ملخص
على رغم أن خطر تشكل فقاعة حقيقية في أسهم الذكاء الاصطناعي لا يزال قائماً، فإن التاريخ يشير إلى أن الطريق أمامها قد يكون أطول.
تراجعت مخاوف المستثمرين الأفراد من "فقاعة الذكاء الاصطناعي" بعدما بلغت ذروتها خلال الصيف الماضي، مما قد يعني أن أسعار أسهم الذكاء الاصطناعي لا يزال أمامها مجال أكبر للارتفاع قبل أن تصل إلى القمة في نهاية المطاف.
بلغ عدد عمليات البحث عبر الإنترنت في الولايات المتحدة والعالم عن مصطلح "فقاعة الذكاء الاصطناعي" ذروته في يومي 20 و21 أغسطس (آب) الماضي، وفقاً لبيانات "اتجاهات غوغل" خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
فاقت عمليات البحث عن هذا المصطلح بصورة كبيرة عمليات البحث عن مصطلحات مثل "فقاعة سوق الأسهم" و"طفرة الذكاء الاصطناعي" و"فقاعة العملات المشفرة" في ذلك الوقت.
ما الذي فجر المخاوف من الفقاعة؟
جاءت ذروة الاهتمام بمصطلح "فقاعة الذكاء الاصطناعي" بعد فترة وجيزة من صدور تقرير لـ"معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا"، كشف عن أن 95 في المئة من المؤسسات لا تحقق أي عائد من استثماراتها في الذكاء الاصطناعي التوليدي، على رغم ضخ ما بين 30 و40 مليار دولار في هذا المجال.
وفي الوقت نفسه أكدت شركة "ميتا" أنها أوقفت التوظيف في قسمها الجديد للذكاء الاصطناعي بعد موجة توظيف واسعة، بينما صرح الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن أي آي"، سام ألتمان، بأن المستثمرين "مبالغون في حماسهم" تجاه الذكاء الاصطناعي، علاوة على أن إطلاق النموذج الجديد المنتظر "تشات جي بي تي – 5" لم ينجح في إبهار المستخدمين.
هل خطر الفقاعة الفعلية لا يزال قائماً؟
على رغم أن خطر تشكل فقاعة حقيقية في أسهم الذكاء الاصطناعي لا يزال قائماً، فإن التاريخ يشير إلى أن الطريق أمامها قد يكون أطول.
وقال المحلل الاستراتيجي في "دويتشه بنك"، أدريان كوكس، في مذكرة لعملاء البنك، إن "الفقاعات لا تتطور بطريقة خطية منظمة".
ماذا يقول التاريخ عن الفقاعات السابقة؟
أشار كوكس إلى أن "مؤشر ناسداك المركب" مر بفترات من الصعود والهبوط قبل أن يشهد نمواً انفجارياً عام 1999 بلغ ذروته في مارس (آذار) 2000 مع فقاعة "دوت كوم"، لكنه فقد لاحقاً نحو 78 في المئة من قيمته بين عامي 2000 و2002.
وأضاف أن المؤشر "واصل الارتفاع إلى مستويات فلكية حتى بعدما أصبح الحديث عن الفقاعة أمراً شائعاً، إذ تضاعف خلال عام حتى أكتوبر (تشرين الأول) 1999، ثم كاد يتضاعف مرة أخرى خلال الأشهر الخمسة التالية قبل أن يبدأ بالانهيار".
هل تتكرر أنماط الفقاعات عبر التاريخ؟
أوضح كوكس أن موجات الهوس السابقة اتبعت أنماطاً مشابهة، مثل طفرة السكك الحديد في بريطانيا خلال أربعينيات القرن الـ19، ففي عام 1847، وهو عام الذروة في الإنفاق، ضخ المستثمرون ما يعادل أكثر من تريليون دولار بأسعار اليوم في بناء البنية التحتية العامة، قبل أن تهبط أسهم السكك الحديد إلى أدنى مستوياتها عام 1849، بحسب ورقة بحثية للمتخصص في الشأن الاقتصادي في جامعة مينيسوتا أندرو أودليزكو.
وكتب كوكس أن "الازدهارات والانهيارات السابقة اتبعت الأنماط ذاتها... إذ تختلف مدة حياة الفقاعات، ففقاعة بحر الجنوب استغرقت سبعة أشهر لتنفجر، في حين احتاجت فقاعة الدوت كوم خمسة أعوام".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بالنظر إلى أنماط الفقاعات السابقة، يرى محللو "وول ستريت" أن أسهم الذكاء الاصطناعي تواصل ارتفاعها قبل أن تنفجر في النهاية، وقال نيتين ساكسينا من "بنك أوف أميركا" في مذكرة، "لا زلنا نعتقد أن فقاعة أكبر ستتشكل من الذكاء الاصطناعي قبل أن تنتهي، ونتوقع أن يجبر المستثمرون الحذرون في شأن التقييمات، الذين اعتقدوا أن التفوق الاقتصادي الأميركي بلغ ذروته، على العودة إلى السوق مع مرور الوقت".
هل هناك بديل عن أسهم الذكاء الاصطناعي؟
أشارت شركة "جي كيو جي بارتنرز" إلى أن أسهم الذكاء الاصطناعي قد تواصل الصعود، إذ يجد المستثمرون أنفسهم في وضع "لا يوجد بديل"، حيث تبقى شركات التكنولوجيا الكبرى الرابح الأكبر رغم التحولات الهيكلية داخل القطاع.
وقالت الشركة "للمرة الأولى في تاريخ شركتنا، نعتقد أن عديداً من شركات التكنولوجيا الكبرى اليوم، خصوصاً تلك التي تلعب دوراً محورياً في بناء بنية الذكاء الاصطناعي التحتية، تمثل جودة عائدة إلى الماضي. وعلى مدى 15 عاماً مضت، غالباً ما كان المستثمرون الذين شبهوا فترات الحماس الحالية بعصر الدوت كوم مخطئين. فهل الوضع مختلف هذه المرة؟ نعتقد ذلك".
وأضافت الشركة "في رأينا، قد تكون عواقب الطفرة الحالية في الذكاء الاصطناعي أسوأ من تلك التي شهدها عصر الدوت كوم، نظراً إلى أن حجمها النسبي مقارنة بالاقتصاد والسوق أكبر بكثير".
كيف يمكن للمستثمرين تقليل الأخطار؟
يرى المحلل الاستراتيجي في "أم آر بي بارتنرز"، سلفاتوري روسيتي، أن على المستثمرين زيادة تنويع محافظهم الاستثمارية أكثر من المعتاد عبر باقي أسهم السوق الأميركية وكذلك الأسواق العالمية، إذ تبدو فرص المخاطرة والعائد أكثر توازناً.
وأشار روسيتي في مذكرة إلى أن المستثمرين لا يزالون يواجهون خطرين مزدوجين يتمثلان في الحماس المفرط تجاه الذكاء الاصطناعي وتركيز السوق في عدد محدود من الأسهم، إذ تشكل أكبر 10 شركات في مؤشر "أس أند بي 500" أكثر من 40 في المئة من القيمة السوقية للمؤشر.
وأكد أن على المستثمرين توسيع نطاق تعرضهم لبقية أسهم السوق الأميركية وللأسواق الدولية، إذ تبدو معادلة المخاطرة والعائد أكثر ملاءمة.
ما الذي يدعم صعود السوق على رغم الأخطار؟
لا تزال توقعات الأرباح القوية والرهانات على خفض أسعار الفائدة تدعم انتعاش السوق في الأسابيع الأخيرة، إذ قفزت المؤشرات الأميركية الرئيسة هذا الأسبوع إلى مستويات قياسية جديدة، مع استمرار تدفق المستثمرين إلى أسهم التكنولوجيا العملاق وشركات الذكاء الاصطناعي التي قادت تعافي مؤشر "أس أند بي 500" منذ أدنى مستوياته في أبريل (نيسان) الماضي.