Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا غاب الـ "موساد" عن الهجوم على قادة "حماس" في قطر؟

الـ "شاباك" يفشل في تحمل المهمة وسلاح الجو استخدم صواريخ باليستية عبر سوريا إلى الدوحة

المبنى المُتضرر في المجمع الذي يضم أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس والذي في العاصمة القطرية الدوحة، في 10 سبتمبر 2025 (أ ف ب)

ملخص

كشف مصدر أمني أن رئيس الـ "موساد" ديفيد برنياع رفض مقترح استهداف قيادة "حماس" في قطر منذ أن طرحه المستوى السياسي قبل أشهر في اجتماع الـ "كابينت"، وشارك فيه الوفد المفاوض بقيادة برنياع خلال ذروة مفاوضات صفقة الأسرى.

في واحدة من المرات النادرة التي يشارك فيها الـ "شاباك" بصورة مركزية ووحيدة كجهاز استخبارات في عملية خارج الحدود الإسرائيلية، استهدفت ضربة أول من أمس الثلاثاء قيادة حركة "حماس" في قطر.

وفي العموم فإن العمليات التي نفذتها إسرائيل في الخارج على مدى عشرات الأعوام يخطط لها ويشرف على تنفيذها جهاز الـ "موساد" إلى جانب سلاح الجو، عبر التعاون الدقيق من خلال أجهزة الرصد والتنصت التي يستخدمها، وكذلك عبر عملاء له في الخارج يقوم بتجنيدهم ويدربهم على المهمة المطلوبة.

وبعد الهجوم الأخير ظهرت الخلافات بين الـ "موساد" ومتخذي قرار تصفية قيادة "حماس" أينما وجدوا، بما في ذلك قطر، فمنذ اللحظة الأولى التي أصدر الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي (شاباك) بياناً مشتركاً أكدا فيه تنفيذ الهجوم من قبل الطرفين، يناقش الإسرائيليون أسباب عدم مشاركة الـ "موساد"، وإذا كانت الخطوة صحيحة بتوكيل جهاز الـ "شاباك" لتنفيذ العملية من دون ضمان استكمال عناصر نجاحها.

وجهاز الـ "شاباك" بصورة عامة لا يستوفي في نشاطه كافة متطلبات تنفيذ عملية في الخارج، كون المهمات الملقاة عليه وجهوده تنحصر داخل إسرائيل وتجاه الفلسطينيين في الضفة وغزة، وبالأساس تجنيد عملاء لمساعدته في تنفيذ عملياته أو تقديم المعلومات لإعداد تقارير استخباراتية لمتابعة التطورات، أو ملاحقة خلايا وأشخاص، لكن مشاركته في هجوم قطر كانت استثنائية وغير مفهومة حتى لمسؤولين أمنيين وعسكريين، لم يسقطوا من حساباتهم أن فشل تحقيق العملية يعود بالأساس لتولي الـ "شاباك" المهمة، إذ تنقصه أدوات كثيرة لضمان تنفيذها.

وقال مصدر أمني مطلع على سير التطورات إنه في حال عملية قطر ومقارنتها بعملية اغتيال رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية في إيران، نجد أن الـ "موساد" قد استعد بصورة كاملة ومحكمة ويمكن القول إن ذلك حدث ضمن إعداد بنى تحتية متينة لتنفيذ العملية عبر تجنيد عملاء على الأرض ليساعدوا في إتمام العملية، من ناحية لحظة تنفيذها والمكان الدقيق لها، والأمر ينطبق أيضاً على اغتيال قيادات في "حزب الله" بينهم أمينه العام السابق حسن نصرالله، وأيضاً الاغتيالات الأخيرة في اليمن وغيرها من العمليات على مدى عشرات الأعوام التي وقف خلفها جهاز الـ "موساد".

لماذا لم يشارك الـ "موساد" في عملية قطر؟

المصدر الأمني كشف عن أن رئيس الـ "موساد" ديفيد برنياع رفض مقترح استهداف قيادة "حماس" في قطر منذ أن طرحه المستوى السياسي قبل أشهر خلال اجتماع للـ "كابينت" شارك فيه الوفد المفاوض بقيادة برنياع خلال ذروة مفاوضات صفقة الأسرى، وبحسب المصدر فإن "برنياع عارض استهداف قيادة 'حماس' في قطر التي كانت تدير المفاوضات أمامه، وكان تحفظه بالأساس على مجرد تنفيذ الفكرة في وقت لا يزال ملف الأسرى مفتوحاً"، وأضاف المصدر أن برنياع "كغيره من القياديين الأمنيين والعسكريين والسياسيين على قناعة بضرورة تصفية قيادة 'حماس' أينما وجدوا، لكنه رفض المكان والزمان".

واتضح أن معارضة برنياع في يوم تنفيذ العملية لم تكن الأولى، فقد سبق وأوضح أن الدوحة لا تزال عنصراً فعالاً وحيوياً في مفاوضات صفقة الأسرى، وذلك خلال اجتماع مقلص للـ "كابينت" حضره رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر وعدد قليل من مسؤولي الأمن والوزراء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعُقد الاجتماع لبحث سبل التعامل مع قيادة "حماس" في ظل تعنتها وعدم تنفيذ صفقة شاملة من دون وقف تام للحرب وضمانات أميركية، فطُرحت عملية اغتيال قيادة "حماس" في قطر لكن البحث لم يستكمل حولها، وكشف المصدر عن أن هذه ليست المرة الأولى التي تصادق فيها إسرائيل بهجوم على قطر وتتراجع في اللحظات الأخيرة، فوفق ما سرب مسؤول فإن عمليتين توقفتا في الدقيقة الأخيرة، الأولى بعد أن تبين أنها غير مدروسة وجاهزة للتنفيذ بما يضمن نجاحها، والثانية، بحسب هذا المسؤول، سبقت الهجوم الإسرائيلي على إيران، إذ خشيت إسرائيل من أن تستغل إيران طريقة تنفيذ العملية وتطلّع على ما في حوزة إسرائيل من صواريخ وأسلحة وطرق هجوم ناجحة.

