Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يستدعي خفض الفائدة كل حروب ترمب مع "الاحتياط الفيدرالي"؟

فتحت وزارة العدل تحقيقاً مع ليزا كوك في اتهامات تتعلق بالاحتيال عبر الرهن العقاري

مخاوف من عودة التضخم للارتفاع وزيادة البطالة مع إهدار استقلالية البنك المركزي الأميركي. (رويترز)

ملخص

جيروم باول شديد الحساسية من السياسات الحزبية لدرجة أنه يرتدي ربطة عنق أرجوانية في المناسبات لتجنب حتى التلميح إلى تفضيله للأحمر أو الأزرق.

إذا كان هناك شيء واحد تحتاج إلى معرفته حول الفوضى التي تجتاح "الاحتياط الفيدرالي"، فإن ذلك يتمثل في أن الرئيس دونالد ترمب يريد السيطرة على البنك المركزي الأميركي الذي كان يتمتع باستقلالية تاريخية، وهناك سلسلة من الروايات الأكثر تعقيداً حول "الاحتياط الفيدرالي"، لكن كل واحدة منها تعود لحقيقة أن ترمب يريد أن يتحكم في البنك ولا يمكنه التدخل وإقالة جميع الموظفين، كما فعل في الإدارات التي تشرف عليها إدارته مباشرة.

وبسبب افتقاره إلى السلطة القانونية لإقالة رئيس "الاحتياط الفيدرالي" جيروم باول، فقد حاول ترمب إثارة فضيحة حول كلفة تجديد مقر البنك في واشنطن العاصمة، والآن يتباهى ترمب ونسيبه بيل بولت، رئيس الوكالة الفيدرالية لتمويل الإسكان، بـ "الاحتيال في الرهن العقاري" كذريعة لإقالة ليزا كوك، إحدى صانعات السياسات في "الاحتياط الفيدرالي" اللاتي سيقفن في طريق استيلاء ترمب على السلطة.

وباختصار فإن كوك التي عينها جو بايدن وأكد تعيينها عام 2022، هي واحدة من سبعة صناع سياسات رئيسين في مجلس محافظي "الاحتياط الفيدرالي"، وإذا استطاع ترمب استبدالها بشخصية أكثر تجاوباً مع أهوائه فقد يحظى قريباً بغالبية في المجلس إلى جانبه.

وزارة العدل تفتح تحقيقاً مع ليزا كوك

والخميس الماضي اقترب ترمب من تحقيق هدفه، ففي وقت كان ستيفن ميران، مرشح ترمب لشغل مقعد منفصل في "الاحتياط الفيدرالي"، يتعرض لاستجوابات حادة من "الديمقراطيين" خلال جلسة استماع للتأكيد، أفادت التقارير أن وزارة العدل فتحت تحقيقاً جنائياً مع ليزا كوك بناء على إحالة من رئيس الوكالة الفيدرالية لتمويل الإسكان، واتهم ترمب وحلفاؤه كوك بالكذب في وثائق الرهن العقاري قبل توليها منصبها في "الاحتياط الفيدرالي"، وهو ادعاء نفته كوك أكثر من مرة.

وكوك هي ثالث عدو سياسي يتهمه ترمب، إذ اتهمها بالاحتيال في الرهن العقاري منذ توليه منصبه في يناير (كانون الثاني) الماضي، ويشمل الآخرون المدعية العامة لنيويورك ليتيتيا جيمس التي أدانته دعواها المدنية ضد ترمب بتهمة الاحتيال الذي استمر لأعوام، والذي كذب فيه في شأن أصول عقارية للحصول على أسعار فائدة أفضل، والسيناتور الديمقراطي عن كاليفورنيا آدم شيف.

وفي تصريحات حديثة قال بيل بولت إن "الاحتيال في الرهن العقاري يمثل أولوية قصوى لدينا"، وكرر هذه النقطة قائلاً "لا ينبغي استثناء المسؤولين الحكوميين من التدقيق"، وحينما سئل عما إذا كان سينظر في تقارير وكالة "أسوشيتد برس" وصحيفة "نيويورك تايمز" التي تفيد بأن المدعي العام لولاية تكساس والمرشح الجمهوري لمجلس الشيوخ الأميركي، كين باكستون، ادعى ملكية ثلاثة منازل منفصلة كمسكن رئيس له في طلبات الرهن العقاري، تهرب بولت وقال "لن أعلق إلا إذا كان الأمر قد كشف عنه من قِبل المحامين أو في الإحالات الجنائية، وإذا كشف عن الأمر أو قررنا الكشف عنه فسأتحدث عنه".

وبحسب موقع "بروبابليكا" للصحافة الاستقصائية فقد أدرج ثلاثة من أعضاء حكومة ترمب أكثر من عقار واحد كمقر إقامة رئيس لهم في وثائق الرهن العقاري، ومرة أخرى لا يتعلق هذا الأمر بالاحتيال في الرهن العقاري بل يتعلق بالسيطرة على "الاحتياط الفيدرالي".

باول شديد الحساسية من السياسات الحزبية

"الاحتياط الفيدرالي" ليس مجرد وكالة حكومية أخرى تتغير توجهاتها مع كل إدارة جديدة، فهو بحكم القانون والتقاليد مستقل وغير حزبي ورئيسه الحالي جيروم باول شديد الحساسية للسياسات الحزبية، لدرجة أنه يرتدي ربطة عنق أرجوانية خلال المناسبات العامة لتجنب حتى التلميح إلى تفضيله للأحمر أو الأزرق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعود سبب المكانة الخاصة للبنك إلى وظيفته المركزية في تحديد أسعار الفائدة المرجعية للنظام المالي الوطني، وأسعار الفائدة أشبه بدواستي البنزين والفرامل في السيارة، فيمكنك الضغط على دواسة الوقود لتسريع عجلة الاقتصاد قليلاً بخفض أسعار الفائدة، وهو ما يرغب فيه ترمب بشدة، أو يمكنك رفعها لإبطاء وتيرة النمو الاقتصادي عندما يكون الاقتصاد في حال ركود شديد، كما حدث في حمى التضخم التي أعقبت "جائحة كوفيد" والتي بلغت ذروتها في يونيو (حزيران) 2022.

ولن يختار أي رئيس أسعار فائدة مرتفعة طواعية، فإبطاء الاقتصاد يساعد في السيطرة على التضخم لكنه يعوق أيضاً نمو الأعمال ويعطل التوظيف ويحفز تسريح العمال، وبطبيعة الحال يُريد الرؤساء أن ترتبط فترات رئاستهم بازدهار الاقتصاد وسوق الأسهم.

لكن ليس عليك البحث طويلاً لتدرك كيف يمثل هذا مشكلة على المدى الطويل، وعلى سبيل المثال تركيا، فقد أدت رؤية الرئيس غير التقليدية وغير المنطقية القائلة بأن خفض أسعار الفائدة سيكبح التضخم إلى دوامة أسعار استمرت لأعوام مع انهيار عملة البلاد.

تحذيرات من إدارة نيكسون عام 1970

ولم تقترب الولايات المتحدة قط من أزمة بمستوى أزمة تركيا، ولكن هناك قصة تحذيرية من إدارة ريتشارد نيكسون، ففي عام 1970 عيّن نيكسون صديقه ومستشاره آرثر بيرنز رئيساً لبنك "الاحتياط الفيدرالي"، وواصل بيرنز تخفيف السياسة النقدية وساعد الرئيس في ضمان إعادة انتخابه عام 1972، ويجادل المؤرخون حول مدى ضغط نيكسون المباشر على بيرنز للقيام بذلك، لكن ما لا جدال فيه هو النتيجة وأن أفعال بيرنز أدت إلى دورة تضخمية مؤلمة استغرقت 10 أعوام وركودين لكسرها.

ولا يخاطر ترمب بأي شيء في ما يتعلق بكسب الولاء داخل البنك المركزي، وخلال جلسة استماع للتأكيد رفض كبير المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض التصريح صراحة بخسارة ترمب في انتخابات عام 2020، وعندما وجهت إليه أسئلة حول استقلالية "الاحتياط الفيدرالي" التي وصفها العام الماضي بأنها "شعار عفا عليه الزمن"، بينما كان يدعو إلى تغييرات من شأنها أن تمنح الرئيس نفوذاً أكبر على البنك، لم يقدم ميران سوى كلام سطحي مصرحاً بأنها "ضرورية لسلامة الاقتصاد والأسواق المالية".

وفي تعليقها قالت السيناتور إليزابيث وارن "أوضحتَ بوضوح أنك ستفعل أو تقول ما يشاء دونالد ترمب، وقد يكون هذا مكاناً مناسباً للسياسيين لكنه يتطلب ضربة قاضية لاستقلال الاحتياط الفيدرالي وسيجعل الحياة أكثر كلفة على العائلات الأميركية".

والخلاصة أن محاولات إدارة ترمب السيطرة على "الاحتياط الفيدرالي"، سواء بإقالة ليزا كوك من دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، وتنصيب ميران، الاقتصادي النادر الذي انتقد استقلال "الاحتياط الفيدرالي"، قد تلبي حاجات الرئيس على المدى القصير، بل إن سوق الأسهم، مقياس النجاح المفضل لدى ترمب، يشهد دفعة قوية بفضل وعده بسياسة نقدية أكثر مرونة، ومع ذلك فمن شبه المؤكد أن ينتهي الأمر بكارثة على الاقتصاد إذا لم يعتمد "الاحتياط الفيدرالي" لحماية الأميركيين من التضخم الجامح أو البطالة الجماعية.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة