Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أي سلام يصنعه ترمب بدعمه غير المشروط لنتنياهو؟

الاعتداء على الدوحة لم يكن قرار حرب وحسب بل محاولة لتأجيل لحظة الحقيقة داخل إسرائيل

جاءت ضربة الدوحة لتشكل فضيحة مزدوجة لإسرائيل والولايات المتحدة (رويترز)

ملخص

المطلوب اليوم إعادة نظر جذرية في طريقة التعامل مع هذا العبث الإسرائيلي الذي يتغذى على الغطاء الأميركي، فمن دون إعادة صياغة المعادلة، وفرض حدود حقيقية على سلوك نتنياهو، ستظل المنطقة رهينة لرجل واحد يجرّ الجميع إلى الهاوية، باسم الأمن الإسرائيلي مرة، وباسم محاربة الإرهاب مرة أخرى، لكن دائماً على حساب أية فرصة ممكنة للسلام.

الاعتداء الإسرائيلي على السيادة القطرية لم يكن مفاجئاً بحد ذاته، لكن أن يغدر بالوساطة القطرية في عقر دارها، فذلك يطرح أسئلة عميقة حول معنى السلام، وحول صدقية الالتزام بدور الوسيط في أية تسوية محتملة.

لم تكن قطر لتستضيف قيادات "حماس" لولا التفاهم مع الأميركيين والإسرائيليين، ولم تكن لتدخل في هذا الملف الشائك لولا أن جميع الأطراف قبلوا بدورها كوسيط، فما الذي يعنيه أن يُستهدف مقر هذه الوساطة في الدوحة نفسها؟ إن الرسالة أبعد من عملية اغتيال فاشلة.

الاعتداء على الدوحة لم يكن قرار حرب وحسب، بل كان محاولة لتأجيل لحظة الحقيقة داخل إسرائيل نفسها، وأي مراقب يدرك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يسعى إلى السلام، بل إلى البقاء في السلطة، لأن أية تهدئة أو تسوية ستكشف حجم الكارثة السياسية والأمنية التي قاد إليها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

الرجل يهرب من لجان التحقيق، ومن أسئلة الفشل الاستخباري، ومن ضغط عائلات الأسرى والانقسام داخل المؤسسة العسكرية، ومن الخسائر الاقتصادية المتراكمة، ومن هنا فإن استمرار الدعم الأميركي له ليس دعماً لإسرائيل كدولة، بل لرجل مأزوم، يهرب إلى الأمام ويُغرق المنطقة في الفوضى حتى ينجو بنفسه من المحاسبة الداخلية.

الرسالة للعالم أن إسرائيل لا تتورع عن خيانة الاتفاقات الضمنية، وقد جاءت ضربة الدوحة لتشكل فضيحة مزدوجة، فضيحة لإسرائيل التي تتعمد استهداف الوسيط وهي تجلس معه على الطاولة ذاتها، وفضيحة للولايات المتحدة التي لم يؤد تحالفها مع إسرائيل إلى منع هذا العدوان على أرض حليف إستراتيجي يحتضن أهم قواعدها العسكرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لقد أدرك العالم اليوم، أن القضية لم تعد مجرد حرب على غزة، بل هي اختبار حقيقي لجدية المجتمع الدولي في مواجهة نزعة الاحتلال الإسرائيلي للتمدد وتجاوز القوانين والاتفاقات.

ومن الواضح أن نتنياهو يستغل اللحظة الراهنة ليعيد إنتاج صورة إسرائيل كدولة فوق المحاسبة، مدعوماً من البيت الأبيض الذي يرفع شعار التهدئة بيد، ويمنح الغطاء للقصف باليد الأخرى.

ومن يتحدثون اليوم عن فرص السلام عليهم أن يجيبوا عن سؤال بسيط: أي سلام يُصنع بدعم غير مشروط لمجرم مثل نتنياهو؟ أية تهدئة يمكن أن تتحقق وواشنطن تمكّن رجلاً لا يرى في المفاوضات إلا تهديداً لبقائه ومستقبله السياسي؟ وأي أفق يمكن أن يُفتح بينما يُستهدف الوسطاء وتُخترق سيادة الدول بلا اعتبار للعلاقات والتحالفات، فضلاً عن المواثيق والاتفاقات الدولية؟.

ما جرى في الدوحة ليس حادثة عابرة، بل هو مؤشر على مستقبل غامض للوساطات والمبادرات، فإذا كانت قطر التي قبلت أن تكون وسيطاً بتوافق الجميع قد تلقت هذا الغدر، فما الذي سيشجع أية دولة أخرى على لعب هذا الدور مستقبلاً؟ وكيف يمكن لـ"حماس" أو أي طرف فلسطيني أن يثق بعملية تفاوضية ترعاها قوة كبرى تبيح هذا الاستهتار بوسيطها الأبرز؟. 

المطلوب اليوم إعادة نظر جذرية في طريقة التعامل مع هذا العبث الإسرائيلي الذي يتغذى على الغطاء الأميركي، فمن دون إعادة صياغة المعادلة، وفرض حدود حقيقية على سلوك نتنياهو، ستظل المنطقة رهينة لرجل واحد يجرّ الجميع إلى الهاوية، باسم الأمن الإسرائيلي مرة، وباسم محاربة الإرهاب مرة أخرى، لكن دائماً على حساب أية فرصة ممكنة للسلام.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء