ملخص
يجد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه محاصراً بين طيف أقصى يمين الذي يتصاعد نفوذه على مر الأعوام والانتخابات، ويسار راديكالي (فرنسا الأبية) يزداد تشدداً وعداءً، مما يحتم عليه السعي إلى توسيع كتلته الوسطية والبحث عن شخصية يمينية أو من الوسط يقبل بها الاشتراكيون.
أعلن قصر الإليزيه اليوم الإثنين أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيُعين رئيس وزراء جديداً "خلال الأيام المقبلة"، وذلك بعدما صوّت البرلمان في وقت سابق اليوم بحجب الثقة عن الحكومة بسبب خططها لكبح جماح الدين العام المتضخم.
وأفاد مكتب رئيس الوزراء فرانسوا بايرو لـ "رويترز" بأن بايرو، الذي دعا إلى تصويت على منح الثقة، سيقدم استقالته صباح غد الثلاثاء.
وحجب النواب الفرنسيون اليوم الثقة عن حكومة فرنسوا بايرو بعد تسعة أشهر فقط من توليه منصبه، وبعد تصويت في "الجمعية الوطنية" دعا إليه رئيس الوزراء وخسره بفارق كبير.
وصوّت 364 نائباً لمصلحة حجب الثقة، بينما أبدى 194 فقط تأييدهم لبايرو، وقالت رئيسة الجمعية يائيل برون بيفيه إنه "بناء على المادة (50) من الدستور، فعلى رئيس الوزراء تقديم استقالة حكومته".
وتواجه فرنسا أزمة سياسية جديدة مع سقوط حكومة فرنسوا بايرو مما يحرك التكهنات في شأن احتمال تعيين رئيس وزراء جديد من اليسار.
وتتجه الأنظار إلى الرئيس إيمانويل ماكرون الذي يخسر ثاني رئيس وزراء منذ قراره المفاجئ عام 2024 بحل الجمعية الوطنية، مما أغرق البلاد في أزمة سياسية ومالية كبيرة من غير أن يمنحه أية غالبية في الجمعية الجديدة
أزمة سياسية
ومن المتوقع صدور نتيجة تصويت النواب الـ577 اعتباراً من السابعة مساءً، لكن النتيجة شبه مؤكدة إذ لا يملك التكتل النيابي الداعم لماكرون الغالبية، فيما أعلنت أحزاب المعارضة واليمين المتطرف واليسار الراديكالي أنها تعتزم التصويت ضد مشروع الموازنة.
ومع سقوط حكومة بايرو، رابع رئيس وزراء يعينه ماكرون منذ إعادة انتخابه عام 2022، فقد تواجه فرنسا أزمة سياسية خطرة ولا سيما في ظل مديونية متفاقمة.
ويدفع حزب "التجمع الوطني" (أقصى اليمين) نحو تنظيم انتخابات تشريعية جديدة. وكشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه أمس الأحد أن حزب مارين لوبن سيتصدر مع حلفائه نتائج الدورة الأولى للانتخابات في حال جرت مع 33 في المئة من الأصوات، متقدماً بفارق كبير على اليسار والمعسكر الرئاسي.
ويستبعد الرئيس في الوقت الحاضر خيار حل الجمعية الوطنية مجدداً، فيما أفادت أوساطه أنه يعتزم التحرك سريعاً لتعيين رئيس وزراء جديد.
ماكرون محاصر
وبدأت المشاورات منذ الآن، مع تموضع الحزب الاشتراكي في وسط اللعبة، مبدياً "استعداده" لتولي السلطة ولكن في إطار حكومة يسارية من دون الماكرونيين.
ويجد ماكرون نفسه محاصراً بين طيف أقصى يمين الذي يتصاعد نفوذه على مر الأعوام والانتخابات، ويسار راديكالي (فرنسا الأبية) يزداد تشدداً وعداءً، مما يحتم عليه السعي لتوسيع كتلته الوسطية والبحث عن شخصية يمينية أو من الوسط يقبل بها الاشتراكيون.
وقال أحد المقربين من الرئيس، "ثمة حاجة إلى الاستقرار. والأكثر استقراراً هو القاعدة المشتركة التي تتحاور مع الاشتراكيين". لكن المهمة تبدو صعبة إزاء تمسك الأحزاب بمواقفها.
ورأى ماتيو غالار من معهد "إيبسوس" لاستطلاعات الرأي متحدثاً لوكالة الصحافة الفرنسية أن "المشكلة الحالية في فرنسا هي أن كل حزب لديه خطوط حمر، وأن هذه الخطوط الحمر تجعل من المستحيل تماماً تشكيل ائتلاف. لا ائتلاف يملك الغالبية، ولا ائتلاف يمكنه الصمود بصورة دائمة".
ويتم تداول أسماء عدة من بينها وزير الجيوش سيباستيان لوكورنو، ووزير العدل جيرالد دارمانان، ووزير الاقتصاد إريك لومبار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تحركات في الشارع
وتزداد خطورة التحدي أمام ماكرون وسط مشاعر الريبة القوية تجاهه وتراجع شعبيته إلى أدنى مستوياتها منذ وصوله إلى السلطة عام 2017 إذ يبدي 77 في المئة استياءهم حيال إدارته البلاد.
وإضافة إلى أزمة الموازنة والمأزق السياسي تستعد فرنسا لمرحلة من الاضطرابات الاجتماعية تبدأ بيوم اختبار أول بعد غد الأربعاء.
ودعت حركة "مدنية" نشأت خلال الصيف على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار "لنعرقل كل شيء" وتدعمها بعض النقابات واليسار الراديكالي، إلى شل البلد الأربعاء، غير أن مدى التعبئة الفعلي يبقى مجهولاً إلى الآن.
كما دعت النقابات إلى يوم إضراب وتظاهرات في الـ18 من سبتمبر (أيلول) الجاري، تنديداً بسياسة الحكومة وبمشروع الموازنة الذي طرحه بايرو، ولو أنه من المرجح أن تكون حكومته سقطت بحلول ذلك التاريخ.
وتعلن وكالة "فيتش" الجمعة تصنيفها الائتماني للدين الفرنسي، مع احتمال تراجع علامته في ظل الظروف الحالية.