارة لتصبح قادرة على تنفيذ تلك المهمة الكبيرة المناطة بها والمتمثلة بضبط الحدود، ولكن وعود الأحزاب عرضة دائمة للتسويف والمماطلة وبخاصة إن كانت خارج قدرة السياسيين لأسباب مختلفة، ناهيك بأزمة الهجرة في المملكة المتحدة التي ترتبط بعوامل داخلية وخارجية كثيرة.

من أبرز العوامل الخارجية المؤثرة على معضلة ضبط الحدود، تعاون باريس في اعتراض قوارب اللاجئين التي تبحر من الشواطئ الفرنسية، وتقول هيئة الإذاعة البريطانية إن كثيراً من ساسة فرنسا أكدوا تراجع الجهات المعنية في بلادهم عن وعود منح الشرطة صلاحيات ملاحقة زوارق اللاجئين لمئات الأمتار داخل المياه.

 

وتقاعس الفرنسيين عن منع الزوارق من الإبحار أصلاً يعني توافد مزيد من المهاجرين غير الشرعيين إلى الشواطئ الإنجليزية، وتقول الأرقام إن عدد الذين وصلوا بريطانيا عبر البحر منذ بداية 2025 قد بلغ 36954 مهاجراً، وهو رقم يفوق إجمالي العام الماضي بأكمله على رغم كل وعود الحكومة العمالية وتفاهماتها الخارجية.

من التفاهمات التي أبرمتها حكومة كير ستارمر مع فرنسا من أجل وقف هجرة القوارب كان اتفاق "واحد مقابل واحد" الذي بدأ تطبيقه أخيراً، وفحواه أن بريطانيا تستقبل لاجئاً تقدم بطلب عبر مركز أقيم في "كاليه" الفرنسية لهذا الغرض، مقابل قبول باريس بترحيل مهاجر وصل إلى المملكة المتحدة ولا يحق له اللجوء إليها.

الاتفاق لم يقدم نتائج عملية لأن أعداد الواصلين تفوق المرحلين بأضعاف، كما وصفته إذاعة "إل بي سي" أخيراً بـ"المهزلة"، إثر عودة مهاجر إيراني إلى بريطانيا بعد ترحيله إلى فرنسا، فعقد مؤتمراً صحافياً قال فيه إنه هارب من بطش مهربي البشر هناك، وقد كان قرار إبعاده من المملكة المتحدة مخالفاً لحقوق الإنسان.

وحقوق الإنسان كما هي منصوص عليها في اتفاق أوروبي أسهمت بريطانيا بوضعه قبل عقود، تشكل عقبة كبيرة أمام حكومة لندن لترحيل المهاجرين غير الشرعيين، يقول ستارمر إن بعض التشريعات في ذلك الاتفاق يساء تفسيرها وتستخدم لتعطيل خطط المملكة المتحدة في ضبط الحدود ولا بد من إعادة النظر فيها.

ليس الأمر يسيراً أيضاً على هذا الصعيد، فستارمر يخشى الانسحاب من اتفاق حقوق الإنسان الأوروبي، والقراءة الثانية لبنود الاتفاق التي يستغلها مهربو البشر قد لا تجدي نفعاً، فتستمر أزمة الهجرة غير الشرعية ويتواصل تراجع شعبية الحكومة العمالية لمصلحة أحزاب اليمين وعلى رأسها "ريفورم" بقيادة نايجل فاراج.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير