Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب يلقن بايدن والديمقراطيين درسا في التعامل مع نتنياهو

يكره الليبراليون نهج دونالد ترمب المتطلب والمتقلب أحياناً في السياسة الخارجية ولكنه ربما حقق ما عجز عنه جو بايدن وكامالا هاريس

زعمت صحيفة "نيويورك تايمز" أن ترمب أرغم نتنياهو على القبول بمخططه (أ ب)

ملخص

ترمب يفرض نهجاً صارماً على نتنياهو ويحرج بايدن والديمقراطيين الذين فشلوا في الضغط الحقيقي لإنهاء حرب غزة، مما يهدد إرثهم السياسي ويكشف ضعف إستراتيجيتهم الخارجية.

الإثنين الماضي ومع بزوغ الفجر في الدوحة، حيث كان المفاوضون على وشك الاجتماع ومناقشة الخطوات الأولى لاتفاق سلام لإنهاء الحرب في غزة، بدت آفاق إنهاء الصراع الدموي الذي قلب الاستقرار الإقليمي رأساً على عقب، وهدد بإغراق الشرق الأوسط بأسره في حرب، أقرب من أي وقت مضى.

وفي واشنطن يبدو دونالد ترمب قريباً جداً من تحقيق لقب صانع السلام الذي طالما سعى إليه، وكثيراً ما ادعى زوراً أنه يحمله من خلال جولاته حول العالم، وادعائه الفضل في إنهاء حروب عدة، يبلغ العدد حالياً (بحسب زعمه) سبعة حروب.

وتشير التغطية الإخبارية في كل من أميركا وإسرائيل إلى أن الرئيس الأميركي فعل ما لم يستطع أو لم يرغب سلفه في فعله، فقد أرغم بنيامين نتنياهو على إنهاء هذا الصراع.

عشية الذكرى السنوية الثانية لاندلاع الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أفادت التقارير أن الغارات الإسرائيلية على غزة قد انخفضت بصورة كبيرة ولكنها لا تزال مستمرة، ووفقاً لـ "رويترز" فقد لقي 36 شخصاً، بينهم أطفال، مصرعهم في غارات متفرقة على أراضي القطاع السبت الماضي، ثم دعا دونالد ترمب  في منشور، على موقع تروث بطبيعة الحال،  إسرائيل إلى "الوقف الفوري" للهجمات على قطاع غزة مع استمرار المفاوضات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم أن بنيامين نتنياهو لم يمتثل تماماً على ما يبدو إلا أنه ما من شك يساور خبراء العلاقات الإسرائيلية والأميركية في أن دونالد ترمب قد نجح في إحكام قبضته على رئيس الوزراء.

إن إنهاء الحرب من هذا المنطلق سيكون ضربة قوية لإرث جو بايدن ودليلاً على أن نهج الرئيس الجريء والمتطلب في الشؤون الخارجية كان أكثر فعالية من إستراتيجية بايدن المتمثلة في "التقرب أكثر من بيبي"، وقد أعلن ترمب نفسه الأحد الماضي أن السرعة عنصر ضروري لنجاح محادثات السلام بين إسرائيل و"حماس"، مستنداً على الأرجح إلى تجربته في محاولة التفاوض بين روسيا وأوكرانيا، وعلى رغم أن "حماس" لم توافق على خطة السلام المكونة من 20 نقطة، التي طرحها البيت الأبيض، فإن الرئيس الأميركي يمارس الآن ضغوطاً هائلة علناً على كلا الجانبين من أجل إتمام الاتفاق.

في عهد جو بايدن شدد المسؤولون الأميركيون مراراً وتكراراً على أن الرئيس وكبار مساعديه، بمن فيهم نائبة الرئيس كامالا هاريس، يعملون بلا كلل للتوصل إلى اتفاق سلام، وعلى رغم أن الديناميكيات السياسية المحيطة بالحرب تختلف الآن اختلافاً شديداً عما كانت عليه خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، لكن التقارير المتوافرة ترسم صورة واضحة عن حجم الضغط والنفوذ الذي كانت إدارة بايدن، بتوجيه مباشر من الرئيس، مستعدة لممارسته على إسرائيل، وكان ذلك الضغط محدوداً للغاية.

وكما كتبت مسؤولة سابقة في وزارة الخارجية في إدارة بايدن (استقالت بسبب طريقة تعامل الرئيس الديمقراطي مع الحرب) في مقالة لها على موقع "معهد كوينسي" للأبحاث: "حتى الجيش الإسرائيلي توقع أن تسمح له الولايات المتحدة بشن حملة قصف عشوائية مدة أسابيع فقط، قبل أن تتدخل للحد من حجم الدمار".

وكتبت أنيل رودريغيز- شيلين أنه "بدلاً من ذلك انتهكت إدارة بايدن القوانين الأميركية وتجاوزت الكونغرس لتسرع في تقديم 17.9 مليار دولار إضافية من الأسلحة والمساعدات الأمنية لإسرائيل، كل ذلك بينما كانت تكذب على الرأي العام الأميركي بخصوص العمل الدؤوب من أجل وقف إطلاق النار".

كان للسفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، مايكل هيرتسوغ، رأي مماثل في شأن مقدار الضغط الذي كان بايدن مستعداً لممارسته على نتنياهو، إذ قال لوسائل الإعلام الإسرائيلية "لقد أسدى الله معروفاً لدولة إسرائيل بأن بايدن كان الرئيس خلال هذه الفترة، فلقد خضنا الحرب لأكثر من عام ولم تأت الإدارة [الأميركية] إلينا يوماً لتقول 'أوقفوا إطلاق النار الآن'، لم تفعل ذلك أبداً".

أما أسلوب ترمب في الدبلوماسية فلا يترك مجالاً لأية أوهام، فقد كتبت المراسلة الإسرائيلية إيزابيل كيرشنر في صحيفة "نيويورك تايمز"، بعد أن أفادت تقارير بأن ترمب اشتكى لرئيس الوزراء الإسرائيلي قائلاً إنه "دائماً سلبي بصورة مقرفة"، "كان واضحاً تماماً للإسرائيليين وللفلسطينيين ولغيرهم في المنطقة، أن من يملك زمام الأمور هو الرئيس ترمب".

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" و"أكسيوس" عن كاتب عمود إسرائيلي قوله إن "ترمب لا يهدد نتنياهو بل يأمره".

إنها ديناميكية مدمرة بشكل عام لأولئك القلة الباقية من الديمقراطيين الذين لا يزالون مستعدين للدفاع عن طريقة تعامل إدارة بايدن مع الحرب خلال أواخر عام 2023 وطوال عام 2024، ولم يتبق منهم سوى القليل، فحتى مستشار الرئيس للأمن القومي جيك سوليفان غيّر موقفه، إذ قال في أغسطس (آب) إنه تواصل مع النواب الديمقراطيين في الكونغرس لإبلاغهم بأنه يعتقد أن دعم حظر الأسلحة على إسرائيل هو موقف مناسب، وقد صوّت عدد أكبر من الديمقراطيين لمصلحة مثل هذا الحظر على إسرائيل هذا الصيف، أكثر من أي وقت سابق إبان إدارة بايدن.

وقال سوليفان في بودكاست "ذا بولوارك" The Bulwark "لم يعد هناك أهداف عسكرية جدية لتحقيقها وصار الأمر مجرد قصف الأنقاض لتحويلها إلى أنقاض".

في غضون ذلك استخدمت هاريس هذه القضية لتميز نفسها عن الرئيس السابق، وذلك في كتابها "107 أيام" الذي صدر في سبتمبر (أيلول)، وأثارت غضب كثير من التقدميين الذين اشتكوا من أنه كان ينبغي لها قول هذا حين كانت على رأس عملها، وقد أوضحت نائبة الرئيس السابقة أنه على رغم إنكار حملتها الانتخابية، كان هناك تباين كبير بينها وبين بايدن في شأن قضية غزة، ولا سيما في ما يتعلق بإظهار التعاطف والندم تجاه المدنيين الفلسطينيين الذين قتلوا في الصراع.

كتبت هاريس "لقد ناشدتُ جو، عندما تحدث علناً عن القضية، أن يمد التعاطف الذي أبداه مع معاناة الأوكرانيين إلى معاناة المدنيين الأبرياء في غزة لكنه لم يستطع ذلك، فبينما كان يستطيع أن يقول بحماسة 'أنا صهيوني'، جاءت تصريحاته عن الفلسطينيين الأبرياء باهتة ومصطنعة".

قليلون من الديمقراطيين (وعدد أقل حتى لديهم طموحات سياسية مستقبلية) مستعدون لمعارضة الموقف الذي تتبناه غالبية القاعدة الحزبية الرافضة للدعم غير المشروط لإسرائيل الذي تبنته الإدارة السابقة، ونظراً إلى سِنّه وعدم اكتراثه بالمستقبل السياسي، فمن المحتمل ألا يواجه بايدن أبداً أسئلة صعبة عن هذه القضية من صحافي أو ناقد مرة أخرى، أما التقدميون فهم غاضبون من فكرة وضع عملية السلام في يد ترمب الذي يرون أنه يضع الفلسطينيين تحت تهديد سلاحه الخطابي لقبول اتفاق.

وقالت المديرة التنفيذية لمشروع السياسات في معهد الشرق الأوسط لفهم السياسات The Institute for Middle East Understanding (IMEU)، مارغريت دي رويس، لصحيفة "اندبندنت" الإثنين الماضي، إن "خطة ترمب تعني وجوداً عسكرياً دائماً لإسرائيل داخل غزة، وإنكار حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، إذ ستُدار غزة من قبل أجانب لا فلسطينيين، كما منح ترمب إسرائيل الضوء الأخضر لإنهاء المهمة إذا لم يقبل الفلسطينيون هذه الإملاءات، وهو تمهيد محتمل لخطة ترمب- نتنياهو لتطهير غزة عرقياً من الفلسطينيين".

لكنها أضافت أنه "كان لدى كل من الرئيسين بايدن وترمب كامل الصلاحيات لإنهاء الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين منذ اليوم الأول، وبدلاً من ذلك اختار كلاهما إرسال أسلحة بمليارات الدولارات إلى إسرائيل، مدفوعة من أموال ضرائبنا. إن الدمار في غزة والخسائر الفادحة في أرواح الفلسطينيين هي نتيجة فشلهم في ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل طوال عامين".

أما هاريس نفسها، فلا تزال تدفع سياسياً ثمن هذا الصراع، وكذلك تداعيات التراجع الحاد لحملة بايدن المرتبطة بعامل السن، واحتمال نجاح ترمب في التوصل إلى اتفاق سلام دائم سيشكل ضربة موجعة لكل من ارتبط فعلياً بالمؤسسة "الحزبية الديمقراطية" في نسختها لعام 2024، وقبل أن يختار الحزب الديمقراطي مرشحه في انتخابات 2028، سيظل كبار الديمقراطيين مضطرين إلى الإجابة عن أسئلة من قاعدة حزبية غاضبة جداً، حول سبب تمسكهم بهذه الاستراتيجية غير الشعبية حتى فات الأوان.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل