Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قصف إسرائيل للدوحة يدفع بالشرق الأوسط إلى حافة الهاوية

هذه الضربات تضع إسرائيل في مواجهة حامية الوطيس مع قطر، وتجعل الدوحة - التي كانت في السابق نقطة التقاء رئيسية ومرفق مفاوضات الهدنة - مسرحاً جديداً للحرب في صراع غزة

"حدثٌ غير مسبوق": دخان يتصاعد من انفجار ناجم عن غارة إسرائيليةٍ في العاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء (أ ب)

ملخص

الغارات الإسرائيلية على قلب الدوحة وضعت قطر، الوسيط الرئيس في محادثات غزة، في مرمى النيران وحولت العاصمة إلى ساحة مواجهة مباشرة، مما أطاح بآمال التوصل إلى وقف إطلاق النار وهدد مصير عشرات الرهائن الإسرائيليين. الحدث فجّر موجة إدانات إقليمية واسعة، وأظهر وحدة نادرة في الشرق الأوسط، وكشف حجم التجرؤ الإسرائيلي المدعوم من إدارة ترمب، بما ينذر بتصعيد إقليمي وفوضى مشرعة لا قاع لها.

"غير مسبوقٍ تماماً".

بهذه الكلمات المختصرة، وصف لي دبلوماسي في الشرق الأوسط وقد بدا عليه الصدمة، الضربة الصاروخية الإسرائيلية الاستثنائية على قطر بعد ظهر الثلاثاء.

فهذه المنطقة من العالم التي عانت على مدى الأشهر الثلاثة والعشرين الماضية من صدمة تلو الأخرى، ظلت مراراً على شفا حربٍ شاملة طويلة وخطرة.

لكن الغارات الإسرائيلية على قلب العاصمة القطرية، والتي قال الجيش الإسرائيلي إنها استهدفت قيادة "حماس"، حتى في الوقت الذي كانت فيه محادثات الهدنة جارية، دفعت المنطقة إلى حافة الهاوية.

لقد وضعت هذه الضربات إسرائيل في مواجهة مباشرة مع قطر، وهي لاعب إقليمي أساسي والوسيط الرئيس في محادثات السلام حول غزة وما يتجاوزها إلى قضايا المنطقة.

كما جعلت الدوحة، التي كانت في السابق نقطة التقاء رئيسة لمفاوضات الهدنة، مسرحاً جديداً للحرب في صراع غزة.

في الواقع، أطاحت هذه الضربات بآمال التوصل إلى محادثات وقف إطلاق النار في أي مكان، فقد رفض الجيش الإسرائيلي أن يعلق رسمياً على هوية الهدف المقصود أو ما إذا كان أي شخص قد قُتل.

غير أن وسائل إعلام إسرائيلية، نقلاً عن مصادر حكومية، قالت إن التركيز كان على كبار مفاوضي "حماس" وقادتها، ومن بينهم خليل الحية، وزاهر جبارين، وخالد مشعل، ومحمد درويش. وأقرت الحركة بأن خمسةً من أعضائها قُتلوا، لكنها أكدت أن أياً منهم لم يكن ضمن فريق التفاوض.

 

هذا الهجوم شكل رفضاً صارخاً للمسار الدبلوماسي الهادف إلى وضع حد للمجزرة في غزة، إلى درجة أن أكبر مجموعة من عائلات الرهائن الإسرائيليين أعربت عن قلقها البالغ من الوضع المستجد.

وفي بيان صدر بعد الهجوم، كتبت العائلات أن "خوفاً شديداً" بات يخيم عليها الآن، إذ إن فرصة استعادة نحو خمسين رهينة وأسيراً ما زالوا محتجزين لدى مسلحي "حماس"، "أصبحت أكثر غموضاً من أي وقت مضى".

كما تُبرز هذه الضربة مدى اتساع ارتدادات الحرب التي تشنها إسرائيل على "حماس" في غزة، ارتدادات تحولت منذ هجوم الحركة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) إلى موجات عاتية ابتلعت لبنان وسوريا وإيران وأجواء الأردن والعراق، والآن قطر.

يُذكر أن الدوحة كانت قد انجرّت بالفعل إلى مرمى النيران عندما أصبحت هدفاً لضربة انتقامية إيرانية بنحو 20 صاروخاً ضد إسرائيل والولايات المتحدة، رداً على قصفهما واسع النطاق لإيران في يونيو (حزيران) الماضي.

قطر تستضيف قاعدة العديد الجوية، أكبر قاعدة أميركية في المنطقة والمقر المتقدم لـ "القيادة المركزية الأميركية". وبحسب ما علمت، لم تتلق الدوحة أي تحذير مسبق من أي من الطرفين في ذلك الهجوم، واضطرت، بثمن باهظ، إلى التحرك على عجل لاعتراض الصواريخ وإسقاطها.

وقال لي دبلوماسيون إقليميون الأسبوع الماضي إن دول الخليج تخشى أن الحرب بين إيران وإسرائيل لم تنتهِ بعد، وإن الدوحة، بحكم استضافتها لهذه القاعدة، مهددة بالتعرض للقصف مجدداً في منطقة تتأرجح على شفا الفوضى. والآن تجد نفسها في مرمى النيران لسبب مختلف.

وبقلق بالغ، سارعت الدوحة إلى إدانة الهجوم الإسرائيلي واصفةً إياه بأنه "متهور" و"إجرامي"، ومؤكدة أنه يشكل "انتهاكاً صارخاً لجميع القوانين والأعراف الدولية، وتهديداً خطيراً لأمن وسلامة المواطنين القطريين والمقيمين في قطر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وانضمت إلى الدوحة سلسلة من الإدانات من مختلف أنحاء الشرق الأوسط، المنطقة التي غالباً ما تشهد انقسامات، لكنها توحدت الآن في صدمتها (وربما في خشيتها من أن يكون أي منها الهدف التالي).

وكانت السعودية والإمارات ولبنان وتركيا من بين الدول التي وصفت الضربة بأنها "انتهاك صارخ وجبان" لسيادة قطر والقانون الدولي. وقالت وزارة الخارجية التركية: "هذه إشارة لا تهدف إلى تحقيق السلام، بل إلى استمرار الحرب."

ما حدث يُظهر مدى الجرأة التي باتت تتمتع بها القيادة الإسرائيلية، في ظل الضوء الأخضر الواضح من أكبر داعميها وموردي الأسلحة لها، الولايات المتحدة ودونالد ترمب. ومن شبه المؤكد أن ترمب كان على اطلاع مسبق على العملية، حتى لو أصر نتنياهو على أنها "كانت عملية إسرائيلية مستقلة بالكامل".

إنه تطور يُبرز المسافة التي قطعها نتنياهو عن الصورة التي كان يُنظر إليه من خلالها - حتى من جانب منتقديه - كشخصية حذرة واستراتيجية نسبياً. وهو يلمح إلى ما قد يحمله المستقبل. كما يرسم صورة مرعبة للمستقبل بأفق حالك السواد.

© The Independent

المزيد من آراء