وبتزامن تسريب هذه المعلومات كشف ضمن تسريبات أخرى عن أن صواريخ باليستية تحمل اسم "الدوري الفضي" أطلقها سلاح الجو عبر أجواء سوريا باتجاه الدوحة، ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن وزن الرأس الحربي لكل صاروخ يصل إلى 200 كيلوغرام.

وعود قطر

وقبل إخراج العملية إلى حيز التنفيذ عقد اجتماع طارئ أعلن فيه نتنياهو مصادقته مع وزير أمنه يسرائيل كاتس على العملية، لكن رئيس الـ "موساد" رفض ذلك بإصرار، ودعمه في موقفه رئيس الأركان ايال زامير ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية شلومي بيندر ولواء احتياط نيتسان ألون، وكان رفض برنياع بمثابة إعلان عدم مشاركة الـ "موساد" في العملية، إذ حذر مع بقية الرافضين لها من خطورة انعكاساتها على مفاوضات صفقة الأسرى.

وجاء رفض برنياع وبالتالي عدم مشاركته لسببين رئيسين، الأول انطلاقاً من خطورة استهداف مركز إدارة المفاوضات والراعية لها قطر، فقد أوضح برنياع أن هذا الهجوم لا يضر فقط بالمفاوضات مع المستهدفين الذين يديرونها من "حماس"، وإنما بالدوحة نفسها، إذ إن العملية بمثابة اعتداء على سيادتها، ونقل عنه قوله في الاجتماع بأن القطريين نجحوا حتى اليوم في التأثير في الصفقة بصورة إيجابية، كما كُشف عن أنه في أعقاب التهديدات التي أطلقها الإسرائيليون قبل أشهر بعدم حصانة أي من قيادة "حماس"، أينما وجدوا في قطر أو تركيا، فقد تعهد برنياع ومعه مبعوثو واشنطن للدوحة بعدم توجيه مثل هذا الاعتداء، وقال المصدر الأمني إن برنياع أراد الالتزام بهذا الوعد.

لكن برنياع الذي وعد قطر، بحسب ما تسرب من الاجتماع، لم يسقط من حساباته تصفية قيادات "حماس" في قطر، واقترح خلال الاجتماع الأخير بعد مشادات كلامية ونقاشات عبثية مع متخذي القرار الانتظار إلى حين التقدم في ملف صفقة الأسرى، ونُقل أن برنياع اقترح تأجيل العملية إلى ما بعد انتهاء المهلة التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لقيادات "حماس" للرد على المقترح الذي قدمه لصفقة شاملة.

وحذرت جهات أخرى من أن عملية كهذه في الدوحة، حيث يشارك فيها رئيس الـ "موساد" طوال جلسات مفاوضات صفقة الأسرى، تمس بصورة كبيرة الثقة بين الـ "موساد" ودول أخرى لها علاقات معه، وتدعمه في عمل عناصره بحرية مطلقة على أراضيها، وتحدث مسؤول أمني إلى وسائل إعلام إسرائيلية قائلاً إن الدعم المطلق الذي أبداه ممثل الـ "شاباك" في الاجتماع، رون بار، أدى إلى إخراجها حيز التنفيذ وتحمّل الجهاز مسؤولية التنفيذ إلى جانب سلاح الجو، كما تبيّن أن ممثل الـ "شاباك" قدم تقريراً عزز قرار تنفيذ الاغتيال.

التقرير اعتبر أن ضربة قوية لقيادة "حماس" ستساعد المعارضين للحركة في قطاع غزة وتثير الغضب الشعبي تجاه القيادة، بعد الكشف عن أنهم كانوا موجودين في فيلات فاخرة في قطر بينما الغزيون في وضع مناقض تماماً، ورأى التقرير أيضاً أن الجمع بين عملية في قطر ضد قياديي "حماس" وعملية مكثفة بقوة كبيرة وسط غزة قد يؤدي إلى تفكك القيادة العسكرية للحركة، لكن مسؤولين أشاروا في هذا الجانب إلى أن إثارة الوضع في القطاع والتفكك بين القيادة قد يؤدي إلى انقطاع تام في التواصل مع قادة يحتجزون الأسرى، مما يهدد بصورة كبيرة الأسرى والصفقة.

أما في الجيش الإسرائيلي، وفق المصدر الأمني، فكان الموقف أكثر تعقيداً، فمن جهة هناك تأييد مبدئي لفكرة تصفية قياديي "حماس" كخطوة لتفكيك التنظيم، ومن جهة أخرى هناك خشية من أن يمنع ذلك في المدى القصير احتمال إتمام صفقة، وربما يعرض حياة الأسرى للخطر، ومع ذلك فقد أوضح الجيش أن الاغتيال سيساعد أيضاً في نجاح المناورة البرية المتوقعة عبر كسر معنويات مقاتلي "حماس" وقيادتها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير