Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حقيقة السابع من أكتوبر تستحق أن تروى فلنرو الحقيقة عن غزة أيضا

افتتاحية "اندبندنت": جعلت إسرائيل قطاع غزة خطيراً على الجميع، وليس على الصحافيين وحسب - وهذا سبب إضافي للسماح بالدخول الفوري وغير المشروط حتى يتمكن العالم من رؤية الحقيقة حول ما يحدث هناك

الصحافية مريم أبو دقة عملت لصالح "اندبندنت عربية" وقُتلت في غارة إسرائيلية على مستشفى في غزة (اندبندنت عربية)

ملخص

تدعو "اندبندنت" إلى فتح غزة أمام الصحافيين الأجانب لكشف الحقيقة، مؤكدة أن مقتل الصحافية مريم أبو دقة يرمز إلى الثمن الباهظ الذي يدفعه الإعلام في سبيل نقل الواقع، وأن حظر التغطية يفضح ما تحاول إسرائيل إخفاءه عن العالم.

"في الحرب، تكون الحقيقة هي الضحية الأولى"، مقولة شهيرة تُنسب غالباً إلى الشاعر والكاتب المسرحي اليوناني إسخيلوس، الذي عاش قبل أكثر من ألفي عام. وللأسف، لا تزال هذه المقولة صحيحة؛ لا سيما في الصراع الدامي المستمر في غزة.

اليوم، تنضم صحيفة "اندبندنت"، بصفحة أولى ملفتة وصارخة، إلى أكثر من 200 منظمة إعلامية ونشطاء في مجال حرية الصحافة وجماعات الضغط، مثل "مراسلون بلا حدود" و"لجنة حماية الصحافيين"، في إصدار نداء عام وإعلاء الصوت.

مطلبنا بسيط: يجب منح الصحافيين الأجانب حق الوصول الفوري وغير المقيد أو المشروط إلى قطاع غزة. ومبرراتنا للمطالبة بذلك واضحة: على العالم أن يعرف ويفهم حجم المعاناة في غزة، وأن تبلغه الحقيقة عما يحدث هناك.

فالصحافيون الفلسطينيون الذين قُتل ما يناهز 200 منهم في المعارك والقصف، في ظروف غامضة أحياناً، وضعوا أنفسهم في مرمى النيران لأداء عملهم. ومع ذلك، ما كان ينبغي عليهم القيام بذلك بمفردهم، وكان ينبغي أن يتمكن الصحافيون من جميع أنحاء العالم من أداء تلك الوظيفة الأساسية المتمثلة في جمع الأخبار والتحقيق والتدقيق من منظور مستقل تماماً.  خلال الأسابيع الأخيرة، رأينا كيف حاولت السلطات الإسرائيلية تشويه سمعة زملائهم الفلسطينيين المحترفين بادعاءات أنهم "مرتبطون" بحركة "حماس". حسناً، هذا سبب إضافي للسماح لأولئك الذين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكونوا على صلة بـ"حماس"، أو أي جماعة فلسطينية أخرى، بالدخول إلى غزة ليشهدوا ويعيدوا سرد المشاهد والقصص حول كيفية إدارة هذه الحرب القاسية التي تبدو حرب استنزاف بلا نهاية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تزعم اسرائيل أن وجود الصحافيين من دول أخرى في منطقة الحرب أمر بالغ الخطورة ينطوي هذا الادعاء على مفارقة قاتمة وغامضة. ففي النهاية، ثمة مزاعم باستهداف بعض عناصر القوات المسلحة الإسرائيلية للصحافيين. لم يمض سوى أسبوع على مقتل زميلتنا في صحيفة "اندبندنت عربية" مريم أبو دقة ومعها أربعة آخرون في غارة مزدوجة على مستشفى ناصر في خان يونس. وقد أودت الغارة الثانية، التي حصلت بعد تسع دقائق، بحياة عديد ممن هرعوا لمساعدة المصابين في الغارة الأولى. تقول إسرائيل إنها تُجري تحقيقاً، لكن بنيامين نتنياهو وصف الحادث بأنه "حادث مأسوي".

