Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصواريخ عابرة القارات: انسداد جديد للمفاوضات أم تهيئة للحرب؟

يستمر المسؤولون الإيرانيون في تأكيد استبعادها من أية محادثات

صواريخ الحرس الثوري الإيراني تمر أمام صورة المرشد الإيرانيعلي خامنئي خلال عرض عسكري، 22 سبتمبر 2003 (أ ف ب)

ملخص

باتت على أجندة المحادثات مع إيران قضيتان تعتبرهما طهران "خطوطاً حمراء" تصر عليها، وهما عدم استعدادها للتخلي عن التخصيب ومناقشة برنامجها الصاروخي. ومن ثم إذا ما حدث قريباً استئناف للمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة فقد لا يكون ذلك مؤشراً إيجابياً في حد ذاته، إذ إنها ستكون مفخخة بخطوط حمراء هي جزء أصيل من الاستراتيجية الإيرانية، ومن ثم تكون محادثات واشنطن وطهران خلال إدارة ترمب دائماً مقدمة لحرب مباشرة بين إيران وإسرائيل، تستهدف هذه المرة القضاء على القدرات الصاروخية لإيران.

خلال أحد اللقاءات المذاعة منذ أيام قليلة، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إيران تطور صواريخ باليستية عابرة للقارات يصل مداها إلى نحو 8000 كيلومتر، محذراً من أن برنامج طهران النووي المتوسع قد يهدد المدن الأميركية الكبرى، وأضاف أن "الصواريخ الإيرانية من الممكن أن تضع نيويورك، أو بوسطن، أو واشنطن، أو ميامي تحت نيرانها النووية".

وكان الرد الإيراني على لسان وزير الخارجية عباس عراقجي الذي صرح بأن نتنياهو كذب في شأن طموحات طهران بوضع الولايات المتحدة في مرمى صواريخها، لخداع واشنطن ودفعها إلى شن هجوم جديد، مستدركاً أن إسرائيل تحاول الآن خلق تهديد وهمي من قدراتنا الدفاعية".

وحاول عراقجى الربط بين تقييمات الاستخبارات الأميركية الخاطئة في شأن أسلحة الدمار الشامل العراقية، ليذكر أن العواقب كانت كارثية.

ويمكن القول إن نتنياهو ربما يجهز المسرح الدولي والأميركي بخاصة للقيام بعملية عسكرية جديدة ضد إيران، ولا سيما أن منذ انتهاء حرب الـ12 يوماً هناك أحاديث داخل إيران وفي المنطقة على المستوى الدولي من إمكان شن جولة ثانية من المواجهات العسكرية بين إيران وإسرائيل.

خاضت إيران المفاوضات النووية مع إدارة دونالد ترمب من خلال خمس جولات في وقت وجيز كانت تصاحبها الأجواء الإيجابية، لكن عند نقطة معينة ظهرت نقطة الخلاف الرئيسة وهي مسألة التخصيب الصفري التي أراد ترمب من الإصرار عليها أن يكون الاتفاق الجديد مع إيران مختلفاً عن اتفاق عام 2015 مع باراك أوباما، لكن المشكلة أن حدث ما يسمى "خلافاً رئيساً يصعب حله" deadlock ترتب عليه تمسك إيران بما اعتبرته الخطوط الحمراء الخاصة بحقها في التخصيب المحلي في حين أصر ترمب على التخصيب الصفري، ومن ثم كان اندلاع حرب الـ12 يوماً.

ولا يمكن القول إنه بتوقف الحرب صار هناك سلام، بل هي حال لا حرب لا سلام التي تنتظر أية جولة جديدة من المواجهات مع إسرائيل.

ومع وقف إطلاق النار المعلن من قبل ترمب بعد الضربة الإسرائيلية والأميركية على إيران ثم تفعيل "سناب باك" وإعادة العقوبات الأممية، ما زالت إيران تتحدث عن انفتاحها على الدبلوماسية. وليس أمام إيران مسار آخر، فخياراتها مقيدة أمام إسرائيل وواشنطن، ولا سيما في ظل تضاؤل قدرتها على دعم وكلائها وتحريك ما يسمى "محور المقاومة" بعد عامين من شرق أوسط جديد شهد انهيار المحور في الوقت الراهن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وما زالت إيران تقول إنها منفتحة على المفاوضات، ولكن التساؤل في ظل تصريح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن الصواريخ الإيرانية ثم تصريحات نتنياهو حول الصواريخ العابرة للقارات وقدرتها على مهاجمة المدن الأميركية وهي محاولات تسلط الضوء على تهديد القدرات الصاروخية الإيرانية، لذا التساؤل هنا هل ينجح نتنياهو أيضاً هذه المرة في فرض قضية الصواريخ الإيرانية ضمن أية محادثات قد تأتي بين طهران وواشنطن؟ وإذا نجح نتنياهو نكون أمام نقطة خلاف جديدة ستؤدي إلى فشل المفاوضات المنتظرة.

وكثيراً ما تحدثت إيران عن أن منظومة الصواريخ هي خط أحمر، وجرى استبعادها من المفاوضات مع إدارة ترمب ومن بعده مع إدارة جو بايدن، ولكن هل يقوم ترمب بتضمينها حتى يكون الاتفاق مختلفاً من هذه الزاوية أيضاً؟

في ضوء شخصية ترمب الذي كان في البداية متلهفاً لاتفاق تاريخي، بحسب وصفه، مع إيران ثم أدرج بند التخصيب الصفري ثم استدرج لينفذ ضربات للمنشآت النووية الإيرانية تعمل طهران حالياً لاستثمار إعلان الرئيس الأميركي القضاء على برنامجها النووي، على رغم أن التقديرات تشير فقط إلى تأخره لنحو عامين، ومن الصعب التكهن بما يقرره ترمب، ولا سيما أن موقفه يتغير بحسب الشخصيات المحيطة به.

أما عن منظومة الصواريخ الباليستية الإيرانية، فهي جزء من استراتيجيتها الدفاعية، ولا سيما في ظل تقادم قدراتها العسكرية التقليدية وتقادم القدرات الجوية، لذا تعتمد على الصواريخ الباليستية، أما عن امتلاك إيران الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (ICBM) التي يصل مداها إلى 2900 ميل، فهو غير معروف للتقديرات الأميركية إذا ما كانت تملكها أو لا، خصوصاً أن إيران أعلنت عام 2017 أن النطاقات الحالية من الصواريخ الإيرانية كافية، وهذا يوحي بأنه لا توجد خطط لديها لتطوير نظام ICBM، إلا أنه في حال توافر قرار بفعل ذلك، فإن التقدم الإيراني في مجال الفضاء يمكن أن يسهل الطريق لامتلاك صواريخ ICBM لأن المركبات الفضائية تستخدم تكنولوجيا مماثلة لتلك الصواريخ.

لذا يستمر المسؤولون الإيرانيون في تأكيد استبعاد الصواريخ من أية محادثات، وأكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني أن "أية محادثات حول الحد من برنامج طهران الصاروخي مرفوضة رفضاً قاطعاً"، مضيفاً أن "الأميركيين يصرون على أن نتفاوض تحديداً في شأن صواريخ إيران. إنهم يطالبون بوقف كامل للتخصيب أو تحديد مدى الصواريخ إلى أقل من 300 كيلومتر (185 ميلاً)، وهو الآن 500 كيلومتر (310 أميال)، مما يحرمنا فعلياً من قدراتنا الدفاعية والهجومية الرئيسة".

لذا باتت على أجندة المحادثات مع إيران قضيتان تعتبرهما إيران خطوطها الحمراء التي تصر عليها، وهما عدم استعدادها للتخلي عن التخصيب ومناقشة برنامجها الصاروخي. ومن ثم إذا ما حدث قريباً استئناف للمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، فقد لا يكون ذلك مؤشراً إيجابياً في حد ذاته، إذ إنها ستكون مفخخة بخطوط حمراء هي جزء أصيل من الاستراتيجية الإيرانية، ومن ثم تكون محادثات واشنطن وطهران خلال إدارة ترمب دائماً مقدمة لحرب مباشرة بين إيران وإسرائيل، تستهدف هذه المرة القضاء على القدرات الصاروخية لإيران.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء