ملخص
ماذا سيحدث بعد "اتفاق غزة" ومتى؟ وما الحسابات السياسية المحتملة لـ"حماس" وإسرائيل؟
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن الاتفاق الذي توصلت إليه إسرائيل وحركة "حماس" يمثل الخطوة الأولى باتجاه "سلام قوي وصامد ودائم"، ينهي حرب غزة المستمرة منذ عامين.
لكن الاتفاق، الذي تُوصل إليه أمس الأربعاء في منتجع شرم الشيخ المصري، ليس سوى مرحلة أولية تشمل مبادلة الرهائن المحتجزين في غزة مع سجناء فلسطينيين وانسحاباً إسرائيلياً جزئياً من القطاع.
وشرم الشيخ موقع مفضل منذ عقود لعقد مؤتمرات سلام خاصة بالشرق الأوسط، والتي لم تحقق نجاحات كبيرة.
وأرجأ المفاوضون التطرق لعقبات كثيرة تتعلق بقضايا شائكة كانت سبباً في تعثر مبادرات سابقة، مثل الانسحاب الإسرائيلي الكامل ونزع سلاح "حماس" ومن سيضمن عدم استئناف الحرب بعد هذه المرحلة وكيف يكون ذلك.
هل سكتت البنادق؟
ليس بعد. فعلى رغم مطالبة ترمب بوقف القصف الإسرائيلي بعدما أشارت "حماس" الجمعة الماضي إلى موافقتها جزئياً على خطته المكونة من 20 نقطة، لم تتوقف الغارات الجوية والقصف. وقُتل عشرات الفلسطينيين، وخصوصاً داخل مدينة غزة وفي محيطها.
لكن القصف أصبح متقطعاً أكثر منذ إعلان ترمب التوصل إلى اتفاق أمس الأربعاء، مما أثار احتفالات في إسرائيل حيث تجمعت عائلات الرهائن في ما يسمى ساحة الرهائن داخل تل أبيب. وفي غزة، حيث تجمع الناس وسط الأنقاض حتى مع سماع دوي انفجارات.
كيف يختلف هذا الاتفاق عن الاتفاقات التي انهارت؟
على رغم أنه اتفاق مرحلي، هناك فارق ملحوظ بينه واتفاقات وقف إطلاق النار السابقة، وهو عدم وجود موعد نهائي للتوصل إلى اتفاق كامل. فهو لا يحدد مهلة لبضعة أسابيع يمكن بعدها استئناف الأعمال القتالية في حال تعثر المحادثات.
ولا يزال الجدل محتدماً حول ما إذا كان ذلك سيجعل هذا الاتفاق أكثر استدامة، إذ يوجد في صفوف الحكومة الائتلافية اليمينية بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من يتحدثون بالفعل عن استمرار الحرب. ودعا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وهو معارض شرس لتقديم أية تنازلات للفلسطينيين، إلى القضاء على "حماس" بعد إعادة الرهائن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن ترمب أبدى هذه المرة، بصراحة أكبر، تصميمه على الضغط على الجانبين، مما يقلل من فرص استئناف الهجوم الإسرائيلي أو التأجيل من جانب "حماس"، حتى ولو كانت التجارب السابقة تحذر من الإفراط في التفاؤل.
وأعلن ترمب، وهو يقف إلى جانب نتنياهو داخل واشنطن الأسبوع الماضي، خطته التي بدت وكأنها عرض لـ"حماس" بقبولها بالكامل أو رفضها بالكامل. ومع ذلك، لم توافق الحركة على كل نقاطها. وطالب ترمب إسرائيل بوقف القصف على الفور. ومع مرور أيام على محادثات شرم الشيخ، حذر "حماس" من أن "جحيماً لم يشهده أحد من قبل سيندلع" إذا لم توافق على الخطة.
وبتأكيد ترمب سلطته، ربما يكون قطع شوطاً في الإجابة عن السؤال المحوري وهو من سيضمن عدم انهيار هذا الاتفاق أمام العقبة التالية؟
ماذا سيحدث بعد ذلك ومتى؟
لم تقدم خطة ترمب جدولاً زمنياً واضحاً ومحدداً.
ومن المتوقع أن يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ فور موافقة الحكومة الإسرائيلية عليه خلال اجتماع متوقع اليوم الخميس. وستنسحب إسرائيل بعد ذلك إلى الخطوط المحددة في غضون 24 ساعة. وبمجرد وقف إطلاق النار، من المقرر أن تطلق "حماس" سراح الرهائن خلال 72 ساعة، ربما يوم الإثنين المقبل.
ومن المتوقع بدء تدفق المساعدات الإنسانية للفلسطينيين بعد ذلك. وتدعو خطة ترمب أيضاً إلى تشكيل قوة دولية لتثبيت الاستقرار، والتي تبدأ ملامحها في التبلور عندما يجتمع وزراء أوروبيون ومسؤولون كبار من دول عربية اليوم داخل باريس حيث سيناقشون أيضاً قضايا، مثل مستقبل إدارة غزة وإعادة إعمارها والمساعدات ونزع سلاح "حماس".
ومن المتوقع أن يزور ترمب المنطقة خلال الأيام المقبلة. وقال البيت الأبيض إنه يدرس التوجه إلى هناك غداً الجمعة.
ما الحسابات السياسية المحتملة لـ"حماس" وإسرائيل؟
يبدو أن كلاً من إسرائيل و"حماس" عازمتان على إظهار رد إيجابي على خطة ترمب، لكنهما تواجهان حساباتهما السياسية الخاصة.
فبالنسبة إلى نتنياهو، ربما تكون موافقته على الخطة مبنية على حساباته إذ تمكنه من عدم إغضاب ترمب والولايات المتحدة، حليف إسرائيل الأهم، وكسب تأييد الرأي العام الإسرائيلي المتلهف لإنهاء الحرب مع تقديم أقل قدر ممكن من التنازلات، لتجنب إغضاب شركائه في الائتلاف القومي الديني.
وعلى سبيل المثال، تقدم خطة ترمب مساراً محتملاً وإن كان مقروناً بشروط، لإقامة دولة فلسطينية على رغم أن نتنياهو أكد أن ذلك لن يحدث أبداً.
وتخلت "حماس" عن معارضتها لأية خطة جزئية بسبب خطر استئناف الحرب بعد تسليم الرهائن. ووافقت على اتفاق يدعو إلى نزع السلاح، وهو ما ترفضه مراراً وتكراراً.
ولم يكن أمام "حماس" أي خيار، تحت ضغط دول عربية وتركيا وترمب، سوى قبول الخطة، لكنها ربما قدرت أن تصميم ترمب على إنهاء الحرب هو أفضل ضمانة على عدم استئنافها خلال الوقت الحالي، وجلست على طاولة المفاوضات في شرم الشيخ لتشكيل مستقبل الفلسطينيين على رغم أن الاتفاق يسعى إلى تهميشها.