وعلى نطاق أوسع، فإن الطريقة العشوائية وغير المتناسبة التي حولت بها إسرائيل غزة إلى ركام وأنقاض هي ما جعلها بالغة الخطورة - على الجميع على حد سواء. وقد تبين أن ما يُطلق عليها تسمية "مناطق آمنة" نادراً ما تكون آمنة؛ وحتى لو كانت كذلك، فقد تحولت من وضع إلى آخر بسرعة البرق مما لم يجعل الناس بلا مأوى وحسب بل "بلا مكان" – أي في تنقل دائم في أرض لا يخلو أي مكان فيها فعلاً من الخطر.

انطلاقاً من هذا، لا شك أن قطاع غزة خطير. ومع ذلك، إن كانت الأخطار الحتمية المترتبة على العمل في منطقة حرب تقع على عاتق مؤسسة إعلامية أو مراسل فردي، فهذه مسألة خاصة بهم. وليس من شأن السلطات الإسرائيلية، وهي قوة احتلال وليست سلطة ذات سيادة في كل الأحوال، أن تُقرر ما إذا كان بإمكان مؤسسة إخبارية ما إرسال مراسل خبير ليشهد سلسلة الأحداث المتسارعة التي تتكشف في غزة، والتي تشمل الآن مجاعة متعمدة من صنع الإنسان.

يُرجَّح بشدة أن إسرائيل لا تريد للعالم أن يعرف ما يحدث في غزة. ولو كان بمقدورها، لربما حاولت حظر جميع أشكال الصحافة، بما في ذلك الصحافة الفلسطينية، لكن ذلك لم يكن عملياً في عصر الهواتف الذكية. ومن المؤكد أن حكومة نتنياهو لم تكن ترغب في تحمل المسؤولية عن مقتل أو إصابة عشرات الصحافيين الغربيين أسبوعياً. وبالتالي فإن حظر وسائل الإعلام الأجنبية خير دليل على أنها حرب تخجل إسرائيل منها.

لا ينبغي لنا أن نكون مضللين أو مغرورين لدرجة أن نفترض أن حياة الصحافي أغلى من حياة أي شخص آخر. فهي ليست كذلك. ولكن المهم في هذا كله هو الحقيقة، وحق الصحافيين في السعي وراءها كما يشاؤون، حتى لو كلفهم ذلك دفع ثمن شجاعتهم غالياً وصولاً إلى إزهاق أرواحهم. يجب حمايتهم بصفتهم غير مقاتلين بموجب الاتفاقيات الدولية، مع السماح لهم بأداء عملهم الحيوي والمحوري على أكمل وجه.

على أي حال من الأحوال، لا طائل من حظر وسائل الإعلام الأجنبية في غزة. سيأتي اليوم الذي ستظهر فيه الحقيقة حتى وإن فات الأوان لإحداث تأثير على دوائر الحكم. بطريقة أو بأخرى، عندما يدخل الصحافيون إلى هذه الأراضي القاحلة والمقفرة، سيكتشفون الحجم الحقيقي لدمار الممتلكات وسبل العيش. ستكون الصور مأسوية، وغالباً ما ستكون مشينة للغاية بحيث لا يمكن نشرها. في النهاية، هذا ما كانت الحكومة الإسرائيلية حريصة بحق على إظهاره في أعقاب الفظائع الإرهابية المروعة التي ارتكبتها "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. كانت تلك الحقيقة تستحق أن تُروى وتُنشر على نطاق واسع، وقد روعت العالم وأثارت تعاطفاً كبيراً مع إسرائيل من مختلف أرجاء المعمورة. وإذا كان قول الحقيقة صواباً آنذاك، فلا يقل صواباً قولها الآن أيضاً.

© The Independent

المزيد من آراء